هذا هو سبب قلق واشنطن وباريس على لبنان
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
لم يسبق أن حظي لبنان بهذا القدر من الاهتمام الدولي. ولو لم تكن كل من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا قلقتين مما يجري في الجنوب، وما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في ضوء الاعتداء الاسرائيلي المباشر على إيران باعتبار أن مبنى قنصليتها في دمشق هو أرض إيرانية لما كان كل هذا الاهتمام. فواشنطن ومعها باريس يعرفان تمام المعرفة خطورة الحرب على لبنان، وما يمكن أن تستجرّه من تبعات على الاستقرار العام في المنطقة.
وهذا ما سبق أن حذّر منه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أكثر من مرّة في سعيه المتواصل لتجنيب لبنان تجرّع شرب هذه الكأس المرّة، والتي لن تقتصر مرارتها على لبنان فقط، بل ستشمل المنطقة بأسرها، وذلك نظرًا إلى ما يمكن أن تكون عليه الأوضاع المتفجّرة في حال قررت تل أبيب توسيع حربها بحجة القضاء على "حماس" و"حزب الله" المعتبرين من قبل أميركا والمجتمع الغربي الرسمي وغير الشعبي عاملين غير مساعدين للاستقرار في المنطقة لارتباطهما المباشر بطهران. فالاعتداء الذي تعرّض له المبنى القنصلي في دمشق هو اعتداء سافر ومباشر على إيران. وقد يكون الهدف منه استفزاز طهران لإجبارها على الردّ بما يتناسب مع حجم هذا العدوان. وإذا ردّت إيران في الوقت والزمان المناسبين فإن لا شيء يضمن عدم استتباع ذلك بردّ على الردّ. وهذا يعني نظريًا إدخال كل من "حزب الله" والحوثيين في اليمن في حرب مواجهة شاملة ومفتوحة على كل الاحتمالات ضد إسرائيل، التي تراهن على تدّخل أميركي وغربي مباشر في هذه الحرب، التي تعتبرها تل أبيب وجودية. ولهذا السبب حاول رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو تصوير الحرب ضد "حماس" أولًا، وضد "حزب الله" ثانيًا، والحوثيين ثالثًا، بأنها حرب دينية، بما يعني ذلك تحريك "اللوبي" الصهيوني في العالم، وبالأخصّ في الولايات المتحدة الأميركية الخاضعة في شكل أو في آخر لنفوذ هذا "اللوبي". وقد يكون تدّخل أميركا في الحرب الشاملة إذا وقعت مقدمة لحرب أوسع يُخشى أن تحمل الرقم 3 في سلسلة الحروب العالمية. من هنا يمكن فهم قلق كل من واشنطن وباريس مما يجري في جنوب لبنان بالتوازي مع ما يجري في جنوب قطاع غزة. وهذا ما كشفته زيارة وزير الخارجية الأميركية انطوني بلينكن لباريس، الذي التقى كلًا من الرئيس إيمانويل ماكرون ونظيره ستيفان سيجورنيه ووزير الدفاع سيباستيان ليكورنو. وقال بلينكن عقب هذه اللقاءات: "نواصل التنسيق عن كثب في لبنان لمنع توسع الصراع في المنطقة. هناك تهديد يفرضه "حزب الله" وإيران على إسرائيل وكلانا تعهدنا بالقضاء عليه. أمّا سيجورنيه فقال: "يجب تجنّب التصعيد الإقليمي وتحديداً في لبنان". وأضاف: "إنّ كل تحركاتنا في الشرق الأوسط تهدف إلى خفض التوتر في المنطقة". فهذان التصريحان لا يمكن فصلهما زمنيًا عما تركه العدوان الإسرائيلي على القنصلية الايرانية في دمشق من تداعيات استلزمت استنفارًا ديبلوماسيًا واسعًا لتلافي مخاطر هذا العدوان، الذي قد يقلب كل المعادلات السابقة ويعيد خلط الأوراق في المنطقة، ويؤخرّ عقارب الحلول المطروحة في انتظار تلمّس تداعياتها على مجمل الملفات ومنها لبنان، خصوصا في ظل تهديدات إيران و"حزب الله" معاً بأن "هذه الجريمة لن تمرّ من دون أن ينال العدو العقاب والانتقام". فكيف سيكون هذا الردّ وأين ومن أين؟
فإذا قرّر الإيرانيون أن يكون الردّ الانتقامي من لبنان، وعلى منطقة قد تعتبرها تل أبيب من "المحرمات"، فهذا يعني أن لبنان دخل في دائرة الخطر الحتمي. وقد يكون هذا ما سعت قيادة الحرب في إسرائيل إليه عندما استهدفت إيران في عقر دارها.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: فی المنطقة حزب الله
إقرأ أيضاً:
معهد واشنطن: هذه مصالح إسرائيل في سوريا وهكذا يمكن أن تتحقق
يرى الجنرال الإسرائيلي المتقاعد أساف أوريون أن سقوط نظام الأسد يحمل فرصا كبيرة لـ"إسرائيل" وكذلك العديد من التهديدات.
