الرد على (إسرائيل) .. إيران تلجأ لتبريد الشارع بـ دعاية الصبر
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
سرايا - تؤشر القراءة في وسائل الإعلام الإيرانية، بجانب تصريحات المسؤولين الإيرانيين، إلى أن طهران ستتمسك بسياسة "الصبر الإستراتيجي" في ردها على قصف قنصليتها في دمشق، بما تقتضيه مصالح السلطة، وليس مجرد التركيز على رد الاعتبار أمام الآخرين، وفق خبراء.
وتواصل الصحف الإيرانية تغطية واقعة قصف قنصلية إيران في دمشق الذي وقع، الإثنين الماضي، واتهمت طهران تل أبيب بالوقوف وراءه، وقُتل فيه أكثر من 10 أشخاص، بينهم 7 عسكريين إيرانيين، على رأسهم محمد رضا زاهدي، قائد عمليات فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، في سوريا ولبنان، ونائبه محمد هادي هاجرهيمي.
الخطوط العريضة للصحف سارت في اتجاهين، يعبران عن الغضب الشعبي من ناحية، والتوجه الرسمي من ناحية أخرى، فشملت:
قرع طبول المواجهة بين طهران وتل أبيب ونشر أجواء الحرب، والتركيز على تصريحات المسؤولين والمرشد الأعلى لإيران، علي خامنئي، الذي هدد برد "سيجعل (إسرائيل) تندم" على استهدافها للقنصلية وقتل قادة الحرس الثوري في سوريا.
الدعوات لضبط النفس وعدم الانجرار إلى التصعيد في الصراع مع (إسرائيل)؛ باعتبار أن قصف القنصلية قد يكون فخا لإثارة غضب إيران، وتهديد استقرارها الداخلي.
وفي عدد يوم الأربعاء من صحيفة "ستاره صبح"، التي كانت تحث الحكومة دائمًا على تجنب التورط في الحروب في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، يتضح تغيُّر في الموقف؛ حيث أعلنت أن إيران تقترب من مفترق حرب شاملة، مُستخدمة عبارة "إيران على بعد متر واحد من الحرب".
وانضمت صحيفة "همدلي" إلى هذا الرأي، مُشيرة في العنوان الرئيسي إلى "الاقتراب من ساعة الصفر".
في المقابل، حذرت صحيفة "اعتماد" ومحللوها السياسيون من "فخ" التورط في الحرب التي يريدها "العدو" الإسرائيلي، وقدمت مقترحات وحلولا "أكثر فاعلية" من الانخراط في الصراع المباشر.
أما صحيفة "جمهوري إسلامي"، فقد انتقدت ضعف الحراسة الأمنية للقيادات العسكرية الإيرانية في سوريا، رغم تعرض الكثير من الشخصيات الإيرانية للقتل في الأشهر الأخيرة منذ بدء حرب غزة أكتوبر الماضي، وطالبت بمراجعة جادة لمسألة الحراسة ونفوذ جواسيس (إسرائيل) الذين يسهلون الوصول إلى الأهداف الإيرانية في سوريا.
والحرس الثوري الذي سقطت الكثيرون منه في غارات منسوبة لـ (إسرائيل)، تم تأسيسه بعد قيام "الثورة الإيرانية" عام 1979، ومن مهامه تأسيس جماعات مسلحة في البلاد التي تستهدف إيران وضع قدم بها، ثم استخدامها في تنفيذ عمليات مسلحة وتجسس ضد خصومها في هذه الدول، أو في دول أخرى.
وقال الخبير في الشؤون الإيرانية وجدان عبد الرحمن لموقع "سكاي نيوز عربية"، ان التقارير في الصحف الإيرانية سواء الاصلاحية أو المتشددة، تهدف إلى تهيئة المواطن الإيراني لعدم جدوى توجيه ضربات عسكرية انتقامية، لأن النظام الإيراني يدرك بأنه لن يتجرأ على الدخول في حرب مع (إسرائيل) والولايات المتحدة الأميركية.
