زحمة سياسيين لبنانيين على أرصفة الشانزليزيه.. ولودريان لن يزور بيروت قريباً
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
لا يبدو أن العلاقة الأميركية - الفرنسية سوية، فقد عطلت الإدارة الأميركية الدبلوماسية الفرنسية في الشرق الأوسط، فباتت باريس تتخبط في مشاريعها ومواقفها ورؤيتها، ليس تجاه الشرق الأوسط فحسب إنما تجاه الأزمات الأوروبية - الأوروبية والعديد من الملفات الدولية، علماً أن هناك بحثا حول من سيملأ الفراغ الذي سينشأ في المنطقة بعد الانسحاب الأميركي المنتظر منها بعد الانتخابات الأميركية.
إن المشروع الأخير الذي تقدمت به باريس حول حرب غزة ولد ميتاً وقد تجاوزته تطورات الحدث. ولا يتعدى محاولة فرنسية للحفاظ على وجودها بانتظار فرصة أخرى تدخل فيها الدبلوماسبة الفرنسية مجددا إلى دائرة الفعل والفعالية، يقول استاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس عيسى الايوبي لـ"لبنان24"، وهذا بدا واضحاً من نتائج لقاء وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه بنظيره الأميركي انتوني بلينكن الاخير في باريس حيث احتلت المشكلة الاوكرانية الحيز الأول في المباحثات وبدت باريس محاصرة سياسياً من واشنطن. فالمطالب الأميركية كثيرة واليد الفرنسية قصيرة.
تعي الدوائر الفرنسية ذلك جيداً، بحسب معلومات الأيوبي، وتدرك أن الحل يبدأ في روسيا، فقد حاولت باريس إعادة إحياء اتصالاتها مع موسكو عبر اتصال وزير الجيوش الفرنسبة سيباستيان لوكورنو مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو حيث أبدى إدانته للتفجير الذي وقع في منطقة موسكو في 22 آذار الماضي واستعداد بلاده للتعاون مع روسيا في مكافحة الإرهاب والبحث في المشكلات العالقة، لكن الوزير الروسي كان "بارداً" وأحاله إلى المنصة التركية للحوار مع موسكو حول المسألة الأوكرانية وهو أمر تتجنبه باريس حاليا، لكن يبدو أنها ستجد نفسها مضطرة لذلك لمصلحتها أولاً، علماً أن الكرملين يريد جوابا من الإليزيه بشأن مشاركة قوات وأفراد فرنسيين في أوكرانيا وسقوط قتلى وأسرى منهم.
لا تملك باريس إلا صوتها كعضو دائم في مجلس الامن وما يجري على خط لبنان من مساعي فرنسية لم يترجم بعد على أرض الواقع، في حين أن الوضع في الجنوب أصبح مرتبطاً بالملف الفلسطيني والتوجه الإسرائيلي ومساراته، ولذلك من المرجح أن تلعب فرنسا دوراً في هذا الجانب وفي الأمكنة التي لا تستطيع الولايات المتحدة أن يكون لها دور علني فيها، مع الإشارة إلى أن فرنسا لن تتنازل عن الملف اللبناني بشكل واضح، وهنا تتلاقى المصلحتان الفرنسية والأميركية في الوقت الراهن، علماً أن الأيوبي يشدد على أن القرار 1701 لم يعد له إلا دور الشماعة الإعلامية في الداخل اللبناني، فقد تجاوزه الزمن والبحث اليوم أبعد وأعمق من تنفيذ وقف الأعمال الحربية إلى إعادة ترتيب شامل للوضع في لبنان.
وسط ما تقدم، فإن الآمال لا تزال معلقة على حبال "اللجنة الخماسية" التي من المفترض أن يعيد سفراؤها اجتماعاتهم ومشاوراتهم لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء على الساحة اللبنانية لتأمين انتخاب رئيس للجمهورية، إلا أن الأيوبي، يرى أن اللجنة الخماسية قد علقت دورها وأعمالها وهي كلجنة استسلمت للأمر المفعول وباتت في حكم المنتهية عملياً ما لم يعاد تفعيلها وتوسيعها بشكل جديد ووفق مشروع جديد. لكن يبدو أن هذا الأمر ليس في متناول اليد حاليا، فالولايات المتحدة الأميركية ليست مستعجلة او متحمسة لبذل أي جهد في هذا المجال لسببين:
الأول: أنها تعمل على حل شامل للبنان وليس إيصال رئيس فقط وبالتالي لا داعي للبحث في صغائر الأمور.
الثاني:لا يشكل ايصال رئيس للبنان حاليا أولوية عربية أو إقليمية أو غربية والاهتمامات الدولية أبعد من لبنان.
تدرك فرنسا الموقف الأميركي كما تعرفه الأطراف العربية أيضاً، وليس بعيداُ تشير أوساط عربية بارزة إلى أن بعض الأطراف اللبنانية تسعى لصرف الملف الرئاسي اللبناني مالياً وسياسياً، إلا أن هذا الأمر لم يعد متاحاً راهنا عند دول عربية عديدة منشغلة راهناً بترتيب علاقاتها مع سوريا.
وبانتظار جلاء الموقف من الحل الشامل والفواتير السياسية والاقتصادية التي ستدفع على طاولة التسويات، فإن لا زيارة قريبة للموفد الفرنسي جان ايف لودريان إلى بيروت قريباً، طالما أن لا جدوى منها سياسياً.
