الأرشيف والمكتبة الوطنية يعرض جانباً من الفنون الشعبية الإماراتية في أمسيته الرمضانية الرابعة
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
استضاف الأرشيف والمكتبة الوطنية في أمسيته الرابعة والأخيرة في شهر رمضان المبارك محاضرة بعنوان: «الفنون الشعبية الإماراتية.. أصالة مستدامة» بالتعاون مع جمعية أبوظبي للفنون الشعبية والمسرح، وجمعية الشحوح للثقافة والتراث.
جمعت الأمسية بين الدلالات الرمزية في الفنون الإماراتية التراثية وتطبيقاتها العملية التي نشرت البهجة في نفوس الحاضرين، ومكَّنتهم من استعادة تقاليد وأعراف تداولتها الفنون الشعبية منذ القِدَم، وأبرزت التراث الإماراتي العريق وتنوُّعه الحضاري الممتد من الصحراء إلى الساحل والواحات والجبال.
حضر الأمسية جمهور غفير في مقدِّمتهم عددٌ من أصحاب السعادة السفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي لدى الدولة، وكبار الشخصيات، ونخبة من المثقفين والمهتمين.
وقال سعادة عبد الله ماجد آل علي، المدير العام للأرشيف والمكتبة الوطنية: «فتح الأرشيف والمكتبة الوطنية أبواب مجلسه الرمضاني على عادات وتقاليد وفنون من تراثنا العريق، لما لتراثنا من أهمية في إثراء مجتمعات المعرفة، إيماناً مِنّا بما قاله الوالد المؤسِّس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه: (من لا يعرف ماضيه لا يستطيع أن يعيش حاضره ومستقبله)».
وأضاف سعادته: «إنَّ التعريف بتاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة وتراثها وحضارتها جزء من مهامنا، ولذلك علينا أن نسلِّط الضوء على موروثنا الذي يجب أن نحافظ عليه، وهذه الفنون التي استضافها الأرشيف والمكتبة الوطنية في أمسيته الرمضانية الأخيرة تمثِّل جزءاً من التراث الشعبي في الإمارات، وتنوُّعها يعكس ثراء ثقافة مجتمعنا».
وضمَّت المحاضرة حواراً أدارته الدكتورة عائشة بالخير، مستشارة البحوث في الأرشيف والمكتبة الوطنية ورئيسة فريق التاريخ الشفاهي، مع كلٍّ من سعيد محمد الحربي الشحي، رئيس اللجنة الثقافية والإعلامية بجمعية الشحوح للثقافة والتراث في رأس الخيمة، وراشد بن جمعة العزاني، المستشار الفني في مجال الفنون الشعبية في جمعية العين للفنون الشعبية.
وخلال المحاضرة، قدَّم سعيد محمد الحربي الشحي تعريفاً لفن «الندبة»، وهو من أشهر فنون الشحوح القديمة، والندبة نداء خاص للعزوة والتفاخر تؤدِّيه جماعة تسمّى «الكبكوب» وتردِّد فيه كلمات معينة عند قدوم الضيوف ترحيباً بهم، وهي من عادات سكان الجبل، الذين يُكَوِّنون حلقة دائرية يتوسَّطها «النديب» الذي يتمتَّع بطول النَّفَس، ويبدأ بنداء العزوة فيردِّد البقية بعده بصوت يتسم بالرجولة والقوة.
وأكَّد الحربي أنَّ الندبة ما زالت تؤدّى على طريقة الأجداد، مشيراً إلى أنَّ الضيف هو الذي يندب، وأنَّ الجميع يتشاركون بالندبة، ولفت إلى أنَّ الندبة كانت تُستخدَم لاستثارة النخوة في المعارك، واليوم صارت جزءاً من الفلكلور التراثي، وتعني كلمة «الندبة» الدعوة، وندب القوم أي دعاهم.
وقدَّم الحربي تعريفاً لفن «الرواح» الذي يؤدّى على قَرع الطبول، ووصف أوقات اليوم والمناسبات التي يؤدّى فيها هذا الفن، وتناول في حديثه فن «الحربية» الذي تمارسه القبائل التي تسكن في رؤوس الجبال، ويؤديه أكثر من شاعر. وتحدَّث الحربي أيضاً عن «اليولة» و«غلية السيف»، وهي مهارات حركية إبداعية تشير إلى التحكُّم في السيف والعصا والبندقية.
وتحدَّث راشد بن جمعة العزاني عن فن «العيالة»، وهو فن شعبي يحتل مكان الصدارة بين فنون الخليج والجزيرة العربية، وأشار إلى أنَّ فن «العيالة» يؤدّى في جميع المناسبات الاجتماعية والوطنية، و«العيالة» هي تعبير عن الانتصار بعد الحرب، لذلك فإنها تُجسِّد قِيَم الشجاعة والفروسية والبطولة والقوة العربية.
وتحدَّث العزاني عن أصل كلمة «العيالة» وعن الإيقاعات التي تُستخدَم فيها، وما ترمز إليه حركاتها.
وتضمَّنت الأمسية تطبيقاً عملياً من الفِرَق الشعبية لما ذُكِر من فنون إماراتية في المحاضرة.