وفي هذا السياق، "تسعى التقارير الإعلامية في إيران إلى إرسال رسائل إلى الشارع الإيراني بعدم رفع سقف التوقعات، وأن أي رد عسكري انتقامي من طهران يشكل وقوعا في الفخ الإسرائيلي بجر إيران لحرب ليس لصالح الدولة او المواطن"، بحسب عبد الرحمن.
وأضاف "ومن المهم التأكيد على أن الاستراتيجية الإيرانية تعتمد بشكل رئيسي على الصبر وتجنب التصعيد، مع الحفاظ على مصالح طهران وليس مصالح حلفاءها".
في أحدث ردود الفعل الرسمية على قصف القنصلية، توعد المرشد الأعلى لإيران علي خامني، (إسرائيل) بـ"الهزيمة"، وقال خلال استقباله جمعا من كبار المسؤولين في حسينية الخميني، الأربعاء، إن ما وصفه بـ"الكيان الصهيوني" سيتلقى "الصفعة" جراء ما فعله في سوريا.
ورغم تهديدات الرد والانتقام التي أطلقها قادة الحرس الثوري والمسؤولين في طهران على الهجوم الذي استهدف القنصلية، إلا أن خبراء في الشأن الإيراني يشيرون إلى أن القادة الإيرانيين سيتبنون نظرية "الصبر الاستراتيجي" في التعامل مع هذه الحادثة.
ويُقدم الخبير في الشؤون الإيرانية، محمود جابر، تعريفا وتحليلا لهذه السياسة، قائلا:
المرشد الأعلى علي خامنئي، أمر الحرس الثوري والجيش الإيراني بتبني هذه السياسة منذ بداية هجمات حماس على (إسرائيل) وتصاعد التوتر.
هذه السياسة تتمثل في الامتناع عن تصعيد التوترات الإقليمية، الذي قد يؤدي إلى صراع مباشر مع (إسرائيل) أو الولايات المتحدة.
ومع ذلك، فالقيادة الإيرانية تواجه تحديًا في استمرار هذه السياسة، خاصة مع تزايد التكلفة الإستراتيجية والمخاطرة، سواء من خلال دعمها للجماعات الموالية لها في المنطقة أو من خلال تنفيذها للعمليات المباشرة.
الهجوم على القنصلية في دمشق قد لا يؤدي إلى حرب إقليمية مباشرة، ولكنه قد يسرع من حدوث مثل هذه السيناريوهات المحتملة.
يلفت الباحث المتخصص في شؤون الأمن القومي الإيراني فراس إلياس، إلى أن طهران ستُقيم ردها على أساس معادلة الربح والخسارة بالنسبة للنظام الحاكم، ويضيف موضحا:
إيران تدرك جيدًا أن المستهدف الحقيقي من هجمات (إسرائيل) هو النظام الإيراني نفسه، وليس فقط الحرس الثوري؛ وبالتالي فإنها تدرس خيارات الرد على هذه الهجمات وفقًا لهذه المعادلة.
في ظل هذه الظروف، فإن معايير الربح والخسارة لدى إيران تتحول، حيث تركز على الخيارات التي تخدم مصلحة النظام ونفوذه، بدلاً من مجرد رد الاعتبار أمام الأخرين.
ولذلك، فرغم التهديدات المتكررة بالرد والانتقام التي تطلقها طهران بشكل روتيني، إلا أن الاستراتيجية الحقيقية للنظام الإيراني ترتكز على الاستجابة بحسب المصلحة الوطنية والإقليمية.
وفي هذا السياق، فإن الرد الحقيقي من وجهة نظر إيران هو الرد الذي يعزز مكانتها ويحافظ على استقرارها الداخلي والإقليمي.
تقوم إيران بتحليل كل هجوم بدقة، وتقيم الخيارات المتاحة لها بناءً على النتائج المحتملة، والتداعيات السياسية والاقتصادية والأمنية.
وبالتالي، فإن الاستجابة قد تكون بشكل محدود ومحسوب، مع التركيز على تعزيز الدفاعات السيبرانية والعسكرية وتعزيز التحالفات الإقليمية.
