رسائل في بريد واشنطن وأديس أبابا.. مناورات روسية إريترية في البحر الأحمر
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
في خطوة مفاجئة أعلن السفير الروسي في أسمرا إيغور موزغو قيام بلاده بمناورات عسكرية مشتركة مع البحرية الإريترية ضمن نشاطات تقوم بها الفرقاطة الروسية “المارشال شابوشنيكوف” في الشواطئ الإريترية بين 28 مارس و5 أبريل 2024.
التغيير ــ وكالات
وتعد “المارشال شابوشنيكوف” أول سفينة روسية تقوم بهذا النوع من التدريبات مع جيش إريتريا منذ استقلال الأخيرة عام 1993.
وبينما أعلنت وسائل إعلام إريترية ارتباط هذه الزيارة بإحياء الذكرى الـ30 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين فإن السياق الملتهب الذي تمر به منطقة جنوب البحر الأحمر وصراعات القوى الدولية والإقليمية على النفوذ فيها يطرحان رؤية جيوسياسية أوسع.
“نحن هنا” رسالة من روسيا
“حرب روسيا في أوكرانيا تحيي البحر الأحمر كطريق حيوي للنفط”، بهذا العنوان أوجزت وكالة بلومبيرغ الأهمية الفائقة التي بات يتمتع بها هذا الممر الإستراتيجي بالنسبة لموسكو، حيث أدت العقوبات الأوروبية عقب اندلاع الحرب الأوكرانية إلى توسع موسكو في تصدير محروقاتها إلى آسيا عبر هذا الشريان الضيق.
ووفقا لبيانات أوردتها إدارة معلومات الطاقة الأميركية، فإن صادرات النفط من روسيا شكلت 74% من حركة النفط المتجهة جنوبا عبر قناة السويس في النصف الأول من عام 2023، ارتفاعا من 30% في عام 2021، وتتجه معظم هذه الشحنات إلى الهند والصين عبر باب المندب.
بالمقابل، زادت منطقة الشرق الأوسط -ولا سيما السعودية والإمارات- وارداتها من المنتجات النفطية المكررة من روسيا في عام 2022 والنصف الأول من عام 2023 من أجل توليد الطاقة الكهربائية أو تخزينها أو إعادة تصديرها.
ورغم ذهاب بعض التحليلات إلى أن روسيا لم تتضرر من الاضطراب الأمني الناتج عن هجمات الحوثيين فإن محاولة الولايات المتحدة إعادة تشكيل المنظومة الأمنية جنوب البحر الأحمر لا يمكن أن ينظر إليها بعين الاطمئنان في موسكو، حيث وصف ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الرئيس الروسي الهجمات الأميركية البريطانية على الحوثيين بغير القانونية.
وفي هذا السياق، قامت واشنطن بالعديد من الخطوات، فقد أنشأت في 18 ديسمبر/كانون الأول 2023 تحالفا باسم “حارس الازدهار” يضم إلى جانبها لندن الخصم الأوروبي اللدود لموسكو منذ بدء الحرب الأوكرانية، كما عملت واشنطن على ترسيخ وجودها الأمني والعسكري في الصومال عبر اتفاقيات ودعم عسكري لمقديشو.
ومن جانبه، أطلق الاتحاد الأوروبي في فبراير/شباط 2024 مهمة بحرية لحماية الملاحة في البحر الأحمر باسم “أسبيدس”، في حين تم في مارس/آذار الماضي تدشين دخول تركيا (صاحبة ثاني أكبر جيش في حلف الناتو) كلاعب أمني في المنطقة من خلال توقيعها اتفاقيات عسكرية أمنية مع كل من الصومال وجيبوتي.
ويرى الجنرال الأميركي المتقاعد رالف كلم في دراسة له أن المناورات العسكرية عادة ما تترجم إلى رسائل سياسية، وفي هذه الحالة تبدو موسكو معنية إزاء هذه التطورات المتلاحقة بإثبات حضورها العسكري والجيوسياسي، وأنها ليست معزولة عن التطورات الجارية في جنوب البحر الأحمر.
البحث عن حليف
ويرتبط بهذا مباشرة إبراز موسكو امتلاكها حلفاء إستراتيجيين في جنوب البحر الأحمر، حيث تبدو إريتريا الدولة الأقرب إلى موسكو، وقد شهدت العلاقات بين الطرفين تناميا مستمرا خلال السنوات الماضية على العديد من المستويات.
وفي سابقة لافتة كانت إريتريا الدولة الأفريقية الوحيدة التي صوتت ضد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بإدانة الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
هذه الضرورة الروسية تزداد إلحاحا عند النظر إلى خريطة الانتشار العسكري للعديد من القوى الكبرى والإقليمية في جنوب البحر الأحمر والقرن الأفريقي، حيث تحتوي جيبوتي وحدها على أكبر قاعدة عسكرية أميركية في أفريقيا وعلى القاعدة العسكرية الصينية الوحيدة في الخارج، إلى جانب قواعد فرنسية وإيطالية ويابانية وغيرها.
