كشف مسؤول أمريكي، بأن الرئيس الأمريكي جو بايدن سيتحدث إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غدا الخميس، حسبما أفادت فضائية "القاهرة الإخبارية"، في نبأ عاجل لها منذ قليل.

استجابة محدودة لـ إفطار البيت الأبيض.. احتجاجا على سياسة بايدن تجاه غزة بايدن: إسرائيل لم تفعل ما يكفي لحماية عاملي الإغاثة في غزة عائق وحيد أمام اعتبار فلسطين عضوا كاملا في الأمم المتحدة

وفي سياق آخر قال نهاد أبو غوش، المحلل السياسي والباحث في الشؤون الإسرائيلية، إن قبول إسرائيل لحل الدولتين يأتي ضمن حلبة صراع أزلية وليس مجرد خيار نخبوي.

وأضاف “نذهب أو لا نذهب، فهناك صراع على الأرض وصراع تاريخي وفي الميدان قانوني بمحكمة العدل الدولية، وصراع جماهيري في كل ساحات المدن والعواصم العالمية على الحقوق الوطنية الفلسطينية، وهناك صراع معمد بدماء عشرات آلاف الشهداء، هذا صراع عمره قرن من الزمان وليس معركة طوفان الأقصى الأخيرة”.

وأشار إلى أن كل ذلك يجب أن يتوج بحق الشعب الفلسطيني في الحصول على دولة مستقلة مثل باقي دول شعوب العالم، والعائق الأهم في سبيل تحقيق هذا الطموح والهدف هو الفيتو الأمريكي والغربي.

تحولات في الموقف البريطاني

وتابع: "نلمس تحولات نشأت مع المعركة الأخيرة في غزة، من حيث حديث الإدارة الأمريكية في أكثر من مرة عن ضرورة حل الدولتين في نهاية المطاف".

واستطرد "كما أن هناك تحولات في الموقف البريطاني، عبر عنه ديفيد كاميرون سار يرى أن الدولة المستقلة ليس بالضرورة أن تكون نتيجة المفاوضات الثنائية المباشرة لكن يمكن أن تكون قبل ذلك بالاعتراف بها".

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: بنيامين نتنياهو حل الدولتين الرئيس الأمريكي الشعب الفلسطيني الأمم المتحدة ديفيد كاميرون محكمة العدل الدولية الباحث في الشؤون الإسرائيلية

إقرأ أيضاً:

عباسيون وبيزنطيون رجال ونساء.. تحولات الحكم في قصور الخلفاء والأباطرة

تُشكِّلُ الدارسات الثقافية المتعلقة بالبلاط الملكي جزءاً لا يتجزأ من الاهتمام المتنامي بدراسة تاريخ الثقافة والذهنيات أو "الأنثروبولوجيا التاريخية" حيث ركَّزت التطورات التاريخولوجية على المناحي الرمزية والطقوسية للحكم ودوره في النظام السياسي.

وقد صدر حديثا كتاب "عباسيون وبيزنطيون.. رجال ونساء" بنسخته العربية عن الدار العربية للعلوم ناشرون، في بيروت، منتصف نوفمبر/تشرين الثاني (2024) ويحمل عنوانا فرعيا "كيف حكموا وكيف حُكموا؟ وكيف عاشوا بين الحدّين؟" وقد ترجمه نجيب جورج عوض.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2خبيران: هناك ما هو أخطر من الدم في أزمة جنينlist 2 of 2يأس ومعاناة.. المسيحيون في غزة تحت القصف الإسرائيليend of list

وتُركِّز فيه الدكتورة ناديا ماريا الشيخ على مواضيع تتعلق بالسياقات الاجتماعية والسياسية والثقافية وشؤون المرأة والجندرية في الخلافة الإسلامية والإمبراطورية البيزنطية. وتأتي اليوم هذه الأنثولوجية الجديدة للمؤلفة لتتابع تعريف الباحثين والأكاديميين العرب بمجموعة مهمّة من دراسات عن العصر العباسي المُبكِر والتاريخ البيزنطي.

