" الوزراء" يستعرض مخاطر التلوث البلاستيكي وأبرز السياسات المقترحة للحد من الأخطار
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلًا معلوماتيًا حول التلوث البلاستيكي، أوضح خلاله أن استخدام البشرية للبلاستيك قد نما بشكل ملحوظ منذ خمسينيات القرن الماضي، وفي هذه الآونة يوجد تسعة ملايين شخص يعملون في إنتاج البلاستيك ومعالجته في جميع أنحاء العالم، وعلى الرغم من أن البلاستيك يمتاز بخفة وزنه وبأسعاره المعقولة، فإن المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد – أي المنتجات التي يتم استخدامها مرة واحدة فقط قبل أن تتحول إلى نفايات - تُشكل مخاطر جمة تؤثر على كلٍّ من البيئة وصحة الأفراد واقتصاديات الدول.
وأوضح التحليل أن انتاج العالم في المتوسط من البلاستيك سنويًّا يبلغ 430 مليون طن؛ ويُستخدم ثلثا هذا الإنتاج في المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، ويتسرب ما بين 19 إلى 23 مليون طن من النفايات البلاستيكية إلى النُظم البيئية المائية سنويًّا. ونتيجة لذلك من المُتوقع أن يرتفع مستوى النفايات البلاستيكية التي تتم إدارتها بشكل خاطئ ليصل إلى 90٪ تقريبًا بحلول عام 2040، وذلك وفقًا لتقرير الصندوق العالمي للطبيعة "World Wide Fund for Nature" كما من المُتوقع أن يتضاعف التلوث البلاستيكي ثلاث مرات بحلول عام 2060 إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة.
وعلى الرغم من وجود أدلة واضحة على المخاطر التي تُهدد البيئة والمجتمع على حد سواء، فإن إنتاج المنتجات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد ما زال مستمرًا. ووفقًا لبيانات البنك الدولي، يتم حرق نحو 93% من النفايات أو التخلص منها في الطرق أو الأراضي المفتوحة أو المجاري المائية في الدول منخفضة الدخل، مقارنةً بنسبة 2% فقط في الدول مرتفعة الدخل، بالإضافة إلى تقديرات برنامج الأمم المتحدة للبيئة لعام 2023، والتي أشارت إلى أن النفايات البلاستيكية لها تأثير سلبي ملحوظ على الفئات المهمشة حول العالم؛ حيث يفتقر نحو 4 مليارات شخص إلى مرافق التخلص من النفايات الخاضعة للرقابة، كما تُشير البيانات إلى أن نحو 931 مليون طن من الطعام يتعرض للهدر أو الفقد جراء تأثير هذه النفايات البلاستيكية، وهو الأمر الذي يُفاقم من مخاطر انعدام الأمن الغذائي على الصعيد العالمي.
استعرض المركز في تحليله التفاوتات الهيكلية بين الدول في سلسلة القيمة العالمية للمنتجات البلاستيكية، حيث إن الدول ذات الدخل المرتفع -التي عادة ما يكون لها تأثير أكبر على إنتاج وتصميم المنتجات البلاستيكية عالية المخاطر- تتمتع بقدرة كبرى على إدارة أو تصدير نفاياتها البلاستيكية والتخفيف من آثار التلوث البلاستيكي داخل حدودها. وعلى النقيض، تعاني الدول منخفضة ومتوسطة الدخل من عدم القدرة على التخلص من النفايات البلاستيكية المتزايدة، والتي يصعب إعادة تدوير معظمها، في ظل التأثير الضعيف لتلك الدول على هياكل الإنتاج والاستهلاك العالمية. ونتيجة لذلك، فإن الدول منخفضة ومتوسطة الدخل تتحمل حصة غير متناسبة من تكاليف التلوث البلاستيكي.
وفي هذا السياق، أوضح تقرير صادر عن "الصندوق العالمي للطبيعة" حجم التفاوتات في توزيع تكاليف التلوث البلاستيكي في مختلف دول العالم، والتي ترتفع قيمتها في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل بمقدار 8 مرات مقارنةً بنظيرتها من الدول ذات الدخل المرتفع. وعلى صعيد الدول منخفضة الدخل بالأخص، ترتفع التكلفة إلى أكثر من 10 أضعاف مثيلتها في الدول ذات الدخل المرتفع.
