قوة عربية في غزة.. مؤامرة بأمر أمريكي!!
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
كل الأخبار والتسريبات الأمريكية الإسرائيلية تُجمع على تأكيد موافقة دول عربية على إرسال قوات إلى غزة، وأكثرها وضوحاً تحدثت عن ثلاث دول لها علاقة “بإسرائيل»..
الدول المطبعة مع الكيان علناً هي مصر والأردن والإمارات والبحرين، ويمكن الفهم من هذا الطرح هو مصر والأردن وتبقى الثالثة الإمارات والبحرين..
طبعاً سلطة رام الله هي الأكثر حماساً، وتؤكد أنها من سيحكم غزة كما الضفة، فهل ذلك يعني أنها ستشارك في هذه القوات “متعددة الجنسيات” أم أنها ستنتظر حتى تسلم لها غزة لتحكمها؟.
بالمقابل، ففصائل المقاومة الفلسطينية أكدت أن دخول قوات عربية أو غير عربية إلى غزة هو موقف مرفوض وستتعامل معها على أنها قوات “احتلال”، ومع أنه لم يصدر أي موقف بهذا الشأن من محور المقاومة إلا أن موقفه هو من تلقائية مسماه “محور مقاومة”، ولكنه يؤكد أن القرار لا يؤخذ ولا يتخذ إلا من المقاومة الفلسطينية والمحور يدعم ما تسير فيه من خيارات أو قرارات، وهو فقط الداعم والمساند لما تسير فيه من قرارات..
فكرة القوات متعددة الجنسيات هي فكرة أمريكية أشرك الكيان في غربلتها وبلورتها ومثلت أهم أجندة ما ناقشه وزير الدفاع الصهيوني في زيارته الأخيرة لواشنطن، بينما العرب الذين وافقوا على هذه المشاركة كأنظمة كأنما ينفذون أمراً أمريكياً فحسب..
المطروح في الظاهر أن هذا بمثابة تحضير لإقامة الدولة الفلسطينية، وفي سياق تتحدث أنظمة أوروبية عن تحضير للاعتراف بالدولة الفلسطينية، فيما تسمى السلطة في رام الله تزغرد وتقوم بما يعرف في اليمن بدور “المحجرة”..
أما جوهر الموضوع فهو القضاء على أي مقاومة فلسطينية أكانت حماس أو الجهاد أو الجبهة الشعبية، ولو تحقق مثل هذا فسيتم إنهاء القضية الفلسطينية، وسيكتشف المزغردون وأصحاب دور “المحجرة” أنهم كرروا زغاريد “أوسلو” ولن يجنوا، ولن يصلوا إلى أكثر من معطى “أوسلو”..
مثل يمني يقول “لو فيه شمس كان من أمس” ولو أن أمريكا وبلدان الغرب التي تتحدث عن دولة فلسطينية صادقون، لكانت الدولة تحققت من خلال اتفاق “أوسلو”..
كل ما يجري في هذا السياق هو حلقات من حلقة التآمر على فلسطين “الشعب والقضية” ويراد استعمال العرب الأنظمة لتمرير هذه المؤامرة وهذا الضجيج والهدير الأمريكي الغربي عن الدولة الفلسطينية ليس إلا لإسناد “العربان” إعلامياً لتمرير المؤامرة الأخطر في محاولة إنهاء القضية الفلسطينية، وباستعمال معاكس ومضاد لـ “طوفان الأقصى”..
كل ما يعتمل هو لإطفاء هذا “الطوفان” بمفاعليه العالمية، ومن ثم نعود إلى نفس ما قاله “بايدن” لعباس السلطة “عليك أن تأتي بالمسيح ليطبق لك قرارات الشرعية الدولية»..
أمريكا ترى أنها من خلال هذا “السيناريو” تسير إلى تفعيل ليس اقتتال “فلسطيني ـ فلسطيني” بل وإفشال فلسطيني ـ عربي، بل وعربي ـ وهلمّ جرا..
ولهذا فالمقاومة الفلسطينية سارعت إلى وضوح وحسم لتحديد موقفها ليس فقط بالرفض بل واعتبار أي قوات تدخل “غزة” بمثابة قوة احتلال..
