يبدأ من سطح الأرض إن أردتَ أن تكون من المقربين فأَجبْ دعوة الداعى لك بالقرب: (فاسجد واقترب)؛ لأن: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد).
ففى السجود انخفاض لأجل الارتفاع، وذلٌّ لأجل التكريم، وافتقار لأجل الغنى، وفيه كمال العبودية لأجل شهود جلال الربوبية باستشعار لذة المناجاة والانغماس فى ألطاف الرحمة والغفران.
والقُرْب من الله يعنى الدنو من نبع النور والهداية والجمال والجلال، ويعنى فى الآن البعد عن القبح والظلام والعصيان.
والقرب مقامٌ رفيع للأدب مع ألله تبتغيه كلّ روح تائقة تتطلع إلى الكمال بتحقيق ثلاث من الغايات:
١.العودة إلى حالة عالم الذّر وقطع العهد والميثاق مع الله: (وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا).
٢. العودة إلى حالة نعيم القرب بجنة المأوى قبل النزول إلى الأرض.
٣.العودة إلى صفاء الأصل التكوينى الروحى السامى المبثوث فى الإنسان بالنفخة الإلهية.
لذلك كان القرب من الله هدفا ساميا وغاية جليلة لأهل القلوب والعرفان الذين كما يقول ابن عطاء الله السكندرى لا تطيب الحياة لديهم دونه:
فَلَا والله ماطابتْ حياةٌ..
سوى بالقرب من كنفان الحبيب
وما لاقَى الأحبَّةُ مثلَ بُعْدٍ..
تفتتَ من حبات القلوب.
وقد جعلوه واجبا لديهم بالسعى بكل قوة ووَجْد وطاقة لإدراكه تخلُّصا من آلام الوحشة وعذاب الاغتراب عن المحبوب، وسعياً إلى التلذذ بالاغتراف من نعيم القرب منه والأُنس به:
أدنيتَنى منكَ حتى
ظننتُ أنك أنِّي
وغبتُ فى الوجْد حتى
أفنيتَنى بك عنى.
والقرب المأمول والمقصود والمأمور به قرب المحب بروحه ووجدانه وفكره من المحبوب بحيث يستغرقه بكُليته: (قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين).
فإنْ تحقق للإنسان ذلك القرب فقد فاز فوزا عظيما بستٍ من العظائم فى العاجلة والآجلة:
١. انشراح الصدر وراحة البال: (ولقد نعلم أنه يضيق صدرك بما يقولون فسبّح بحمد ربك وكن من الساجدين).
٢. المحبة محبة التوفيق والسداد والحفظ والرعاية والتأييد من الله: (لايزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أُحبّه فإذا أحببتُه كنت سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به ويده التى يبطش بها ورجله التى يمشى بها فإذا استعاذنى لأُعيذنَّه وإذا سألنى لأعطينَّه).
٣.الأُنس بقرب الله ومعيَّته: (أنا عند ظن عبدى بى، وأنا معه إذا ذكرنى، فإن ذكرنى فى نفسه ذكرتُه فى نفسى، وإن ذكرنى فى ملأٍ ذكرتُه فى ملأٍ خير منهم، وإن تقرّب إليَّ بشبرٍ تقربتُ إليه ذراعاً، وإن تقرّب إليَّ ذراعاً تقربتُ إليه باعاً، وإن أتانى يمشى أتيتُه هرولةً).
٤. أن يسبق الخلائقَ فى الجنة وإليها: (والسابقون السابقون أولئك المقربون فى جنات النعيم)، (فأمّا إن كان من المقربين فرَوْحٌ وريحانٌ وجنة نعيم).
٥. بلوغ درجة ثواب القرب مثل الملائكة والنبيين الذين نالوها كعيسى عليه السلام: (اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها فى الدنيا والآخرة ومن المقربين)، وكالملائكة: (لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون).
وقد قرَّب الله بعض النبيين قربا خاصاً استثنائيا مثل موسى الذى كلَّمه من خلاله: (وناديناه من جانب الطور الأيمن وقرَّبناه نجيّا)، أما أقرب المقربين فهو سيد الخَلْق محمد صلى الله عليه وسلم صاحب مقام القرب الفريد: (فكان قاب قوسين أو أدنى) الذى امتاز به وحده:
وقيل كلُّ نبيٍّ عند رُتْبته
ويا محمدُ هذا العرشُ فاستلمِ.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سطح الأرض
إقرأ أيضاً:
نعيم قاسم: نتنياهو أمام مشروع كبير جداً يتخطى فلسطين ولبنان
بيروت - صفا
قال الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، أن المقاومة ستظل قائمة وستزداد قوة، مؤكداً أن مشروع نتنياهو يتخطى غزة وفلسطين ولبنان ليصل إلى الشرق الأوسط بأكمله، وأوضح قاسم أن الحزب في حالة دفاعية لمواجهة عدوان الاحتلال الإسرائيلي وأهدافه التوسعية.
وأشار الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، في كلمة له بذكرى اربعينية حسن نصرالله، إلى "اننا أمام حرب اسرائيلية عدوانية على لبنان، بدأت منذ شهر و10 أيام تقريباً، لم يعد مهتماً كيف بدأت وما هي الذرائع، المهم نحن أمام عدوان يقول عنه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو أنه لا يحدد موعداً لنهاية الحرب، بل يضع أهدافاً واضحة للإنتصار فيها، مشيراً إلى أن أهدافه حدده بعد لقائه مع هوكشتاين، حيث قال أننا نغير وجه الشرق الأوسط."
وأضاف قاسم أن المقاومين في حزب الله يتمتعون بعقيدة إسلامية راسخة لا يمكن زعزعتها، وأن كل المقاومين استشهاديون لا يهابون الموت، معتبراً أن نصر الله حاضر في حياة المقاومين.
وشدد قاسم على أن ساحة المعركة هي العامل الوحيد الذي سينهي هذه الحرب، مؤكدًا أنه لا توجد فرصة للعدو الإسرائيلي لتحقيق النصر فيها.
وأضاف أن جميع المواقع في "إسرائيل" ليست محصنة أمام الطائرات والصواريخ، وأن حزب الله سيجعل العدو يسعى إلى وقف عدوانه بنفسه.
وأشار إلى أن العدو يتمتع بقدرات جوية كبيرة بفضل الإمدادات الأمريكية المستمرة، لكن خيار حزب الله الحصري والوحيد هو منع العدو من تحقيق أهدافه.