قالت "هيومن رايتس ووتش"، الخميس، إن الغارة الجوية الإسرائيلية على مبنى سكني من ستة طوابق يأوي مئات الأشخاص، وسط قطاع غزة يوم 31 أكتوبر 2023 "تشكل جريمة حرب مفترضة".

وذكرت المنظمة أن هذا الهجوم، الذي قتل 106 مدنيين، منهم 54 طفلا، هو من أكثر الهجمات دموية منذ بدء القصف والتوغل البري الإسرائيليين في غزة عقب الهجوم بقيادة "حماس" على إسرائيل يوم 7 أكتوبر.

وأكدت رايتس ووتش، أنها لم تجد أي أدلة على وجود هدف عسكري في محيط المبنى وقت الهجوم الإسرائيلي، ما يجعل الغارة عشوائية وغير قانونية بموجب قوانين الحرب.

ولم تقدم السلطات الإسرائيلية أي معلومات علنية عن الهجوم، بما في ذلك الهدف المقصود، أو أي احتياطات لتقليص الضرر اللاحق بالمدنيين.

كما أنها لم ترد على رسالة وجهتها إليها هيومن رايتس ووتش يوم 13 مارس تلخص النتائج وتطلب معلومات محددة.

وحاول موقع "الحرة" التواصل مع وحدة المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي للتعليق على ذلك، إلا أنها لم ترد حتى تاريخ نشر هذا التقرير. 

وقالت المنظمة، إن "سجل الجيش الإسرائيلي الحافل بالتقاعس عن التحقيق بشكل موثوق في جرائم الحرب المزعومة يبرز أهمية تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم الخطيرة التي ترتكبها جميع أطراف النزاع".

من جهته، أوضح جيري سيبمبسون، المدير المشارك لقسم الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش: "قتلت الغارة الجوية غير القانونية التي شنتها إسرائيل على مبنى سكني في 31 أكتوبر ما لا يقل عن 106 مدنيين، منهم أطفال يلعبون كرة القدم، وسكان يشحنون هواتفهم في دكان على الطابق الأرضي، وعائلات نازحة تبحث عن الأمان". 

وأضاف: "خلفت هذه الغارة خسائر فادحة في صفوف المدنيين دون أن يكون لها هدف عسكري ظاهر – وهي واحدة من عشرات الهجمات التي سببت مذبحة هائلة، ما يؤكد الحاجة الملحة إلى تحقيق المحكمة الجنائية الدولية".

وبين يناير ومارس 2024، قالت هيومن رايتس ووتش، إنها أجرت مقابلات هاتفية مع 16 شخصا بشأن هجوم 31 أكتوبر على المبنى السكني المعروف بـ"عمارة المهندسين" ومقتل أقاربهم وآخرين. 

كما حللت هيومن رايتس ووتش صورا من الأقمار الصناعية، و35 صورة فوتوغرافية، و45 فيديو لآثار الهجوم، فضلا عن صور فوتوغرافية وفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال شهود إنه، في 31 أكتوبر، كان هناك 350 شخصا أو أكثر يقيمون في عمارة المهندسين، المتاخم لجنوب "مخيم النصيرات" للاجئين. 150 منهم على الأقل كانوا يلجؤون هناك بعد أن فروا من منازلهم في أماكن أخرى في غزة.

وحوالي الساعة 2:30 بعد الظهر، ودون سابق إنذار، أصابت أربع قنابل جوية المبنى في غضون 10 ثوان تقريبا، مما أدى إلى تدمر المبنى بالكامل.

لم يقل أي من الشهود الذين تمت مقابلتهم إنهم تلقوا أو سمعوا أي إنذار من السلطات الإسرائيلية لإخلاء المبنى قبل الغارة.

وأكدت هيومن رايتس ووتش من خلال مقابلات مع أقارب بعض الضحايا هوية 106 أشخاص قتلوا، منهم 34 امرأة، و18 رجلا، و54 طفلا. ومن المرجح أن يكون العدد الجملي للضحايا أكبر من ذلك. 

وحددت "إيروورز"، وهي منظمة غير حكومية تحقق في الأضرار المدنية في مناطق النزاع، في مواد مفتوحة المصدر أسماء 112 شخصا قتلوا، منهم 98 شخصا اتفقت عليهم المنظمتان. بالإضافة إلى  19 شخصا آخرين، ليس بأسمائهم وإنما بصلاتهم بضحايا آخرين في عائلاتهم.

وأجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع شخصين شاركا في انتشال الجثث من تحت الأنقاض قالا إنهما كان يعملان معا ومع أشخاص آخرين يوم الهجوم، وساعدا في انتشال نحو 60 جثة، ثم انتشلوا حوالي 80 جثة أخرى على امتداد الأيام الأربعة التالية. 