وتجدر الإشارة إلى أنه مع استمرارية نمو حجم البلاستيك الُمنتَج والمُستهلَك على مستوى العالم، فإن ذلك من شأنه أن يُشكل عبئًا على الدول منخفضة ومتوسطة الدخل؛ لا سيما أنها تفتقر إلى البنية التحتية لإدارة المستويات الحالية من النفايات البلاستيكية بشكل آمن، علاوة على ذلك، تواجه هذه الدول تكاليف باهظة لتطوير وتحديث البنية التحتية لإدارة النفايات، والتي تُقدر بنحو 26 مليار دولار سنويًّا.
أضاف تحليل المركز أن عدم وجود آلية لتقاسم المساءلة عن تكاليف التلوث البلاستيكي هو أمر في غاية الخطورة؛ فنجد أن الدول منخفضة ومتوسطة الدخل هي الأكثر تأثرًا بعواقب قرارات إنتاج البلاستيك العالمية، ومع ذلك لا يتم تعويضها عن هذه الآثار من قبل الشركات والدول التي تنتج المواد البلاستيكية. بالإضافة إلى عدم قدرة الدول منخفضة ومتوسطة الدخل على التأثير على عمليات صنع القرار الإنتاجي.
وتناول التحليل بعض القطاعات الاقتصادية التي تُعَد مصدراً من مصادر النفايات البلاستيكية عالميًّا؛ ومنها:
قطاع التعبئة والتغليف: حيث يُعَد قطاع التعبئة والتغليف من أكبر القطاعات المُولدة للنفايات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد عالميًّا، وجدير بالذكر أن ما يقرب من 36% من إجمالي المواد البلاستيكية المُنتجَة يتم استخدامها للتغليف؛ ويشمل التغليف حاويات المواد الغذائية والمشروبات ذات الاستخدام الواحد، ويُصنَف نحو 85% منها كنفايات خطرة.
قطاع التصنيع: توجد المواد البلاستيكية في مختلف المنتجات الاستهلاكية بدءًا من السيارات ومرورًا بالإلكترونيات والأجهزة الطبية وألعاب الأطفال وغيرها. وتجدر الإشارة إلى أن المواد البلاستيكية المستخدمة في صناعة السلع الاستهلاكية تتسبب في أضرار بيئية تُقدر بنحو 75 مليار دولار سنويًّا.
قطاع الطاقة: تُعَد الشركات المختصة بالطاقة من أكبر الملوثين البلاستيكيين عالميًّا؛ حيث يتم تصنيع المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد من الوقود الأحفوري. وكذا يُمثل إنتاج المواد البلاستيكية حوالي 3.4% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية. ومن المتوقع أن تزداد هذه النسبة مع قيام شركات البتروكيماويات بتحويل منتجاتها لتستخدم المواد البلاستيكية بديلًا عن الطاقة.
مصايد الأسماك: تُشكل معدات الصيد الصناعية وحدها خطورة جسيمة؛ حيث يدخل أكثر من 45 مليون كيلوجرام من المواد البلاستيكية في المحيطات من هذه المعدات؛ مما يتسبب في التأثير على حياة الكائنات البحرية والتنوع البيولوجي وزيادة معدلات التلوث في المحيطات بالجسيمات البلاستيكية الدقيقة.
قطاع السيارات: تدخل المواد البلاستيكية في صناعة أجزاء من السيارات بنسبة تقارب 30%، ونظرًا لأن هذه المواد البلاستيكية مصنوعة من بوليمرات خام منخفضة التكلفة، يتم تخريد السيارات في مقابل الحصول على مكونات معدنية أو إلكترونية ذات قيمة.
قطاع البناء والتشييد: تدخل المواد البلاستيكية في مكونات العديد من مواد البناء الشائعة بصورة جلية كالأرضيات والدهانات والأنابيب، لذا تنتج صناعة المواد والتشييد ما يقرب من 100 مليار طن من النفايات.
قطاع السياحة: تُعَد السياحة مساهمًا كبيرًا في أزمة التلوث البلاستيكي العالمية؛ حيث تمتلئ العديد من الفنادق بالأدوات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، فضلًا عن قيام السفن السياحية بإلقاء كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي المحملة بالجسيمات البلاستيكية في البحار. ويترتب على ما سبق؛ وجود 8 ملايين طن من المواد البلاستيكية تدخل للمحيطات سنويًّا.
