موقع فرنسي: السعودية قد تخفق في رهاناتها الاقتصادية
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
نشر موقع "أوريون 21" الفرنسي تقريرا تحدث فيه عن تكريس الآلة الاقتصادية السعودية في الوقت الراهن لتنفيذ استراتيجية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لتنويع اقتصاد المملكة وذلك عن طريق بعث مشاريع لا يزال يتعيّن إثبات ربحيتها وجدواها اقتصاديًا.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن صندوق الاستثمارات العامة السعودي يبتلع اقتصاد المملكة تدريجيًا ملتزمًا بتنفيذ خطة "رؤية 2030".
وفي آذار/ مارس 2024، حولت الحكومة إلى صندوق الاستثمارات العامة والشركات التابعة له 8 بالمئة من رأس مال شركة أرامكو السعودية، وهي الشركة المنتجة للوقود الأحفوري، مما رفع حصة منتج الوقود الأحفوري التي يحتفظ بها الصندوق إلى 16 بالمئة. وتساهم هذه العملية في تحويل جزء من الأرباح المدفوعة من قبل الشركة من خزائن الدولة إلى الميزانية العمومية لصندوق الاستثمارات العامة، التي تقدر بنحو 90 مليار يورو لسنة 2023.
بالإضافة إلى تدفقات رأس المال الجديدة، فإن تحويل الأصول إلى صندوق الاستثمارات العامة يسمح للصندوق السيادي بتعزيز ميزانيته العمومية وزيادة نفوذه. وخلال الشهرين الأولين من سنة 2024، زادت الديون المتراكمة على صندوق الاستثمارات العامة بمقدار سبعة مليارات دولار لتصل إلى إجمالي يقدر بـ 36 مليار دولار.
نقل الموقع عن فينيت تياجي، المتخصص في إدارة المخاطر المالية، والذي عمل لأكثر من عقد من الزمن لدى العديد من البنوك في البلاد وفي دولة الإمارات العربية المتحدة: "يبدو أن المملكة العربية السعودية وصندوق الاستثمارات العامة على وجه الخصوص قد بالغا في زيادة حجم الديون الخارجية". وأضاف تياجي أن معدل ديون المملكة العربية السعودية، الذي تضاعف أكثر من أربع مرات منذ سنة 2015 ليصل إلى 25 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي في سنة 2023، لا يزال أقل بكثير من دين دولة مثل فرنسا البالغ 111 بالمئة.
وذكر الموقع أن الصندوق المسؤول عن تمويل مشاريع رؤية 2030 يخطط لضخ استثمارات بقيمة 70 مليار دولار سنويًا اعتبارًا من سنة 2025. وتعِد رؤية 2030، التي يدعمها محمد بن سلمان منذ سنة 2016، بتحول الاقتصاد لتحرير نفسه من الاعتماد على بيع الوقود الأحفوري.
الترفيه في قلب التنويع
أنفقت أندية كرة القدم السعودية، وبعضها مدعوم من صندوق الاستثمارات العامة، ما يقارب مليار دولار خلال فترة الانتقالات الصيفية لسنة 2023 للاستعانة بخدمات نحو 100 لاعب دولي، بما في ذلك البرازيلي نيمار والبرتغالي كريستيانو رونالدو والفرنسي كريم بنزيمة. وفي حال كان الاهتمام محدودا للغاية على المستوى الدولي، فإن الفشل كان ملحوظا أيضا داخل البلاد حيث انخفض متوسط عدد المشجعين لكل مباراة بنسبة 10 بالمئة مقارنة بالموسم السابق، مما يشكك في الدعم غير المشروط للشباب لرؤية 2030. كما أن المدن الجديدة في رؤية 2030، التي شُكلت من قبل الغرباء ومن أجلهم، تستقطب معظم الاهتمام والإنفاق الاستثماري.
الربحية
تعتمد بعض الشركات الجديدة التي أطلقها صندوق الاستثمارات العامة على نماذج اقتصادية في قطاعات النشاط التاريخية، مثل الزراعة أو صناعة التعدين أو حتى السياحة في المجمعات الساحلية على شواطئ البحر الأحمر. وتظهر بعض المشاريع السياحية بالفعل إمكانات المملكة في هذا القطاع. من أجل تعزيز انفتاحها على السياحة الدولية، يمكن للمملكة الاعتماد على جيش من الشخصيات المؤثرة المدعوة إلى البلاد للإشادة بها. والهدف المنشود لا يتمثل في تحقيق فوائد اقتصادية بل التحول 180 درجة.
وأفاد الموقع بأن وجود المؤثرين من عالم صناعة الترفيه يساعد في الترويج لصورة المملكة المتغيرة على المستوى الدولي، على أنقاض مشاهد الجلد والإعدامات العلنية القائمة في البلاد منذ سنة 2010. ووفقا لصندوق النقد الدولي، فإن متوسط ربحية الشركات في دول الخليج يتراجع، من 15.2 بالمئة في سنة 2007 إلى 4.1 بالمئة في سنة 2021. وأصحاب رؤوس المال متشككون ومترددون في الاستثمار في الجانب الأكثر مضاربة من رؤية 2030، التي لا يزال معدل عائدها على الاستثمار على المدى المتوسط غير مضمون. وقبل إطلاق السلطات المالية والإحصائية السعودية نهاية سنة 2023 لمنهجية جديدة لحساب الاستثمار الأجنبي المباشر، أبلغت الأخيرة عن تراجع ثقة رأس المال الدولي.