منطق المقاومة ومحور المقاومة كفرضية أن الميدان هو الحكم فيما جد وفيما يستجد، فالاستسلام هو المرفوض، وهو المستحيل بالنسبة للمقاومة إن جاء الجيش الأمريكي وكل جيوش الغرب أو قبلت أنظمة عربية تسيير جيش وتجييش في سياق الخط الأمريكي الصهيوني، ومن يواجه المقاومة الفلسطينية ويسعى لإنهائها هو “صهيوني” مهما ظل يرفع من شعارات العروبة والإسلام ونحو ذلك..
من الواضح التماهي إلى حد الاندماج والواحدية في إعلام بقيادة إمبراطورية أمريكا في هذا المنحى، والإعلام الصهيوني، وإعلام عربي “متصهين” وهو أخطر من الصهيونية..
ولهذا علينا أن نتوقع تصعيداً استثنائياً لهذا الإعلام، ولذلك يفترض نرتكز على قاعدة “الميدان هو الحكم”، ولا نتأثر بهذا الإعلام، ولا نمنحه أي فرصة للتأثير..
علينا أن نتأكد بأنه لولا طوفان الأقصى ما جاءت هذه المؤامرة الأمريكية وما كانت أنظمة عربية تجر إلى وضع مهين كهذا، وما كان “لعباس ودرباس” وقاحة التحدث عن استحقاق له ليحكم غزة، فهذا الطوفان الذي ما يجري أمريكياً بين معطياته، والذي أعاد لفلسطين الشعب والقضية الاعتبار عالمياً، لا خيار غير استمراره أياً كانت التضحيات..
ليست فلسطين الدولة أو الشعب أو القضية لها علاقة بما يجري وبقيادة أمريكا، وهؤلاء بعربهم قبل عجمهم لا هدف لهم غير إخراج الأسرى الصهاينة والقضاء على المقاومة وبعد ذلك فلتذهب الدولة والقضية والشعب إلى الجحيم، فإذا أمريكا تخطط لإيصال العالم إلى ما يسمى “المليار الذهبي” فالشعب الفلسطيني هو أول من يريد التخلص منه وإنهاء وانتهاء قضيته، ولعل الأنظمة العربية التي قبلت الشراكة تريد هذا وهذا هدف لها..
ثلاث نقاط أراها الأنسب لختام أو خاتمة الموضوع:
الأولى.. تصريح مصري خجول هو أقرب للتسريب يقول إن مصر تعاطت ـ وليس وافقت ـ على المشاركة بقوات لحفظ السلام في غزة، وربطاً بهذا يطرح سوء فهم وزير الدفاع الإسرائيلي في الكيفية التي طرح بها الموضوع..
الثانية.. باستثناء هذا التصريح أو التسريب المصري فدول عربية أخرى تفضل الصمت بما فيها الأردن غير الدولة الثالثة التي لم يتحدث عنها حتى تسريباً، وفي كل حال فعلاقة الإمارات أو البحرين هي علاقة عداء مع حماس والجهاد بمعزل عن التطبيع..
الثالثة.. تصعيد “نتنياهو” لأسطوانة أنه صدّق على خطة لاجتياح “رفح” وهذا ما يردده منذ شهرين أو أكثر..
دعونا نتجاوز فرضية أن هذا من باب الاستعمال لتكثيف الضغوط، فهل اجتياح “رفح” سينهي المقاومة والنضال الفلسطيني كما يزعم نتنياهو؟..
المقاومة ترفض الاجتياح وترفض أكثر الضغوط بتهديد الاجتياح ولنتنياهو أن يركب ما في رأسه، فالقضية الفلسطينية لن تنتهي لا بتهديد ولا باجتياح بل أن المقاومة ستصبح أقوى ومحور المقاومة بات يتبلور إلى قوة إقليمية، وتذكروا ما كان العدو الصهيوني يطرحه عن حزب الله في حرب 2006م وما وصل إليه حزب الله من قوة الآن وقد بات يهدد الكيان الصهيوني ولم يعد يبتز بأي تهديد!!.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
المتصهينون العرب وانتصار المقاومة الفلسطينية
يأبى الطابور الخامس من المتصهينين العرب إلا أن يعكر بادعاءاته صفو لحظة انتصار المقاومة وتحقيق معركة طوفان الأقصى لأهدافها الاستراتجية والمرحلية كاملة وهو ما تؤكده علوم الحرب والتخطيط الاستراتيجي والوقائع على الأرض ونضالات الشعوب من أجل التحرر وأهل الاختصاص وأصحاب العقول المتحررة من وهم تفوق الغرب وما أظهرته لحظات اليوم التالي عند بداية تبادل الأسرى.