قطاع المنسوجات: يغلب على المواد المستخدمة في صناعة الملابس المواد البلاستيكية؛ حيث مثَّلت نسبة المواد البلاستيكية المستخدمة في هذا القطاع ما يقرب من 60% من إجمالي المواد المستخدمة في صناعة الملابس.
قطاع الزراعة: تُستخدَم المواد البلاستيكية على نطاق واسع في الزراعة والأنظمة الزراعية؛ حيث يدخل نحو 12.5 مليون طن من المنتجات البلاستيكية في الإنتاج النباتي والحيواني، وما يقرب من 37.3 مليون طن في تغليف المواد الغذائية سنويًّا.
وقدَّم مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء مجموعة السياسات المقترحة للحد من التلوث البلاستيكي، مشيراً إلى أن هناك حاجة ماسة لتعزيز الجهود من أجل الحد من التلوث البلاستيكي والتركيز على معالجة الأسباب الجذرية له في مختلف مراحله؛ بدايةً من الإنتاج ومرورًا بالتصميم ثم إدارة النفايات، وتتمثل أبرز هذه السياسات المُقترحة في الآتي:
-ضرورة عمل الحكومات على تطوير حوافز اقتصادية واجتماعية في مرحلة التصميم؛ لتشجيع المنتجين على أن يصبحوا أكثر مسؤولية عن التكاليف البيئية لمنتجاتهم. فدعم المستخدمين على نطاق واسع، على سبيل المثال: محلات التجزئة ومورديها، للقضاء على العبوات البلاستيكية أو تقليلها أو استبدالها أو إعادة استخدامها، وكذا إدخال اللوائح الفنية والقانونية في مجالات مثل "المسؤولية الموسعة للمنتجين"، يمكن أن يُسهما في تفادي الآثار الضارة للنفايات البلاستيكية على البيئة.
-تحفيز الاستثمارات الذكية في البلاستيك من خلال استحداث آليات تحفيزية وأدوات اقتصادية مُبتكرة على غرار دعم الابتكار والتمويل لتسريع عملية الانتقال إلى اقتصاد إعادة التدوير وخلق طلب في السوق المحلية على المنتجات البلاستيكية الُمعاد تدويرها، لتصبح منتجات ذات قيمة مضافة عُليا، وكذا تحديد الاستثمارات في أهم القطاعات الاقتصادية المختلفة التي من شأنها الحد من النفايات البلاستيكية.
-العمل على تحسين أنظمة إدارة النفايات الحالية، والتي تساعد في وقف تسرب النفايات البلاستيكية إلى الطبيعة. ولقد أظهر التعاون بين الأمم المتحدة والصين وكوريا الجنوبية تقدمًا في تنظيف النفايات البحرية في البحر الأصفر؛ وخاصة الحطام البلاستيكي، كما تم وضع برامج إعادة شراء النفايات التي تم انتشالها، وتم استبدال عوامات قابلة للتحلل بعوامات الستايروفوم المصنوعة من أحد أنواع البلاستيك.
-ضرورة التركيز على أن تصبح جميع المواد البلاستيكية جزءًا من الاقتصاد الدائري، من خلال تضمين هذا النهج في بداية مرحلة التصنيع، وتشجيع تصميمات المنتجات المستدامة بمواد يمكن إعادة استخدامها وإعادة تدويرها بشكل فعال.
وأوضح تحليل المركز في ختامه أن إدارة التلوث البلاستيكي تُعد أمرًا حاسمًا للتغلب على الخسائر الضخمة التي تتكبدها الدول والمجتمعات؛ وهذا ما يسترعي تشجيع العمل الجماعي على جميع الأصعدة بغية تقليل التلوث والنفايات جنبًا إلى جنب مع زيادة الوعي بإطلاق العديد من المبادرات الرامية إلى التخلص من هذه النفايات، وكذا تعزيز دورها في إدراك أهداف التنمية المستدامة. والجدير بالذكر أن تعزيز مبادرات التخلص من النفايات البلاستيكية والقضاء على الهدر من شأنه أن يُسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، بما في ذلك تحقيق الهدف 11 بشأن جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة، وكذا الهدف 12 بشأن ضمان وجود أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة. وتجدر الإشارة إلى أنه دون بذل جهود عالمية منسقة لتقليل كمية النفايات البلاستيكية المتولدة، ستظل العديد من الدول محملة بعبء التلوث البلاستيكي بشكل غير متساوٍ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: البلاستیکیة ذات الاستخدام الواحد من النفایات البلاستیکیة المواد البلاستیکیة فی المنتجات البلاستیکیة التلوث البلاستیکی البلاستیکیة ا المستخدمة فی ما یقرب من العدید من التخلص من فی صناعة فی الدول ملیون طن التی ت من الم إلى أن
إقرأ أيضاً:
انطلاق فعاليات المؤتمر السنوي لجمعية السياسات العامة والإدارة في الشرق الأوسط.. صور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
انطلقت فعاليات المؤتمر السنوي لجمعية السياسات العامة والإدارة في الشرق الأوسط (AMEPPA) الذي تحتضنه الجامعة الأمريكية بالقاهرة، على مدار يومي 21 و22 ديسمبر الجاري، تحت عنوان "الإدارة العامة والسياسات العامة في ظل مستقبل متغير: نحو تبني نهج استراتيجي وابتكاري ومرن"، وهو المؤتمر الذي يأتي نتيجة للتعاون المثمر بين مشروع الحوكمة الاقتصادية الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، وكلية الشؤون الدولية والسياسات العامة بالجامعة الامريكية بالقاهرة.