وبينما تؤكد المصادر الفرنسية أن ليس لباريس أي مرشح لرئاسة الجمهورية وأن مساعيها تكمن في دعوة المكونات السياسية اللبنانية إلى التوافق في ما بينهم على مرشح وإنهاء الفراغ الرئاسي المستمر منذ سنة ونصف السنة، فإن رئيس تيار المرده سليمان فرنجية يزور اليوم باريس، وتدخل زيارته، بحسب الايوبي، ضمن إطار تثبيت ترشحه كمرشح جدي وحيد ما زال على بورصة المرشحين. وتوقيت زيارته لجهة لقاء لودريان قبل عودة الاخير إلى الرياض بعد عطلة عيد الفطر، مهم جداً بحسب الايوبي نظراً إلى أنها (الزيارة) تتزامن مع تواجد عدد من نواب القوات والكتائب والتيار الوطني الحر في العاصمة الفرنسية، والواضح أن ثمة زحمة سياسيين لبنانيبن حاليا على أرصفة الشانزليزيه. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
طريق بيروت - دمشق معبّد بالعتاد العسكري المتروك... وبكثير من الحذر
كتب ثائر عباس في " الشرق الاوسط": الطريق من بيروت إلى دمشق محفوف بالمشاهد غير المألوفة. أيام قليلة غيّرت كل شيء بالنسبة للمتوجه إلى العاصمة السورية من لبنان براً. الطريق الذي كان «رئة» دمشق الاقتصادية، يعج بالزوار من السوريين واللبنانيين، وأكثر بالشاحنات الكبيرة التي تحمل البضائع من مرفأ بيروت إليها، بعد أن حتّمت العقوبات الدولية على سوريا سلوك هذا المسار. الطريق إلى دمشق عبر الحدود اللبنانية، يبدأ بنقطة المصنع التي شهدت في أول أيام التغيير السوري زحمة غير
مسبوقة صعوداً، عادت إلى طبيعتها، بل أقل، ذهاباً، فيما استعادت حيويتها، إياباً، حيث اصطفت مئات العائلات السورية التي تأمل بـ«استثناء إنساني» يسمح لها بدخول لبنان. غير أن تدفق القادمين إلى لبنان أقفل الطريق بوجه الجميع. فمن «يحق له» الدخول بات عاجزاً عن الوصول إلى نقطة الحدود لإثبات أحقيته بالدخول. وبات الطريق شبه مقفل لأيام قبل أن تتدخل السلطات اللبنانية لفتحه، ومعها تصاعدت شكوى السوريين من تجاوزات على الحدود دفعت برئيس جهاز الأمن العام اللواء إلياس البيسري، إلى تشكيل لجنة تحقيق في «التجاوزات والتعسف»، تلتها إجراءات لافتة قللت العدد إلى بضع مئات، بعضهم يغادر بعد أن يفشل في الدخول، ثم ما يلبث آخرون أن يصلوا، وبين المجموعتين بعض من السوريين الذي يتمسكون بأمل ما يفتح أمامهم أبواب الدخول إلى لبنان الذي زاد تشدده في منع دخول السوريين، إلا من يثبت أنه مسافر إلى الخارج مروراً بالمطار، أو بأصحاب الإقامات الرسمية في لبنان أو غيره.
في الجانب الاخر، مقر الجوازات السوري خالي من موظفيه. العبور سهل، ولا يتطلب حتى بطاقة الهوية للبنانيين كما كان الحال سابقاً. تحية مرفقة بابتسامة من الحاجز المسلح تكفي، ويؤشر بيده للذهاب نحو سوريا التي كان يحكم الدخول إليها أكثر من سبعة حواجز عسكرية. بعضها كان مخصصاً لتلقي «الرشوات الصغيرة» من السائقين، كربطة الخبز وعلبة الدخان الأجنبية التي تعدّ السلعة الأغلى، وأحياناً مبالغ مالية تُدفع على كل من هذه الحواجز.
الأمور تغيرت راهناً، فقد بات الدخول إلى سوريا عبر الحدود البرية، كما الخروج منها، متاحاً للجميع، دون أوراق ثبوتية ولا أسئلة، ولا حتى تفتيش.
صورتا الأسد ووالده، نجتا بالكاد على ما يبدو من التمزيق بسبب ارتفاعهما، لكن الصور التي كانت بالمتناول، إما مُزّقت، وإما أزيلت ووضعت أرضاً للدوس عليها. أما الحواجز العسكرية فقد تعرضت للتكسير والتخريب. السيارات المتروكة على جانب الطريق، تكاد تكون علامة فارقة، إحداها كانت لا تزال تحترق، فيما أزيل من السيارات الأخرى كل ما هو قابل للبيع؛ الدواليب والإكسسوارات الأخرى. أما العلامة الأخرى فهي كمّ السيارات والآليات العسكرية والدبابات المتروكة بكامل ذخيرتها وحيدة في الشوارع بدءاً من الحدود، تحكي حكاية نظام عسكري انهار، ونظام آخر لا يزال يتلمس طريقه إلى النور. وبين السيارات المدنية والعسكرية، كانت آليات مدمرة بصواريخ إسرائيل التي هاجمت أنظمة السلاح التابعة للجيش السوري، ومنها أنظمة صواريخ مضادة للطائرات محمولة على عربات عسكرية. يمتد صف الآليات المهجورة على طول
الطريق من الحدود السورية حتى مدخل دمشق. هذه الآليات كان مقرراً لها أن تحمي العاصمة، قبل أن ينهار كل شيء وتعجز عن حماية نفسها، أو مقاتليها الذين تركوا خلفهم ثيابهم العسكرية مرمية على جوانب الطريق، مغادرين إلى منازلهم، فيما بقي العلم السوري القديم مرمياً ممزقاً على الأرض في أكثر من مكان، من دون أن يجرؤ أحد - أو يرغب - على رفعه من مكانه.