منير أديب يسأل: لماذا وسيم يوسف؟
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
الدعاة مدرستان، الأولى تفهم الإسلام، كما نزل على نبيه، رحمة للعالمين، كما أنها تفهمه في سياق الحب؛ حيث يرى أصحاب هذه المدرسة أنّ الإسلام نجح في صناعة علاقة ما بين المسلمين وخالقهم قائمة على التفاني في حب الخالق والقرب منه.
ومدرسة أخرى قائمة أكثر على الترهيب منها على الترغيب؛ صحيح أصحاب هذه المدرسة يستندون إلى بعض النصوص، ولكنهم لا ينظرون إلى الإسلام في سياق الجنة والنار معًا ولكنهم أرادوا أنّ يحصروها في الخوف فقط من النّار، وهي قراءة يتبناها بعض الدعاة.
وتحت هذا العنوان وجدنا انحراف قطاع من هؤلاء الذين ضلوا حقيقة الرسالة المحمدية، فتعاملوا مع النّاس من هذه الخلفية، ونقاشي هذا ليس مرتبطًا بأي المدرستين أقرب إلى الإسلام، ولكنه مرتبط بعمليات الكراهية التي يُمارسها أصحاب المدرسة الثانية ضد المدرسة الأولى.
تعرض الداعية الإماراتي، وسيم يوسف، للتنمر وقاد أصحاب المدرسة الثانية حملات تشويه متعمدة لأحد أبناء المدرسة الأولى، والأخطر أنهم استمروا في حملات التشويه هذه حتى بعد أنّ أعلن إصابته بمرض السرطان!
أعلن الداعية الإماراتي إصابته بنوع نادر وخطير من السرطان يُسمى ساركوما، ورغم ذلك استمرت عمليات تشويهه على كل مواقع التواصل الاجتماعي، وربما تُعود الحملات المنظمة ضد الداعية الشاب لسببين.
الأول، أنه قاد حملة تدعو إلى تجديد العقل الفقهي، وحارب في ذلك الانغلاق وهاجم قادة التنظيمات المتطرفة ومن قبل، أفكارهم، فردوا عليه هذه الحملة، فنالوا من عرض الرجل وشخصه، ولم يتوقفوا عند إعلانه الإصابة راضيًا بأخطر أمراض السرطانات، ولكنهم استمروا بمكر ودهاء في عمليات الاغتيال.
قاد هذه الحملة ضد الداعية، الإخوان المسلمون والسلفيون ومن لف لفهم، خاصة وأنّ كل منهما يعمل وفق منظومة استهداف منظمة، يعرفون متى يوجهون سهامهم للخصم، والهدف هو اغتياله وتصفيته، ولكن الراجل نجح في التغلب على هذه المؤامرات، فاشتدت السهام عليه ولم تُراعي مرضه ولكنها استغلت ذلك لمزيد من التشويه.
السبب الثاني للحملات التي قادها الإخوان وجزء من السلفيين، أنّ الرجل يحمل الجنسية الإماراتية أو حصل عليها قبل 10 سنوات، وقد تابعت هذه الحملات بدقة شديدة، وقد كان ذلك واضحًا من مفردات أصحابها، ومعروف أنّ الإمارات تواجه كل الأفكار الأيديولوجية المتطرفة، فدفع الرجل ثمن تبنيه وإيمانه بهذا الخيار.
تم اقتطاع عدد كبير من مقولات الرجل ثم أخرجوها عن سياقها، وهذا ليس غريبًا على من يقومون بتشويه النّاس؛ فليس أمامهم إلا الاقتطاع من السياق وترويض هذه المقولات حتى يظهر الرجل وكأنه أتي بدين جديد، والحقيقة أنه أجتهد فأصاب فيما أصاب وأخطأ فيما أخطأ.
كرس الداعية الإماراتي حياته القصيرة، ندعو الله لها أنّ تطول بموفور الصحة والسعادة، إلى الدعوة إلى الله ومواجهة خرافات العقل والتنظيم على مر التاريخ؛ فما أنّ دخل في معترك المواجهة مع تنظيمات العنف والتطرف وأفكارهما، حتى تم اتهامه من خلال اقتطاع أحاديثه وتأويلها عن الإسلام، وهذا مفهومًا وإنّ لم يكن متفهمًا.
الأمر وصل إلى حد أنّ الإخوان وسموه بأنه من دعاة الماسونية الصهيونية؛ ولك أنّ تتخيل أنّ داعية إلى الله يوصم بهذه الصفة لا لشيء إلا لأنه أجتهد في مسائل فقهية وحارب أفكار الجمود، فواجه في بداياته كل الأفكار المتطرفة، فالتقطته سهامهم وشاء قدر الله أنّ يمرض جسد الرجل، بينما عقله وقلبه ما زالا يعملان بحب وقوة، وهو دليل صلاحية وقربه من رب العالمين.
الابتلاء مشيئة إلهية ودليل اختبار، والرجل على قدر هذا الاختبار، فصبر ورضي وحمد وشكر وغدًا سوف يكون من الفائزين برضوان الله، نسأل الله له السلامة من كل سوء.
