khaldoon90@hotmail.com

بسم الله الرحمن الرحيم

بقلم: د. خالد محمد فرح

بعد عودتي كرّة أخرى للاطلاع بعناية وتمعن ، على كتاب الاخ يحي إبراهيم : بين السين والنيل، لغرض كتابة التقديم الذي خططته لذلك السفر ، عنّت لي بعض الملاحظات والاستدراكات والهوامش على متن الكتاب، التي اود ان أنبه المؤلف لها من اجل وضعها بعين الاعتبار في الطبعات اللاحقة ان شاء الله، كما أود أن أشرك حضرات القراء الكرام فيها تعميماً للفائدة أيضا.



بعض هذه الاستدراكات والملاحظات عبارة عن تصحيح لعدد قليل جدا من الاخطاء الطباعية غالباً، وددت التنبيه اليها لاصلاحها في الطبعات القادمة من الكتاب باذن الله.

في صفحة 13 مثلاً، جاء فيها ان المغامر الفرنسي شارل بونسيه وهو من اوائل الأوروبيين على الاطلاق الذين زاروا السودان في عهد سلطنة ستار قد غادر القاهرة هو ورفيقه الاب بريفدان متوجهين نحو الحبشة عبر اراضي تلك السلطنة السودانية في عام 1678م، والواقع هو ان ذلك قد تم في عام 1698م اي بعد عشرين سنة من التاريخ المكتوب. وقد اصلح هذا الخطا في ذات الصفحة عندما اشار الكاتب إلى بونسيه قد اصدر كتابا عن رحلته تلك بعنوان: رحلة إلى إثيوبيا في الأعوام ١٦٨٩ و١٦٩٩ و١٧٠٠.

تطرق الكاتب في صفحة ١٤ إلى مقتل افراد بعثة المسيو دو رُول نائب القنصل الفرنسي بالقاهرة في عام ١٧٠٥م ، بواسطة سلطان الفونج بسنار بايعاز من المبشرين اليسوعيين. وان كان لنا من تعليق على تلك الحادث ، فهو ان الفرنسيين عموما قد غضبوا على السناريين وملكهم بادي اكثر من غضبهم على الاباء اليسوعيين وإمبراطور الحبشة الذين كانوا هم وراء ذلك الفعل حقيقة. وهذه النقطة لعلها تفتح بابا ما يزال مشروعا للتساؤل حول السر في تدليل الغربيين لاثيوبيا على الدوام ومهما فعلت، في مقابل انقباضه المجاني وتضييقه الدائم على السودان في كل عهوده .

في صفحة 25 من الكتاب ذكر المؤلف ان الضابط الفرنسي فرانسوا لامي قد تقاتل مع المغامر السوداني رابح فضل الله في معركة " لختة " كما سماها الكاتب في 22 أبريل 1900 تلك المعركة التي انتهت بمقال القائدين. ولا ندري من اي مصدر جاء المولف بالاسم " لختة " هذا لان المعروف والمشهور والمدون في معظم المراجع ذات الصلة ان تلك المعركة قد دارت بمنطقة " كوسيري " الواقعة على الضفة اليسرى لنهر شاري في الأراضي الكاميرونية قبالة العاصمة التشادية انجمينا.

في صفحة 35 بالنسبة لقائمة السفراء السودانيين الذين تعاقبوا على رئاسة البعثة الدبلوماسية بباريس منذ الاستقلال: الفترة الثانية للدكتور بشير البكري كانت بين عامي ١٩٧٨ و١٩٨٢ وليس ١٩٨٧ كما هو مكتوب. والسفير دكتور نور الدين ساتي كانت فترة عمله بين عامي ١٩٩٢ و١٩٩٦ وليس بين عامي ١٩٩٣ و١٩٩٧ كما هو مكتوب. والدكتور التجاني صالح فضيل بين عام ١٩٩٦ و٢٠٠١م وليس بين عامي ١٩٩٧ و٢٠٠٠ كما هو مكتوب. والسفير عبد الباسط السنوسي بين عامي ٢٠٠٢ و٢٠٠٦ وليس بين عامي ٢٠٠٠ و٢٠٠٦ كما هو موضح. كذلك لاحظت ان فترة عمل السفير الراحل يوسف مختار قد أسقطت تماما ، وهو الذي تولى رئاسة البعثة بباريس بين عامي ١٩٨٣ و١٩٨٧م. وعليه ينبغي مراجعة هذه القائمة وتواريخها.

