اندماج وتكامل بين التعدين وخطط التنويع:

دعم مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين بمكونات محلية

اجتذاب التقنيات والاستثمارات الأجنبية الكبرى

الدخول لصناعات المستقبل مثل الإلكترونيات والسيارات الكهربائية

دعم الصناعة من خلال تعظيم القيمة المضافة لأنشطة التعدين عبر تصنيع الخامات

يشهد قطاع التعدين عديدا من التحولات الاستراتيجية التي تفتح باب التكامل بين مختلف القطاعات ومستهدفات النمو والتنويع في "رؤية عمان" المستقبلية، وضمن التوجهات المهمة التي يشهدها قطاع التعدين، تستهدف أنشطة الاستكشافات وعمليات التنقيب معادن استراتيجية من أهمها النحاس والكروم، والسيليكا والدولوميت والبوتاس والنيكل والكربوناتيت، وتعد هذه المعادن استراتيجية لقيمتها الاقتصادية المرتفعة وارتباطها جميعا بمستهدفات مهمة في توجهات التنويع في سلطنة عمان، مثل الخطط الطموحة للتوسع في صناعات الهيدروجين الأخضر وتعزيز آفاق النمو المستقبلي للاقتصاد بصناعات تقنية تواكب ما يشهده العالم من تطور خاصة في صناعات الإلكترونيات والسيارات الكهربائية، مع مساهمة ملموسة أيضا لأنشطة التعدين في احتواء مخاطر التغيرات المناخية.

من ضمن هذه المعادن الاستراتيجية التي تستحوذ على اهتمام قطاع التعدين في سلطنة عمان، يعد النحاس من بين أكثر المعادن التي يتزايد الطلب عليها لاستخداماته الواسعة في الكابلات والموصلات الكهربائية وأنظمة الطاقة المتجددة وتخزين الطاقة والسيارات الكهربائية، أما الكربوناتيت فيستخدم في تصنيع مكونات توربينات مشروعات إنتاج الطاقة بالرياح، والبطاريات، وألواح الطاقة الشمسية، كما يدخل البوتاس في تقنيات الطاقة النظيفة وتخزين الطاقة وتصنيع الإلكترونيات، والنيكل في بطاريات السيارات الكهربائية وإنتاج الهيدروجين، أما السيليكا فهو يستخدم في الخلايا الشمسية والألواح الشمسية وتخزين الطاقة والإلكترونيات، وهو ما يجعل كافة هذه المعادن مرتبطة بتوجهات التنويع الاستراتيجية والتي تستهدف توسعا مستمرا في مشروعات الطاقة المتجددة بما يواكب تحولات الطاقة العالمية ويعزز طموحات سلطنة عمان نحو مكانة إقليمية وعالمية كبيرة في صناعات الهيدروجين الأخضر، وقد اجتذبت بالفعل استثمارات أجنبية كبرى لهذه المشروعات، كما توجد حاليا في سلطنة عمان مشروعات مهمة لإنتاج الطاقة بالرياح وعبر الطاقة الشمسية وهناك مشروعات أخرى قيد العمل وقد أعلنت مؤخرا مجموعة "نماء" عن فرص جديدة لإقامة مشروعات للطاقة المتجددة.

وتمتد طموحات التنويع أيضا لقطاع السيارات الكهربائية الذي تستهدف سلطنة عمان تعزيز تواجدها فيه خلال السنوات المقبلة نظرا لأنه إحدى صناعات المستقبل التي تجمع ما بين مواكبة التطورات التقنية ومساهمة فعّالة في خفض الانبعاثات الكربونية، وفي قطاع الصناعة، وضمن توجهها نحو حسن استغلال الموارد والخامات الطبيعية، تسعى سلطنة عمان نحو تعظيم القيمة المضافة لقطاع التعدين، وتربط بعض اتفاقيات الامتياز بين استخراج وتصنيع المعادن، وقد شهدت الفترة الماضية طرح العديد من فرص الاستثمار من قبل جهاز الاستثمار العماني في قطاع التعدين.

