آخر تحديث: 4 أبريل 2024 - 2:01 مصفاء ذياب

تعيش الشخصيات الروائية حيوات عدّة، بين صياغة الروائي، وطريقة تقديمها، وإعادة إنتاج صفاتها وبنيتها، وبين القارئ الذي يتخيّل كيف تبدو عليه هذه الشخصيات. وهنا يقسّم النقّاد الشخصيات الروائية إلى عدّة أقسام؛ فبعيداً عن التقسيمات السردية التي تذهب إلى شخصيات رئيسة وثانوية وخيطية، وغيرها من التقسيمات، يذهب نقّاد آخرون إلى البحث في مرجعية هذه الشخصيات، وعلاقتها بشخصيات واقعية، لها مرجعيات في التاريخ أو في البيئة المحلّية وغير المحلّية.

لكننا ندخل هنا في تساؤل أهم: هل يمكن أن نسمي أية رواية يستلهم مؤلّفها بطلاً له مرجعية واقعية رواية تاريخية؟ وربّما نعود هنا إلى جورج لوكاش الذي قول (إنَّ ما يهم في الرواية التاريخية ليس إعادة سرد الأحداث التاريخية الكبيرة، بل الإيقاظ الشعري للناس الذين برزوا في تلك الأحداث وما يهم هو أن نعيش مرّة أخرى الدوافع الاجتماعية والإنسانية التي أدّت بهم إلى أن يفكروا ويشعروا ويتصرفوا).. غير أنَّ هذا يدخلنا في مجاهيل أخرى حسب لوكاش، وهو أنَّنا نطلق على أيّة رواية تستلهم حدثاً أو شخصية مرجعية، رواية تاريخية. وربّما يفسّر الدكتور محمد في فاضل المشلب قول لوكاش بأنّه “البحث عن رمزيَّة ما في شخصيات التاريخ الكبرى؛ بهدفِ تمرير رسائلَ عدَّة إلى القرَّاء تتضمَّنُ وعضاً وسلوكياتٍ معيَّنة يريدُ الروائي إيقاظها في الناس، وهذا بخلاف ما نبحث في غمار موضوع الكتاب، فليس المبتغى البحث في الرواية التاريخيَّة صنفاً سردياً، إنَّما البحث في تلك المنطقة الزمكانية في تاريخ ما الَّتي يتقصَّد الروائي الذهاب إليها والتقاط ما يثير اهتمامه وإعادة كتابتها (تخييلها) خالقاً منها عالماً قد يكونُ موازياً وقد يكون آخرَ”.
إلَّا أنّنا أيضاً نقف عند عتبة أخرى يعدّها الكثير من النقاد نقطة ضعف في الرواية العراقية، وهي أنَّ أغلب الروايات الصادرة منذ عقود طويلة هي عبارة عن سير ذاتية للروائيين أنفسهم أو لشخصيات قريبة منهم، عاشروهم وعايشوا الأحداث التي مرّوا بها، وبهذا فهؤلاء غير قادرين على إنتاج أحداث متخيّلة وبناء شخصيات بعيدة عن بيئتهم الخاصة.وعلى الرغم من هذا التفاوت في الآراء، إلَّا أننا يمكن أن نطرح تساؤلاً مختلفاً، وهو: ما الذي يدفع الروائيين لاستلهام شخصيات واقعية في رواياتهم، على الرغم من أنَّ عمل الروائي إنتاج شخصيات متخيلة؟
 التلصّص على التاريخ
يعتقد الروائي وحيد غانم أنَّ وضع شخصيات “حقيقية” في العمل الروائي يرتبط بضرورات تاريخية تفرضها طبيعة العمل والفترة الزمنية التي يتناولها. مع أنَّ ذلك يدعو للحذر، فليس هدف الروائي نسخ شخصية وجدت في حقبة معيّنة فحسب، ولا أن تكون ضمن رمزية لآنية مربكة، بل إيجاد مبرّرات فنّية لسحبها من تاريخها ومنحها مساحة متخيّلة. إنَّ شحة ما نلمسه من مصادر حول شخصية حقيقية أو تاريخية قد يتيح للروائي إذابتها في لحمة العمل المتخيّل بصورة أسهل، فهي لا تمتلك الصلابة الوجودية فعلاً، أي أنها تغدو جزءاً من شعرية الرواية.