والخلاصة، يُظهر تحليل الخبراء أن إيران تخطط لتبني "الصبر الاستراتيجي"، على أساس التحرك وفق معدلات الربح والخسارة، بما يستوعب غضب المطالبين بالانتقام من ناحية، وتخفيف التبعات الأمنية والاقتصادية والسياسية عليها في أي رد فعل تقوم به من ناحية أخرى.
إقرأ أيضاً : خبير عسكري: حرب غزة دخلت أخطر مراحلها وهذه ملامحهاإقرأ أيضاً : هآرتس العبرية: على "إسرائيل" أن تضع حدا لحربها في غزة الآنإقرأ أيضاً : ماذا كان يفعل ثلاثة جنود سابقين في الجيش البريطاني في غزة؟
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: إيران محمد سوريا محمد علي الحكومة إيران غزة إيران إيران إيران الدولة علي محمود علي المنطقة إيران إيران إيران إيران إيران المنطقة سوريا الحكومة الدولة الرأي القدس غزة علي حدا محمود محمد الحرس الثوری هذه السیاسة فی سوریا من ناحیة
إقرأ أيضاً:
آخر مستجدات قضية الفتاة الإيرانية المُتجرِّدة من ملابسها في طهران
طهران - رويترز
قالت متحدثة باسم الحكومة الإيرانية إن الطالبة التي خلعت ملابسها في جامعة إيرانية لا تمثل مشكلة أمنية لكنها "شخص مضطرب" يتلقى العلاج.
وخلعت الشابة ملابسها يوم السبت في جامعة آزاد الإسلامية في طهران وهو ما اعتبرته منصات التواصل الاجتماعي على نطاق واسع احتجاجا على قواعد الملبس الصارمة في إيران.
وقالت المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني اليوم الثلاثاء في أول رد فعل رسمي على ما حدث "بدلا من النظر إلى هذه القضية من خلال عدسة أمنية، فإننا ننظر إليها من خلال عدسة اجتماعية ونسعى إلى حل مشكلات هذه الطالبة باعتبارها شخص مضطرب".
وأضافت أن الشابة نقلت من مركز للشرطة إلى مركز علاج، لكنها لم تذكر نوع العلاج الذي ستتلقاه.
ولم يتسن لرويترز التعرف على هوية الشابة بشكل مستقل.
وأضافت مهاجراني على موقع الحكومة الإلكتروني على الإنترنت "من السابق لأوانه الحديث عن عودة هذه الطالبة إلى الجامعة. وفقا لفيديو نشره زوجها فإنها بحاجة إلى العلاج ويجب استكماله قبل اتخاذ الخطوات التالية".
وألقى الحرس الجامعي القبض على الشابة في الجامعة.
وقال أمير محجوب وهو متحدث باسم الجامعة على منصة إكس يوم السبت "في مركز الشرطة... تبين أنها تتعرض لضغط نفسي شديد وأنها تعاني من اضطراب نفسي".
وزاد عدد الإيرانيات اللائي يتحدين السلطات بخلع حجابهن بعد احتجاجات عمت البلاد إثر وفاة مهسا أميني، الشابة الكردية الإيرانية، في سبتمبر أيلول 2022 أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق بتهمة انتهاك قواعد الحجاب. وقابلت قوات الأمن الاحتجاجات بالعنف.
وقالت منظمة العفو الدولية يوم الأحد على منصة إكس إن شابة "اعتقلت بعنف في الثاني من نوفمبر بعد أن خلعت ملابسها احتجاجا على التطبيق المسيء للحجاب الإلزامي من مسؤولي الأمن في جامعة آزاد الإسلامية في طهران". ودعت المنظمة إلى الإفراج عن المرأة فورا.
وقالت وكالة أنباء تسنيم للأنباء شبه الرسمية أمس الاثنين إن من يتفاعلون على منصات التواصل الاجتماعي مع هذه الواقعة هم "نفس الحركة المناهضة لإيران التي قفزت على قضية مهسا أميني في 2022".
وذكر موقع خبر أونلاين غير الرسمي نقلا عن متحدث باسم الحكومة أن الشابة لا تواجه أي اتهامات جنائية.