4 أبريل، 2024
بغداد/المسلة الحدث:
رياض الفرطوسي
لو سالنا هذا السؤال الافتراضي هل ان الاحتلال حصل عام 2003 وهو التاريخ المعلن له ام ان هناك احتلال قد حدث منذ سنوات سابقة. الاحتلال الاخطر هو ان تحتل وعي الناس وفكرهم او ان تجعلهم يعانون من الالم والفاقة والخوف وتنتزع كرامتهم وتذلهم او ان تسوقهم الى السجون والحروب لاهداف لا علم لهم بها.
بدأ الاحتلال الحقيقي عندما تم شل ذاكرة العراقي خاصة بكل ما يرتبط بالماضي . عندما دخل الاحتلال اول شي قام به هو حرق المكتبات والمتاحف . حتى لا يعد هناك تسلسل واضح للاحداث وفقدان هذا التسلسل يجعل الذاكرة مشوشة، ثم دخلنا في مرحلة التفجيرات والصراعات المسلحة والعنف وهذه الاحداث تجعل العقل في حالة من الدوران . انها حلقة مفرغة ومع ذلك لم تتوقف القضية عند شل الذاكرة وكان البحث عن وجود اشياء اخرى تزعزع ثوابت الناس وقناعاتهم الشخصية فيما يتعلق بالوطن والارض ( فقيل لهم هذا العراق ليس بلدا عريقا ) بل هو كيان تم تأسيسه بدايات القرن العشرين بموجب اتفاقات دولية.
لذلك لابد من فكرة تقسيم هذا البلد وفق هندسة استعمارية على اساس طائفي وقومي ‘ وتشجيع الهويات الفرعية والانقسامات المجتمعية والمذهبية والقبلية والاثنية والجهوية. هذه كلها كانت حلقات في مسلسل الاحتلال .وقد تكشف ذلك بعد 2003 من خلال ولادة جيل لا يتمتع بوضع تعليمي رصين واخذ الجميع يتطبعون مع العاهات التي بدأت تنتشر داخل المجتمع . بعدها تحولت العاهات المنحرفة الى ظواهر طبيعية تحت مسمى ( التطبيع مع العاهات اليومية ). عند مجيء الاحتلال اخذ يروج لمفاهيم منها الديمقراطية والحداثة والحقوق والحرية والعدالة والسيادة وحقوق الانسان وهذه الفخاخ ليست جديدة وانما هي خطابات ما بعد الكولونيالية وهو الخطاب الاستعماري المموه والذي يخفي خلفه لغة استعمارية بشعارات حديثة.
ان الاحتلال يتعارض مع الديمقراطية واللقاء بينهما لقاء حديث . انها عملية صعبة ان تجمع بين الاحتلال والديمقراطية حيث انتجت هذه القضية حالة هجينة لا هي عراقية ولا هي امريكية . الديمقراطية عملية تحتاج الى وقت ولا يمكن لشعب تحت الاحتلال ان تصبح ثقافته مباشرة ثقافة ديمقراطية . لان الديمقراطية تحتاج الى تدريب وانفتاح . حتى في الغرب مرت الديمقراطية بمراحل كثيرة عن طريق التجربة والمحاولة والخطأ.
ومع ذلك لا يمكن تأسيس ديمقراطية من دون نخبة سياسية واعية وهذه النخبة تؤمن ايمان حقيقي بالديمقراطية .حتى يكون التحول الى الديمقراطية تحولا سهلا وممكنا وان لم يكن جميع الناس يؤمنون بالديمقراطية . هناك ما هو اخطر من احتلال الجيوش الا وهو احتلال اللغة ( احتلال الجيوش ممكن مواجته بالمقاومة لكن احتلال اللغة والتاريخ لا يمكن مقاومته ).يمكن لخطاب المستعمر ان يتحكم بالثقافة المحلية من خلال طبقة من مواطني ذلك البلد ( عندما يتبنى بعض من المثقفين والادباء ) ذلك الخطاب لتسويقه للعامة . وهذا العدو النوعي يُسوق ضد اي مقاومة ثقافية . الديمقراطية في مأزق كبير في عهد الاحتلال لانها تحتاج الى ادوات.
لكي يتحول المجتمع من حالة الى حالة اخرى جديدة لابد ان تكون ثقافة ذلك المجتمع السياسية عنصرا فاعلا في التحول نحو الديمقراطية . السمة الواضحة في واقعنا السياسي ان ثقافة الديمقراطية ضعيفة عند الناس وهناك نخب سياسية هي بالاساس ضد الديمقراطية بل تثقف قواعدها الشعبية ضد مبادىء الديمقراطية وهذا امر طبيعي في مجتمع لم يتمرس على اصول الديمقراطية او نشأ عليها . استخدمت الديمقراطية ابان الاحتلال لمصالح واهداف استراتيجية منها ما هو اقتصادي وسياسي وهي عادة قديمة كانت تستعملها الشعوب المستعمرة لتبرير هيمنتها . لقد استعمل الغرب الاستعمار كغطاء لتسويق فكرة انهم جاءوا من اجل البناء والتطوير لتلك الشعوب المغلوب على امرها وفي حقيقة الامر كانت الغاية هي لنهب ثرواتها والهيمنة عليها.