ويضيف غانم: بالطبع، كلَّما أمعن الزمن في البعد تصاعد ضباب مشوّش، وهو أفضل إطار لأيِّ مؤلف يجد في حقبة ما أو شخصية ما مادة يمكن تنشيطها عبر الخيال وإعادة تجسيدها درامياً، فليس هدف الروائي نقل الحقيقة بقدر تصوّره عنها أو أحياناً تلافيها وتزييفها طالما أنَّ موضعة أيّ شيء روائياً يعني تخيّله. لا يمكن اختزال الدوافع، لكن قد تفي الإشارة إلى واعزٍ مبهم لدى كلِّ روائي بالتلصّص على التاريخ من خلال شخصيات حقيقية.نحن نتساءل هل قدّمت لنا كتب المؤرّخين تلك الشخصيات التي نعتقد أنَّنا نعرفها جيّداً بحقيقتها البحتة بعيداً عن ميول المؤلفين وانحيازهم ومساحة تخيّلهم وأكاذيبهم؟ أحياناً يدفع الغموض حتَّى في أثناء حياة الشخصيات الحقيقية ووجودها إلى أسطرتها. وإذا افترضنا أنَّ أغلب الشخصيات المتخيّلة في الأعمال الأدبية لها جذور واقعية فما المانع من قلب الأدوار أحياناً؟إحياء الوقائع
ويفترض الروائي ضياء الخالدي أنَّ السؤال يتعلّق بالشخصيات الواقعية المشهورة. أيّ تلك التي تركت أثراً في الفكر والتأريخ وغير ذلك. وبرأيه، يأتي اختيار الشخصية بسبب حضورها الكبير في شخصية الروائي سلباً أو إيجاباً، وقدرتها على تحفيز الأسئلة لديه. هناك صلة معرفية تتيح القيام بحوار في مجال الأفكار، وعبر جنس الرواية. الكثير من شخصيات المتصوّفة مثلاً، يستلهمها الروائي لأنَّها نطقت أو اقتربت من العوالم الداخلية لديه، وواجهت العالم الخارجي سواء بالكلمة أو الفعل. الروائي يريد أن يُكمل ويملأ ما يراه ناقصاً في السيرة الأصل، ووفق رؤية حديثة تديم الصلة ما بين الماضي والحاضر.
وأحياناً، يتمُّ إعادة الاعتبار لشخصية تأريخية أو علمية كانت لها أفكار ثورية في زمانها، وأسقطتها سلطة السياسة والمجتمع من حسابات التأثير وقتذاك. فنحن اليوم، سواء كنَّا روائيين أم قرّاء نثمّن قيمة الأفكار والأسئلة التي سبقت زمانها، ودُوّنت في كتابات المخالفين لها باعتبارها شاذة. الروائي لديه قول جديد في ذلك.ولا ننسى، أنَّ الشخصية الواقعية المستلهمة تزوّد الرواية بدعاية أولية للقراءة، لأنَّها معروفة. ما ينتج حافزاً للاطلاع على الإضافة المفترضة التي أنجزها الروائي، وأيّ الأفكار والأحداث التي تمَّ إلقاء الضوء عليها أو التي تُركت؟ ولماذا؟ هناك رؤيتان في النهاية، أو منظوران، أحدهما مكتمل في عرف الماضي، والآخر حديث يتشكّل بالحوار ووفق مسارات الجنس الروائي. وبالطبع، يكون العمل الروائي ناجحاً كلّما امتلك الكاتب الإحاطة الشاملة بظروف العصر الذي عاشت فيه الشخصية الواقعية. الظرف السياسي والديني والاجتماعي وغيرها.