في صفحة ٤٥ من الكتاب ، وفي معرض حديث المؤلف عن علاقته باللغة الفرنسية وتعلمها، يعلمنا المؤلف بان في هذه اللغة ٢١ صوتاً في مقابل ستة اصوات فقط في اللغة العربية. ولعل المقصود هنا بصفة خاصة اصوات الحروف الرخوة او المعتلة مثل حرف ال U بنطقه الفرنسي الذي لا وجود له في اصوات اللغة العربية ولا لهجاتها العاميات. ولذلك يجد المتحدثون بهذه اللغة ولهجاتها عسرا شديدا في نطقه . وبهذه المناسبة كنت قد عثرت في مكان قبل سنوات على طريقة عملية لتعلم ذلك الصوت، هي أن يضمر المتعلم او الدارس انه يريد أن ينطق الصوت E الانجليزي وهو صوت سهل المخرج والنطق، ثم يكور شفتيه في اثناء ذلك معا، فسيجد نفسه وقد نطق حرف ال U الفرنسي على وجهه الصحيح تماما. هذا، وقد لاحظت ان الناس. في بعض بلدان إفريقيًا الفرانكفونية خاصة، يحيلون حرف ال U الفرنسي هذا في النطق إلى ما يشبه نطق حرف ال E الإنجليزي او ال I الفرنسي ، فيقولون مثلا La Ri وهم يقصدون La Rue أي الشارع، وذلك بسبب صعوبة نطق صوت ال U الفرنسي.

وأضحكتني الطرفة والموقف المحرج الذي أورده المؤلف في صفحة ٤٦ بسبب نطقه لكلمة pompe بالبي bombe والبون بينهما شاسع خصوصا إذا نطقها شخص سوداني مسلم من دولة مارقة ومتهمة برعي الإرهاب في نظر الغرب. والسبب في خلط كثير من الناطقين بالعربية بين صوتي الباء المجهورة B والأخرى المهموسة P ، هو عدم وجود هذا الصوت الأخير في النظام الصوتي العربي.

في صفحة ٤٦ اشار المؤلف إلى بداية تعليم اللغة الفرنسية في المدارس الثانوية بالسودان في العام الدراسي ١٩٦٩ ١٩٧٠ مرتبطا بعهد الدكتور محي الدين صابر رحمه الله اول وزير التربية والتعليم في عهد حكم الرئيس جعفر نميري رحمه الله، ولعله قد فات على المؤلف ان يعلل ذلك التطور بدافع ذاتي الطابع ، هو أن الدكتور محي الدين صابر يعتبر من الرعيل الاول من الفرانكفونيين السودانيين الذين درسوا اولا بجامعة فؤاد الاول بمصر في النصف الاول من الأربعينيات ، ثم أكملوا دراساتهم فوق الجامعية وحصلوا على الدكتوراه من الجامعات الفرنسية في اوائل خمسينيات القرن الماضي. وهم الدكاترة :،محي الدين صابر ،وبشير البكري ، وعقيل احمد عقيل ، واحمد السيد حمد.

في صفحة 47 واضع المنهج الجديد للغة الفرنسية للمرحلة الثانوية بالسودان ، هو الدكتور زكريا علي احمد وليس الدكتور زكريا علي ادم كما هو مكتوب

في صفحة ٥١ قال المؤلف ان معرض: تهارقا ملك الأرضين كان من المفترض كان ان يقام في باريس في الفترة ٢٨ أبريل و٢٥ يوليو ٢٠٢٢ بمبادرة من متحف اللوفر والسفارة الفرنسية بالخرطوم ، لكن تم إلغاؤه كما قال بسبب الحرب التي اندلعت في ١٥ أبريل من نفس العام. والواقع هو ان ذلك المعرض قد قام وحظي بنجاح باهر وإقبال جماهيري كبير وكان من اول الفعاليات التي زرتها بمفردي اولا وفي رفقة وزير الثقافة مرة اخرى عندما زار باريس في شهر يوليو ٢٠٢٢م

في صفحة ٨٣ ذكر الكاتب ان فرنسا هي التي بادرت مع بريطانيا بطرح القرار 1093 بمجلس الامن الذي تمت بموجبه احالة موضوع دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية. وطبعا المقصود هو القرار 1593 ولعل السبب في هذا الخطاً الطباعي، هو ان الرقم خمسة بحسب الأرقام المشرقية الهندية الأصل كما يقال، تشبه الرقم zéro في الأرقام الإفرنجية المعمول بها في المغرب العربي ايضا. والمهم هم ان رقم القرار المعني هو 1593 وليس 1093 كما هو مكتوب.