الدكتورة ناديا الشيخ باحثة بالجامعة الأميركية في بيروت متخصصة بالتاريخ العباسي والبيزنطي (مواقع التواصل) دراساتٌ في تاريخ البلاط.. صعود الإمبراطوريات

تتبع الدكتورة ناديا -الباحثة في الجامعة الأميركية في بيروت- في كتابها صعود الإمبراطورية العربية الإسلامية منذ وفاة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) عامَ 11 للهجرة/ 632 م، حيث تأخذ القارئ في رحلة تاريخية طويلة تبدأها منذ أن غزت الجيوش الإسلامية كُلاً من سوريا والعراق ومصر. ومع حلول عام 101 للهجرة/720 م، كانت الإمبراطورية العربية قد بلغت مدى امتدادها الأقصى، حيث ضمت شمال أفريقيا وإسبانيا وتركستان والسِّند والهند.

وتجدر الإشارة إلى أنَّ عاصمة الخلافة قد نُقِلت من المدينة المنورة في الحجاز إلى دمشق في سوريا، حيث حَكَمَ الخُلفاء الأمويون حتى إزاحتهم عن السلطة على يدِ العباسيين عام 132 للهجرة/750م. ويؤكد الكِتابُ أن العباسيين قد أسّسوا عاصمة جديدة هي بغداد في العراق، ومن هناك تبوَّأت السُّلالة العباسية سُدِّة السلطة على الجزء الأعظم من العالَم الإسلامي ولمدةٍ تقارب 5 قرون.

وعانى العباسيون الضَّعف بدءا من القرن الرابع للهجرة/العاشر للميلاد، وذلك مقارنة بالسُّلالتين السلجوقية (1037-1194) والبويهية (934-1062) إلا أنّهم، كما تبيّن المؤلفة، رغم ذلك احتفظوا لأنفسهم بدور متمّم لأحداث ذلك الزمن الثقافية والسياسية. وتعتمد المؤلفة في سردها للوقائع التاريخية والاجتماعية على مراجع مكتوبة وآراء لأبرز المؤرخين وعلماء الاجتماع عرباً وأوروبيين.

إعلان

وبسؤالها عن اعتمادها في أغلب كتبها على المرويات المسلمة أو المرويات العربية، بوصفها مصدرا أساسيا لكتابة تاريخ المنطقة، وهل هناك مصادر أخرى لقراءة تلك التواريخ غير المصادر الإسلامية؟ تجيب الكاتبة:

"المصادر العباسية ضخمة وغنية بشكل لا يُصدّق. وفي بحثي استخدمت تفسير القرآن والسيرة ونصوص الفتوح؛ بالإضافة إلى تاريخ اليعقوبي (ت. 283/897) وأبي جعفر بن جرير الطبري (839/923م)، وتاريخ الرسل والملوك، وهو سرد طموح يبدأ بالخلق وينتهي بعام 302/ 915".

وعن دور المصادر البيزنطية في فتح المجال لإعادة النظر في التاريخ العباسي؟ تؤكد ناديا الشيخ -في حديثها للجزيرة نت- أنه بالنسبة للعلاقات العربية البيزنطية فإنّ "المصادر البيزنطية ضرورية. فهي توفر معلومات حول العلاقات السياسية والدبلوماسية، فضلاً عن المواد اللازمة للمواجهات العسكرية وتبادل الأسرى".

الكِتاب يُقدِّم نظرة مُعمّقة عن المجموعات التي أحاطت بالحاكم العباسي ولَعِبت دوراً معيناً بالحياة السياسية (مواقع التواصل) قصور الخليفة.. الهوَّة الفاصلة بين الخليفة ورعاياه

ويعتبر الكتاب أنّ بلاط الخلافة العباسي في القرن الرابع للهجرة/العاشر للميلاد كان انتقائياً ومتعدد الأقطاب لدرجة يبدو معها أنّه كان فضاءً مفتوحاً على قدرٍ واسع من التأثيرات الخارجية حيث يختلف بلاط الخليفة المقتدر عن باقي أنماط البلاطات الملكية، مثل بلاط قصر فرساي الملكي، على سبيل المثال، والذي يقف مُنعزلاً خارج مدينة باريس ويضم بيت الأمير ومكاتب الإدارة.