تمرير الرؤى
ويرى الروائي الدكتور ميثم هاشم طاهر أنَّ للمؤلف، نظراً للطبيعة الاستعابية للروايّة، أن يستدعي شخصيات واقعيّة، ويستمدّها من عالمه المرجعيّ ليعيد إنتاجها في التخييل؛ لأسباب متعدّدة، لعلَّ أهمّها: بناء محكيّه الروائيّ على توليف قصص واقعيّة تفاعل معها المؤلف، بوصفها جزءاً من محيطه، فبعض الشخصيات تكمن في ذات المؤلف مثل أطياف حبيسة تتوق إلى أن تستظهرها رواية، حتَّى ولو كانت في محكيّ خوارقيّ. كما قد يستقي المؤلّف من “ذاته” عينها؛ لا لشحٍّ في خياله، إنّما لحاجته إلى تمرير رؤاه، من خلال ما يسمّيها (الشخصيّة الطرازيّة): أي خلق شخصية على طراز مؤلفها أفكاراً وهموماً، واستلهاماً لبعض تجاربه، بل ثمّة أنواع روائيّة تكون (الشخصية المرجعية الواقعيّة) دعامتها الأساسيّة، كالرواية السيريّة التي يقدّم المؤلف “حياته” محكيّاً، و”أناه/ هو نفسه” شخصيّةً أساسيةً، ويشكّلهما من خلال التخييل، مثل ذلك نجده في الرواية التاريخية، إذ تكون شخصياتها واقعية/ مرجعيّة، أعيد إنتاجها من خلال التخييل أيضاً.إيقاع الحياة العراقية
ويتساءل الروائي أسعد الهلالي: ألا ترون أنَّ الواقع أكثر غرابة من الخيال أحيانا؟ أليس ثمّة واقع سريالي، وآخر فنتازي، فالكتابة عن واقع كهذا، هل يختلف عن الواقع المجرّد بشيء؟
مضيفاً: الشخصيات المتخيّلة تحمل سمات واقعية في الأحوال كلّها لأنَّها نتاج إبداع مؤلّفها، والمؤلّف ليس مصوّراً فوتوغرافياً بالضرورة، ينقل السمات السائدة والظاهرة للشخصية، أو يتعاطى مع حكاياتها وفقما يراها أو يسمعها، ولا يظنُّ الهلالي أنَّ كاتباً حتَّى أولئك الذين يستمدّون قصصهم وشخصياتهم من الواقع ينقلون بفوتوغرافية، فما دام المؤلّف يحمل في داخله خليطاً من عصارة قراءاته ومشاهداته وتجاربه وسنوات عمره المتخمة بالأحداث والتقلّبات، لاسيّما في بلد مثل بلدنا العراق الذي لا يكاد يمر يوم من دون أن يفاجئنا جديد، حتَّى إيقاع الحياة والأحداث في العراق يختلف كثيراً عن مثيلاته في بلدان أخرى، و”من تجربتي الشخصية في رواياتي، استفدت كثيراً من شخصيات واقعية أو تجارب شخصية جعلتها ركائز لأحداث ما أروي، لكنّني اضطررت إلى إعمال العقل والحسّاسية الشعرية أحيانا لأصنع علاقات وروابط بين الشخصيات أو لصياغة حدث ما بشيء من الإثارة التي أفترض أنَّ القارئ يحتاج إليها كي يواصل قراءة الصفحات بانجذاب يسعى إليه الكاتب”. فالشخصيات الواقعية هي الأقرب للتناول، وهي الأكثر صدقاً، لاسيّما أنَّ الاقتناص الذكي من قبل الكاتب للشخصية بِسِماتِها الخارجية أو الداخلية، وما تعيشه من أحداث وعلائق مثيرة وغنيّة، يجعل من بناء الرواية أكثر سهولة ويسر.. وتصبح الشخصيات المتخيّلة بشكل أصيل أقل إثارة ورغبة للتعاطي معها..
