في بلدة تمبول التي تقع في الجزء الشرقي من ولاية الجزيرة وسط السودان، اجتمع نحو 50 شخصًا من جميع الفئات العمرية في باحة منزل، حاملين هواتفهم الذكية حول طبق هوائي لاستقبال إشارة الإنترنت.

بعد مرور نحو عام على الحرب التي تجتاح المنطقة بين الجيش وقوات الدعم السريع التي تسيطر على تمبول منذ 3 أشهر، وفي ظل انقطاع الاتصالات والإنترنت في السودان، أصبحت أجهزة "ستارلينك" للاتصال بالإنترنت عبر الفضاء نقطة النجاة للسكان، إذ تمكنهم من التواصل وتحويل الأموال، وفقًا لتقرير دولية لا سميا وكالة الأنباء الفرنسية.

هنا يعاني المواطنون من أجل الحصول على خدمة الاتصال عبر الأثير مباشرةً، من أجل التواصل مع أهاليهم خارج البلاد، وربما إذا توفر يكون من خلال الاصطفاف "طابور" من أجل حجز الأدوار لممارسة هذا التفاعل الذي لم يعُد لديهم ترفيهيًا، في غالب الأحيان.

ستارلينك.. طوق النجاة

يتصل نظام ستارلينك بالإنترنت عبر الأقمار الصناعية وهو مملوك لشركة "سبايس إكس" التي تملكها إيلون ماسك، وتقدم خدماتها في البلدان المتأثرة بالحروب حيث تعاني الخدمات الاتصالاتية والإنترنت.

منذ اندلاع الحرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو في 15 أبريل الماضي، تلك الحرب التي قاربت العام وأسفر دويها عن آلاف القتلى وملايين النازحين داخل وخارج البلاد، انهار النظام المصرفي السوداني.

انقطاع الرواتب

تُقطع الرواتب عن الغالبية العظمى من الموظفين، وأصبح السكان يعتمدون بشكل كبير على المعاملات عبر الإنترنت باستخدام تطبيق بنك الخرطوم "بنكك".

أصبحت أجهزة "ستارلينك" الآن مصدر الحياة للذين لم يهاجروا من المنطقة خلال الحرب، للتواصل مع العائلة والأصدقاء في الخارج ولتحصيل الأموال.

وفي النهاية، أعلنت بلدية أم درمان في نهاية فبراير/شباط الماضي أن الفريق أول البرهان قدم بعض أجهزة "ستارلينك" كهدايا للسكان "للحصول على الإنترنت مجانًا".

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: ستارلينك السودان الإنترنت انقطاع الإنترنت انقطاع خدمة الانترنت

إقرأ أيضاً:

حين تُكذّب الحربُ مقولةَ التفاوض

كتب الدكتور عزيز سليمان استاذ السياسة والسياسات العامة

قال أرسطو “نحن نخوض الحروب لنعيش في سلام”، لكن التاريخ، ذلك المعلّم الصلب، يعلمنا أن السلام ليس دائمًا ثمرة طاولة مستديرة، بل قد يكون غصنًا ينبت من رماد انتصارٍ كاسح. يتردد في الأذهان قولٌ شائع: “كل حربٍ لازم تنتهي بالتفاوض”، تعبيرٌ يحمل في طياته حكمةً شعبيةً تبدو بديهية، لكنه يصطدم أحيانًا بجدار الواقع الذي لا يرحم. فهل كل نزاعٍ محكومٌ بمصير المفاوضات، أم أن هناك حروبًا تُسدل ستارها بانتصارٍ عسكريٍّ لا يقبل القسمة على اثنين؟ دعونا ننظر إلى السودان اليوم، حيث تُرسم معالم صراعٍ قد يُعيد كتابة هذا المثل.
ميراث التاريخ: انتصاراتٌ بلا مساومة
لنعد بالذاكرة إلى أمثلةٍ تاريخيةٍ تُناقض هذا القول. حرب القرطاجيين الثالثة (149-146 ق.م) بين روما وقرطاجة لم تنته بتفاوض، بل بانتصارٍ روميٍّ مدوٍّ أحرق مدينة العدو وأذابها في ملح الأرض، كما يروي المؤرخون. وفي العصر الحديث، سقوط برلين عام 1945 على يد الحلفاء لم يترك للنازية بابًا للتفاوض، بل كان نهايةً حاسمةً أعقبتها استسلامٌ بلا شروط. حتى في حرب الاستقلال الأمريكية (1775-1783)، لم يكن انتصار المستعمرات على بريطانيا ثمرة حوارٍ دبلوماسيٍّ مبكر، بل جاء بعد معاركَ دمويةٍ فرضت واقعًا جديدًا.
يقول الفيلسوف توماس هوبز: “الحرب هي حالة الإنسان الطبيعية حين يغيب القانون”، لكن الانتصار العسكري قد يكون أحيانًا القانون الوحيد الذي يُنهي تلك الحالة. فالتاريخ لا يُكتب دائمًا بحبر الدبلوماسية، بل قد يُسطر بدماءٍ تُجبر المهزوم على الصمت.