وعلى العكس من ذلك، كان بلاط الخليفة المقتدر جزءاً لا يتجزأ من مدينة بغداد. ويُعرِّف دومينيك سورديل (D.Sourdel) طبقة النخبة العباسية بأنها "كافة أولئك الذين أحاطوا بالخليفة، وتمتعوا بمنفذ إليه، وقد كانوا جزءاً من بلاطه أو من فريقه الإداري وخدموا كمكلفين من قبله في الجيش والجسم القضائي". أي أنّه لم يكن هناك "طبقة نبلاء" حقيقية، وإنّما أدوار أولئك الأشخاص، وليس أصلهم.

وتمضي المؤلفة في سرد الدور المناط بحاشية الخليفة، بِأَنَّ هناك بعض الأشخاص الذين منحتْهم خلفياتهم الشخصية دوراً رسمياً في البلاط، خاصَّة الأمراء ومن ينحدرون من سلالة النبي (صلى الله عليه وسلم).

إعلان

وفي معرض دراستهما البلاط البيزنطي، يقول ألكسندر خَزدان (Alexander Khazdan) ومايكل مَكورميك (Michael McCormicck) إنَّ البلاطَ تَشكَّل من مجموعة الأشخاص الأقرب إلى الإمبراطور، وكان فضاءً اجتماعياً تقاطعت فيه حكومة الإمبراطور وأهل بيته، وكان كذلك عالَماً مجتمعياً كوّنته قرارات الإمبراطور وأوامره". كما أنّ أحد الشهود البيزنطيين من القرن العاشر للميلاد، واسمه ثيودور دافنوباتيس (Theodore Daphnopates) يُلاحظ أنه لطالما "عجّ القصر الملكي بالغيرة والتملَّق والخِداع والخوف".

وهذا الكِتاب يُقدِّم نظرة مُعمّقة عن المجموعات التي أحاطت بالحاكم العباسي ولَعِبت دوراً معيناً في الحياة السياسية من خلال تعيين سياسي أو ديني، أو بشكل غير مباشر من خلال حضورهم الدوري في مجالس الحاكم. وتتابع المؤلفة سرد التفاصيل وتذكُر أنّ العباسيين عاشوا حياتهم الفكرية والثقافية والاجتماعية في تلك المجالس التي كان بعضها مخصصاً للموسيقى أو للشعر أو للنقاشات الأدبية.

وتضيف بِأنَّ دخول مجمع قصور الخليفة اقتصر على فريق من الأشخاص، منتقى بعناية، وتشير إلى أنَّ بعض المجالس كان مخصصاً لاحتساء الشراب، ولطالما كان من يحضرونها، كالموسيقيين وقارئي الشعر ومؤرخي حوليات قبائل شبه الجزيرة العربية، من خلفيات وحِرف متنوعة. أَمَّا الباقون فتُرك لهم أن يتخيلوا الترَف الفائض المحتجِب خلف جدران القصر. وكان للغموض أن غلّفَ القصر معززاً الهوَّة الفاصلة بين الخليفة ورعاياه.

الحاجب بالبلاط العباسي كان دوره تنظيم الحضور وتحديد مواقع ومراتب مختلف النبلاء ورجالات البلاد (غيتي) شخصية الحاجب في البلاط العباسي والبيزنطي.. آذان وعيون

يُبرز الكتاب شخصية الحاجب الرئيسة في البلاط، والتي تمتعت بصلاتٍ بالحاكم، وتُسلِّطُ رسالة للجاحظ عنوانها "كِتابُ الحُجّابِ" الأضواء بقوة على الدور النافذ والحساس للحاجب في القرن الثالث للهجرة/التاسع للميلاد، ففي إحدى نوادر الرسالة:

 يقول الخليفة لحاجبهِ "إنَّك عيني التي أنظر بها، وجُنَّةٌ أستَنيمُ إليها، وقد ولَّيتُك بابي فما تُراك صانعاً برعيتي؟"، ويُجيبه الحاجب "أنظرُ إليهم بعينكَ، وأحملُهُم على قدرِ منازلِهِم عندكَ.. وأُرتِّبهم حيث وضَعَهُم تَرتيبَك".