الواقعي والمتخيّل
ويشير القاص والروائي ضاري الغضبان إلى أنَّ السرد عموماً هو إعادة قراءة الواقع، كما أنَّ المستهدف- المتلقي- هو المعني الأوّل بتلقي آراء وأهداف الروائي من خلال السرد، وعليه فإنَّ شخصيات الروائي تكون أكثر تأثيراً في ما لو أحسَّ بها القارئ، بمعنى أن تكون قريبة من هواجسه ورؤاه…
ومن ثمَّ أنَّ المُتخيَّل- كشخص أو شخوص- في الرواية، عندما يخرج عن سياق الواقع؛ يُشعر المتلقي أحياناً بعدم التناغم مع الطرح، لا سيَّما حين يكون المتخيَّل غارقاً بالجنوح والفرضيات التي لا تنسجم مع تجارب الحياة لأيِّ مجتمع…
والرواية كفن كتابي أصبحت تعبّر عن تجارب الأشخاص والشعوب، وتوثّق للتحوّلات الاجتماعية والاقتصادية… وحتَّى السياسية منها، كما تعبّر بشكل أو آخر عن الميول الإنسانية والعاطفية، ولنا في الواقعية السحرية للأدبين الألماني والأمريكي اللاتيني خير مثال، صحيح هنا يختلط الواقع بالمتخيّل، غير أنَّه يسند لطرح آمال وآلام مجتمعية وطرحها برمزية تنسند للبيئة والحدث الحقيقي للواقع وتعبّر عن رؤاه…كما يجب ألَّا ننسى اهتمام جمهور القرّاء بشكل كبير بكتب السيّر الذاتية وهي نقل واقع لا غير، وفيها يجد القارئ تلك التجارب عبارة عن سرد غير مصطنع.
 تناص الشخصيات
ويشكك الروائي علي الحديثي بطبيعة تساؤلنا، مفترضاً من خلال قراءته قولنا إنَّ (عمل الروائي إنتاج شخصيات متخيّلة)، وعلى الرغم من اقترابه من فهم تساؤلنا، غير أنّه يجيب بأنَّ العمل الروائي ليس محدّداً بطبيعة الشخصيات التي يتناولها في روايته، سواء كانت متخيّلة أو واقعية، إلّا أنّ الشخصية الواقعية- وهي الشخصية الأغلب جدّاً في الروايات- هي الأكثر تأثيراً في القارئ إيجاباً أو سلباً، فضلاً عن أنّها أكثر إقناعاً في إيصال الفكرة التي يريد الروائي إيصالها، هذا من جانب، وهو الجانب المتعلّق بالقارئ..ومن جانب آخر، وهو المتعلّق بالروائي، فالشخصية الواقعية أشبه بخريطة بيت جاهزة، يقوم الروائي بإجراء بعض التعديلات عليها بما يناسب روايته، يعني هي خامة جاهزة له، وبالتأكيد هذه الطريقة أكثر سهولة من رسم خريطة جديدة (خلق شخصية جديدة متخيّلة)، برغم قناعتي بأنّه لا توجد شخصية متخيّلة بحت إلَّا في القليل النادر، الخرائط مستعملة كلّها، وعمل الروائي فيها كما قلت تحويرها بما يناسب فكرته، وهنا سيتجلّى إبداع المبدع في أسلوبه وصياغته، وفي الزاوية التي يتناول بها تلك الشخصية، وهل تناول الأدب الكلاسيكي الذي تعلّمنا منها، ونشأنا بين سطوره، وارتوينا من سرده، إلَّا الشخصيات الواقعية، ومن يطّلع على سيرهم الشخصية، وعلى رواياتهم، فسيجد مدى التناصّ الكبير بينهما.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: فی الروایة من خلال ة التی