في صفحة 103 يوقفنا المولف على فصل طريف من فصول علم اللغة الاجتماعي، يتعلق خصيصاً ببعض الممارسات الملتوية وغير الاخلاقية المرتبطة بعالم اللجوء والحيل التي يلعبها بعض اللاجئين من مختلف دول العالم الثالث داخل البلدان الغربية بمن فذلك نفر من السودانيين للأسف ، من اجل الحصول على قدر من الامتيازات والمساعدات المالية والخدمات الاجتماعية من سلطات البلدان المضيفة عن طريق النصب والاحتيال فقط، وهو قوله: " من الأشياء التي تثير حفيظة الأوروبيين على الاجانب، استغلال بعض هولاء الثغرات في النظام الاجتماعي للاستفادة منه وللحصول على مساعدات مالية ومساكن وعلاج من غير وجه حق، وبطرق غير مشروعة. ويسميها السودانيون المقيمون في فرنسا، وربما في بلدان اخرى ب " الحفرة " فيقول احدهم: عندي ثلاث او اربع حفر، بمعنى انه يتلقى ثلاث إعانات من ثلاث مناطق مختلفة.

في معرض الحديث عن بعض الشخصيات السودانية
والفرنسية التي ترجم لها المؤلف تحت العنوان الجانبي: جديرون بالاحترام، ذكر المولف ان الشيخ عوض الله صالح قد كان مفتي الديار السودانية بين عامي 1908 و 1989 وهذا محال بالطبع . إلا ان يكون المقصود ان ذلك الشيخ قد ولد في عام ١٩٠٨ وتوفي في عام ١٩٨٩ او ربما انه قد تولى منصب مفتي الجمهورية بين عامي ١٩٨٠ و١٩٨٩ ، ولكنني اميل إلى الافتراض الاول. المهم هذا التاريخ فيه خطا ما ويحتاج لمراجعة وتصحيح.

اورد المؤلف بين صفحتي ١٦٧ و ١٦٩ ترجمة مؤثرة للغاية، للراحل السيد جان رولان المدير الأسبق للمركز الثقافي الفرنسي بالخرطوم خلال النصف الاول من تسعينيات القرن الماضي ،ذلك الرجل المحب هو وأسرته للسودان، والذي شهد المركز والعلاقات الثقافية بين السودان وفرنسا في عهده ازدهارا غير مسبوق ولا ملحوق مطلقا حتى الان ، بحسب ما جاء في سيرته بالكتاب، وانا أود أن اعرب عن اسفي بانني لم تتح لي الفرصة للتعرف مباشرة وعن كثب على ذلك الرجل، بسبب وجودي خلال تلك الفترة خارج السودان لدواعي العمل.

واخيراً اسعدني للغاية ان خصص الاخ يحي مسك ختام كتابه لاستاذنا العزيز الدكتور يونس الامين الذي تشرفت أنا ويحي بان درسنا على يديه اللغة الفرنسية في السنة الاولى بكلية الاداب بجامعة الخرطوم ، وهو قادم للتو من باريس مزوداً بشهادة الدكتوراه في اللسانيات التطبيقية من جامعة السوربون باريس ٣ في نفس العام. وبالطبع لا تذكر اللغة الفرنسية وفرنسا والفرانكفونية بل الفرانكوفيلية ايضاً في السودان ، إلا وياتي اسم استاذنا الجليل الدكتور يونس الامين في المقدمة ، ويكفي انه الشخص الوحيد في السودان الذي نال اربعة أوسمة فرنسية في مناسبات شتى: واحد من رئيس جمهورية ،،واثنان من رئيسي وزراء مختلفين ، وواحد من وزير للتربية بالجمهورية الفرنسية .. حيا الله استاذنا دكتور يونس ومتعه بالصحة والعافية.
//////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: اللغة الفرنسیة بین عامی فی صفحة بین عام فی عام

إقرأ أيضاً:

خطبة الجمعة من مسجد الشرطة| الخليل إبراهيم عرف نعمة الأمن وقدرها.. وعلينا التحقق بمقام العبودية فهو الأعلى مكانة.. فيديو

خطبة الجمعة من مسجد الشرطة
الشيخ أحمد عصام فرحات يؤكد:
إذا أراد الإنسان معرفة نعمة الأمن فلينظر إلى من فقدها
علينا التحقق بمقام العبودية فهو الأعلى مكانة
قلب الخليل إبراهيم عليه السلام قد عرف نعمة الأمن وقدرها

قال الشيخ أحمد عصام الدين فرحات، خطيب مسجد الشرطة بالتجمع الخامس، إن نعمة الأمن من أجل نعم الله على عباده، والقرآن الكريم قد ألح على تحقيق الأمن في جميع مفرداته وأبعاده وجميع صناعاته.