وفي إطار ما تتبناه سلطنة عمان من تخطيط استراتيجي مدروس لمسار التنمية، تبدو الرؤية لمستقبل قطاع التعدين واعدة مع استفادة سلطنة عمان من تجاربها التنموية الناجحة في تعزيز النمو في مختلف القطاعات، حيث تقوم صناعة النفط والغاز بشكل أساسي على عمليات الاستكشاف والتنقيب التي تحدد جدوى الإنتاج وحجم الاحتياطيات في حقول النفط والغاز، وكدولة منتجة ومصدرة للنفط والغاز، اكتسبت سلطنة عمان -على مدى عقود- خبرة متقدمة في هذا المجال، وتنتقل هذه الخبرات بشكل متزايد إلى قطاع التعدين من خلال استكشاف دقيق للموارد واجتذاب الاستثمارات الكبرى لنمو القطاع،

وفي هذا الإطار جاءت التوجهات الأساسية لتنمية قطاع التعدين لتركز على تعزيز نمو القطاع وجاذبيته الاستثمارية من خلال طرح مناطق الامتياز التعدينية على غرار ما يتم طرحه من مناطق الامتياز في أنشطة النفط والغاز، كما يتواصل مسح المعادن الفلزية والمعادن الصناعيـة الذي انطلق خلال العام الماضي ويشمل مناطق جديدة وأخرى قائمة ضمن مناطق الامتياز التابعة لشركة تنمية معادن عمان.

ويعزز هذه التوجهات الاستراتيجية، ما يشهده العمل من تقدم فعلي في المشروعات الحالية في قطاع التعدين، حيث تم خلال العام الجاري وضع حجر الأساس لمشروع إعادة تطوير منجمي الأسيل والبيضاء للنحاس الواقعين ضمن المربع 4 بولايتي صحار بعد أن توصلت برامج الاستكشاف والتنقيب إلى وجود احتياطيات تجارية جيدة من خام النحاس، ومن المتوقع البدء بإنتاج خام النحاس من منجم الأسيل خلال العام الجاري على أن يبدأ الإنتاج من منجم البيضاء خلال عام 2026، ووفق التقرير السنوي الأخير لشركة تنمية معادن عمان والذي تم نشره امس الأول تتضمن مشروعات التعدين الواعدة "مزون للنحاس" في ولاية ينقل بمحافظة الظاهرة، والذي تضمنت تطوراته تعيين شركة كندية لبدء أعمال التصميم الهندسي والمشتريات والإشراف الفني وباشرت أعمالها بنهاية العام والانتهاء من دراسة السوق واعتماد خطة تعدين المشروع، ويمثل هذا التعاون أهمية كبيرة نظرا للخبرة الواسعة للشركات الكندية في أنشطة التعدين، كما أشار التقرير إلى تطورات مهمة للعمل في مشروعات منها صحار للتيتانيوم ومشروع إنتاج سبائك الفيروسيليكون.

وفي عام 2020، وتمهيدا لبدء انطلاقة تنفيذ "رؤية عمان 2040"، شهدت سلطنة عمان إعادة هيكلة واسعة للجهاز الإداري للدولة، وكان من ضمنها المرسوم السلطاني رقم (96/2020) بتعديل مسمى وزارة النفط والغاز إلى وزارة الطاقة والمعادن وتحديد اختصاصاتها واعتماد هيكلها التنظيمي، وقضى المرسوم السامي بأن تؤول كافة المخصصات والأصول والحقوق والالتزامات والموجودات الخاصة بالهيئة العامة للتعدين لوزارة الطاقة والمعادن، وأعقب ذلك تأسيس جهاز الاستثمار العماني كمظلة للاستثمارات الحكومية، وانضمام شركة تنمية معادن عمان كإحدى شركات جهاز الاستثمار العماني والذراع الاستثماري الحكومي في قطاع التعدين.

