سرايا - تؤشر القراءة في وسائل الإعلام الإيرانية، بجانب تصريحات المسؤولين الإيرانيين، إلى أن طهران ستتمسك بسياسة "الصبر الإستراتيجي" في ردها على قصف قنصليتها في دمشق، بما تقتضيه مصالح السلطة، وليس مجرد التركيز على رد الاعتبار أمام الآخرين، وفق خبراء.


وتواصل الصحف الإيرانية تغطية واقعة قصف قنصلية إيران في دمشق الذي وقع، الإثنين الماضي، واتهمت طهران تل أبيب بالوقوف وراءه، وقُتل فيه أكثر من 10 أشخاص، بينهم 7 عسكريين إيرانيين، على رأسهم محمد رضا زاهدي، قائد عمليات فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، في سوريا ولبنان، ونائبه محمد هادي هاجرهيمي.




الخطوط العريضة للصحف سارت في اتجاهين، يعبران عن الغضب الشعبي من ناحية، والتوجه الرسمي من ناحية أخرى، فشملت:

قرع طبول المواجهة بين طهران وتل أبيب ونشر أجواء الحرب، والتركيز على تصريحات المسؤولين والمرشد الأعلى لإيران، علي خامنئي، الذي هدد برد "سيجعل (إسرائيل) تندم" على استهدافها للقنصلية وقتل قادة الحرس الثوري في سوريا.

الدعوات لضبط النفس وعدم الانجرار إلى التصعيد في الصراع مع (إسرائيل)؛ باعتبار أن قصف القنصلية قد يكون فخا لإثارة غضب إيران، وتهديد استقرارها الداخلي.

وفي عدد يوم الأربعاء من صحيفة "ستاره صبح"، التي كانت تحث الحكومة دائمًا على تجنب التورط في الحروب في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، يتضح تغيُّر في الموقف؛ حيث أعلنت أن إيران تقترب من مفترق حرب شاملة، مُستخدمة عبارة "إيران على بعد متر واحد من الحرب".

وانضمت صحيفة "همدلي" إلى هذا الرأي، مُشيرة في العنوان الرئيسي إلى "الاقتراب من ساعة الصفر".


في المقابل، حذرت صحيفة "اعتماد" ومحللوها السياسيون من "فخ" التورط في الحرب التي يريدها "العدو" الإسرائيلي، وقدمت مقترحات وحلولا "أكثر فاعلية" من الانخراط في الصراع المباشر.


أما صحيفة "جمهوري إسلامي"، فقد انتقدت ضعف الحراسة الأمنية للقيادات العسكرية الإيرانية في سوريا، رغم تعرض الكثير من الشخصيات الإيرانية للقتل في الأشهر الأخيرة منذ بدء حرب غزة أكتوبر الماضي، وطالبت بمراجعة جادة لمسألة الحراسة ونفوذ جواسيس (إسرائيل) الذين يسهلون الوصول إلى الأهداف الإيرانية في سوريا.


والحرس الثوري الذي سقطت الكثيرون منه في غارات منسوبة لـ (إسرائيل)، تم تأسيسه بعد قيام "الثورة الإيرانية" عام 1979، ومن مهامه تأسيس جماعات مسلحة في البلاد التي تستهدف إيران وضع قدم بها، ثم استخدامها في تنفيذ عمليات مسلحة وتجسس ضد خصومها في هذه الدول، أو في دول أخرى.

وقال الخبير في الشؤون الإيرانية وجدان عبد الرحمن لموقع "سكاي نيوز عربية"، ان التقارير في الصحف الإيرانية سواء الاصلاحية أو المتشددة، تهدف إلى تهيئة المواطن الإيراني لعدم جدوى توجيه ضربات عسكرية انتقامية، لأن النظام الإيراني يدرك بأنه لن يتجرأ على الدخول في حرب مع (إسرائيل) والولايات المتحدة الأميركية.

وفي هذا السياق، "تسعى التقارير الإعلامية في إيران إلى إرسال رسائل إلى الشارع الإيراني بعدم رفع سقف التوقعات، وأن أي رد عسكري انتقامي من طهران يشكل وقوعا في الفخ الإسرائيلي بجر إيران لحرب ليس لصالح الدولة او المواطن"، بحسب عبد الرحمن.