وأضاف فرحات، خلال خطبة الجمعة من مسجد الشرطة بالتجمع الخامس، أن قلب الخليل إبراهيم عليه السلام، قد عرف نعمة الأمن في قوله (رب اجعل هذا بلدا آمنا) فكان لهذه الدعوة الصادقة أثر وبركة ممتدة عبر الزمان والمكان.

وأشار إلى أنه إذا أراد الإنسان أن يعرف قدر نعمة الأمن فلينظر إلى حال من فقدها، حيث لا طعام يطيب ولا شراب يروي ولا قلب يسكن ويطمئن ولا يرى إلا الدمار والخرب وضياع البلاد والعباد، فتزهق الأرواح وتسفك الدماء وتنهب الأموال وحينها يدرك الإنسان قدر البيان النبوي في قول النبي (من عاش آمنا في سربه معافا في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا).

وإن من نعم الله تعالى علينا هذا الوطن، فلنطئمن فلقد جعل الله بلادنا أم البلاد ومهبط الأنبياء وموطن الأولياء، تتابعت وتلاقت على هذه الأرض حضارات متعددة، فهي محفوظة ومجبورة ومنصورة فهي وصية النبي الكريم (إنكم ستفتحون مصر وهي أرض يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لكم ذمة ورحما واتخذوا فيها جندا كثيفا فذلك الجند خير أجناد الأرض، لأنهم في رباط إلى يوم القيامة.

وتابع: ظل شعب مصر على طول التاريخ مصدر أمن وأمان، متسما بالحب متصفا بالود والكرم والتسامح.

وقال الشيخ أحمد عصام الدين فرحات،  خطيب مسجد الشرطة بالتجمع الخامس، إنه علينا أن نتحقق بمقام العبودية فهو أعلى مقام وليتواضع الإنسان بين يدي مولاه ليوضع له القبول في السماء والأرض.

وأضاف فرحات، خلال خطبة الجمعة من مسجد الشرطة بالتجمع الخامس، أن النبي توجه إلى ربه يحتمي بحماه ويبث إليه شكواه قائلا (اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي.

وتابع: وجاء التكريم الإلهي للنبي في رحلة الإسراء والمعراج ليريه الآيات الكبري ويفيض عليه من الأسرار الكونية ويتجلى عليه بمزيد من المعارف والأنوار، فيقول تعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).

وقال خطيب مسجد الشرطة، إن شهود الجبر الإلهي حاضر في رحلة الإسراء والمعراج، لتفتح للامة كلها أبواب الأمل والثقة في الله، وهذا ما كان يحرص النبي على غرسه وترسيخه في نفوس أصحابه وهذا ما ينبغي أن يربى عليه أبناؤنا وبناتنا، العزة والأمل والأخذ بالأسباب والصبر والرضا والتوكل على الله والتحقق بمقام العبودية.
 

مقالات مشابهة

  • إبراهيم الهدهد: الشــــــ...ذوذ والتحــــــ....ول الجنسي هدم للفطرة وليس حرية
  • «حوارات صحفية» جديد الزميل صابر رمضان بمعرض الكتاب
  • أمير منطقة الرياض يعزي في وفاة إبراهيم الزويد
  • خطبة الجمعة من مسجد الشرطة| الخليل إبراهيم عرف نعمة الأمن وقدرها.. وعلينا التحقق بمقام العبودية فهو الأعلى مكانة.. فيديو
  • صدور النسخة العربية لكتاب "سيرة ملكة" للمترجمة لميس فايد
  • تركيا وإيطاليا تعززان دورهما لدعم العلاقات بين الناتو ومصر في عامي 2025 و2026
  • ملاحظات عن قانون العفو العام
  • نقيب الإعلاميين مهنئا الرئيس بعيد الشرطة: سطروا بدمائهم صفحة جديدة في تاريخِ الوطن
  • بهذه الكلمات.. سماء إبراهيم تحيي ذكرى وفاة والدها
  • خلال أيام .. عرض مُنتظر من موناكو الفرنسي لـ إبراهيم عادل