فهل ما حصل يعد نصرا بالفعل أم هو غير ذلك؟ وما هي الانعكاسات الاستراتجية والظرفية التي سيخلفها بعد اتفاق الهدنة؟ ولماذا يولول المتصهينون العرب أكثر من الصهاينة أنفسهم؟ وما مدى مصداقية ما يدعونه؟
للحكم على ما حصل في معركة طوفان الأقصى من حيث انطلاقتها وأداء المقاومة أثناءها وجرائم الإبادة الموصوفة التي ارتكبها الكيان الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني بغزة والتي تحولت إلى محرقة العصر وتجاوزت الهلكوست الذي مارسه الغرب في حق أجدادهم.
تختلف معارك التحرير وجولاتها عن الحروب النظامية فالخسائر لا تقتصر على المادية منها والبشرية فهناك خسائر أخرى معنوية واستراتجية معيارها الأساسي مدى التقدم نحو الهدف المتمثل في إنهاء الاحتلال والتحرير الشامل.فلا بد من الاحتكام لمعايير محددة باتت معلومة في العلوم العسكرية والتخطيط الاستراتيجي.
ـ وضع القضية قبل المعركة وبعدها:
لقد كانت القضية الفلسطينية على حافة تصفية يريدها العدو وداعموه والمتواطئون معه من الأعراب نهائية بفرض مشروع الشرق الأوسط الجديد بالقوة الصلبة والناعمة عبر التطبيع واتفاقيات إبراهام ومزيد تفتيت دول المنطقة وتجزئتها لصالح هيمنة الكيان.
ـ طبيعة المعركة وأهدافها:
هي معركة بين قوة احتلال استيطاني غاشم وقوة مقاومة مطاردة ومحاصرة مع حاظنتها الشعبية وهذا الوضع يختلف جوهريا عن الحروب النظامية وهي أيضا ليست معركة تحريك لجلب الانتباه وتثبيت دور طرف دولي أو إقليمي كما حصل في حرب 1973 رغم أهمية الانجاز العسكري للجيش المصري. كما أنها ليست معركة تحرير فلسطين بالكامل إنما أطلقتها المقاومة لإعادة طرح القضية خارج سياق التطبيع والتصفية النهائية والتقدم بها خطوة نحو التحرير.
ـ معايير النصروالهزيمة:
تختلف معارك التحرير وجولاتها عن الحروب النظامية فالخسائر لا تقتصر على المادية منها والبشرية فهناك خسائر أخرى معنوية واستراتجية معيارها الأساسي مدى التقدم نحو الهدف المتمثل في إنهاء الاحتلال والتحرير الشامل.
إن التقدير الموضوعي والعقلاني لا يمكن أن يغفل عن النقلة النوعية التي أحدثتها معركة طوفان الأقصى نحو إنهاء الاحتلال والتحرير الشامل لفلسطين وهو نصر للقضية في حدود ما تتطلبه المرحلة حيث دقت المقاومة الفلسطينية آخر مسمار في نعش الكيان الغاصب كما يقال الذي حولته معركة طوفان الأقصى إلى عبء على شركائه الغربيين وخاصة أمريكا وأحدثت داخله زلزالا عسكريا وميدانيا بمعية جبهات إسنادها من لبنان واليمن والعراق وزلزالا معنويا تمظهر في الهجرة العكسية والرعب النفسي والتفكك الاجتماعي وزلزالا اقتصاديا بتعطل نسبة هامة من القطاعات والمرافق الحيوية .