وقالت الدكتورة عائشة بالخير، في ختام المحاضرة: «لقد أتاح الأرشيف والمكتبة الوطنية مساحة للتعليم المستمر، واحتواء المفكرين والمهتمين بالموروث والتاريخ واستدامة حوار الحضارات، وإنَّ حضور أعضاء السلك الدبلوماسي الممثِّلين لأوطانهم يعكس اهتمامهم بمعرفة المزيد عن دولة الإمارات، وهكذا تُبنى الجسور التي تُقلِّص المسافات وتُقرِّب الشعوب».
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الأرشیف والمکتبة الوطنیة الفنون الشعبیة
إقرأ أيضاً:
الحركة الشعبية والدعم السريع- رؤى متضاربة وصراع المصير
زهير عثمان
تشهد الساحة السودانية تصاعداً في تعقيد الصراعات السياسية والعسكرية، حيث تُعتبر الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال وقوات الدعم السريع فاعلين رئيسيين في المشهد السوداني. ورغم اختلاف أهدافهما وسياقاتهما، يتشاركان النفوذ العسكري والسياسي. يُثير هذا التساؤل حول مصير البلاد إذا ما قررت الحركة الشعبية إعلان حكومة في مناطق نفوذها، وما قد يعنيه ذلك على المستويين الداخلي والإقليمي.
الفروق الأساسية بين الحركة الشعبية والدعم السريع
الأيديولوجيا والأهداف
الحركة الشعبية لتحرير السودان , تعتمد الحركة على رؤية سياسية واضحة تُعرف بـ"السودان الجديد"، التي تسعى لإعادة تشكيل الدولة السودانية على أسس المواطنة والمساواة واحترام التنوع. تهدف إلى إنهاء التهميش التاريخي لمناطق مثل جبال النوبة والنيل الأزرق.
الدعم السريع وطرحه نعلم انها تفتقر قوات الدعم السريع إلى أيديولوجيا متماسكة أو رؤية سياسية طويلة المدى. يُنظر إليها كقوة عسكرية تهدف إلى تعزيز نفوذ قيادتها، وعلى رأسها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مع التركيز على تحقيق مكاسب تكتيكية بدلاً من طرح مشروع وطني شامل.
القاعدة الشعبية والجغرافية
الحركة الشعبية اسست والان تمتلك قاعدة شعبية راسخة في المناطق المهمشة مثل جبال النوبة والنيل الأزرق، وتطرح نفسها كممثل للمهمشين والمظلومين في السودان.
الدعم السريع قاعدته الأساسية في دارفور مع توسع نفوذها إلى مناطق أخرى، لكنها تُعتبر أكثر ارتباطاً بالبُنى القبلية والمصالح الاقتصادية لقادتها.
الشرعية والممارسات
الحركة الشعبية بالرغم تعرضها لانتقادات في قضايا كثيرة مثل علمانية الحكم والحقوق المدنية ، إلا أنها تُعتبر فاعلاً سياسياً مشروعاً يسعى إلى تغيير بنية الدولة السودانية.
الدعم السريع يواجه انتقادات شديدة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان واعتمادها على القوة العسكرية المفرطة في حروبها كلها .
إعلان حكومة من قبل الحركة الشعبية: السيناريوهات والتداعيات
الأثر على وحدة السودان
إعلان حكومة في مناطق نفوذ الحركة الشعبية سيُعيد إلى الأذهان تجربة جنوب السودان. قد يُعزز ذلك الشعور بانعدام الثقة بين الأطراف السودانية المختلفة، ويُؤدي إلى مزيد من الاستقطاب.
التحديات الداخلية
الاعتراف الدولي أول ما ستواجه الحركة تحدياً كبيراً في الحصول على اعتراف دولي بحكومتها.
الخدمات والبنية التحتية: تعتمد هذه المناطق على المركز في تقديم الخدمات، ما يعني أن إعلان حكومة سيضع عبئاً هائلاً على موارد الحركة.
التداعيات الإقليمية
التدخل الإقليمي وقد يدفع إعلان حكومة دول الجوار مثل إثيوبيا وجنوب السودان إلى اتخاذ مواقف متباينة، بناءً على مصالحها.
التوازنات الجيوسياسية سيُربك ذلك حسابات القوى الدولية والإقليمية لفترة وخاصة التي تسعى لاستقرار السودان.
مقارنة مع تجربة الدعم السريع
إذا كانت قوات الدعم السريع تُركز على تثبيت نفوذها داخل النظام الحالي، فإن الحركة الشعبية قد تسعى لتأسيس كيان مستقل تماماً. الفرق الجوهري هو أن الدعم السريع لا يمتلك مشروعاً سياسياً متكاملاً، بينما للحركة الشعبية رؤية تتجاوز حدود السلاح.
وفي حال أعلنت الحركة الشعبية حكومة في مناطق نفوذها، سيشكل ذلك تحولاً جذرياً في المشهد السياسي السوداني. بينما تظل احتمالات نجاحها مرتبطة بقدرتها على كسب الاعتراف الدولي والتعامل مع تحديات داخلية معقدة. ومع ذلك، يبقى الحل الأمثل هو السعي نحو تسوية سياسية شاملة تُعالج جذور الأزمات السودانية وتجنب البلاد سيناريوهات التفكك والمزيد من الصراع.
zuhair.osman@aol.com