له نصيب من اسمه فهو وسيم في خلقه وخلقته معًا، كما أنّ الله رزقه بصفات سيدنا يوسف عليه السلام، من العفة والطهارة وحفظ النفس وصيانتها والصبر الجميل، فكان عاملًا بوصية سيدنا يعقوب عليه السلام عندما فقد أحب الأبناء إلى قلبه بمكر إخوته مرددًا، "فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون".
صبر وسيم يوسف على الاغتيال المعنوي الذي قاده المتطرفون، والتطرف لا يُعني أنّ صاحبة يحمل سلاحًا في يده، ولكنه قد يحمل خنجرًا في كلامه وأوصافه يطعن من خلالها كل من يًفكر أو يُبدي رأيًا وفهمًا أو يحمل فقهًا يختلف معهم، وهذا من أخطر أنواع الاغتيال، حدث وصبر فكان خيرًا له.
ثم صبر على مرضه، تجاوز مرحلة الصبر إلى مرحلة الرضا ثم الشكر، لأنه يعلم ويُدرك أنه اختبار واصطفاء معًا، شكر حتى صح فيه قول ربه، "وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار"، صبر على الشامتين في مرضه وشكر ربه على الاختبار.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: وسيم يوسف الداعية وسيم يوسف الداعية الإماراتي ساركوما
إقرأ أيضاً:
محمد أبو هاشم: الصلاة تغير سلوك الإنسان وتؤثر في حياته بشكل عميق
قال الدكتور محمد أبو هاشم، نائب رئيس جامعة الأزهر الأسبق، عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية، إن العبادة، وبالخصوص الصلاة، لها تأثير عميق في حياة المسلم وسلوكه، مشيرا إلى أن كثيرًا من الناس يلتزمون بالصلاة ويحافظون عليها، ولكن قد يرتكبون بعض الأخطاء والسلوكيات التي نهى عنها الإسلام، إلا أنه لا يجب أن نحث هؤلاء على ترك الصلاة أو الامتناع عنها، بل ينبغي أن نستمر في دعوة الشخص للاستمرار في الصلاة، لعل الله يهديه ويشرح صدره، فالصلاة لها أثر كبير في تغيير السلوك.
وأشار الدكتور محمد أبو هاشم، فى تصريح له، إلى أثر مروي عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس، حيث قال: "من لم تنهَه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له"، موضحا أن هذا الأثر يعني أن الصلاة إذا كانت صحيحة ومؤثرة في القلب، ينبغي أن يكون لها دور في تعديل سلوك الإنسان، وأن الصلاة ليست مجرد عبادة فردية، بل هي عامل أساسي في التأثير على سلوك المسلم.
وفي سياق الحديث عن الصلاة، سرد الدكتور أبو هاشم قصة مميزة استمع إليها من أستاذ أجنبي مسيحي زار مصر، حيث قال: "كان هذا الأستاذ من إنجلترا، وعندما سألته عن الإسلام، أخبرني أنه قرأ كثيرًا عن الإسلام، ورغم أنه مسيحي، إلا أنه أعجب بشيء واحد في الإسلام وهو الصلاة، وقال لي إنه في المسيحية، يذهبون إلى الكنيسة مرة واحدة في الأسبوع فقط، لكن في الإسلام، هناك خمس صلوات في اليوم، خمس مرات يقف المسلم أمام الله سبحانه وتعالى وهذه الفكرة كانت تثير إعجابه، لأنه يجد أن هذا يُبقي المسلم قريبًا من الله طوال اليوم".
الدكتور أبو هاشم أوضح أن الصلاة تذكر المسلم دومًا بالله، مما يجعل سلوكه أكثر انضباطًا، وأن الصلاة لا تقتصر على كونها عبادة بدنية فحسب، بل هي فرصة يومية للمؤمن لمراجعة نفسه، والتوبة عن أخطائه، والتذكر الدائم لوجود الله.
وقال: "لو استحضر المسلم هذا المعنى، وأنه يقف خمس مرات يوميًا أمام الله، فإنه لا يستطيع أن يستمر في ارتكاب الأخطاء أو المنكرات، هذه الصلاة تجعل الإنسان يعي عظمته ويدفعه للسعي إلى التحسين من نفسه".
وأضاف الدكتور أبو هاشم أن الصلاة لها أثر تطهيري، فهي كفارة للذنوب والخطايا، كما ورد في الحديث النبوي الشريف، موضحا أنه حتى إذا وقع الإنسان في الخطأ، تظل الصلاة سبيلًا للتوبة والغفران، وتظل هي الطريق لإصلاح السلوك وتقوية العلاقة مع الله سبحانه وتعالى.
وأكد الدكتور محمد أبو هاشم أن الصلاة في الإسلام ليست مجرد فرض، بل هي نعمة ورحمة من الله تعالى، تهدف إلى تهذيب النفس وتقويم السلوك، وهي الوسيلة التي من خلالها يظل المسلم قريبًا من ربه، ويتجنب المنكرات ويُكفّر عن ذنوبه.