وتتناول المؤلفة الدور الرئيسي للحاجب، حيث كان يتلخص بتنظيم الحضور وتحديد مواقع ومراتب مختلف النبلاء ورجالات البلاد. وفي مقارنة أخرى بين البلاط العباسي والبيزنطي، اعتبرت ناديا الشيخ أنّ مسؤولية إدارة المراسيم في المعسكر البيزنطي كانت ملقاةً أيضاً على كاهل الحُجَابِ (Praipositos). ففي مطلع القرن العاشر للميلاد، تولى الحاجب تدبير شؤون مظهر الإمبراطور في المراسيم الاحتفالية، مما يعكس الأهمية التي تمتعت بها المراسيم ومن يشرفون عليها في القصر الإمبراطوري.

الحرملك العباسي.. نساء مشاركات بالسياسة والنفوذ

تزودنا المؤلفّة بمعطيات تتعلق بنشاطات بلاط الخلافة وعالَم الأسرة في العصر العباسي، حيث تفرد في كتابها فصلاً كاملاً للحديث عن عمران مُجمَّع الخليفة في بغداد والذي اتصف بحدود واضحة تفصل بين الخاصِّ والعامِّ، الخارجي والداخلي، المُذكَّرِ والمؤنَّث، الملكيِّ وغير الملكيِّ. وفي هذا المُجمَّع، كان الجَوسَقُ الخاقانيُّ، المُحاطُ بجدارٍ مُدَعَّمٍ هائل الحجم هو مكان الخاص للخليفة ونسائهِ.

وتؤكد مؤلفة كتاب "النساء والإسلام والهوية العباسية" (هارفارد-2015) أنه كان للنساء النافذات دُورُ سكنٍ خاصةٍ داخل المجمّع، ويُرجّح -بحسب المؤلفة- أن تكون قد خُصّصت أقسام منفصلة للنساء داخل القصر منذ ذلك الوقت. وقد ضمَّ الحرملك العباسي مطلع القرن الرابع للهجرة/العاشر للميلاد نساءً من أفراد العائلة المالكة ومن سلسلة الجهاز الإداري، وضمَّ الفريق الأول والدةُ الخليفة وزوجاته ومَحظياتِهِ وبناته وكذلك نساء العائلة العازبات والأرامل أو الشقيقات والعّمات المطلقات.

الكتابُ يبيّن أهمّيّة النساء في كتابة التاريخ الإسلاميّ المبكّر (الجزيرة)

وفيما يتعلق بالحرملك، وعن أقوى النساء نفوذاً في الحرَمِلكُ العباسي، ودور النساء العباسيات في المجال العام العباسي، وخاصّةً أنّ ألف ليلة وليلة -التي كُتبت في العصور اللاحقة- تروي لنا صورة أخرى عن النساء العباسيات بأنهنّ إلى حدٍ ما نساء يخرجن إلى الأسواق ويقعنّ في هوى بعض الرجال؟

إعلان

وتقول المؤلفة في حديثها "لقد قمت بدراسة حريم الخليفة العباسي المقتدر أوائل القرن العاشر. ومن خلال القراءة الدقيقة للنصوص المعاصرة، أصبح من الواضح أنَّ والدة الخليفة كانت تتمتع بنفوذ كبير، وقد تجلى ذلك من خلال تدخلاتها السياسية، ومساهماتها المالية في الحكم، وأنشطتها الخيرية الواسعة. لقد عززت سلسلة من شبكات المحسوبية التابعة وكان لها حاشيتها الخاصة، وسكرتيراتها ومسؤولين آخرين".