إقرأ أيضاً:

«العوضي» لم يأتِ بـ«بدعة».. الشخصيات المتعددة في رمضان.. .ضرورة درامية وأشياء أخرى

"التقمص" في فن التمثيل، يعني "دخول الممثل في أعماق الشخصية التي يجسدها، لدرجة تصل أحيانا إلى الانفصال عن واقعه الحقيقي، والانغماس بالكامل في الشخصية التي يلعبها"، ذلك الانفصال الذي يرفضه المخرج الروسي "ستانسلافسكي"، في كتابه "إعداد الممثل"، ويدفع بـ"خطأ التصور" أن الممثل يعيش صورة أخرى من الحقيقة أثناء أدائه شخصية درامية، باعتباره جهدًا خارقاً يعجز عن تحمّله أي كيان جسماني ونفسي، وباستثناء الراحل أحمد زكي، يصبح تجسيد الشخصية الدرامية مجرد قراءة واعية ودراسة لأبعادها النفسية والاجتماعية، وفي معرض الحديث عن ظاهرة فنية طفت إلى السطح من جديد، أعلن الفنان أحمد العوضي، عن مسلسله الجديد "فهد البطل"، الذي يخوض خلاله مغامرة "أداء شخصيتين"، هما الأب وابنه، لأول مرة في تاريخه، مما أثار حالة من الجدل، ردّ عليها "العوضي"، بأنه لم يأتِ بـ"بدعة"!

صدق "العوضي" في الرد، فالمتأمل لظاهرة "تجسيد أكثر من شخصية" في العمل الفني الواحد، سيجد عشرات الممثلين، وتنوعت أسباب "تعدد الشخصيات" بين الضرورة الدرامية التي تقتضيها الأحداث، أو "الرؤية الفنية" للمخرج، أو رغبة الممثل في البقاء لأطول وقت على الشاشة، ليصبح دوره "من الجلدة للجلدة"، ويستعرض الممثل عضلاته، بـ"التلبّس" داخل الشخصيات بأشكال ونبرات صوت و"لزمات" مميزة لكل شخصية، بحيث يمكن للجمهور بسهولة أن "يفرّق" بينها، ولو جاءت الشخصيات في مراحل عمرية مختلفة (كالأب وابنه)، تكون المباراة التمثيلية مرهقة إلى حد ما، خاصة لو جمعتهما نفس المَشاهد، وهو ما يتطلب مهارة تصويرية وإخراجية، وتقنيات حديثة في فن الجرافيك، ليقتنع الجمهور أنه يرى شخصين مختلفين وليس "ممثلاً واحداً"، وهو ما يضع عبئاً إضافياً على عاتق الممثل، برغم كونه يؤدي الشخصيات المتعددة على مدار أوقات مختلفة، لكن "مونتاجها" الذي ربما يضعها في "كادر واحد" أمام المشاهدين، يجعل الارتباك سيد المشهد، ويكون الفيصل لمهارة الأداء، وتقنية التصوير، وتظل التجربة في جميع الأحوال، "مغامرة" محفوفة بالمخاطر.

وتشهد دراما رمضان المقبل، دورين للنجم ياسر جلال في الجزء الثاني من مسلسل "جودر". أما أجزاء مسلسل "المداح" المستمرة إلى رمضان المقبل، فقد شهدت أدوارًا متعددة للبطل حمادة هلال (الجد/ الحفيد/ القرين)، وسهر الصايغ (مليكة/ ملك)، وللجذب الجماهيري، يحرص صناع دراما الشهر الكريم، على تقديم فكرة "الأدوار المتعددة"، منذ ثمانينيات القرن الماضي، بفوازير "فطوطة وسمورة"، لسمير غانم، و"فاتيما وحليمة وكريمة" في "ألف ليلة وليلة" لشريهان، وبمطلع التسعينيات، ظهر وحش الشاشة في دور التوأم بمسلسله "البخيل وأنا"، وبعده ظهرت أيقونة "أرابيسك"، 1994، التي جسّد فيها كرم مطاوع شخصيتين، بخلاف البطل صلاح السعدني الذي أدى أدوار الجد والأب والابن، وكرر "السعدني" التجربة في دور "التوأم" بمسلسل "للثروة حسابات أخرى"، 2005، وبدأ العملاق نور الشريف، تنفيذ الفكرة نهاية التسعينيات في السينما بفيلم "الظالم والمظلوم"، في دوريْ الأب وابنه، وأعاد التجربة بعدها بثلاثة أعوام، في التليفزيون بمسلسل "العطار والسبع بنات"، ولحق به يحيى الفخراني، 2005، بمسلسل "المرسى والبحار"، وجاء رمضان 2010، بفكرة التوأم "فطين وميشو" للفنان سامح حسين، في مسلسلي "اللص والكتاب"، و"حاميها حراميها/2013"، وظهرت أيقونة "الكبير أوي"، التي ضرب بها الفنان أحمد مكي أرقاما قياسية بداية من الأب، والأبناء (الكبير، وجوني، وحزلقوم، ونعيم السوداني)، بالإضافة إلى عدد من الشخصيات الأخرى الواردة بأحداث المسلسل الذي امتدت أجزاؤه الثمانية على مدار "14" عاما، وتبارى كل نجومه، تقريباً، في تجسيد أكثر من شخصية، وكان "مكي" قد بدأ في "2009" مشوار الشخصيات المتعددة، في فيلم "طير انت" بتجسيد "8" شخصيات، وكرر التجربة في فيلميْ "لا تراجع ولا استسلام"، و"سيما علي بابا".

