الناتو في عامه الـ75.. هل يجدد شبابه بإكسير هوس الخوف من روسيا؟
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
يحتفل حلف شمال الأطلسي "الناتو" اليوم الخميس بالذكرى الـ75 لتأسيسه، وسط شكوك متزايدة في نجاعة حصاده التاريخي والغموض الذي يكتنف مستقبله في وجه تحديات داخلية وخارجية جمة.
إقرأ المزيدويشهد مقر الحلف في بروكسل سلسلة فعاليات بمشاركة وزراء خارجية 32 دولة عضو والأمين وقادة عسكريين للحلف وأمينه العام ينس ستولتنبرغ، الذي قال مؤخرا إن "الناتو" بعد مرور 75 عاما على تأسيسه، "لا يزال موحدا" ويبقى "دفاعيا"، معتبرا أن دعمه لأوكرانيا لا يشكل بأي حال من الأحوال مشاركة في النزاع هناك.
لكن احتفالات اليوم تطغى عليها التناقضات المتفاقمة باستمرار سواء داخل الكتلة أو في العالم ككل، فضلا عن عدم اليقين العام بشأن مستقبل هذه المنظمة.
واعتبر رئيس الوفد الروسي في المفاوضات في فيينا حول الأمن العسكري والحد من الأسلحة، قسطنطين غافريلوف، إن حلف شمال الأطلسي "ليس لديه ما يحتفل به في الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيسه"، وقال إن المنظمة التي تقدم نفسها كـ"درع للدفاع والأمن" لمليار شخص في الغرب، لم تؤد إلا إلى تفاقم مظاهر الأزمات في العالم.
وأضاف: "نتائج الهندسة الجيوسياسية للكتلة معروفة للجميع - البلقان الممزقة، وقصف العراق وليبيا وسوريا، وتدمير دولة أفغانستان، والتوسع المتهور للتحالف نحو الشرق، مما لا يؤدي إلا إلى "تأجيج المواجهة في منطقة ما بعد الاتحاد السوفيتي وخلق تهديدات أمنية لروسيا".
وفي 4 أبريل 1949، تم التوقيع على معاهدة شمال الأطلسي في واشنطن، والتي تظل أساس الناتو. الدول المؤسسة للتحالف كانت 12 دولة: الولايات المتحدة، وكندا، وأيسلندا، وبريطانيا، وفرنسا، وبلجيكا، وهولندا، ولوكسمبورغ، والنرويج، والدنمارك، وإيطاليا والبرتغال. وكان الهدف المعلن للحلف هو توحيد الجهود من أجل الدفاع الجماعي وحماية أوروبا من التهديد السوفيتي المحتمل.
لكن الاتحاد السوفيتي لم يكن موجودا منذ 30 عاما، بينما يستمر الناتو في التوسع لتضم عضويته اليوم 32 دولة، ويزداد عد قواته في أوروبا، وإنفاقه العسكري آخذ في الازدياد حيث تتخذ جهود لرفع مستواها إلى أكثر من 2% من الناتج المحلي الإجمالي، كما يصعد الحلف نشاطه على الحدود الروسية ويزيد الإمدادات العسكرية لأوكرانيا بشكل متسارع.
إقرأ المزيدالتوسع شرقا والمستهدف هو روسيا
لقد مر حلف شمال الأطلسي بعدة مراحل من التوسع، جرت 3 منها انهيار الاتحاد السوفيتي، حيث انضمت اليونان وتركيا إلى الحلف عام 1952، وألمانيا عام 1955، وإسبانيا عام 1982.
وفي العام 1994، تم اتخاذ قرار بقبول الجمهوريات السوفيتية السابقة والدول الأعضاء في حلف وارسو السابق إلى "الناتو"، وحتى في ذلك الحين، قال الرئيس الأمريكي آنذاك بيِل كلينتون في قمة حلف شمال الأطلسي في يناير 1994 إن مثل هذا القرار قد يتحول إلى "نبوءة ذاتية التحقق" ويؤدي إلى "تنفير" روسيا.