وأضاف "ومن المهم التأكيد على أن الاستراتيجية الإيرانية تعتمد بشكل رئيسي على الصبر وتجنب التصعيد، مع الحفاظ على مصالح طهران وليس مصالح حلفاءها".

في أحدث ردود الفعل الرسمية على قصف القنصلية، توعد المرشد الأعلى لإيران علي خامني، (إسرائيل) بـ"الهزيمة"، وقال خلال استقباله جمعا من كبار المسؤولين في حسينية الخميني، الأربعاء، إن ما وصفه بـ"الكيان الصهيوني" سيتلقى "الصفعة" جراء ما فعله في سوريا.

ورغم تهديدات الرد والانتقام التي أطلقها قادة الحرس الثوري والمسؤولين في طهران على الهجوم الذي استهدف القنصلية، إلا أن خبراء في الشأن الإيراني يشيرون إلى أن القادة الإيرانيين سيتبنون نظرية "الصبر الاستراتيجي" في التعامل مع هذه الحادثة.

ويُقدم الخبير في الشؤون الإيرانية، محمود جابر، تعريفا وتحليلا لهذه السياسة، قائلا:

المرشد الأعلى علي خامنئي، أمر الحرس الثوري والجيش الإيراني بتبني هذه السياسة منذ بداية هجمات حماس على (إسرائيل) وتصاعد التوتر.

هذه السياسة تتمثل في الامتناع عن تصعيد التوترات الإقليمية، الذي قد يؤدي إلى صراع مباشر مع (إسرائيل) أو الولايات المتحدة.

ومع ذلك، فالقيادة الإيرانية تواجه تحديًا في استمرار هذه السياسة، خاصة مع تزايد التكلفة الإستراتيجية والمخاطرة، سواء من خلال دعمها للجماعات الموالية لها في المنطقة أو من خلال تنفيذها للعمليات المباشرة.

الهجوم على القنصلية في دمشق قد لا يؤدي إلى حرب إقليمية مباشرة، ولكنه قد يسرع من حدوث مثل هذه السيناريوهات المحتملة.

يلفت الباحث المتخصص في شؤون الأمن القومي الإيراني فراس إلياس، إلى أن طهران ستُقيم ردها على أساس معادلة الربح والخسارة بالنسبة للنظام الحاكم، ويضيف موضحا:

إيران تدرك جيدًا أن المستهدف الحقيقي من هجمات (إسرائيل) هو النظام الإيراني نفسه، وليس فقط الحرس الثوري؛ وبالتالي فإنها تدرس خيارات الرد على هذه الهجمات وفقًا لهذه المعادلة.

في ظل هذه الظروف، فإن معايير الربح والخسارة لدى إيران تتحول، حيث تركز على الخيارات التي تخدم مصلحة النظام ونفوذه، بدلاً من مجرد رد الاعتبار أمام الأخرين.

ولذلك، فرغم التهديدات المتكررة بالرد والانتقام التي تطلقها طهران بشكل روتيني، إلا أن الاستراتيجية الحقيقية للنظام الإيراني ترتكز على الاستجابة بحسب المصلحة الوطنية والإقليمية.

وفي هذا السياق، فإن الرد الحقيقي من وجهة نظر إيران هو الرد الذي يعزز مكانتها ويحافظ على استقرارها الداخلي والإقليمي.

تقوم إيران بتحليل كل هجوم بدقة، وتقيم الخيارات المتاحة لها بناءً على النتائج المحتملة، والتداعيات السياسية والاقتصادية والأمنية.

وبالتالي، فإن الاستجابة قد تكون بشكل محدود ومحسوب، مع التركيز على تعزيز الدفاعات السيبرانية والعسكرية وتعزيز التحالفات الإقليمية.