وتبدو النتائج إيجابية وواسعة النطاق لما حققه هذا الدمج والتكامل بين قطاعي الطاقة والتعدين، حيث يجمع بينهما عامل مشترك أساسي كونهما من الموارد الطبيعية التي تحظى بها سلطنة عمان وتستهدف تحقيق الاستغلال الأمثل بما يعزز دور هذه الموارد في توجهات التنويع ويرفع من قيمتها المضافة للاقتصاد.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أنشطة التعدین فی سلطنة عمان النفط والغاز قطاع التعدین فی قطاع

إقرأ أيضاً:

اليوم العالمي للمياه..الإمارات في صدارة الجهود العالمية لتعزيز الأمن المائي

تواصل دولة الإمارات ترسيخ مكانتها الرائدة في مجال الاستدامة المائية، من خلال إستراتيجيات ومبادرات نوعية تسهم في تعزيز الأمن المائي، وتحقيق الاستدامة البيئية، ودعم الجهود العالمية في مواجهة تحديات ندرة المياه.

وفي اليوم العالمي للمياه، الذي يصادف في 22 مارس(آذار) من كل عام، تؤكد ممارسات الإمارات التزامها المستمر بتطوير حلول مبتكرة في إدارة الموارد المائية، عبر سياسات وإستراتيجيات متكاملة تعتمد على أحدث التقنيات، وتعزز كفاءة الاستهلاك، وتدعم البحوث العلمية، لضمان استدامة هذا المورد الحيوي للأجيال القادمة.
ويعكس النهج المتكامل الذي تتبناه الدولة قدرتها على تحقيق التنمية الاقتصادية والاستدامة البيئية، ما جعلها نموذجاً عالمياً في الإدارة الفعالة للمياه.

استراتيجيات مهمة

وقالت الدكتورة دلال مطر الشامسي، مديرة المركز الوطني للمياه والطاقة في جامعة الإمارات، إن دولة الإمارات تضع الأمن المائي، على قمة أولوياتها، وقد تبنت إستراتيجيات تلتزم بها الجهات الحكومية والخاصة وأفراد المجتمع لتحقيق هذا الهدف، من بينها توجيه الجامعات والمراكز البحثية نحو حشد مخرجاتها البحثية بما يساعد في الحفاظ على استدامة الموارد المياه.

وأوضحت الشامسي، أن استدامة الموارد المائية والأمن المائي ليس مجرد هدف يمكن بلوغه، بل هو سعي مستمر ومرن تتغير طرق تحقيقه بتغير الظروف المحيطة من معدلات سقوط الأمطار، وتطور طرق الطاقة المستخدمة في الحصول على موارد المياه غير التقليدية.

ميزانية ضخمة 

وأضافت أن "دولة الإمارات تخصص ميزانية ضخمة لدعم الأبحاث العلمية في الجامعات والمراكز البحثية في مجال الأمن المائي وما يتعلق به، وهو ما جعل جامعة الإمارات على سبيل المثال تصنف ضمن أول 150 جامعة في مجال أبحاث الموارد المائية حسب تصنيف شنغهاي للجامعات لعام 2024".

وانطلاقاً من التزامها بتعزيز الأمن المائي، أطلقت الإمارات في 2017 ممثلة بوزارة الطاقة والبنية التحتية إستراتيجية الأمن المائي لدولة الإمارات 2036 التي تهدف إلى خفض إجمالي الطلب على الموارد المائية بنسبة 21%، وزيادة مؤشر إنتاجية المياه إلى 110 دولارات لكل متر مكعب، وخفض مؤشر ندرة المياه بمقدار 3 درجات، وزيادة نسبة إعادة استخدام المياه المعالجة إلى 95%، وتوفير سعة تخزين لمدة يومي تخزين للحالات العادية في النظام المائي.