وتضيف في حديثها للجزيرة نت "من بين الشخصيات النسائية المهمة الأخرى في حريم المقتدر كانت النساء القهرمانات اللاتي عملن وسيطات بين والدة الخليفة والخليفة وكذلك مع المسؤولين الآخرين في البلاط".

وتكشف المؤلفة عن حريم المقتدر بِأنّه كانت هناك "ساحة سياسية معقدة شاركت فيها نساء رفيعات المستوى بنشاط في سياسات الخلافة الرئيسية". ومع ذلك، وفي الوقت الذي مارست فيه والدة الخليفة تأثيراً هاماً غير رسمي، أمكنَ للنساء في بيزنطة أن يَصِرنَ حاكماتٍ وإمبراطورات. ولهذا يخبرنا بسيلّوس كيف أنَّه عام 1042م انتقلت الإمبراطورية إلى سلطة الأُختينِ زويا (Zoe) وثيودورا (Theodora) "لأوّل مرَّةٍ في حياتنا نشهد انتقالاً لحريمٍ من جناح النساء إلى قاعة مجلس الإمبراطور".

القهرمانات من بين الشخصيات النسائية المهمة واللاتي عملن وسيطات بين والدة الخليفة والخليفة (مواقع التواصل)

وخلافاً للنَموذج العباسي، كما تُبيّن المؤلفة، لم يكن الرجال ممنوعين كلياً من الوصول إلى أجنحة الإمبراطورة الخاصة، فيَذكرُ بسيلّوس أنّ عضو البلاط، بويلاس (Boilas) وجد عام 1049-1050 داخل الحرَمِلك (gynaconitis) للترفيه عن الامبراطورتين المشتركتين، زويا وثيودورا.

وتختم المؤلفة حديثها بِأَنَّ "الأدّلة تقوض التصورات الثنائية الخاصة والعامة والشعبية للحريم، والتي نصادفها على سبيل المثال في ألف ليلة وليلة. ففي إطار العلاقات المكانية للعزلة، كان القُرب من داخل أسرة الخليفة هو الذي يحدد القوة والمكانة". وتؤكد أنَّ "الأدّلة النصية تبطل الصورة النمطية لسلبية وكسل نساء الحريم وتبرز صورة النساء المشاركات بنشاط في السياسة وفي البلاط وكمديرات للقصور وبالتالي يمارسن درجة عالية من النفوذ".

إعلان مراسيم البلاط العباسية.. التأثير البيزنطي

تقول صاحبة كتاب "بيزنطة كما رآها العرب" (2004) إنَّ المراسيم العباسية ترتبط نصياً بأسبقيات فارسية، كما أنها تعود في أبعادها العملية للممارسات البيزنطية، ومما تتوقف عنده المؤلفة في كتابها وتتناوله بالاستعراض والنقاش التأثير البيزنطي على الحضارة الإسلامية فقد كان عميقاً جداً خلال العصر الإسلامي المبكر، حين استعار العرب تنظيمات وتقنيات عمرانية من بيزنطة، وخاصة فنون العمران وبناء المعالم الطقوسية والشعائرية التي لَعِبت دور الرافعة لعظمة السلالة الأموية والإمبراطورية الإسلامية والدين الجديد.

وباستعارة كلمات هنري غيب (H. A.R.)، يمكن القول:

"الأمويون أسسوا الإرث الأكثر انجذاباً إلى التراث الإمبراطوري من خلال سياسة تشييد معالم وصروح إمبراطورية دينية"

وقد قيل إنّ الخلفاء طلبوا مساعدة البيزنطيين في زخرفة المسجد في مدينة دمشق مطلع القرن الثاني للهجرة/الثامن للميلاد. ويشرح العالم الجغرافي شمس الدين المقدسي (945-990) أهمية البهرجة التي تحلّى بها الجامع الأموي (705م) في دمشق: إنَّ الوليد بن عبد الملك (646-705م) رأى الشام بلد النصارى ورأى لهم فيها بيعاً حسنة قد أفتن زخارفها وانتشر ذكرها كالقُمامة وبيعة لِدٍّ والرُها، فاتخذ للمسلمين مسجداً أشغلهم به عنهن وجعله إحدى عجائب الدنيا.

