انفجار المزّة يخلط الأوراق.. والقوى السياسية تراهن على الحرب مدخلا للحل
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
كتبت سابين عويس في " النهار": تسود أجواء من المراوحة والجمود القاتل المشهد السياسي وسط حال من الرصد والترقب لما ستنتهي إليه حرب غزة، وما ستكون انعكاساتها على الداخل اللبناني في ظل استمرار التصعيد الإسرائيلي على جبهة الجنوب، فيما بدأت المخاوف تتصاعد على أثر الضربة الإسرائيلية على مقر القنصلية الإيرانية في دمشق، لما يمكن أن ترتّبه من تداعيات خطيرة قد يكون لبنان أكثر من سيدفع ثمنها.
أوقف سفراء اللجنة الخماسية تحركهم في انتظار بروز معطيات جديدة، وذلك تحت ستار انتهاء عطل الأعياد، ولا سيما أن البلد يدخل الأسبوع المقبل في عطلة الفطر.
لا يخفي مرجع سياسي مراقب خشيته من استمرار حال المماطلة والمراوحة، التي تعطل استئناف النشاط السياسي، عازياً هذا الوضع الى الخواء السياسي الحاصل، وعدم قدرة القوى المحلية على تحقيق أي تغيير، ما دام القرار اللبناني ليس ملك السلطة المحلية، بل رهينة التسويات المرتقبة على مستوى المنطقة.
وإن كانت مبادرتا كل من النائب المستقل غسان سكاف أو كتلة "الاعتدال الوطني" خرقت بعضاً من هذا الخواء، فإنهما لم ينجحا في تحقيق الخرق المطلوب في الأزمة الرئاسية، تماماً كما هي الحال على ضفة مبادرة بكركي التي غرقت وثيقتها المنتظرة في وحول الحسابات المحلية الضيقة. ويتوقف المرجع السياسي عند ما نُقل عن لسان السفيرة الأميركية ليزا جونسون أخيراً عن أن لا تغيير في المشهد أو تحرّك قبل عودة كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الأمن والطاقة آموس هوكشتاين إلى لبنان، الذي كان أعلن بدوره أنه لن يعود ما لم يكن يملك معطيات جديدة، لتقاربه مع الموقف اللبناني الرسمي الذي ربط بين الوضع في غزة والوضع في لبنان على قاعدة وحدة الساحات، وهو الموقف الذي التزمه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ليستنتج منه أن ميقاتي لم يتخذ هذا الموقف كاجتهاد شخصي منه أو محاباة ل" حزب الله" بل هو جاء بناءً على معطيات تكونت لديه بنتيجة اتصالاته ومشاوراته، علماً بأن المخاوف لا تزال قائمة من أن تعمد إسرائيل فعلاً إلى تنفيذ تهديداتها في التفرّغ للبنان بعد إنجاز اقتحام رفح.
وبناءً على ذلك، يؤكد المرجع أنه لا يمكن البقاء مكتوفي الأيدي في انتظار ما يُرسم للبلد، وأن لا حلّ أمام لبنان إلا الدفع نحو إعادة تكوين سلطة جديدة، بحيث يصبح هناك رئيس للجمهورية وحكومة كاملة الصلاحيات قبل نهاية أيار، على نحو يساعد في تكثيف الضغط الداخلي في اتجاه الخارج لمنع انزلاق لبنان إلى الحرب الموسعة. ذلك أن الصمت الداخلي المدوّي الذي تمارسه القوى السياسية يعبّر عن رهان على أن الحرب يمكن أن تشكل المدخل إلى الحلّ، وهذا رهان كارثي لأنه سيؤدّي إلى تدمير البلد!
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
كيف يمكن لترامب أن يكون صانع سلام؟
يستقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في البيت الأبيض هذا الأسبوع، في أول زيارة لزعيم أجنبي إلى واشنطن في ولاية ترامب الثانية، وفي أعقاب وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في غزة.
وتقول مجلة "تايم" الأمريكية إن من غير المرجح أن يصمد وقف إطلاق النار إذا اعتقد نتانياهو أنه قادر على استئناف الحرب بدعم من الولايات المتحدة، ولهذا على ترامب أن يبذل قصارى جهده لإنهاء الحرب بشكل دائم، وأن يوضح لضيفه أنه إذا انهار وقف إطلاق النار واستؤنفت الحرب، فلن تتدخل الولايات المتحدة.وترى المجلة أن الفرصة المتاحة أمام ترامب لهذا التضيق بالفعل. وهناك أدلة تشير إلى أن نتانياهو وشركاءه في الائتلاف لا يريدون انتهاء الحرب. فقد استقال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتامار بن غفير بالفعل بسبب وقف إطلاق النار، وهدد وزير المالية المتشدد بتسلئيل سموتريتش بإسقاط الحكومة إذا لم تستأنف إسرائيل الحرب بعد المرحلة الأولى التي تستمر 42 يوما من الاتفاق، وإذا رفض نتنياهو إعادة احتلال غزة.