وقد وضعت المعركة القضية على طاولة البحث عن حل مرحلي عادل لم تتبلور إلى الآن معالمه ولن يكون مثل الحلول والاتفاقيات السابقة لأن المفاوض يختلف عن سابقيه.
وكما وحدت المعركة الجبهة الفلسطينية بين غزة والقدس والضفة وبين الداخل والخارج وحشدت الرأي العام الدولي الحر ضد الكيان وعرت دول الغرب والنظام الدولى وكشفت زيف التزامها القيم والمبادىء التي تعلنها وأسقطت ورقة التوت عن عدد لا بأس به من الأنظمة العربية وفضحت الطابور الخامس من المتصهيين العرب وأكدت أن من يملك الميدان يملك القرار والمبادرة، وهو ما تترجم في كيفية تسليم أسرى المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة الذي أكد أن غزة هي حماس وحماس هي غزة، كما عبر عن ذلك كبار صناع الرأي في الكيان وأن اليوم التالي لن يكون إلا فلسطينيا في صالح القضية والمقاومة ولا موقع فيه للخونة المطبعين رافعي أسلحتهم في وجه أبناء شعبهم.
ومع ذلك تتعالى الأصوات وتنعق بعدم انتصار المقاومة ويذهب بعضها إلى القول بأنها قد جنت على غزة وشعبها بما حصل من إبادة وتدمير وأن المدخل الوحيد لحل القضية الفلسطينية هو السلام الدائم مع إسرائيل على قاعدة القرارات الأممية.
لقد حققت المقاومة الفلسطينية مدعومة بحزب الله والحوثيين في اليمن والمقاومة العراقية وأحرار الأمة الإسلامية وأحرار العالم انتصارا تاريخيا في جولة مهمة من جولات الصراع مع المشروع الصهيوني الاستيطاني الغاصب تمهيدا لجولات أخرى على طريق تحرير الأقصى ولا عزاء للمطبعين المتصهينين العرب وغير العرب..وهي أصوات تختلف في منطلقاتها وتلتقي في مخرجاتها، فمنها من يفعل ذلك شفقة وحرصا ويفلسفه ببعض الأدلة والشواهد الدينية وغيرها مجتزأة ومؤولة تأويلا خاطئا مبتذلا مثل قول أحدهم "جاهد بالسنن يا أبا عبيدة" ومنها من يفعل ذلك كرها وحقدا وخدمة للكيان الغاصب ووكلائه في المنطقة من أنظمة الاستبداد والفساد .
وفي كل الأحوال فقد غاب عن هؤلاء المتصهينين أن رد الاعتداء لا يتم إلا بالمقاومة وتلك سنن التاريخ وأصل الوجود الإنساني "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم"، صدق الله العظيم. ورغم أن القتال تكرهه النفس البشرية فقد كتبه الله على عباده في مثل هذه الحالات "كتب عليكم القتال وهو كره لكم" صدق الله العظيم فلا أحد يرغب بالقتل والدمار ولكن من غير المنطقي أن يكون رد الاعتداء دون خسائر مادية فقد قدمت الثورة الجزائرية مليون شهيد ظريبة للتحرر الوطني وكل ثورات التحرير كذلك من فتنام الى جنوب افريقيا .
أما السلام فمن المؤسف أن يحاجج به البعض بعد أن تبخر مع رفض الشهيد أبو عمار ياسر عرفات تسليم القدس للكيان وبعد أن تحول إلى وهم وسراب يلهث وراءه المطبعون حتى إذا جاؤوه وجدوه استسلاما وخضوعا وخنوعا. فمن يصدق أن الكيان الصهيوني سيقبل بقيام دولة فلسطينية بجانبه حتى وإن كانت منزوعة السلاح؟
لقد حققت المقاومة الفلسطينية مدعومة بحزب الله والحوثيين في اليمن والمقاومة العراقية وأحرار الأمة الإسلامية وأحرار العالم انتصارا تاريخيا في جولة مهمة من جولات الصراع مع المشروع الصهيوني الاستيطاني الغاصب تمهيدا لجولات أخرى على طريق تحرير الأقصى ولا عزاء للمطبعين المتصهينين العرب وغير العرب.. "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ".
*كاتب تونسي