السودان: حربٌ ترفض طاولة التفاوض
في السودان اليوم، حيث يتصارع الجيش الوطني مع مليشيا “الدعم السريع” (الجنجويد)، تبرز معالم صراعٍ قد يُثبت استثناءً لهذه المقولة. الجيش السوداني، مدعومًا بإرادة شعبيةٍ جارفة، يخوض معركةً ليست مجرد نزاعٍ على السلطة، بل حرب وجودٍ ضد قوى التمرد والعمالة. الشعب السوداني، ذلك العمود الفقري للأمة، لم يكتفِ بالمشاهدة، بل حمل السلاح إلى جانب جيشه، في مشهدٍ يذكرنا بقول شكسبير: “إذا لم تكن ذئبًا، أكلتك الذئاب”. هنا، لا مكان للتردد.
لماذا يبدو الانتصار الكامل للجيش محتومًا؟ أولاً، لأن الشعب السوداني يرفض الجنجويد رفضًا قاطعًا، ليس فقط لفظاعاتهم من نهبٍ وقتلٍ وتشريد، بل لعمالتهم المكشوفة لأجنداتٍ خارجيةٍ تُريد تقطيع أوصال البلاد. ثانيًا، لأن المجموعات المدنية التي ساندت المليشيا، سواء بنيةٍ أو بغفلة، فقدت مصداقيتها بعد أن كشفت الأيام خيانتها لتطلعات الشعب، فأصبحت كمن يحفر قبره بيده. ثالثًا، لأن الجيش ليس مجرد مؤسسةٍ عسكرية، بل رمزٌ للوحدة الوطنية في مواجهة الفوضى.
أصل المقولة: حكمةٌ أم وهم؟
من أين جاءت مقولة “كل حرب لازم تنتهي بالتفاوض”؟ لعلها وليدة تجاربَ مثل معاهدة فرساي أو اتفاقية كامب ديفيد، حيث أعقبت الحروبَ جلساتُ حوارٍ شكلت السلام. أو ربما هي صدى لقول تشرشل: “التفاوض أفضل من التقاتل”، معاد صياغته بلغةٍ شعبيةٍ عربيةٍ تلخص واقعًا شائعًا. لكنها، كما يقول نيتشه: “الحقائق الكبرى تبدأ كبدعٍ ثم تصير بديهيات”، قد تكون بدت بديهيةً حتى اصطدمت بحروبٍ لا تقبل الحلول الوسط.

خاتمة: السودان يكتب تاريخه
في السودان، قد لا تكون طاولة التفاوض سوى سرابٍ في صحراء الصراع. الجيش، بقوة الشعب، يسير نحو انتصارٍ قد يُعيد تعريف المقولة، ليثبت أن بعض الحروب تنتهي لا بحبر الأقلام، بل بحد السيوف. كما قال ابن خلدون: “إذا تعانى القومُ أمرهم، صلح حالهم”، والسودانيون اليوم يعانون أمرهم بإرادةٍ لا تُقهر. فلتكن هذه الحرب استثناءً يُضاف إلى سجل التاريخ، حيث الانتصار الكامل هو البوابة الوحيدة للسلام.

quincysjones@hotmail.com  

مقالات مشابهة

  • إيلون ماسك يعلن إطلاق خدمة ستارلينك في دولة عربية
  • حين تُكذّب الحربُ مقولةَ التفاوض
  • هذه كمبالا التي تشرق منها شمس “التحول المدني الديمقراطي” لتغمر ظلام السودان????
  • وزارة الصحة تتسلم أربع سيارات إسعاف من صندوق الأمم المتحدة للسكان
  • انقطاع مفاجئ للإنترنت بسوريا.. والحكومة تكشف الاسباب
  • انقطاع الإنترنت في جميع أنحاء سوريا
  • انقطاع خدمة «الإنترنت» في كافة أنحاء سوريا
  • انقطاع خدمة الإنترنت في عموم سوريا
  • انقطاع خدمة الإنترنت في جميع أنحاء سوريا
  • ‏انقطاع خدمة الإنترنت عن سوريا بأكملها