ويهدف المؤتمر إلى مناقشة التحولات الكبرى في الإدارة والسياسات العامة بالمنطقة، ويسعى لتقديم رؤى مبتكرة حول كيفية التعامل مع التحديات الناشئة في الإدارة العامة، واستخدام التقنيات الحديثة والابتكار لتطوير حلول فعّالة ومستدامة لمستقبل الإدارة العامة، ويشهد المؤتمر مشاركة نخبة من الخبراء والممارسين وصناع القرار من مختلف أنحاء العالم، إلى جانب مسؤولين حكوميين وأكاديميين بارزين، ومن المقرر أن يشمل المؤتمر كلمات رئيسية، وجلسات نقاشية، وأبحاثًا متخصصة حول مواضيع الابتكار والحوكمة والتنمية المستدامة.
وقد انطلقت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بكلمات ترحيبية من قادة المؤتمر، حيث قالت الدكتورة ليلى البرادعي – رئيسة الجمعية السياسات العامة والإدارة في الشرق الأوسط (AMEPPA) وأستاذ ورئيس قسم السياسة العامة والإدارة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة: "يسعدنا أن نرحب بالعديد من الشخصيات المرموقة من المنطقة وخارجها، جميعهم مهتمون بمجال الإدارة العامة والسياسات العامة، وهو العنوان الذي اخترناه لمؤتمرنا هذا العام، والذي يُعقد بالشراكة مع مشروع الحوكمة الاقتصادية (EGA) الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، ونشكرهم على ذلك، وبالنسبة لأولئك الذين ينضمون إلينا لأول مرة، هي منظمة غير ربحية مكرسة لخدمة المصلحة العامة وإلهام التميز المهني في منطقة الشرق الأوسط. تأسست في عام 2018، ومنذ ذلك الحين، تعمل كمنصة حيوية للأكاديميين والمحترفين وصناع السياسات في المنطقة للمشاركة في بحوث أكاديمية رصينة وتحليل سياسات مبتكر، وتشمل مهمتها تعزيز التميز في الإدارة العامة والسياسات العامة والتعليم والبحث في منطقة الشرق الأوسط، من خلال طرق تعليم مبتكرة وأبحاث ذات تأثير، وتسهيل تبادل المعرفة والدعوة إلى اتخاذ قرارات سياسية مبنية على الأدلة، وتسعى المنظمة دائمًا للمساهمة في التنمية الإقليمية، ودعم تطوير شرق أوسط أكثر عدلاً وإنصافًا وازدهارًا، من خلال تعزيز مبادئ الحوكمة الجيدة والديمقراطية والتنمية المستدامة."
ومن جانبها، قالت الدكتورة نهى المكاوي - عميد كلية الشؤون العالمية والسياسات العامة (GAPP): "من الضروري تناول موضوعات تتعلق بالتغيرات الضخمة التي تشهدها المنطقة، والتي تحمل في طياتها فرصا وتحديات هائلة، خاصة وأن المنطقة تواجه تحولات غير مسبوقة، تتطلب استجابة مناسبة من الدولة والمجتمع، وأن الالتزام بالعقد الاجتماعي هو ما سيقوي العلاقة بين المواطن والدولة، والمنطقة ليست خالية من نماذج مبتكرة من الإدارة العامة والسياسة العامة، وعلينا مناقشة هذه النماذج الجيدة، كما أنه من الضروري أن يتم التعاون الإقليمي وفتح الأبواب للتجارب العالمية، وهو ما يمثل رؤية الكلية في الانفتاح على التجارب الجيدة مع التركيز على العدالة والشمولية في السياسات العامة والإدارة العامة".