وانضمت هنغاريا وبولندا وجمهورية التشيك إلى "الناتو" عام 1999، تبعتها بلغاريا ولاتفيا وليتوانيا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا واستونيا عام 2004، ثم كرواتيا وألبانيا عام 2009، والجبل الأسود عام ، 2017، ومقدونيا الشمالية عام 2020، قبل أن تنضم إليه فنلندا عام 2023 والسويد العام الحالي.
وزعم ستولتنبرغ أن الناتو يتوسع شرقا لاحتواء روسيا والرد على "أعمالها العدوانية"، لكن التاريخ يشهد على أن روسيا في بداية الستعينات كان منفتحة على التعاون مع "الناتو"واتخذت سلسلة خطوات سياسية وتنظيمية للتقارب معه، منها مشاركة في برامج مشتركة وإبرام الوثيقة الأساسية روسيا-الناتو في عام 1997، لكن توسع الحلف سرقا في تجاهل صارخ لخطوط موسكو الحمراء، لا سيما تلك المتعلقة بانضمام أوكرانيا المحتمل للحلف بما يحمل ذلك من تهديدات مباشرة لمصالح الأمن القومي الروسي، أدى إلى تدهور العلاقة.
وقامت روسيا في نهاية 2021 وبداية 2022 بمحاولة آخيرة لتسوية الخلاف مع الناتو عبر التفاوض، لكن مطالب موسكو بشأن تقديم الحلف ضمانات أمنية لها تشمل التعهد بعدم قبول أوكرانيا إلى عضويته، لم يلق آذانا ضاغيا، مما مهد الطريق إلى النزاع المسلح في أوكرانيا.
وأكدت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن مواقف وسياسات "الناتو" حيال أوكرانيا، تثبت "صحة الأطروحات التي تحدثنا عنها لفترة طويلة والتي ينكرها أعضاء الناتو في كثير من الأحيان، (وهي أن) الناتو هو تكتل عدواني موجه ضد بلدنا. طبعا هذا الحلف لديه اتجاهات أخرى ودول أخرى، ولكنه موجه قبل كل شيء، ضد بلادنا هي التي اختاروها كهدف".
إقرأ المزيدمستقبل غامض
تحقيق الجيش الروسي نجاحات ميدانية متعاقبة في معارك العملية العسكرية الخاصة رغم قيام دول "الناتو" بضخ كميات كبيرة من الأسلحة لكييف، بدأ يكشف عن خلافات جوهرية في صفوف الحلف، بين دعوات لتصعيد الدعم لأوكرانيا والاستعداد لحرب ضد روسيا ومناشدات لوقف القتال والتحول إلى تسوية سلمية، وذلك في ظل تجميد واشنطن، أقوى قوة في الحلف، مساعداتها لكييف عمليا.
وأثارت فكرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن إرسال قوات إلى أوكرانيا ردود فعل متباينة، معظمها سلبية، لدى أعضاء "الناتو"، بينما رفضت بعد الدول لا سيما هنغاريا صراحة أي مقترخات قد تؤدي إلى مواجهة مع روسيا.
واعتبر جيلبرت دوكتورو، المؤرخ الأمريكي المقيم في بروكسل والخبير في العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، إن مستقبل "الناتو" غير واضح، خاصة في ضوء الانتخابات المقبلة في الولايات المتحدة، والتي قد يفوز بها الجمهوري دونالد ترامب.
وتوقع دوكتورو أن يكون للهزيمة المحتملة في أوكرانيا تأثير سلبي للغاية على مستقبل "الناتو"، وقال: "من المحتمل أيضا أن يستمر الناتو في التعثر خلال العام الحالي حتى يفوز دونالد ترامب في انتخابات نوفمبر، وإن حدث ذلك فسيكون بمثابة الخازوق في قلب الناتو".
وأضاف المحلل الأمريكي: "لا أرى مستقبلا مشرقا لحلف شمال الأطلسي تحت أي ظرف من الظروف. وكما تعلمون، فقد تجاوزت المنظمة فائدتها عندما انهار الاتحاد السوفيتي".