وخلال السنوات الست التي سبقت إطلاق رؤية 2030، بلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة 61 مليار دولار الرقم الذي انخفض إلى حدود 43 مليار دولار سنة 2022 وقضي على الأمل السعودي في جذب 100 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية سنويا بحلول سنة 2030.
في هذا الصدد، قال فينيت تياجي: "إنهم بعيدون جدًا عن بلوغ المستوى المطلوب من حيث الاستثمار الأجنبي المباشر". ومع ذلك، يرى تياجي أن الاستثمارات الأجنبية يمكن استقطابها في حال إثبات المشاريع المبنية بالديون جدواها الاقتصادية على المدى الطويل.
حث الشركات على المساهمة بشكل عاجل
في سنة 2016، أكد محمد بن سلمان أن "الرؤية ليست حلما، إنها واقع وستتحقق". كما يُطلب من المواطنين السعوديين الموافقة على خيارات الاستثمار، تحت طائلة مواجهة القمع الشديد.
وحسب جوي شيا، المتخصصة في شؤون المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في "هيومن رايتس ووتش" فإن "صندوق الاستثمارات العامة هو ثروة عامة مملوكة للمواطنين السعوديين. لكن محمد بن سلمان ينفق ويدير كمية كبيرة من الأموال العامة حسب ما يشاء، بقليل من آليات الرقابة وإمكانيات للمواطنين السعوديين لإبداء آرائهم حول كيفية إنفاق مواردهم".
وقد أعقب جذب النخب في البلاد موجة أوسع من الملاحقة القضائية. في التاسع من تموز/ يوليو 2023، حكمت المحكمة الجنائية الخاصة بالإعدام على مدرس متقاعد يبلغ من العمر 54 سنة بتهمة الاحتجاج على ارتفاع الأسعار وانتقاد قادة البلاد على حسابين مجهولين يتابعهما 10 أشخاص على موقع "إكس".
كما يُطلب من قادة الأعمال أيضا دعم الحملة المنفردة التي يشنها ابن سلمان، حتى عندما لا يكون لذلك بالضرورة مصلحة مباشرة لأعمالهم. وفي سنة 2021، أطلقت المملكة مبادرة "شريك" التي تحث الشركات الرائدة في المملكة على خفض أرباحها لإعادة تخصيص هذه المبالغ للإنفاق الاستثماري كجزء من رؤية 2030.
وأضاف الموقع أن النظام المصرفي يشارك أيضا في هذا الإطار. وفقا لـ"بلومبرغ"، قد تحتاج البنوك السعودية إلى إصدار ما لا يقل عن 11.5 مليار دولار من الديون (10.5 مليارات يورو) في سنة 2024، من أجل جمع الأموال لرؤية 2030. ويأتي هذا المبلغ القياسي بعد أن تم جمع 10 مليارات دولار (9.31 مليارات يورو) بالفعل في سنة 2022.
وبالتالي، فإن هذه الإصدارات من الديون يجب أن تعطي الحياة لرؤية 2030، في تحد للواقع الذي صاغته شركة الاستشارات البريطانية "كونترول ريسكس" عند قولها: "ببساطة، لا توجد موارد كافية في المملكة العربية السعودية لتحقيق الأهداف الاقتصادية".
ووفقا للوثائق السرية التي كشفت عنها صحيفة "وول ستريت جورنال" في سنة 2022، فإن بناء الهيكل العملاق "ذا لاين" وحده قد يكلف 1000 مليار دولار (931 مليار يورو). في المقابل، فإن الموضوع يكتنفه الغموض: لم تكشف السعودية قط عن الميزانية المطلوبة لتمويل مشاريع محمد بن سلمان للفترة 2016-2030، لكن التصدعات الأولى بدأت تظهر بالفعل.
فعلى موقع "إكس"، كشف علي الشهابي، أحد أعضاء المجلس الاستشاري لمشروع "نيوم"، في منشور نشر في آذار/ مارس 2024: "أثارت بعض المشاريع الشكوك بسبب تكاليفها الاستثمارية الكبيرة. مع ذلك قد يتعرقل تطويرها بسبب القيود المالية والموارد". وذلك يعد بمثابة اعتراف بفشل مشاريع رؤية 2030 الرائدة التي خضعت لاختبار التصادم القاسي للعقلانية الاقتصادية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الاقتصادية السعودية رؤية 2030 اقتصاد السعودية رؤية 2030 صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المملکة العربیة السعودیة صندوق الاستثمارات العامة محمد بن سلمان ملیار دولار رؤیة 2030 سنة 2023 فی سنة
إقرأ أيضاً:
بين الأصالة والحداثة والتفرد في العصر الحديث ودور المرأة في رؤية السعودية العظمى 2030
في الوقت الذي يكثر فيه البعض من المقارنات السطحية بين المرأة السعودية والمرأة الأجنبية، تُظهر هذه المقارنات فكرًا ذكوريًا بعيدًا عن العمق والموضوعية.
