رفض طلب الرحمة من قاتله ولم ينقذه تدخل ملك السعودية.. ذو الفقار علي بوتو و"لعنة الدم" مع الجنرال
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
استلم ذو الفقار علي بوتو السلطة في باكستان من رئيسها السابق الجنرال يحيى خان بعد أن فقدت بلاده جزأها الشرقي، بنغلاديش في عام 1971، ثم جاء جنرال آخر وانتزعها منه لتبدأ لعنة بوتو.
إقرأ المزيدسارع رئيس باكستان المدني إلى انتهاج مسار جديد بهدف التخلص من مضاعفات الحروب والانقلابات والتخلف الاقتصادي.
إصلاحاته يقول أنصاره أنها أسهمت في الرفع من مستوى معيشة مواطنيه، وفي توطيد الاستقرار الداخلي، وهي أضعفت مكانة "22 عائلة" كانت تهيمن على اقتصاد باكستان. فعل كل ذلك لتصبح بلاده ندا لخصمها اللدود الهند بما في ذلك في مجال التسلح النووي.
من إنجازات بوتو أيضا وضع دستور جديد للبلاد في عام 1973، حولها إلى النظام البرلماني، وبموجب ذلك قاد بلاده رئيسا للوزراء، واتبع سياسة مستقلة ابتعدت عن السير في ركب الولايات المتحدة.
بالتوازي مع ذلك، جرى حظر حزب الشعب الوطني المعارض، واعتقال قادته، فيما فرضت التعديلات الدستورية قيودا على السلطة القضائية.
أراد زعيم حزب الشعب أن يشكل باكستان بطريقته الخاصة، وأن يحشدها خلفه من دون معارضين يعيقون "المسيرة"، لكنه لم يتمكن من ذلك لفترة طويلة.
فاز حزبه الحاكم في الانتخابات البرلمانية في عام 1977 بـ 155 من أصل 200 مقعد، إلا أن كتلة التحالف الوطني الباكستاني التي ضمت تسعة أحزاب معارضة، اتهمت بوتو بتزوير نتائج تلك الانتخابات وطالبت باستقالته، وكان رده حملة قبض طالت أكثر المعارضين نشاطا، وفرض الاحكام العرفية في البلاد.
انتشرت أعمال شغب وعنف جماعية، وتصدت قوات الأمن ما أدى إلى مقتل 270 شخصا. تدهورت الأوضاع وسنحت الفرصة لرئيس أركان الجيش الجنرال ضياء الحق الذي كان عينه بوتو في المنصب قبل عام!
انقلب ضياء الحق على بوتو في 5 يوليو عام 1977، حل البرلمان وعلق العمل بالدستور، ونصب نفسه رئيسا لإدارة عسكرية للبلاد.
بعد وقت قصير من القبض على رئيس الوزراء ذو الفقار علي بوتو، أطلق سراحه بعد أن حرم من القيام بأي نشاط سياسي، لكنه لم يهدأ وشن حملة ضد خصمه ضياء الحق، فبادر الجنرال إلى اعتقاله مع خمسة من المقربين منه في سبتمبر 1977، ثم اتهم بأنه متورط في قتل منافس سياسي في عام 1974، وبدأ العد العكسي.
انطلقت محاكمة بوتو نهاية يناير عام 1978، وأعد ضياء الحق مسرح القضاء للتخلص من بوتو نهائيا، بوصفه رئيس الوزراء المخلوع بأنه قاتل، وأنه لن يفلت من العقاب القاسي.
قضت المحكمة بإعدام بوتو، وفي فبراير عام 1979، أيدت المحكمة العليا الباكستانية الحكم، ولم يتبق أمامه وهو في زنزانته في سجن روالبندي ينتظر تنفيذ الحكم ضده، إلا أن يطلب من خصمه رئيس البلاد الجديد الجنرال ضياء الحق الرحمة، لكنه رفض وعد ذلك أمرا "مهينا"، كما منع افراد عائلته من طلب العفو من الجنرال نيابة عنه.