في تقريره الذي نشره معهد واشنطن، يقول أوريون إن سقوط نظام الأسد يأتي ضربة قاسية لإيران ومحور "المقاومة". ويفسر ذلك بقطع حلقة حيوية في القوس الاستراتيجي طهران - بغداد - دمشق - بيروت، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى قطع الطريق اللوجستي إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط، مما يشكل نكسة كبيرة لطموحات إعادة تسليح حزب الله، ويفصل العمق الاستراتيجي الصناعي لإيران عن مختلف جبهات القتال على حدود "إسرائيل".
ويضيف: "في غضون ذلك، تسعى روسيا للحفاظ على قواعدها في سوريا مع تقليص وجودها العسكري هناك، مما قد يوسّع حرية إسرائيل في التحرك في المنطقة".
مع ذلك، يرى أوريون أن الحالة الجديدة قد تأتي بمجموعة من التهديدات الناشئة. "فبإمكان الإرهابيين الجهاديين - سواء كانوا بقايا تنظيم "الدولة الإسلامية"، أو عناصر متطرفة من الجماعات المتمردة التي أطاحت بالأسد، أو جهات فاعلة أخرى- أن يتقدموا بالقرب من المجتمعات الإسرائيلية في منطقة مرتفعات الجولان".
ويتابع: "قد يتم تحويل ترسانة النظام، التي تشمل العديد من الأسلحة المتقدمة، ضد إسرائيل. كما يمكن للعناصر السنية العربية المتطرفة - وبعضها مدعوم من تركيا - أن تشكل تهديدات للاستقرار في الأردن المجاور، وهو ركيزة أساسية في بنية الأمن القومي الإسرائيلي"، كما أن إيران قد "تسعى للحفاظ على نفوذها الإقليمي أو حتى توسيعه للتعويض عن خسائرها. وعلى الرغم من فرار القوات الإيرانية ووكلاء إيران من سوريا، إلا أن طهران على اتصال ببعض الفصائل المتمردة المنتصرة وتبحث عن طرق جديدة للنفوذ".
ويزعم أوريون أن الأهداف الرئيسية لـ"إسرائيل" في سوريا هي: حماية سكان "إسرائيل" وسيادتها؛ وصد العناصر المعادية عن حدودها؛ ومنع وقوع أسلحة استراتيجية في أيدي المتطرفين؛ وتعزيز استقرار الأردن؛ ومنع إعادة تأسيس خطوط الإمداد الإيرانية وتلك التابعة لوكلائها إلى "حزب الله" وعناصر أخرى؛ ومواجهة أي عودة محلية لتنظيم "الدولة الإسلامية" أو غيره من التنظيمات الإرهابية الجهادية السنية، وضمان احتفاظ "إسرائيل" بقدر كافٍ من حرية العمل للدفاع عن نفسها وإزالة أي تهديدات في المنطقة، من بلاد الشام إلى إيران - من جانب واحد إذا لزم الأمر، ولكن من الأفضل بالتعاون مع الآخرين. ما يعني، بزعم أوريون، عدم وجود أطماع للاحتلال الإسرائيلي في سوريا".
ويؤكد أوريون أن "إسرائيل" اتخذت بالفعل إجراءات لتحقيق تلك الأهداف، تمثلت في تعزيز دفاعاتها في مرتفعات الجولان فور سقوط الأسد. ثم أطلقت عملية "سهم بَشان"، والتي تضمنت جزءاً منها مئات الغارات التي دمرت معظم ترسانة سوريا، مع التركيز على القواعد العسكرية، والدفاعات الجوية، والصواريخ الباليستية، ومستودعات الأسلحة، والطائرات العسكرية، والأصول البحرية، ومنشآت الإنتاج والتطوير المختلفة، بما في ذلك الأسلحة الكيميائية.