وقال شخص ثالث إنه ساعد على انتشال جثث من الأنقاض على امتداد 12 يوما بعد الهجوم. من الممكن أن تكون هناك جثث أخرى تحت الأنقاض.

وقالت هيومن رايتس ووتش، إن غياب الهدف العسكري من شأنه أن يجعل الهجوم على عمارة المهندسين "متعمدا أو عشوائيا"، مضيفة أن إصابة المبنى أربع مرات تؤشر بقوة إلى أن الذخائر كانت تهدف إلى إصابة المبنى، وأن الضربة لم تكن نتيجة عطل أو توجيه خاطئ. 

وحتى لو وجد هدف عسكري صحيح، تضيف "فإنه يثير شكوكا في مدى تناسب الهجوم، نظرا إلى الوجود المرئي والمتوقع لأعداد كبيرة من المدنيين داخل المبنى وحوله".

واعتبرت المنظمة أن هذه الغارة هي واحدة من مئات الهجمات التي نفذها الجيش الإسرائيلي في غزة وقتلت أو أصابت مدنيين فلسطينيين منذ الهجمات بقيادة حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر، التي أسفرت عن قتل أكثر من 1,100 شخص وأخذ حوالي 240 آخرين رهائن. 

وأفادت وزارة الصحة في غزة أن الفترة من 7 أكتوبر إلى 25 مارس، شهدت مقتل أكثر من 32 ألف شخص في غزة، منهم أكثر من 13 ألف طفل و9 آلاف امرأة، وإصابة 75 ألفا آخرين. وهذا يشمل مقتل ما لا يقل عن 2.400 شخص في مارس فقط. هذه الإحصائيات لا تميز بين المقاتلين والمدنيين.

وأفادت صحيفة "هآرتس" في فبراير، أن الجيش الإسرائيلي يحقق في "عشرات الحالات" التي ربما تكون فيها قواته قد انتهكت قوانين الحرب. ليس من الواضح ما إذا كان الهجوم على عمارة المهندسين في 31 أكتوبر من بين هذه الحالات.

وطالبت المنظمة، حلفاء إسرائيل بـ"تعليق المساعدات العسكرية ومبيعات الأسلحة لها طالما أن قواتها ترتكب انتهاكات منهجية وواسعة لقوانين الحرب ضد المدنيين الفلسطينيين وتفلت من العقاب".

وأشارت إلى أن "الحكومات التي تستمر في توفير الأسلحة للحكومة الإسرائيلية تخاطر بالتواطؤ في جرائم الحرب. كما عليها استخدام نفوذها، بسبل تشمل العقوبات الموجهة، للضغط على السلطات الإسرائيلية للكف عن ارتكاب انتهاكات جسيمة".

وقال سيبمسون: "العدد الهائل للقتلى الفلسطينيين، وأغلبهم من النساء والأطفال، يظهر استهتارا قاتلا بأرواح المدنيين، ويشير إلى احتمال وقوع المزيد من جرائم الحرب التي يجب التحقيق فيها. على الحكومات الأخرى الضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف الهجمات غير القانونية، والتوقف فورا عن نقل الأسلحة إلى إسرائيل لإنقاذ أرواح المدنيين، وتجنب التواطؤ في جرائم الحرب".

في المقابل، تقول إسرائيل إن غاراتها الجوية تستهدف البنية التحتية العسكرية لحماس ومستودعات الأسلحة في غزة. 

وأكدت وحدة المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي، في تصريحات سابقة لموقع "الحرة" بأن "العمليات العسكرية منسجمة مع القوانين الدولية ولا تخالفها".

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أنه يشن ضربات دقيقة تستهدف قادة المتشددين أو مواقع العمليات، وإنه لا يستهدف المدنيين، لكنه أيضا يتحدث عن زرع المسلحين في المناطق المدنية في جميع أنحاء قطاع غزة، وفقا لوكالة "أسوشيتد برس".

واتهم المسؤولون بحماس والجماعات المسلحة الأخرى بالاختباء والعمل بين المدنيين في غزة، حيث يعيش حوالي مليوني شخص في منطقة تبلغ مساحتها حوالي ضعف مساحة واشنطن العاصمة.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی هیومن رایتس ووتش عمارة المهندسین جرائم الحرب فی غزة

إقرأ أيضاً:

هيومن رايتس تدعو لوقف اعتقال وترحيل اللاجئين السوريين من العراق

تقوم السلطات العراقية في بغداد وكذلك إدارة إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي باعتقال وترحيل اللاجئين السوريين بشكل تعسفي إلى بلادهم، حسبما قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الخميس.

من مقرها في نيويورك، قالت المنظمة الحقوقية الرائدة إنها وثقت حالات قامت فيها السلطات العراقية بترحيل سوريين على الرغم من أن لديهم إقامة قانونية أو أنهم مسجلون لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وأفادت تقارير بأن السوريين تم اعتقالهم خلال مداهمات على أماكن عملهم أو في الشوارع، وفي حالتين بمكاتب الإقامة أثناء محاولتهم تجديد تصاريحهم.

ووفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يستضيف العراق ما لا يقل عن 260 ألف لاجئ سوري، يقيم قرابة 90 في المئة منهم في إقليم كردستان شمالي العراق. ويقيم زهاء 60 في المئة منهم في مناطق حضرية، بينما يقيم الباقون في مخيمات اللاجئين.

هيومن رايتس ووتش تحدثت إلى سبعة سوريين في أربيل وبغداد في الفترة بين 19 و26 أبريل الماضي، كان يجري ترحيلهم، بينهم أربعة في مطار أربيل في انتظار وضعهم على متن رحلة جوية.

وفي السياق قالت، سارة صنبر، الباحثة المتخصصة في شؤون العراق في هيومن رايتس ووتش، إن المنظمة لم تتمكن من تحديد العدد الإجمالي للسوريين المرحلين.

وذكرت المنظمة أن عمليات الترحيل جعلت السوريين في العراق يعيشون في خوف.

وأضافت صنبر أنه "من خلال إعادة طالبي اللجوء قسرا إلى سوريا، فإن العراق يعرضهم للخطر عن عمد".

ولم يرد متحدث باسم الحكومة العراقية حتى الساعة على طلبات التعليق التي أرسلتها الأسوشيتد برس.

كما زادت السلطات العراقية من العراقيل أمام السوريين للبقاء بشكل قانوني في البلاد.

فقامت حكومة إقليم كردستان العراق، بناء على طلب بغداد، بتعليق إصدار تأشيرات دخول للمواطنين السوريين، في إطار جهود أوسع لتنظيم العمالة الأجنبية في العراق، ما حد من قدرة السوريين على دخول إقليم كردستان للعمل أو اللجوء.

وتوظف العديد من الشركات في العراق عمالا سوريين دون تسجيلهم قانونيا، ما يجعلهم يعملون لساعات طويلة مقابل أجور منخفضة.

وتتطلب القواعد الجديدة في إقليم كردستان العراق من الشركات تسجيل العمال السوريين، وسداد اشتراكات الضمان الاجتماعي لهم. إلا أن بعض الشركات تجبر موظفيها على دفع نصف رسوم الضمان الاجتماعي من رواتبهم.

وقال عامل سوري في إقليم كردستان للأسوشيتد برس إن رسوم الحصول على تأشيرة لمدة شهر واحد للسوريين تبلغ 150 دولارا، ويمكن تمديدها لمدة تصل إلى عام، مشترطا تكتم هويته خشية ترحيله.

وأضاف أنه يجب الآن على السوريين التسجيل برقم الضمان الاجتماعي الذي يوضح أن صاحب العمل يسددها عنهم، وإلا فلن يتمكنوا من تجديد تأشيراتهم.

وفي بغداد، تبلغ تكلفة تأشيرة العمل لمدة عام والتي تصدر بشرط وجود رقم الضمان الاجتماعي، 2000 دولار.

وتضغط الدول المضيفة التي آوت اللاجئين السوريين بشكل متزايد من أجل عودتهم إلى ديارهم، حيث توقفت إلى حد كبير الحرب في بلادهم، بينما ترى الأمم المتحدة وجماعات حقوقية أن العودة إلى سوريا لا تزال غير آمنة.

وقالت هيومن رايتس ووتش إنه ورد في يوليو 2023 تعرض العائدين من العراق للتعذيب في مراكز احتجاز تابعة للاستخبارات العسكرية السورية، وتجنيدهم قسرا في الخدمة العسكرية.

مقالات مشابهة

  • صحة غزة: استشهاد 37874 فلسطينيا وإصابة 86858 في الهجوم العسكري الإسرائيلي على القطاع منذ 7 أكتوبر
  • مناشدات لحماية المدنيين في حرب السودان بعد دعوة «هيومن رايتس ووتش» لنشر قوات أممية
  • "هيومن رايتس ووتش": 30 قتيلا على الأقل في التظاهرات ضد الحكومة في كينيا
  • هيومن رايتس تدعو لوقف اعتقال وترحيل اللاجئين السوريين من العراق
  • اتهامات تطال الحوثيين بإخفاء العشرات قسرا بينهم 13 موظفا أمميا
  • “هيومن رايتس ووتش” تدعو العراق إلى وقف ترحيل اللاجئين السوريين قسرا لبلادهم
  • "هيومن رايتس ووتش" تدعو العراق إلى وقف ترحيل اللاجئين السوريين قسرا لبلادهم
  • هيومن رايتس ووتش: العراق يرحل السوريين بشكل غير قانوني
  • رايتس ووتش تتهم العراق بتنظيم حملة ترحيل لسوريين تعسفا إلى سوريا
  • احتجاز وترحيل قسري.. مصير مظلم يواجهه السوريون في العراق