وفي وسط هذا التزاحم الدولي تبدو روسيا “أبرز الغائبين عن الحفلة”، وقد كانت آمال موسكو معقودة على بناء قاعدة عسكرية في الشواطئ السودانية.
وترصد ورقة صادرة عن مركز الجزيرة للدراسات تحول السودان إلى ساحة صراع أميركي روسي على خلفية طموحات موسكو التي أجهضتها الضغوط الغربية في عهد حكومة عبد الله حمدوك.
وفي سودان ما بعد 15 أبريل/نيسان 2023 لا تبدو الأمور أفضل حالا، حيث تفيد العديد من التقارير بوجود تعاون عسكري بين مجلس السيادة السوداني مع أوكرانيا، مما يضيق مساحات المناورة أمام روسيا، وهو ما يضطرها إلى تمتين تحالفها مع إريتريا كبديل مناسب للخيار السوداني.
ترتيبات أمن البحر الأحمر
من جانبها، لن تنظر أسمرا بارتياح إلى التطورات المرتبطة بإعادة الولايات المتحدة الترتيبات الأمنية في البحر الأحمر، لأن العداء وعدم الثقة المتبادل هما أساس العلاقات بين الطرفين طوال العقدين الماضيين.
وفي هذا السياق، لا تبدو أسمرا معنية بتوثيق علاقاتها مع قوى دولية منافسة لواشنطن مثل موسكو وبكين فقط، بل تجاوزت ذلك إلى تطوير روابطها مع قوى غربية اتسمت علاقاتها بها بالدفء النسبي كإيطاليا التي مثلت رأس الحربة في المطالبة بتكوين قوة بحرية أوروبية منفصلة عن نظيرتها الأميركية في جنوب البحر الأحمر، كما أن روما هي من تقود هذه المهمة الأوروبية المسماة “أسبيدس”.
الوسومأفورقي أمريكا إثيوبيا إريتريا البحر الأحمرالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أفورقي أمريكا إثيوبيا إريتريا البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
غارات روسية بالمسيرات والصواريخ على مدن أوكرانية .. وترامب يتوقع ردا روسيا بشأن مفاوضات السلام قريبا
عواصم "د ب أ" "أ ف ب": قال القائم بأعمال عمدة مدينة سومي شمال شرق أوكرانيا أرتيم كوبزار في وقت مبكر اليوم إن غارة جوية روسية بمسيرة على مدينة سومي شمال شرق أوكرانيا أسفرت عن مقتل شخص وإصابة آخر، كما تعرضت مناطق أخرى للقصف خلال الليل.
وفي مدينة خاركيف شرقي أوكرانيا سقط صاروخ على منطقة مكتظة بالسكان، وفقا لرئيس البلدية إيهور تيريخوف. وقال المسؤول العسكري الإقليمي أوليه سينيجوبوف إن الغارة ألحقت أضرارا بمبنى سكني متعدد الطوابق وأسفرت عن إصابة حوالي 20 شخصا، استنادا إلى التقارير الأولية.
كما تم الإبلاغ عن وقوع انفجارات في ضواحي العاصمة كييف وفي مدينة دنيبرو الصناعية الجنوبية.
وفي الوقت نفسه، في منطقة روستوف الروسية، قال الحاكم يوري سليوسار إن الدفاعات الجوية اعترضت ودمرت عدة طائرات أوكرانية بدون طيار. وأضاف في منشور على تطبيق تلجرام أنه وفقا للمعلومات الأولية، لم تقع إصابات أو أضرار على الأرض.
"غير واقعي"
قال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا إن وقف إطلاق النار في الحرب في أوكرانيا "غير واقعي" في الوقت الراهن.
وأوضح نيبينزيا، متحدثا في نيويورك، أن فشل وقف إطلاق النار المحدود على البنية التحتية للطاقة يظهر أن هدنة أوسع نطاقا غير ممكنة في الوقت الحالي.
وتابع "لقد كانت لدينا محاولة لوقف إطلاق النار المحدود على البنية التحتية للطاقة، وهو ما لم يلتزم به الجانب الأوكراني. لذا في هذه الظروف، فإن الحديث عن وقف إطلاق النار هو ببساطة غير واقعي في هذه المرحلة".
وأضاف "لسنا في وضع يمكننا فيه مناقشة وقف إطلاق النار الشامل بجدية".
وتتهم روسيا أوكرانيا بارتكاب أكثر من 80 انتهاكا لاتفاق وقف إطلاق النار المحدود لمدة 30 يوما والذي كان يهدف إلى وقف الهجمات المتبادلة على البنية التحتية للطاقة.
وكان وقف إطلاق النار، الذي دخل يومه الأخير الخميس، قد أعلنته موسكو من جانب واحد في 18 مارس عقب مكالمة هاتفية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وعلى مدار الثلاثين يوما الماضية، امتنعت روسيا عن شن ضربات كبيرة على محطات الطاقة الأوكرانية، على الرغم من أن المسؤولين الأوكرانيين أبلغوا عن أضرار محلية لحقت بإمدادات الكهرباء بسبب الهجمات الروسية.