وعلى مدار السنوات العشر الماضية، ضرب الفنان محمد رمضان، رقماً قياسياً آخر، بتجسيد أكثر من شخصية داخل العمل، دون ضرورة درامية، منذ 2016، برؤية محمد سامي مخرج مسلسل "الأسطورة"، تجسيد البطل لشخصيتيْ الشقيقين "رفاعي وناصر الدسوقي"، لتصبح هواية بعد ذلك لـ"رمضان" بتجسيد دوري الأب وابنه، في مسلسلي "نسر الصعيد"، 2018، و"زلزال"، 2019، وامتدت الهواية للسينما في "آخر ديك في مصر"، و"الكنز"، وتكررت الظاهرة في دراما رمضان، بمسلسل "تفاحة آدم"، تنكر خلاله "خالد الصاوي" في عدد من الشخصيات، وبدون ضرورة درامية، جسد الفنان صبري فواز دور توأم بمسلسل "الحصان الأسود"، بينما نجح الجوكر يوسف الشريف، في دور التوأم بمسلسله "لعبة إبليس"، ثم بشخصيتيْ "الروبوت والمهندس زين" في مسلسل "النهاية".

ويعتبر محمد سعد واحداً من "أنصار الشخصيات المتعددة"، في السينما، بـ"اللي بالي بالك"، و"عوكل"، و"كركر"، و"كتكوت"، و"تحت الترابيزة"، وكرر التجربة في رمضان 2014، بمسلسل "فيفا أطاطا".

وبالنسبة للنجمات، كان للجميلة ليلى علوى، السبق في 1997، بمسلسلها "التوأم"، بشخصيتين تتطابقان في الشكل، وتختلف كل منهما في السلوك والطباع عن الأخرى، وهي فكرة مشابهة لمسلسل "حدف بحر" الذي عرض في رمضان 2009، لسمية الخشاب، كما خاض تجربة "التوأم" كل من نيللي كريم، بالمسلسل التاريخي "سرايا عابدين"، واللبنانية هيفاء وهبي في مسلسلها "مريم"، والتي فعلتها مرة ثانية في فيلم "أشباح أوروبا" بشكل جماعي مع أحمد الفيشاوي ومصطفى خاطر، بينما جسدت مي عز الدين دور "التوأم" بمسلسل "حالة عشق"، وخاضت المغامرة في عدد من أفلامها "أيظن"، و"شيكامارا"، وكان لـ"روبي" تجربة وحيدة (بمراحل زمنية مختلفة) في مسلسلها "أهو ده اللي صار"، وبينما خاضت حورية فرغلي تجربة "ضعيفة" في دور التوأم بمسلسل "الحالة ج"، 2017، ونجحت غادة عبد الرازق، وبتوظيف درامي جيد، في تجسيد "3" توائم، بمسلسل "تلت التلاتة"، 2023.