وبحكم متغيرات العالم ودخول الديمقراطية باعتبارها نتاج حضاري جديد ‘ لكن تم تشويه الديمقراطية التي كانت تعني ان يحكم المجتمع نفسه بنفسه . حتى دخلنا في ثنائية الاحتلال والديمقراطية . يقول الامريكان ان ترويجنا للديمقراطية ليس سوى غطاء نتستر عليه للوصول الى اهدافنا الاستراتيجية . نزرع نخب سياسية جديدة في البلدان التي نحتلها ثم نروج الى ثقافة غربية ونصنع اعلام يدعو لمجتمع مدني . وهي اقصر الطرق من اجل الوصول الى الاهداف الاستراتيجية كخطوة ناعمة عبر شعارات جذابة لضمان احتلال العقول والارض . ان الاطار المرجعي لنجاح الديمقراطية كعمل سياسي هو الوطنية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
حزب الله يُفاجئ الاحتلال بتكتيكات جديدة على الحدود اللبنانية
بدأ حزب الله في تنفيذ تكتيكات عسكرية معقدة ومدروسة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان، حيث تهدف هذه الإستراتيجيات إلى إلحاق أكبر قدر من الأضرار بالقوات الإسرائيلية، مع الحفاظ على الحذر والسرية في تحركاته.
اقرأ ايضاًرواتب مغرية لعودة جيش لحد: مشروع أمني إسرائيلي جديد في جنوب لبنانوتعتمد هذه التكتيكات على سلسلة من العمليات المنسقة بعناية، والتي تستهدف استدراج القوات الإسرائيلية إلى مناطق محددة قبل مهاجمتها بطرق غير تقليدية.
استدراج قوات الاحتلال إلى كمائن قاتلةيعد "التكتيك الاستدراجي" من أبرز الإستراتيجيات التي يعتمد عليها حزب الله في معاركه ضد جيش الاحتلال.
ويقوم الحزب في هذا التكتيك بالسماح للقوات الإسرائيلية بدخول مناطق معينة داخل القرى المتاخمة للحدود، وخصوصًا تلك المناطق التي تحتوي على مبانٍ قد تثير اهتمام الجيش الإسرائيلي.
والهدف من ذلك، هو استدراج الجنود الإسرائيليين إلى أماكن محددة من أجل أن يكونوا في وضعية مريحة، مثل التجمع أو التوقف لفترة قصيرة.
وبمجرد أن يتمركز الجنود في تلك المواقع، ينفذ حزب الله عملية الهجوم السريع، محاصرا الجنود الإسرائيليين في كمائن محكمة من مسافة قريبة، حيث تكون الفرصة أكبر لإيقاع خسائر كبيرة في صفوفهم.
هذه التكتيكات لا تقتصر فقط على إلحاق الخسائر، بل تهدف أيضًا إلى شل قدرة القوات الإسرائيلية على الرد السريع، مما يخلق حالة من الفوضى والارتباك بين صفوفهم.
اقرأ ايضاً1.4 مليون نازح في لبنان.. هل تنجح "إسرائيل" بإقامة منطقة عازلة جديدة؟استخدام صواريخ نصر 1من التكتيكات المميزة لحزب الله في هذه الفترة هو استخدام صواريخ "نصر 1" لأول مرة، في المناطق الحدودية، كما حدث في الهجوم الأخير في منطقة مارون الراس جنوب لبنان.
وتعد صواريخ "نصر 1" من الأسلحة التي تعكس التطور الكبير في قدرات الحزب العسكرية، حيث تتميز هذه الصواريخ برؤوسها الحربية التي تزن حوالي 100 كيلوغرام، ما يجعلها قادرة على إحداث تدمير كبير في الهدف المستهدف.
وعل الرغم من أن هذه الصواريخ مداها كبير يصل إلى 100 كيلومتر، وتستخدم لضرب أهداف في العمق الاسرائيلي، إلا أن حزب الله بدأ يستخدمها لضرب أهداف عسكرية على الحدود، وهو ما يزيد من الضغط على الجيش الإسرائيلي، الذي يجد نفسه مضطرًا لتوزيع قواته بشكل أكثر تعقيدًا على الجبهة الشمالية.
© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com)
وسام نصر الله كاتب وصحفيكاتب وصحفي متخصص في الشؤون السياسية والدولية، وعضو في نقابة الصحفيين الأردنيين واتحاد الصحفيين العرب. يعمل محررا في قسم الأخبار في "البوابة" منذ عام 2011، حيث يتابع ويحلل ويغطي أبرز الأحداث الإقليمية والدولية.
الأحدثترند سها نويلاتي تتألق وتخطف الأنظار في عرض "1001 موسم من إيلي صعب" بالرياض حزب الله يُفاجئ "الاحتلال" بتكتيكات جديدة على الحدود اللبنانية مباراة العراق والأردن..خطة أمنية شاملة في ملعب البصرة ومحيطه دان بيلزيريان يدافع عن فلسطين بشراسة.. ويستشهد بمقولة ليحيى السنوار فيديو مؤثر: مذيعة تونسية تنفجر بالبكاء على الهواء Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا فريقنا حل مشكلة فنية اعمل معنا الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTubeاشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن
© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter