شمسان بوست / متابعات:

المياه الجوفيّة هي مياه عذبة مصدرها المطر أو ذوبان الثلوج، حيث تتسرب إلى التربة وتخزّن في المسامات بين الصخور وجزيئات التربة.

ويمكن للمياه الجوفيّة أن تبقى تحت الأرض لمئات الآلاف من السنين، أو يمكنها أن تظهر على السطح وتساعد في ملء الأنهار والجداول والبحيرات والبرك والأراضي الرطبة، ويمكن أن تخرج المياه الجوفيّة أيضاً على شكل ينابيع أو يتم ضخها من الآبار الجوفيّة.

وتكتسب المياه الجوفيّة أهمية كبيرة في الطبيعة، حيث توفّر ما يقرب من نصف حجم جميع المياه المعدّة للاستخدام المنزلي ونحو 43% من استخدام المياه لأغراض الري.

وتوفر طبقات المياه الجوفيّة التي يسهل الوصول إليها صمام الأمان في حالات الجفاف، وتلعب هذه الموارد أيضاً دوراً حاسماً في التكيف مع تغير المناخ من خلال الحفاظ على مجموعة واسعة من النظم الإيكولوجية المعتمَدة (النظام الإيكولوجي هو النظام البيئي الذي يشمل جميع الكائنات الحية في منطقة معينة، بالإضافة إلى تفاعلاتها مع بعضها البعض، ومع كل ما هو غير حي حولها مثل الطقس والشمس والتربة والمناخ والغلاف الجوي، حيث يكون لكل كائن حي دور يلعبه للمساهمة في صحة وتوازن وإنتاجية النظام البيئي ككل) وتوفير المياه العذبة عندما تكون موارد المياه السطحية شحيحة.

وعلى الرغم من كونها مورداً متجدداً، فإن إعادة الملء الطبيعي لطبقات المياه الجوفيّة في العمق عملية بطيئة وتستغرق عقوداً أو قروناً طويلة حتى تتعافى بعض طبقات المياه الجوفيّة بعد استنفادها، لذك يشكل استنزاف المياه الجوفيّة مشكلة كبيرة تهدد الأمن المائي والغذائي على كوكب الأرض.

ويعد النمو السكاني أحد التهديدات الرئيسية لمخزون المياه الجوفيّة، سواء أكانت منزلية أم زراعية أم صناعية، ويسهم التصنيع وارتفاع مستويات المعيشة في زيادة الطلب على المياه.

استنزاف متسارع
في دراسة نشرت حديثا، قام فريق من علماء البيانات والمتخصصين في المياه وخبراء السياسات بتجميع أول مجموعة بيانات عالمية النطاق لمستويات المياه الجوفيّة، ومن خلال تحليل الملايين من قياسات مستوى المياه الجوفيّة في 170 ألف بئر تقع في أكثر من 40 دولة في البلدان التي تشمل نحو 75٪ من عمليات سحب المياه الجوفيّة العالمية، رسم الباحثون خرائط لكيفية تغير مستويات المياه الجوفيّة مع مرور الوقت.

وتوصلت الدراسة إلى نتيجتين رئيسيتين:

الأولى

تُظهر أن النضوب السريع للمياه الجوفيّة منتشر على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، وأن معدلات الانخفاض تسارعت على مدى العقود الأربعة الماضية في 30% من طبقات المياه الجوفيّة في العالم.
ووجد الباحثون أن الاستنزاف كان أكثر حدة في القرن الحادي والعشرين مما كان عليه في العشرين سنة الأخيرة من القرن السابق، خاصة في المناطق الجافة ذات الأراضي الزراعية الشاسعة التي تلقت كميات أقل من الأمطار، ويسلط هذا التسارع الواسع النطاق في انخفاض منسوب المياه الجوفيّة الضوء على الحاجة الملحة إلى اتخاذ تدابير أكثر فعالية لمعالجة استنزاف المياه الجوفيّة، كما يسلط الضوء على التأثير الكبير لتغير المناخ في تفاقم هذه الظاهرة.

والنتيجة الثانية

كشفت عن حالات محددة انعكست فيها اتجاهات النضوب عقب تغيير السياسات، وإدارة تغذية طبقات المياه الجوفيّة، وتحويل المياه السطحية، وأنه من خلال التدخلات في الوقت المناسب، يمكن لهذا المورد المهم أن يتعافى.
وفي نحو 20% من طبقات المياه الجوفيّة التي دُرست، وجد الباحثون أن معدل انخفاض مستويات المياه الجوفيّة في القرن الحادي والعشرين تباطأ مقارنة بالثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي.

الوقاية والحلول
مع النهج الحالي في التعامل مع المياه الجوفيّة فإن العالم يتجه نحو الكارثة، لكنْ يمكن للحكومات اتخاذ إجراءات ورسم سياسات تُعاكس هذا الاتجاه، واتباع أساليب التخطيط الإستراتيجي والتكيفي على نطاق واسع لإدارة ما لديها بشكل أكثر فعالية وتقليل الاستثمارات التي يتعين عليها القيام بها لمنع الأزمة من أن تصبح حقيقة واقعة.

ومع إعطاء الأولوية للإدارة الفعالة للمياه في المناطق المعرضة للخطر، لا بد من العمل بشكل أكثر استباقا لتضمين هذا النهج في المناطق الأقل عرضة للخطر قبل أن تصبح الندرة أمراً حتمياً.

وللتعامل مع الاستغلال المفرط للمياه الجوفيّة، ينبغي تحديد أقصى عمق للحفر في كل منطقة، وتقنين حفر آبار جديدة وفقاً للوضع الجيولوجي فيها، واتباع سياسات زراعية لتحديد دورة المحاصيل، وزراعة المحاصيل ذات الاستهلاك المنخفض للمياه في المناطق غير الغنية بالمياه الجوفيّة.

فعلى سبيل المثال، تشير الدراسة التي أشرنا إليها إلى أن استنزاف المياه الجوفيّة في السعودية قد تباطأ في طبقة المياه الجوفيّة هذا القرن، وقد يعود سبب ذلك إلى الخطوات التي نفذتها المملكة في سياستها الزراعية في العقود الأخيرة للحد من هدر المياه، مثل حظر زراعة بعض المحاصيل التي تستهلك الكثير من المياه.

كما أنه من المفيد في هذا الصدد الاعتماد على نهج الاقتصاد الدائري، مثل تحويل تدفقات الأنهار الزائدة خلال السنوات الرطبة إلى “مواقف مائية”، والتي تسمح للمياه بالترشيح إلى طبقة المياه الجوفيّة لاستخدامها في سنوات الجفاف، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي بعد معالجتها وتحويلها إلى مياه صرف عالية الجودة يمكنها تجديد وإعادة تغذية طبقة المياه الجوفيّة وإعادة استخدامها في الزراعة لتخفيف ضخ المزيد من المياه الجوفيّة.

المصدر: شمسان بوست

كلمات دلالية: المیاه الجوفی ة فی فی المناطق ة التی

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: أرفض إلغاء تدريس أى علم من العلوم..وهذا سبب تراجعنا في القرن السادس

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الجمهورية الأسبق، إن بعض التيارات المتشددة تهاجم العلوم العقلية وتزعم أنها أضرت بالحراك العلمي الإسلامي، بينما تدعي تيارات أخرى أن العلماء أهملوا تلك العلوم وقاوموا التنوير.

وأضاف الدكتور علي جمعة، خلال بودكاست "مع نور الدين"، اليوم الخميس: "أنا موقفي، أو من رأيي، إن ماينفعش علم يغني عن علم، والأزهر عنده توازن كبير، يعني لما أراد يدرس أصول الفقه، درس معاه المنطق، ودرس البلاغة كمان، أنا اللي فهمني المنطق كان الشيخ شمس – رحمه الله، والبلاغة فهمناها على يد الشيخ شيخون – رحمه الله، وفي الأصول درسنا على الشيخ أبو النور زهير، وكمان الشيخ نور، كنا نقوله مازحين: يا مولانا، إنت لو مشيت وعرقت، هتعرق أصول! يعني ما شاء الله، يفرز جمل أصولية حتى في العرق!".

وتابع: "هو اللي فهمنا المنطق؟، هو اللي فهمنا البلاغة؟، وكان بيجيب لنا أعاجيب في البلاغة ما سمعناهاش قبل كده، والبلاغة ليها علاقة بالمنطق، لأنها كأنها عقل المنطق، واللغة والفكر وجهان لعملة واحدة، والمنطق هو قوانين بترتب حركة الفكر،  سواء كانت حركة النفس في المحسوسات أو المعقولات، يعني مفيش استغناء أبدًا عن العلم، في ناس كانت بتقول إن التعمق في العلوم العقلية بيقسّي القلب، فضيّقوا عليها، لدرجة إن في فترة من الفترات الأزهر لغى تدريس المنطق!، وده خطأ، لا، ده احنا نتبحر فيه، ونتوسع فيه، ومافيش كلام".

ثم استشهد الدكتور علي جمعة بما ورد في أحد الكتب التراثية: "الزركشي، في كتابه نهاية المنثور، قال: 'إن من العلوم ما نضج واحترق'  بس إحنا بنقول: مفيش علم بيحترق!، العلم ملهوش كلمة أخيرة، العلم شغّال من المحبرة للمقبرة، وكل يوم فيه جديد في كل العلوم، توليد العلوم كان من سمات الحضارة الإسلامية،  ولما التوليد ده خف بعد القرن السادس، إحنا اتأخرنا".

وتابع:  "العَضُد مثلًا لما وضع علم الوضع، ده كان علم بيني، بين علوم اللغة والمنطق، واخترع علم أفاد في عمق الفهم، فمفيش حاجة اسمها: العلوم احترقت أو انتهت، ولا فيه حاجة اسمها: نوقف تدريس علم أو نهمّله".

وأكمل: "اللي يقول إن القرن الثامن والتاسع كانوا عصور جمود، ده مش دقيق، دول ناس شالوا العلم، وكملوا عليه، واستخرجوا مناهج جديدة من نفس العلوم،  واخترعوا كمان مناهج تانية شبيهة، ودي إضافة، وطبقوا ده في الشروح، والحواشي، والتقارير، والتعليقات، علشان يرجعوا ملكة اللغة العربية لناس كانت بدأت تبتعد عنها، كل مرحلة من مراحل العلم – سواء كانت الشرح، أو الحاشية، أو التعليق –  كانت مناسبة لعصرها.  واللي بيقول إننا في تدهور، ده مش دقيق، الموضوع أوقات بيبقى مرتبط بقرارات إدارية داخل المؤسسات، والقرارات دي ممكن تكون محل نقاش".

وتابع: "لغينا مثلًا علم الهيئة؟  أنا مش مع ده، لغينا علم الوضع؟ برضو مش مع ده، أنا ضد إلغاء أي علم من العلوم، علشان ما يتنساش، ومايبقاش فيه فجوة بيننا وبين مصطلحاته أو مراجعه". 

مقالات مشابهة

  • رسالة من القرن السابع عشر تنفي رواية "هجر شكسبير لزوجته"
  • ظاهرة فلكية مذهلة.. هالة الشمس تزين سماء جازان
  • تقرير: ليلة الآليات المحترقة .. حين تُقصف الأذرع التي تساعد غزة على النجاة
  • السيسي: نرفع الهامات إجلالًا للقوات المسلحة التي قدمت الشهداء دفاعًا عن الأرض والعرض
  • صلاح الدين.. طفل نزل الماء لغرض السباحة فخرج جثة (تحديث)
  • «علي جمعة»: أرفض إلغاء تدريس أى علم من العلوم العقلية وهذا سبب تراجعنا في القرن السادس
  • علي جمعة: أرفض إلغاء تدريس أى علم من العلوم..وهذا سبب تراجعنا في القرن السادس
  • إفريقية النواب: مصر وجيبوتي قادرتان على حفظ أمن واستقرار القرن الإفريقي
  • أدلة جديدة تتحدى النظريات حول أصل الماء على الكرة الأرضية
  • أفضل المشروبات التي تحافظ على ترطيب الجسم