كتاب في سطور || "صفحات من مذكرات نجيب محفوظ" رحلة في حياة صاحب نوبل بقلم رجاء النقاش (2)
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
تصحبكم «البوابة نيوز» خلال شهر رمضان الكريم، في رحلة للقراءة، وحلقات جديدة من حلقات "كتاب في سطور"، وفى كل يوم نقدم قراءة فى رواية أو عمل أدبى أو سيرة لأحد المشاهير، أو بعض الكتب الفكرية التي تناقش الأحداث التاريخية.
في رحاب صاحب نوبل
نستكمل في هذه الحلقة رحلتنا مع كتاب "صفحات من مذكرات نجيب محفوظ للكاتب الكبير رجاء النقاش والصادر حديثًا عن دار الشروق، هذا الكتاب نتاج 18 شهرًا روى خلالها صاحب نوبل للأخير جوانب من حياته، بعد أن رفض وبإصرار أن يكتب سيرته الذاتية.
محفوظ والوظيفة
ويقدم الكاتب الكبير رجاء النقاش في بداية هذا الجزء الخاص بعلاقة نجيب محفوظ والوظيفة وكيف كان يستقى شخصيات أعماله الروائية ويقول:"في هذا الفصل يتحدث نجيب محفوظ عن أهم مصادره التي اعتمد عليها في حياته وأدبه وهي الوظيفة الحكومية. حيث عمل موظفا لمدة 37 سنة بعد تخرجه في الجامعة مباشرة، تنقل خلالها في وظائف عدة بوزارة الأوقاف والجامعة ثم مؤسسة السينما التابعة لوزارة الثقافة. وارتقى وظيفيا حتى وصل إلى درجة نائب وزير في مؤسسة السينما ثم أحيل إلى المعاش سنة 1971. ويعترف نجيب محفوظ بأنه رغم استفادته القصوى من الوظيفة كمتحف حي للنماذج البشرية ونقله تفاصيل كثيرة من شخصيات عرفها إلى أدبه، وهو نوع من النقل الفنى وليس نقلًا تسجيليا فوتوغرافيا.
ويتابع: "إن محفوظ ينقلنا في هذا الفصل إلى دهاليز الوظيفة الحكومية في مصر وأسرارها في عصر ما قبل ثورة يوليو 1952 وما بعدها، وفى هذا الحديث عن الوظيفة يساعدنا نجيب محفوظ على رسم خلفية دقيقة لفهم أدبه، ويتميز محفوظ هنا كعادته بخفة الظل والروح الفكاهية".
الوظيفة علمتني النظام
ويقول محفوظ عن الوظيفة:" أعطتني حياتي في الوظيفة مادة إنسانية عظيمة وأمدتني بنماذج بشرية لها أكثر من أثر في كتاباتي، ولكن الوظيفة نفسها كنظام حياة وطريقة لكسب الرزق، لها أثر ضار أو يبدو كذلك. فلقد أخذت الوظيفة نصف يومى ولمدة 37 سنة، وفي هذا ظلم كبير، ولكن الوظيفة في الوقت نفسه علمتني النظام، والحرص على أن أستغل بقية يومى في العمل الأدبي قراءة وكتابة، وجعلتني أستغل كل دقيقة في حياتي بطريقة منظمة، مع عدم تجاهل أوقات الراحة والترفيه، وهذا في تصوري هو أثر إيجابي للوظيفة في ظل ظروف المجتمع الذي نعيش فيه، فمن المستحيل أن يتفرغ الأديب في مصر، ولو كنا مثل أوروبا، وصدر لى كتاب متميز لتغيرت حياتي، وكنت استقلت من الوظيفة وتفرغت للأدب، لأن الكتاب المتميز يحقق إيرادا يكفى لاتخاذ مثل هذه الخطوة.
نماذج بشرية
أمدتني الوظيفة بنماذج بشرية كانت غائبة عن حياتي. فأنا أعرف الأسرة والجيران والمدرسة والجامعة والمقهى، ثم أتاحت لى الوظيفة مجالًا حيويًّا مختلفًا فعرفت نماذج جديدة لم أكن أعرفها، وعرفت مكانة الوظيفة في مجتمعنا، وكيف أنه مجتمع «بيروقراطي» والقيمة الحقيقية فيه هي قيمة البيروقراطية والمكانة الوظيفية.
ويقول محفوظ عن فترة رئاسته لمؤسسة السينما هي أسوأ فترة في حياته الوظيفية - وأعلى مرتب وصلت له 100 جنيه شهريا، وأن معاشه وصل إلى 160 جنيها.
محفوظ ومكتبة قبة الغوري
ويقول محفوظ عن عمله بمكتبة قبة الغوري والتي كانت تابعة لوزارة الأوقاف، بعد التغيير الوزاري، وطلب منه أن يترك العمل بمكتب الوزير، ورأي بعض الزملاء أن اختياره للمكتبة كان بمثابة احتجاج على قرار استبعاده، لكنه كان يلقى المتعة في المكتبة، ويقول محفوظ: "كانت المكتبة تطل على الغورية، حيث المشهد من الشرفة كان يجعلني في نشوة، وكنت أتمنى أن أبقى فيها حتى أصل إلى المعاش، وكنت سعيدا بالعمل في المكتبة، فكانت فرصة أن أعمل وسط الكتب، وقرأت فيها أعمال الروائي العظيم بروست".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: كتاب في سطور شهر رمضان الكريم نجيب محفوظ نجیب محفوظ محفوظ عن
إقرأ أيضاً:
نجيب الريحاني.. “الضاحك الباكي” الذي خطف القلوب في العصر الذهبي للفن المصري (تقرير)
يتزامن اليوم مع ذكرى ميلاد أحد أعظم رموز الكوميديا والدراما في تاريخ الفن المصري، الفنان القدير نجيب الريحاني، الذي أضحك وأبكى أجيالًا بأدائه المتفرد وأدواره المتنوعة، الريحاني، الذي وُلد في 21 يناير 1889 لأب عراقي مسيحي وأم مصرية، نجح في ترك بصمة لا تُمحى سواء على خشبة المسرح أو أمام الكاميرا، ليصبح أحد أعمدة الفن في مصر خلال العصر الذهبي.
الفنان القدير نجيب الريحانيالمسرح.. مملكة الريحانيبدأ نجيب الريحاني مشواره الفني من المسرح، حيث أسّس فرقة تحمل اسمه، وجذب إليها أشهر نجوم التمثيل في عصره مثل بديع خيري، الذي كان شريكًا له في كتابة العديد من الأعمال المسرحية. قدم الريحاني على خشبة المسرح نحو 33 مسرحية خالدة، منها:
• “الدنيا لما تضحك”
• “الجنيه المصري”
• “الستات ما يعرفوش يكدبوا”
• “حكم قراقوش”
• “حسن ومرقص وكوهين”
• “تعاليلي يا بطة”
كان الريحاني يُبدع في تقديم الكوميديا ذات الطابع الساخر التي تحمل رسائل اجتماعية عميقة، جعلت أعماله تتجاوز الترفيه لتتحول إلى نقد لاذع للأوضاع الاجتماعية والسياسية في عصره.
السينما.. حضور رغم قلة الأعمال
على الرغم من أن مسيرة الريحاني السينمائية كانت قصيرة نسبيًا، إلا أنه نجح في أن يحفر اسمه بحروف من ذهب من خلال مجموعة من الأفلام التي لا تزال تُعد من كلاسيكيات السينما المصرية، مثل:
• “غزل البنات” الذي شاركته البطولة ليلى مراد
• “لعبة الست”
• “أحمر شفايف”
• “سلامة في خير”
يمزج الريحاني في أفلامه بين الكوميديا والدراما، حيث كان أداؤه بسيطًا ولكنه عميق التأثير، مما جعله قريبًا من قلوب الجمهور.
وفاة مأساوية.. ونهاية أسطورة
في 8 يونيو 1949، رحل نجيب الريحاني عن عالمنا بسبب إصابته بمرض التيفوئيد، الذي أضعف قلبه ورئتيه. توفي أثناء تصوير آخر مشاهده في فيلم “غزل البنات”، ليُعرض الفيلم بعد وفاته بشهر واحد، تاركًا إرثًا فنيًا عظيمًا لا يزال يُدرس حتى اليوم.
شخصية غير تقليدية
كان نجيب الريحاني يُلقب بـ”الضاحك الباكي”، إذ جمع بين الحس الكوميدي وروح الإنسان المثقل بالهموم، لم تقتصر حياته على الفن فقط، بل كان شخصية مثقفة مهتمة بالقضايا الاجتماعية والسياسية، ما انعكس في أعماله التي مزجت بين الترفيه والنقد العميق.
إرث خالد
بعد أكثر من سبعة عقود على رحيله، ما زالت أعمال نجيب الريحاني تُعرض وتُستعاد كأحد أعظم إنجازات الفن المصري، ليبقى اسمه محفورًا في وجدان الجمهور كفنان سابق لعصره، صنع البسمة والوعي في آنٍ واحد.