هذه المقارنات غالبًا ما تركز على الفوارق الشكلية والتكاليف، متجاهلة القيم الحقيقية والقدرات التي تتمتع بها المرأة السعودية، والتي تُعد انعكاسًا لأصالة مجتمعها وتطوره.
فالمرأة السعودية أيقونة القوة والأصالة وليست خيارًا قابلًا للتفاوض أو مجرد رقم يُقارن به، بل هي شخصية واعية وقوية، تجسد تاريخًا من القيم العريقة والأصالة المجتمعية.
حضورها يمتد ليشمل مختلف المجالات، ويُظهر قدرتها على الموازنة بين الطابع الثقافي المميز والحداثة.
ومع ظهورها في الإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت المرأة السعودية نموذجًا يُحتذى به في العالم من الأناقة والجمال إلى الثقافة والطابع الراقي، تمكنت المرأة السعودية من إظهار تفردها للعالم.
لا يقتصر الأمر على كونها قدوة للنساء في الداخل، بل أصبحت أيقونة تُلهم النساء في الخارج، اللواتي يتطلعن لتقليد أسلوبها في اختيار الملابس، واستخدام مستحضرات التجميل، وحتى في الطبخ الذي يعكس ذوقًا وثقافة متجذرة.
وفي إطار رؤية السعودية 2030، التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أُعيد رسم ملامح دور المرأة السعودية في المجتمع، تهدف الرؤية إلى تمكين المرأة السعودية في شتى المجالات، من خلال توفير الفرص المتكافئة وتشجيعها على المشاركة الفاعلة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
لقد كان عرَّاب التغيير سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان داعمًا حقيقيًا للمرأة السعودية، ومؤمنًا بقدراتها على قيادة التحول الوطني وتحقيق إنجازات مبهرة.
ومن خلال إصلاحات رؤية 2030، شهدت المرأة السعودية تحولات غير مسبوقة، حيث أصبحت تشغل مناصب قيادية، وشاركت في قطاعات كانت حكرًا على الرجال، كالهندسة والطيران والرياضة والقطاع العسكري.
كما أن التعديلات القانونية التي طالت حقوق المرأة، مثل السماح لها بقيادة السيارة، السفر دون وصاية، والعمل في جميع المجالات، شكلت خطوة جريئة نحو إزالة العوائق أمام طموحاتها. هذه الإنجازات ليست مجرد قرارات سياسية، بل تعبير عن إيمان القيادة بأهمية المرأة كشريك أساسي في تحقيق رؤية تنموية شاملة.
ومن الظواهر التي تحتاج إلى تسليط الضوء عليها، هي ازدواجية المعايير في الحكم على المرأة السعودية مقارنة بالأجنبية!
فالأفعال التي تُثنى عند قيام الأجنبية بها تُواجه أحيانًا بالانتقاد عند قيام المرأة السعودية بنفسها، وهو ما يعكس تحيزًا مجتمعيًا يحتاج إلى مواجهة.
ورغم الحجج التي يطرحها البعض حول تفضيل الإرتباط بالأجنبية لتقليل التكاليف أو تسهيل الشروط، إلا أن هذه الحجج تغفل القيمة الحقيقية التي تقدمها المرأة السعودية في بناء أسرة ومجتمع قويين.
قيمها، كرامتها، وإسهاماتها لا تُقاس بالمال أو التنازلات، بل بقدرتها على دعم شريك حياتها وإضافة بُعد ثقافي وإنساني مميز للأسرة.
الحقيقة أن المرأة السعودية تعرف قيمتها جيدًا فهي طموحة، واعية، وتدرك أهمية احترام ذاتها وتحقيق أهدافها. ولن تسمح بمحاولات تقييد حريتها أو التقليل من شأنها، بل تسعى بثبات نحو مستقبل يعكس مكانتها الحقيقية في المجتمع.
ومع رؤية السعودية 2030، بات المستقبل الذي يُبنى على أسس الاحترام والمساواة هو الهدف الذي تسعى إليه المرأة السعودية. وجودها المتوازن بين الأصالة والحداثة يجعلها شريكًا حقيقيًا في تطوير المجتمع، ودورًا محوريًا في تحقيق التحول الوطني الذي يطمح إليه الجميع.
المرأة السعودية ليست مجرد شخصية محلية، بل هي رمز عالمي يعكس قوة الشخصية والتفرد الثقافي.
ودعم سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لها ضمن رؤية 2030 يعكس تطلعات المملكة نحو مستقبل أكثر إشراقًا. احترامها وتقدير دورها هو ما يصنع مجتمعًا راقيًا ومزدهرًا، قادرًا على تحقيق الريادة في العالم.