 أول خريطة هيدروجيولوجية

وخلال مشاركتها في فعاليات"COP28" أعلنت وزارة الطاقة والبنية التحتية وهيئة البيئة في أبوظبي، عن إطلاق أول خريطة هيدروجيولوجية للإمارات، وهي خطة وطنية شاملة تهدف إلى تحقيق الاستدامة في استخدام المياه والحفاظ على هذا المورد الحيوي.
وأطلقت الوزارة مبادرة الإدارة المتكاملة للسدود والمنشآت المائية، وهاكاثون مستقبل المياه في أصول البنية التحتية، بهدف المساعدة على حل تحديات إدارة المياه التي تواجه إدارة أصول البنية التحتية.
بدورها، تواصل شركة "الاتحاد للماء والكهرباء" دعم تحقيق الأمن المائي في الإمارات من خلال مشاريع مثل محطة نقاء لتحلية مياه البحر بتقنية التناضح العكسي بسعة 150 مليون جالون يوميًا، ومركز الخريجة لتخزين وتوزيع المياه بسعة 180 مليون جالون.
وفي ذات السياق، تواصل هيئة كهرباء ومياه دبي تعزيز استدامة المياه عبر مشاريع تحلية المياه بتقنية التناضح العكسي، التي تتطلب طاقة أقل، مستهدفةً إنتاج 100% من المياه المحلاة باستخدام الطاقة النظيفة بحلول 2030.

مبادرة محمد بن زايد للماء

وتبلغ القدرة الإنتاجية للهيئة 495 مليون جالون يوميًا من المياه المحلاة، وستصل إلى 735 مليونًا بحلول 2030.
وفي إطار الجهود العالمية للإمارات، تسهم "مبادرة محمد بن زايد للماء" في مواجهة التحدي المتزايد لندرة المياه على مستوى العالم، حيث أطلقت في مارس(آذار) 2024 مسابقة "إكس برايز للحد من ندرة المياه" بالشراكة مع مؤسسة "إكس برايز"، التي تهدف إلى تعزيز الوصول إلى المياه النظيفة على نطاق واسع من خلال تقديم حلول فاعلة ومستدامة وتطويرها لتعزيز كفاءة تقنيات تحلية المياه وتكلفتها.
ووقعت مبادرة محمد بن زايد للماء والبنك الدولي في فبراير الماضي مذكرة تفاهم لتوحيد الجهود الرامية إلى تسريع الابتكار والاستثمار لمعالجة أزمة ندرة المياه العالمية وتعزيز الأمن المائي حول العالم.

سقيا الإمارات 

وفي السياق ذاته، تعمل مؤسسة "سقيا الإمارات" بصورة رئيسية في بحث وتنمية حلول لمشاكل شح المياه وتوفير المياه الصالحة للشرب لتساعد المجتمعات التي تعاني من نقص وتلوث المياه، كما تواصل جائزة محمد بن راشد آل مكتوم العالمية للمياه التي تشرف عليها مؤسسة "سقيا الإمارات" تكريم المؤسسات ومراكز البحوث والمبتكرين من مختلف أنحاء العالم، ممن يطورون تقنيات ونماذج مبتكرة لإنتاج وتحلية وتنقية المياه باستخدام الطاقة المتجددة.

مقالات مشابهة

  • الصناعة السعودية تصدر 23 رخصة تعدينية جديدة خلال يناير
  • الادارة العامة لتامين التعدين تباشر مهامها رسميا بولاية الخرطوم وتنشر قواتها لتامين وزارة المعادن
  • إنتاج سلطنة عمان من الغاز الطبيعي يرتفع 9.5%
  • رمضان حول العالم| في عمان: تقاليد عريقة وأجواء روحية تملأ الأرجاء
  • رئيس الوزراء يناقش جهود تلبية الاحتياجات البترولية وتعزيز قطاع التعدين
  • قطاعُ الثروة السمكية في سلطنة عُمان يحقق نموًّا بـ 7.5%
  • اطلاق بوابة طلبات الغاز الرقمية في سلطنة عمان
  • أميركا تطارد كنزا يفوق المعادن في أوكرانيا.. ما القصة؟
  • اليوم العالمي للمياه.. الإمارات في صدارة الجهود العالمية لتعزيز الأمن المائي
  • اليوم العالمي للمياه..الإمارات في صدارة الجهود العالمية لتعزيز الأمن المائي