انهالت مناشدات من قادة العالم إلى الرئيس ضياء الحق بتخفيف العقوبة عن بوتو. المناشدات جاءت من مختلف أرجاء العالم. من بين القادة العرب الكبار، العاهل السعودي الأسبق الملك خالد بن عبد العزيز، ومن قادة العالم، الزعيم السوفيتي لونيد بريجنيف، والرئيس الأمريكي جيمي كارتر، ورئيس الصين هوا جيو فينج.
ضياء الحق لم يستمع لأحد، وما كان أمام ذو الفقار علي بوتو صبيحة يوم 4 أبريل عام 1979، إلا أن يتضرع إلى ربه في كلمته الأخيرة قبل إعدامه قائلا: "يا إلهي ساعدني لأنني لست مذنبا".
دفن جثمان ذو الفقار علي بوتو سرا، ولم يسمح لأسرته بالسير في جنازته وتوديعه إلى مأواه الأخير. بدا بعد ذلك كما لو أن مصير أسرة بوتو قد ارتبط بمصير باكستان بخيط طويل من الدم. قتل أربعة من أبنائه الخمسة، ولم يبق على قيد الحياة إلا ابنته سنام.
قتل ابنه شاهناواز على يد زوجته الأفغانية في 19 يوليو عام 1985، وقتل مرتضى بوتو في اشتباك مع رجال الأمن في مدينة كراتشي في 20 سبتمبر عام 1996، وقتلت في 27 ديسمبر عام 2007 ابنته بينظير التي كانت تولت رئاسة حكومة باكستان مرتين، وأخيرا قتل جاويد بوتو على يد مجهولين في واشنطن في 1 مارس عام 2019.
خصم بوتو الجنرال ضياء الحق هو الآخر لم يهنأ بحياته، وقتل في 17 أغسطس عام 1988 بتفجير طائرة من طراز "هرقل 130" كانت تقله وآخرين من مطار بهاوالبور إلى مطار راولبندي، بطريقة غامضة.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أرشيف الاتحاد السوفييتي بريجنيف ضیاء الحق فی عام
إقرأ أيضاً:
هل تتحول باكستان إلى سوق عالمية للعملات الرقمية؟
إسلام آباد- تعتزم باكستان وضع إطار قانوني لتداول العملات المشفرة في محاولة لجذب الاستثمارات الدولية، حسبما نقلت وكالة بلومبيرغ عن الرئيس التنفيذي لمجلس العملات المشفرة الباكستاني بلال بن ثاقب.
وأكد وزير المالية الباكستاني محمد أورنجزيب يوم الجمعة الماضي على الدور المحوري لمجلس العملات المشفرة الباكستاني في رسم مستقبل البلاد بمجال الأصول الرقمية وتقنية البلوكتشين.
وقال أورنجزيب خلال الاجتماع الافتتاحي للمجلس إنه سيعمل كمنصة مركزية تجمع الجهات التنظيمية وأصحاب المصلحة في القطاع لتطوير إطار تنظيمي مسؤول واستشرافي للعملات المشفرة.
وتحتل باكستان المرتبة التاسعة عالميا من حيث تبني العملات المشفرة، وفقا لشركة "تشيناليسيس"، وقال بلال بن ثاقب في المقابلة إن ثمة ما بين 15 و20 مليون مستخدم للعملات المشفرة في باكستان.
تحولورغم أن تداول العملات المشفرة يحظى بشعبية كبيرة في باكستان فإن البنك المركزي الباكستاني حذر من المخاطر التي تشكلها هذه الصناعة.
ووفقا لصحيفة "بيزنس ريكوردر" الباكستانية، فإن تنامي مجتمع العملات المشفرة في باكستان أدى إلى نقاشات على المستوى الحكومي بشأن الفوائد والمخاطر المحتملة المرتبطة بتقنين العملات المشفرة.
إعلانووفقا للصحيفة، فإنه على الرغم من التحذيرات السابقة للحكومة والجهات التنظيمية المالية في البلاد من استخدام العملات الافتراضية -والتي أشارت إلى مخاوف تتعلق بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب ونقص حماية المستهلك- فإن هذا التحول في المنظور دفع الحكومة إلى إعادة النظر في موقفها، مدركة التوجه العالمي نحو التمويل الرقمي.