وفي كلمته، أشار الدكتور أحمد دلال، رئيس الجامعة الأمريكية بالقاهرة، إلى دور الجامعة في دعم الابتكار: "تواجه المؤسسات في الشرق الأوسط تحديات سياسية واجتماعية واقتصادية وبيئية معقدة، ولكن وسط هذه التحديات تكمن فرص للتقدم نحو التنمية المستدامة من خلال تبني سياسات مبتكرة وشاملة ونهج شامل للحكم، ويمكن للتقدم التكنولوجي أن يعزز عملية اتخاذ القرار، ويزيد من الكفاءة، ويحسن تقديم الخدمات العامة، ومع ذلك، يجب دمج هذه التقنيات مع العدالة والشفافية والإشراف البشري وآليات التحكم، كما يجب أن تصبح المؤسسات أكثر مرونة واستجابة للاحتياجات المتغيرة بسرعة، مع دمج الاستدامة في السياسات العامة وبناء المرونة للتكيف مع الصدمات الاقتصادية".
أما شون جونز، مدير بعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في مصر، فقال: "نواجه اليوم تحديات هائلة على مختلف الأصعدة، سواء كانت سياسية، اقتصادية، اجتماعية، بيئية، أو حتى تكنولوجية، كذلك نلاحظ أن التكنولوجيا تتطور بوتيرة غير مسبوقة، مما يؤثر على كيفية إدارة البيانات وتوظيفها لدعم القرارات، فالتغيرات البيئية تزيد من صعوبة تحقيق الازدهار المستقبلي وتفرض على الدول تحديات كبيرة في توفير الأمن الغذائي، التعليم، والخدمات الصحية، فمن خلال هذا المؤتمر، نهدف إلى تعزيز الحوكمة القائمة على البيانات والابتكار، والتصدي للتحديات عبر سياسات عامة جريئة وعملية، ويتطلب ذلك شجاعة من صانعي السياسات لاتخاذ قرارات تتجاوز الخيارات السهلة وتحقيق العدالة والمساءلة والمشاركة الفعالة، ونحن ملتزمون بدعم الجهود المصرية في تحسين الإدارة العامة من خلال استراتيجيات مبتكرة تشمل تطوير الكفاءات، إنشاء وحدات المراجعة الداخلية والحوكمة، وتعزيز الشفافية والكفاءة في العمل الحكومي".
وقال الدكتور أحمد طنطاوي - مستشار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ورئيس مركز الابتكار التطبيقي في الكلمة التي ألقاها نيابة عن الدكتور عمرو طلعت – وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات: "نهدف لتعزيز استخدام التقنيات الناشئة، وخاصة الذكاء الاصطناعي، في تحقيق الأهداف الهامة للأمة، كل محافظة في العالم لديها وظائف أساسية تتجاوز مجرد تقديم الخدمات، مثل الرعاية الصحية، التعليم، والتنمية الاقتصادية، لكن هناك نقصًا في الأنشطة داخل القطاع العام تتعلق بتطوير هذه الخدمات باستخدام التكنولوجيا، لذا فنحن نحاول تأسيس كيان ضمن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للقيام بذلك بأنفسنا، فعلى سبيل المثال، قمنا بتطوير حل قائم على الذكاء الاصطناعي للكشف عن اعتلال الشبكية السكري، ونجحنا في فحص 12 ألف مواطن مصري مصاب بالسكري، فالابتكار يؤثر بشكل كبير على كيفية صنع السياسات العامة وتنفيذها".