أما بالنسبة للقسم البري من العملية، فقد سيطرت القوات الإسرائيلية على "منطقة الفصل" في سوريا، في انتهاك لاتفاقية فك الاشتباك للأمم المتحدة لعام 1974 والتي أنهت رسمياً الحرب بين العرب وإسرائيل في العام الذي سبق. كما استولت على موقع جبل الشيخ السوري. وبعد تحذير السوريين من الاقتراب من هذه المنطقة العازلة، رتبت القوات الإسرائيلية بعد ذلك لنزع سلاح المجتمعات السورية المحلية، وهو ما فعلته بهدوء.
ومع ذلك لا ينفي أوريون وجود أهداف إضافية تشمل الحصول على نفوذ يمكن أن يساعدها في التفاوض على تحسين الترتيبات الأمنية في الجولان. ومع ذلك، كلما طال أمد هذا الوجود، كلما زاد النظر إليه على أنه استيلاء غير قانوني على الأراضي، وكلما ارتفع خطر إثارة ردود فعل ضد إسرائيل - سواء في شكل قوات محلية تحاول تحرير الأراضي السورية، أو جهات فاعلة دولية تمارس المزيد من الضغوط السياسية، أو كليهما.
ولتبديد هذه المخاوف يقترح أوريون:
التوضيح بأن اتفاقية فك الارتباط لعام 1974 لا تزال سارية المفعول كأساس للأمن المشترك في الجولان، رغم تضررها بشكل كبير على مدار العقد الماضي. والتأكيد أن وجود القوات الإسرائيلية في سوريا هو مجرد وضع مؤقت إلى أن يتم الاتفاق على ترتيبات أمنية مُرضية وتنفيذها.
كما يقترح إنشاء خطوط اتصال بين "إسرائيل" والحكومة السورية الناشئة، مع التأكيد على مزايا أمن الحدود لكلا الطرفين.
كما يقترح أوريون الحفاظ على منطقة عازلة قوية بين المجتمعات الحدودية الإسرائيلية والتهديدات المحتملة في سوريا. ويتم ذلك مبدئياً من خلال نشر قوات إسرائيلية في الخطوط الأمامية، مدعومة بتفاهمات مع السوريين المحليين، وإذا أمكن، مع الحكومة في دمشق، على حد تعبيره.
ويؤكد أوريون ضمان حرية "إسرائيل" في التحرك في سوريا (في المقام الأول في المجال الجوي للبلاد) من أجل منع عودة إيران، وإعادة تسليح حزب الله، وعودة ظهور تنظيم "الدولة الإسلامية"، أو أي تهديدات أخرى. وينبغي الحفاظ على هذه الحرية على الرغم من الاحتجاجات المتوقعة من السلطات الجديدة في دمشق بشأن سيادة سوريا.
كما يقترح أوروبون الحفاظ على الوجود الأمريكي الحالي على حدود سوريا مع الأردن والعراق. وهذا من شأنه أن يُمكّن استمرار التعاون بين الولايات المتحدة و"إسرائيل".
ويقترح كذلك ضمان رؤية استخباراتية إسرائيلية شاملة لجميع الجهات الفاعلة ذات الصلة في سوريا ما بعد الأسد وتعزيز العلاقات مع الجهات المعتدلة، بالتنسيق مع الحكومات العربية الشريكة في دول الخليج ومناطق أخرى. ويمكن أن يشمل هذا التواصل الفصائل الكردية، والدرزية، والعربية السنية في مختلف أنحاء البلاد.
وتنشيط العلاقات الإسرائيلية مع المجتمعات المحلية عبر حدود الجولان.
وربط الاعتراف الدولي بسوريا، وشطب جماعات من قوائم الإرهاب الدولية، وتمويل إعادة إعمار سوريا، وغير ذلك من المساعدات للحكومة السورية الجديدة بمتطلبات أمنية أساسية؛ منها إزالة أي أسلحة استراتيجية تشكل تهديداً للدول المجاورة، وتمنع أي جهات فاعلة من استخدام أراضيها لتهديد هذه الدول المجاورة، وتزيل أي عناصر إرهابية من الفصائل التي تشكل الحكومة المقبلة، وتُنفّذ ترتيبات أمنية مع "إسرائيل" والأردن ولبنان.
كذلك الاستفادة من الوضع الجديد في سوريا لتعزيز الترتيبات الأمنية في لبنان، وخاصة فيما يتصل بتأمين حدودهما المشتركة ومنع نقل الأسلحة إلى "حزب الله".