ويبدو أن عجز حلف شمال الأطلسي عن التكيف مع عالم متغير أو عدم رغبته في ذلك، إضافة إلى الخلافات بين أعضائه، تعمل على تحطيم الثقة العابرة في فعالية الحلف وجدوى هدفه المعلن والمتمثل في "الحفاظ على الاستقرار والأمن الدوليين".
المصدر: RT + وكالات
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أوروبا الأزمة الأوكرانية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا بروكسل حلف الناتو دونالد ترامب موسكو واشنطن ينس ستولتنبيرغ الاتحاد السوفیتی حلف شمال الأطلسی الناتو فی
إقرأ أيضاً:
أوكرانيا تطرح عرضا مضادا لـ إقتراح ترامب بشأن إنهاء الحرب مع روسيا
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الحكومة الأوكرانية أعدت عرضًا مضادًا لمقترح البيت الأبيض الرامي إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين مع روسيا.
وتتناقض بعض عناصر الخطة الأوكرانية مع المطالب التي قدمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلا أنها في الوقت ذاته تفتح المجال أمام تسويات محتملة في قضايا كانت تُعتبر حتى وقت قريب عصيّة على الحل.
وبحسب ما ورد في تفاصيل الخطة، لن يتم فرض أي قيود على حجم الجيش الأوكراني مستقبلاً، كما ستنشر "وحدة أمنية أوروبية" مدعومة من الولايات المتحدة داخل الأراضي الأوكرانية للمساهمة في ضمان الأمن بعد انتهاء العمليات العسكرية.
وتشمل الخطة أيضًا استخدام الأصول الروسية المجمدة في الخارج لإعادة إعمار ما دمرته الحرب في المدن والمناطق الأوكرانية.
ورغم التوقعات بأن الكرملين قد يرفض هذه البنود الثلاثة بشكل مبدئي، إلا أن الخطة الأوكرانية خلت من الإصرار التقليدي على انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وكذلك من المطالبة باستعادة جميع الأراضي التي سيطرت عليها القوات الروسية، وهو ما يشير إلى تحول ملحوظ في خطاب كييف وإمكانية تهيئة بيئة تفاوضية مرنة.
يتزامن هذا التطور مع زيارة مرتقبة للرئيس ترامب إلى العاصمة الإيطالية روما، للمشاركة في مراسم جنازة البابا فرنسيس. وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد أبدى نية لحضور الجنازة كذلك.
إلا أن المتحدث باسمه أشار إلى أن القرار النهائي سيتوقف على تطورات الوضع الأمني في البلاد، خصوصًا بعد موجة من الغارات الروسية على كييف ومدن أخرى، أسفرت عن عشرات القتلى والجرحى خلال الأسبوع الجاري.
وفي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي عقب وصوله إلى روما، أكد ترامب أن روسيا وأوكرانيا "قريبتان جدًا من التوصل إلى اتفاق"، داعيًا الطرفين إلى الاجتماع وجهًا لوجه لإنهاء النزاع، وأشار إلى احتمال لقاء زيلينسكي بشكل غير رسمي على هامش الجنازة، في حال حضوره.
وذكر مسؤول أوكراني رفيع المستوى، طلب عدم الكشف عن اسمه، أن زيلينسكي قد يستغل وجوده في روما، إن تأكدت مشاركته، لعرض الخطة الأوكرانية شخصيًا على ترامب، وذلك في محاولة لكسر الجمود وتهدئة التوترات التي ظهرت مؤخرًا بين واشنطن وكييف بشأن معالم التسوية المحتملة مع موسكو.
وفي تصريحات أمس الجمعة، أبدى زيلينسكي نبرة أكثر تفاؤلًا من المعتاد، حيث قال إن الأيام المقبلة "قد تشهد اجتماعات مهمة للغاية تُقرّبنا من الصمت بشأن أوكرانيا"، في إشارة إلى احتمال إحراز تقدم ملموس في مسار التهدئة.