وفي الوقت نفسه، زادت الضربات الروسية على المناطق المدنية، مما أدى إلى مقتل العشرات منذ أوائل أبريل.
أمريكا ربما تتخلى
قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الجمعة إن الولايات المتحدة ربما تتخلي عن الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا إذا لم يحدث تقدم في الأيام المقبلة.
وقال روبيو في تصريحات أدلى بها في باريس بعد يوم ماراثوني من المحادثات التاريخية بين مسؤولين أمريكيين وأوكرانيين وأوروبيين، إن المناقشات كانت بناءة وأنتجت مخططا للخطوات نحو السلام.
وقال مسؤولون فرنسيون إنه من المتوقع عقد اجتماع جديد بنفس الصيغة في لندن خلال الأيام المقبلة.
وأضاف روبيو أنه يمكن أن ينضم إلى اجتماع لندن ، ومن المتوقع عقده مطلع الأسبوع.
وقال روبيو للصحفيين عند المغادرة "لقد وصلنا الآن إلى نقطة نحتاج فيها إلى اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان هذا ممكنا أم لا".
وبعد أسابيع من الجهود التي بذلتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتوسط في وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا والتي فشلت في إنهاء القتال، قال روبيو إن الإدارة الأمريكية تريد أن تقرر "في غضون أيام ما إذا كان هذا قابلا للتنفيذ أم لا في الأسابيع القليلة المقبلة".
وقال روبيو للصحفيين قبل مغادرته باريس حيث شارك في محادثات رفيعة المستوى بشأن الحرب بين حلفاء أوكرانيا الأوروبيين وممثلين من كييف اليوم الخميس "إذا لم يكن من الممكن إنهاء الحرب في أوكرانيا فإننا نحتاج إلى التخلي عن المهمة "، حسب وكالة الأنباء الألمانية(د ب أ).
وأضاف "يتعين علينا أن نقرر بسرعة كبيرة الآن، وأنا أتحدث عن مسألة أيام، ما إذا كان هذا قابلا للتنفيذ أم لا. إذا لم يكن ممكنا، وإذا كنا متباعدين جدا بحيث لا يحدث هذا، فأعتقد أن من المحتمل أن يكون الرئيس قد وصل إلى مرحلة يقول فيها: "لقد انتهينا"."
وساهم روبيو والمبعوث الرئاسي ستيف ويتكوف في قيادة الجهود الأمريكية الرامية إلى تحقيق السلام. وتم عقد عدة جولات من المفاوضات في المملكة العربية السعودية. وقال روبيو إن ويتكوف التقى بوتين ثلاث مرات.
ورفضت موسكو بشكل فعلي قبول وقف إطلاق نار شامل دعا إليه ترامب وأيدته أوكرانيا. واشترطت روسيا وقف جهود التعبئة الأوكرانية وإمدادات الأسلحة الغربية، وهي مطالب رفضتها أوكرانيا.
يشار إلى أن محادثات بشأن سلام محتمل، تعثرت منذ أن رفضت موسكو اقتراحا لوقف إطلاق النار كان قد تم الاتفاق عليه بين الولايات المتحدة وأوكرانيا الشهر الماضي.
ترامب يتوقع ردا روسيا
يتوقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ردا من روسيا بخصوص اتفاق سلام محتمل مع أوكرانيا الأسبوع المقبل.
وقال ترامب في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض: "سنتلقى منهم أخبارا ، قريبا للغاية في الواقع، وسنرى".
وتحدث ترامب مجددا عن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: "لست مسرورا به، ولست مسرورا بأي شخص مشارك".
وقال عن زيلينسكي: "إنني لا ألومه، لكن ما أقوله هو أنني لا أعتقد أنه أدى عملا جيدا. حسنا، إني لست من أشد معجبيه".
وأضاف أن الجيش الروسي أكبر بكثير من الجيش الأوكراني.
وألقى ترامب باللوم مرة أخرى على سلفه جو بايدن في الحرب، كما فعل مؤخرا عندما ألقى باللوم أيضا على الرئيس الروسي فلاديمير بوتن وزيلينسكي.
ويريد ترامب إنهاء الحرب سريعا وتحقيق تقارب بين الولايات المتحدة وروسيا. وقد زار مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف موسكو عدة مرات مؤخرا للتحدث مع بوتين.
وقال ترامب إن الحكومة الأمريكية تتوقع توقيع اتفاق بشأن شراكة استراتيجية في مجال المواد الخام مع أوكرانيا الأسبوع المقبل.
وأضاف ترامب خلال اجتماع مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني في البيت الأبيض: "لدينا صفقة بشأن المعادن، والتي أعتقد أنه سيتم توقيعها الخميس، الخميس المقبل".
ولم يقدم مزيدا من التفاصيل لكن يبدو أنه كان يشير إلى اتفاق نهائي.
وكان زيلينسكي قد أعلن في وقت سابق عن خطوة مؤقتة على الطريق نحو التوصل إلى اتفاق بشأن المواد الخام مع الولايات المتحدة.