وفي خطوة تشير إلى التحول الحكومي في هذا السياق أنشأت وزارة المالية الباكستانية مؤخرا المجلس الوطني للعملات المشفرة، في خطوة مهمة تهدف إلى مواكبة البلاد الاتجاهات العالمية الناشئة في مجال التمويل الرقمي.
وعيّنت الحكومة بداية مارس/آذار الجاري بلال بن ثاقب مستشارا رئيسيا للعملات المشفرة، لتسهيل عملية دمج تقنيات سلسلة الكتل (البلوكتشين) والأصول الرقمية في النظام المالي الباكستاني.
وفي تصريحات خاصة للجزيرة نت قال بلال بن ثاقب إن باكستان شأنها شأن معظم الدول كانت لديها نظرة حذرة تجاه العملات الرقمية في الماضي، لكن هذا يتغير الآن، إذ أصبحت القيادة الآن منفتحة على فكرة "احتضان" العملات الرقمية.
وأضاف "نحن بالفعل رابع أكبر سوق للموظفين المستقلين في العالم، كما تتلقى باكستان أكثر من 30 مليار دولار سنويا من التحويلات المالية".
يبرز جلب الاستثمارات الأجنبية وتحسين النظام المالي في باكستان كأحد أبرز الأسباب التي دفعت الحكومة إلى وضع إطار لتنظيم العملات المشفرة في البلاد.
وقال بلال بن ثاقب "هدفنا واضح وهو نهج متوازن يسخّر الإمكانيات الهائلة لتقنية البلوكتشين والعملات المشفرة، مع حماية المستهلكين والمستثمرين، ويبقى الامتثال للمعايير الدولية الصادرة عن مجموعة العمل المالي (إف إيه تي إف)، وصندوق النقد الدولي جوهر إستراتيجيتنا".
إعلانمن جهته، يقول الخبير في الأصول الرقمية علي فريد خواجا إن الحكومة الآن تدرك إمكانية جذب الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى توليد عائدات ضريبية من تنظيم هذه الصناعة.
وقال خواجا للجزيرة نت إن ثمة جانبين لهذا الأمر، هما تعدين البيتكوين وتداول العملات المشفرة.
وفي مجال التعدين ثمة إدراك بإمكانية الاستفادة من الطاقة الفائضة التي تمتلكها باكستان لتوليد البيتكوين، كما تنشئ الولايات المتحدة احتياطيا للبيتكوين، وتنفذ دول أخرى مثل الإمارات وبوتان والسلفادور مشاريع مماثلة على المستوى الوطني.
أما الجانب الثاني فهو تداول العملات المشفرة، إذ يمكن للحكومة جذب منصات تداول عالمية مثل "بينانس" و"كوين بيس" لتأسيس فروع لها في باكستان وجمع الضرائب من المستثمرين عبر هذه المنصات.
ويقول الخبير الاقتصادي والباحث في مركز دراسات الفضاء والأمن الدكتور عثمان شوهان إن تحول موقف الحكومة من العملات المشفرة يمكن أن يطلق العنان لإمكانيات اقتصادية كبيرة من خلال تعزيز ريادة الأعمال التكنولوجية المحلية، وجذب استثمارات الباكستانيين، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى البنية التحتية للتكنولوجيا المالية.
ويقول شوهان -الذي أصدر كتبا عدة عن العملات المشفرة- في حديث للجزيرة نت إنه مع وجود الضمانات المناسبة والوضوح التنظيمي تتمتع باكستان بفرصة لترسيخ مكانتها باعتبارها مركزا استشرافيا للتمويل الرقمي في المنطقة، مما يوفر الرقابة والانفتاح على واحدة من أكثر التقنيات تحولا في العصر الحديث.
تنظيم الأصول الرقميةوتقول صحيفة "بيزنس ريكوردر" إن الهيكل القانوني الحالي في باكستان لا يعترف حاليا بالعملات المشفرة كفئة أصول مشروعة أو وسيلة تبادل، إذ إن ثمة العديد من القوانين التي تحكم الأنشطة المالية، لكن أيا منها لا ينص صراحة على العملات الرقمية.