ومن جانبها، قالت الدكتورة رانيا المشاط - وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، خلال كلمتها الافتراضية: "من بين المبادرات البارزة، مشروع الحوكمة الاقتصادية الذي تموله الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ويستمر من 2023 حتى 2030، إذ يجسد هذا المشروع روح التعاون من خلال تعزيز الحوكمة الاقتصادية، خصوصًا الإصلاحات التي تتماشى مع رؤية مصر 2030 والاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وقد حقق البرنامج إنجازات ملموسة مثل: إطلاق "كمت"، أول روبوت محادثة مدعوم بالذكاء الاصطناعي في الخدمة المدنية، لتعزيز الشفافية وتوفير الوصول الفوري إلى المعلومات القانونية، وتقديم إطار عمل أولي لاستراتيجية الإصلاح الإداري العامة الوطنية، وتعزيز مراقبة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد باستخدام أدوات إلكترونية لإدارة الأداء، وتطوير دورات تدريبية رقمية للخدمة المدنية تركز على المهارات الإدارية والأخلاقيات والمساواة بين الجنسين، ودعم احتضان الشركات الناشئة لخلق فرص عمل جديدة وتسليط الضوء على دور ريادة الأعمال في النمو الاقتصادي، وإطلاق برامج إرشادية للنساء العاملات في الخدمة المدنية، ما يعزز من دورهن كقادة جدد، ويتماشى هذا التقدم مع جهود الوزارة لدعم إصلاح الإدارة العامة وتعزيز الأثر الإيجابي للمبادرات المدفوعة بالابتكار".
وفي كلمته قال الدكتور صالح الشيخ، رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة في مصر، حول "إصلاحات الإدارة العامة في مصر: الطريق نحو المستقبل"، والتي تحدث فيها على دور الحكومة الحيوي في تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين، مشددا على أهمية الإصلاح الإداري لتحقيق مستوى أفضل من الخدمات الحكومية، وأوضح أن المؤتمر يمثل فرصة هامة للاطلاع على أفضل الممارسات العالمية، مما يسهم في تسليط الضوء على التحديات التي تواجه الجهاز الإداري، مثل التشريعات وتداخل أنشطة المؤسسات الحكومية، وأشار إلى أن تطوير الإطار التقني وخطة الإصلاح الإداري يعدان من الأسس لتحقيق التنمية المستدامة وفق رؤية 2030، كما أكد على أهمية تحقيق تطور إداري فعال ومُحكَم يسهم في الدور التنموي للدولة، من خلال إصلاح تشريعي شامل وتطوير قانون الخدمة المدنية، بالإضافة إلى تعزيز القدرات المؤسسية والتعامل الفعال مع البيانات، فهذه الإصلاحات ليست مجرد خطوات إدارية، بل هي ضرورة لتحقيق تحول حقيقي في كيفية تقديم الخدمات الحكومية وتحسين حياة المواطن المصري.
انطلقت فعاليات المؤتمر بجلسة نقاشية افتتاحية تحت عنوان "تعزيز مبادرات الحوكمة في مصر"، والتي شهدت مشاركة نخبة من الخبراء وصنّاع القرار في مجال الحوكمة والإصلاح الإداري. ضمّت الجلسة الدكتور أحمد درويش، وزير الدولة للتنمية الإدارية الأسبق، واللواء خالد عبد الحليم، محافظ قنا، واللواء عصام زكريا، رئيس قطاع التخطيط الاستراتيجي بهيئة الرقابة الإدارية، وأدار الجلسة الدكتور خالد زكريا أمين، أستاذ السياسات العامة والمستشار الرئيسي لمشروع الحوكمة الاقتصادية الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID). تناولت الجلسة أبرز الجهود والمبادرات الوطنية التي تهدف إلى تعزيز الحوكمة وتحقيق التنمية المستدامة من خلال تطوير الأداء الحكومي وبناء مؤسسات فعّالة تدعم الشفافية والكفاءة.
الجدير بالذكر ، أن المؤتمر يأتي في إطار جهود مشروع الحوكمة الاقتصادية (EGA) الذي يُنفذ بتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) ، ويهدف إلى دعم مناخ الاستثمار في مصر من خلال تعزيز الحوكمة الاقتصادية، وتحسين التنمية المؤسسية والإدارية، بما يتماشى مع استراتيجية التنمية المستدامة لمصر 2030 ورؤية الإصلاح الإداري، ويركز المشروع على تعزيز إصلاحات الحوكمة من خلال تطوير نماذج جديدة لتقديم الخدمات، وتحسين الكفاءة المؤسسية لضمان استجابة أكبر لاحتياجات المواطنين والقطاع الخاص، وبالتالي دعم المناخ الاستثماري في مصر، وتشمل أهداف المشروع: تعزيز إصلاحات الحوكمة الاقتصادية، وتحسين قدرات المؤسسات العامة على الأداء، وتطوير وتنفيذ نماذج مبتكرة لتقديم الخدمات العامة.