Column: How Trump can be a Middle East peacemakerhttps://t.co/ljNnAuBLO9
— TIME (@TIME) February 1, 2025وفي الأسابيع الأخيرة، كان نتانياهو يطمئن أعضاء ائتلافه المتطرفين على أن الحرب ستستأنف بدعم من الولايات المتحدة، إذا فشلت مفاوضات المرحلة الثانية لإنهاء الحرب بشكل دائم. لكن العودة إلى القتال في غزة ستصبح عبئًا ثقيلًا على ترامب، تمامًا كما كانت على جو بايدن، وستتعارض بشكل أساسي مع المصالح الأمريكية.
الغايات المعلنةوالسبب الأول في ذلك حسب "تايم" هو أن هناك القليل من الأدلة على أن الحرب ستحقق الغايات المعلنة لنتانياهو، بما فيها تدمير حكم حماس في غزة وإطلاق سراح جميع الرهائن. لم يفض تدمير غزة وقتل الكثير من قادة حماس حتى الآن أيًا من الهدفين. وتظل حماس القوة السياسية والعسكرية المهيمنة داخل القطاع.
وقال وزير الخارجية السابق أنتوني بلينكن أخيراً إن حماس جندت عدداً من المقاتلين يقارب عدد الذين خسرتهم في 15 شهراً من الحرب.
وذكرت صحيفة "جيروزالم بوست" أن الجهاد وحماس مجتمعتان تضمان أكثر من 20 ألف مقاتل. أما الرهائن، فقد أنقذ جنود إسرائيليون 8 منهم، لكن حماس أطلقت سراح أكثر من 100، بفضل الجهود الدبلوماسية.
How Trump Can Be a Middle East Peacemaker https://t.co/Ia8V4CBl0d
— #TuckFrump (@realTuckFrumper) February 1, 2025إلى ذلك، من شأن تجدد القتال أن يصرف انتباه إدارة ترامب عن التركيز على الصين، أكبر تهديد جيوسياسي للولايات المتحدة. كما يمكن أن يساعد الصراع في غزة في جر الولايات المتحدة إلى حرب ضد إيران، والتي أوضح نتانياهو أنه يريدها، والتي ستكون خطأ استراتيجياً للمنطقة وتستنزف الأكسجين من جهاز السياسة الخارجية الأمريكية. وأخيراً، فإن الحروب في أوكرانيا وإسرائيل فرضت بالفعل ضغوطا على مخزونات الأسلحة الأمريكية الحيوية، واستخدامها قد يؤدي إلى تآكل الردع والاستعداد في مسارح أخرى.
مثل أي رئيس أمريكيوتلفت المجلة إلى أن لترامب، مثله مثل أي رئيس أمريكي، نفوذ إذا كان على استعداد لاستخدامه. لقد رأت إدارة ترامب بالفعل فائدة النفوذ الأمريكي، حيث تشير التقارير إلى أنه وفريقه لعبا دوراً حاسماً في الضغط على نتانياهو لقبول صفقة كانت على الطاولة منذ أشهر. ولا تريد الولايات المتحدة أن تتخلى عن دعمها للحرب في الشرق الأوسط. بل عليها أن تشير بوضوح إلى نتانياهو أن الدعم الأميركي لهذه الحرب قد انتهى؛ وإذا قرر نتانياهو أن الحرب حيوية رغم ذلك، فعلى الولايات المتحدة أن تتوقف عن دفع ثمنها.
ولا شك أن صقور نتانياهو سيصورون هذا على أنه خيانة. ولكن ترامب، وأمريكا، ليس لديهما مصلحة كبيرة في العودة إلى حملة إسرائيلية مكلفة سياسياً ومشكوك فيها عسكرياً.
إن وقف إطلاق النار يحظى بشعبية هائلة بين الأمريكيين، ولا يسبب يذكر للاعتقاد أن إسرائيل اكتشفت الصيغة السرية لهزيمة حماس في النهاية، ولتحرير الرهائن.
لفترة طويلة، أغرقت الولايات المتحدة الشرق الأوسط بالأموال والبنادق، وحلت القليل من المشاكل بينما خلقت مشاكل جديدة. ولم تكن الأشهر الخمسة عشر الماضية مختلفة. ولدى ترامب الفرصة لتغيير هذا. وكما قال في خطاب تنصيبه: "سنقيس نجاحنا ليس فقط بالمعارك التي نفوز بها، بل وأيضا بالحروب التي ننهيها، وربما الأهم من ذلك، الحروب التي لا ندخل فيها أبداً. وسيكون إرثي الأكثر فخراً هو إرث صانع السلام والموحد".
وقد ينهار كل ذلك لم يوضح ترامب الآن أن الولايات المتحدة لن تدعم تجديد هذه الحرب المدمرة.