ويقول علي فريد خواجا إن تنظيم الأصول الرقمية والمشفرة لا يعني التصديق عليها، بل وضع متطلبات تنظيمية ووضع قواعد وأنظمة للعمليات والرقابة.
إعلانوأضاف خواجا أنه على الرغم من تحذيرات بنك الدولة فإن ملايين المواطنين الباكستانيين يستثمرون في الأصول المشفرة، ومن الواضح أن الحكومة فشلت في منع ذلك، لذلك فإنه من الأفضل بكثير تنظيم هذه الأصول ووضع ضوابط لحماية العملاء.
من جهته، يقول الدكتور عثمان شوهان "لا يتعارض نهج البنك المركزي في التحذير من العملات المشفرة مع توجه الحكومة الأوسع نحو الوضوح التنظيمي، بل إنهما متكاملان".
وأضاف شوهان أن البنك المركزي يصيب في تسليطه الضوء على مخاطر استخدام العملات المشفرة غير المنظمة، ولا سيما المخططات الهرمية وعمليات الاحتيال مثل بونزي التي أضرت سابقا بالمستثمرين العموميين.
وأشار إلى أن التوفيق بين هذين الموقفين يتطلب الإقرار بإمكانية تطوير الأطر التنظيمية للحد من المخاطر.
ويقول الرئيس التنفيذي لمجلس العملات المشفرة الباكستاني بلال بن ثاقب للجزيرة نت إن الأبحاث تشير إلى أن ما بين 15 و20 مليون باكستاني يمتلكون حاليا أصولا رقمية.
وأضاف "احتللنا المرتبة الثالثة على مؤشر تبني العملات الرقمية العالمي في عام 2021، ونصنف حاليا ضمن العشرة الأوائل".
وأوضح أنه بمجرد تطبيق هذا الإطار سيشهد العالم بروز باكستان كعاصمة للعملات المشفرة في جنوب آسيا، مشيرا إلى أن ذلك سيتيح فرصا هائلة، ليس فقط في الاستثمار، بل أيضا في الابتكار وتبادل المعرفة والنمو الاقتصادي، مما يعكس النجاح الذي شهدناه في الدول التي تعتمد على العملات المشفرة.
ويقول خبير العملات الرقمية علي خواجا إنه لا توجد مصادر موثوقة للبيانات الدقيقة بشأن حجم هذه الصناعة في باكستان.
وأضاف أن معظم التقديرات تشير إلى أن باكستان تعد من أبرز الأسواق العالمية لتبني العملات المشفرة، فبعض هذه التقديرات تضعها ضمن أفضل 3 أسواق، في حين تشير تقديرات أخرى إلى أنها من بين أفضل 10 أسواق.
إعلانوأشار إلى أن أكثر من 20 مليون شخص يستخدمون منصات العملات المشفرة في باكستان، ومن السهل التأكد من ذلك، إذ تعد منصة "بينانس" من بين أكثر 5 تطبيقات تنزيلا في فئة التمويل في باكستان على هواتف نظام التشغيل أندرويد.
من جهته، يقول شوهان إن العملات الرقمية تشهد ازديادا مستمرا في شعبيتها، ولا سيما بين الباكستانيين الشباب الملمين بالتكنولوجيا، والذين يسعون إلى الاستقلال المالي والحماية من المخاطر النظامية، وفي ظل ركود اقتصادي وتقلبات أسعار صرف وضوابط رأس المال والضغوط الجيواقتصادية الخارجية تقدم العملات الرقمية بديلا جذابا كمخزن للقيمة وأداة استثمارية.
ويضيف أنه في حين يصعب الحصول على أرقام دقيقة نظرا لغموض عالم العملات الرقمية فإن أعلى التقديرات تشير إلى أن باكستان تضم عشرات الملايين من مستخدمي العملات الرقمية، والكثير منهم يمتلكون استثمارات صغيرة.
ولدى سؤاله عن أبرز العملات الرقمية المتداولة في باكستان رفض بلال بن ثاقب الحديث عنها قائلا "لا يمكنني التعليق على تداول العملات الرقمية والاستثمار فيها، فقد يُظن خطأ أنها نصيحة مالية".