والخلاصة، يُظهر تحليل الخبراء أن إيران تخطط لتبني "الصبر الاستراتيجي"، على أساس التحرك وفق معدلات الربح والخسارة، بما يستوعب غضب المطالبين بالانتقام من ناحية، وتخفيف التبعات الأمنية والاقتصادية والسياسية عليها في أي رد فعل تقوم به من ناحية أخرى.
إقرأ أيضاً : خبير عسكري: حرب غزة دخلت أخطر مراحلها وهذه ملامحهاإقرأ أيضاً : هآرتس العبرية: على "إسرائيل" أن تضع حدا لحربها في غزة الآنإقرأ أيضاً : ماذا كان يفعل ثلاثة جنود سابقين في الجيش البريطاني في غزة؟


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: إيران محمد سوريا محمد علي الحكومة إيران غزة إيران إيران إيران الدولة علي محمود علي المنطقة إيران إيران إيران إيران إيران المنطقة سوريا الحكومة الدولة الرأي القدس غزة علي حدا محمود محمد الحرس الثوری هذه السیاسة فی سوریا من ناحیة

إقرأ أيضاً:

إيران تستدعي السفير السعودي لدى طهران

بعد ساعات من الإعلان عن إعدام السعودية 6 إيرانيين بتهمة “تهريب الحشيش”، استدعت وزارة الخارجية الإيرانية، السفير السعودي لدى طهران، عبد الله بن سعود العنزي،

وأفادت وزارة الخارجية الإيرانية، في بيان لها، بأنها “سلمت السفير السعودي مذكرة احتجاج شديدة اللهجة على خبر تنفيذ حكم الإعدام، مؤكدة أن “هذا الإجراء يتعارض تماما مع سير التعاون القضائي بين البلدين”.

واعتبر المدير العام للشؤون القنصلية كريمي شصتي، أن “تنفيذ الإعدام من دون إخطار مسبق للسفارة الإيرانية، يشكّل إجراء مرفوضا بامتياز وانتهاكا للقانون الدولي بما في ذلك معاهدة العلاقات القنصلية”.

وبحسب وزارة الخارجية الإيرانية، “يتوجه وفد قانوني وقنصلي من الخارجية الإيرانية إلى الرياض، لمتابعة هذا الملف”.

وأصدرت وزارة الداخلية السعودية، “بيانا بشأن تنفيذ حكم الإعدام في حق عدد من الجناة في المنطقة الشرقية”.

وأفادت الداخلية السعودية، في بيان لها، بأن “كلا من جاسم محمد شعباني، وعبدالرضا يونس تنقاسيري، وخليل شهيد سامري، ومحمد جواد عبدالجليل، ومهدي كنعان غانمي، وحر محمد شعباني، إيرانيو الجنسية، أقدموا على تهريب الحشيش المخدر إلى المملكة”.

وأضاف البيان: “تمكنت الجهات الأمنية من القبض على الجناة المذكورين، وأسفر التحقيق معهم عن توجيه الاتهام إليهم بارتكاب الجريمة، وبإحالتهم إلى المحكمة المختصة، وصدر بحقهم حُكم يقضي بثبوت ما نسب إليهم وقتلهم تعزيرا، وأصبح الحكم نهائيا بعد استئنافه ثم تأييده من المحكمة العليا، وصدر أمر ملكي بإنفاذ ما تقرر شرعا”.

وتابع بيان الداخلية السعودية: “وقد تم تنفيذ حُكم القتل تعزيرًا بالجناة جاسم محمد شعباني، وعبد الرضا يونس تنقاسيري، وخليل شهيد سامري، ومحمد جواد عبدالجليل، ومهدي كنعان غانمي، وحر محمد شعباني، إيرانيو الجنسية، بالمنطقة الشرقية”.

مقالات مشابهة

  • قائد سابق بالحرس الثوري: اليمن يأخذ مكان سوريا في العقيدة الأمنية الإيرانية
  • تركز على الرد السريع.. إيران تبدأ مناورات قرب حدود العراق
  • طهران تطالب بيروت بالانتباه لسلوكها بعد حادثة الطائرة الإيرانية
  • لا قيمة لصبر “إسرائيل” الاستراتيجي مع اليمن
  • روما تتحرك: استدعاء السفير الإيراني بعد اعتقال الصحفية سيسيليا سالا في طهران
  • ناطق الثوري يكشف عن حقيقة الدور الإيراني في اليمن
  • روما تستدعي السفير الإيراني وتطالبه بالإفراج عن صحفية إيطالية
  • الخارجية الإيطالية تستدعي السفير الإيراني بعد اعتقال صحفية إيطالية في طهران
  • إيران تستدعي السفير السعودي لدى طهران
  • الخارجية الإيرانية تستدعي السفير السعودي لدى طهران