وكان مطلع الألفية في السينما، مولداً لـ"أيقونة ضحك" مسجلة باسم الراحل علاء ولي الدين، بتجسيده "6" شخصيات في فيلمه "الناظر"، وتلاه محمد هنيدي بفيلمه "جاءنا البيان التالي"، ثم "يانا يا خالتي"، ثم قفز إلى دور "التوأم" في فيلم "عندليب الدقي"، لم ينجح جماهيرياً في 2007، وهو نفس العام الذي شهد أقوى تجربة "توائم سينمائية"، للنجم أحمد حلمي، في فيلم "كده رضا"، بـ"3" شخصيات مميزة، ثم قدم "حلمي" تجارب أخرى في أفلام "صنع في مصر"، و"خيال مآتة"، و"واحد تاني"، وبإسقاط سياسي نجح أحمد آدم في دوريْ الأب (القرموطي) وابنه بفيلم "معلش احنا بنتبهدل"، فيما شهد 2009، فيلمين عن التوأم، هما "المشتبه" لعمرو واكد، و"بدل فاقد" لأحمد عز، ودون ضرورة درامية، جسد بيومي فؤاد، في 2020، دور "التوأم" في فيلم "صاحب المقام"، وحمل 2023، فكرة "التوأم" للمطرب تامر حسني، كبطل خارق في فيلم "تاج"، وفي نفس العام فعلها رامز جلال، بشكل كوميدي في فيلمه "أخي فوق الشجرة"، وفي 2024، خاض نجوم فيلم "فاصل من اللحظات اللذيذة"، جميعهم، مغامرة (جماعية) للأدوار المتعددة، استناداً لفكرة "الأكوان الموازية"، وبمنظور فلسفي أدى محمد فراج دور التوأم في فيلم "أهل الكهف"!

والطريف، أن مغامرة "الشخصيات المتعددة"، عرفت طريقها للسينما المصرية، منذ مطلع أربعينيات القرن الماضي، بفيلم "سي عمر"، للراحل نجيب الريحاني، الذي دارت "الحبكة الدرامية" حول استغلال الشبه، وبعده نفذ إسماعيل يس، نفس الفكرة في فيلم "المليونير"، ثم عاود الكرّة بشخصيتي "توأم" في فيلمه "إسماعيل يس في الطيران"، وفي منتصف الستينيات، أبدع الأستاذ فؤاد المهندس، بشخصيتي "إكس/ مفتاح" في فيلم "أخطر رجل في العالم"، وكان من طبيعة الأفلام الكوميدية آنذاك، أن تميل للمبالغات الطريفة، الـ"موظّفة درامياً"، وبعيداً عن رغبة الإضحاك، كان أشهر من قدم شخصيتين في فيلم واحد "بتوظيف درامي حقيقي"، السندريلا سعاد حسني في فيلم "نادية"، ومحمود عبد العزيز في "إعدام ميت".

اقرأ أيضاًمسلسلات رمضان 2025.. cbc تروج لشخصية أحمد العوضي في «فهد البطل» (فيديو)

مسلسلات رمضان 2025.. أحمد العوضي ينشر مقطع تشويقي لـ «فهد البطل».. فيديو

على طريقة محمد رمضان.. أحمد العوضي يقدم 3 مراحل عمرية في مسلسل «فهد البطل»

مقالات مشابهة

  • إسرائيليون يسخرون من خطة ترامب للسيطرة على غزة: غير واقعية
  • محمد المهدي: التعامل مع هذه الشخصيات يسبب أمراضا نفسية وجسدية
  • صحف عالمية: خطة ترامب حول غزة غير واقعية ولن تنجح
  • هل تشهد لبنان تغيير أسماء شوارع وساحات تحمل اسماء شخصيات سورية؟
  • الهنقاري: اللجنة الاستشارية الأممية تضم شخصيات ضعيفة وموالية للطغاة
  • أديب تونسي: معرض الكتاب يبني جسرا جديدا بين الثقافات العربية والعالمية
  • مع فرضية غير واقعية
  • هل انتهت الرواية: انباء عن نهاية من اشعل زناد الحرب..؟
  • مناقشة الرواية التاريخية النسوية: مقاربات لنماذج روائية في معرض الكتاب
  • «العوضي» لم يأتِ بـ«بدعة».. الشخصيات المتعددة في رمضان.. .ضرورة درامية وأشياء أخرى