ويُذكر أنَّ الوليد حشد له صناعاً من الفرس والهنود، وأوفد إمبراطور بيزنطة مئة فنان يوناني للمشاركة في تزيين الجامع. وتصف الدكتورة ناديا الشيخ ألقُ بيزنطة الإمبراطوري حيث الطقوس والمواكب والانعزال وأزياء البلاط الباذخة ونشاطات البلاط الاحتفالية والرسمية والمواد الجميلة المصنوعة من الذهب والفضة والمجوهرات الثمينة.

هذا الكتاب يضمُّ استقراءً لتمثيل الرُّؤية العربيَّة الإسلاميَّة للإمبراطوريَّة البيزنطيَّة الممتدَّة حتى 1453م (الجزيرة) بَينَ مظاهر الترف البيزنطي والمُثُل الإسلامية

يقدِّم الكتاب تطبيقاً تاريخولوجياً وهِرمونيوتيكياً مباشراً للإسلام بصفته سيرورة تاريخية أنثروبولوجية سيوسيولوجية تفرض ضرورة التعاطي مع تاريخه وإرثه علمياً بكونه إكمالا واستمرارا تاريخيا لحضارات العهد العتيق المتأخر وبصفته حضارة عاشت في تفاعل وتواصل متعدد الأوجه ومتنوع الأبعاد مع العالَم البيزنطي.

وتقول الباحثة ناديا الشيخ إنَّ المراسيم الاحتفالية البيزنطية وقفت على طرف نقيض من إطار البساطة النسبية الذي أحاط بقادة الجماعة الإسلامية الأولى، حيث نأى أولئك القادة بأنفسهم عمداً عن العروض الطقوسية وتبنّوا سلوكاً معاكساً تماماً.

إعلان

ويتضمن الكِتاب مقاطع تسهب في وَصفِ بعضٍ من مظاهر المراسيم البيزنطية والعباسية، حيث كان شِعارُ التشريفِ الإمبراطوري البيزنطي في مراسيم الاحتفال الرسمية عبارة عن قِطَعٍ من الثياب: الحِذاء الأحمر، الشال الذهبي المُزركَش بالأحجار الثمينة، التاج، الصليب المُذهَّب.

وإضافة إلى هذا، كانت هناك أشياء تُستعرَض أمام الامبراطور أو خلفه، مثل البيارق والرماح والدروع. أَمَّا شِعارُ الخلفاء العباسيين السُلطاني فكان مُؤلَّفاً بشكلٍ رئيس من العُكّازِ والخَتمِ وعباءةِ النبيّ. وقد ارتدى الخلفاء العباسيون الحِذاءَ الأحمر الذي كان امتيازاً للخليفة، ولم يرتد الخلفاء العباسيون تيجاناً، وإنّما قلنسوات طويلة مصنوعة من الحرير.

وتروي المؤلفة واحدا من الأخبار التي تصوِّر زيارة القائد المسلم خالد بن الوليد (21 للهجرة/642 للميلاد) إلى فاهمان القائد البيزنطي في سوريا، حيث جلس فاهمان على عرش من ذهب، يضع على رأسه تاجاً ذهبياً مرصعاً بالأحجار الثمينة، وقد فُرش السجاد والنمارقُ أمامه.

ومع ذلك فإنَّ كل هذا لم يُثرِ اهتمام خالد إذ "كان الروم في عينيه أوضع من الكلاب" كما يخبرنا الكاتب والمؤرخ ابن أعثم الكوفي، في كتاب "الفتوح". وفي كتاب "فتوح الشام" نقرأ عن لقاء بين معاذ بن جبل (18 للهجرة/639 للميلاد) رسول القائد المسلم أبي عبيدة بن الجراح (19 للهجرة/639 للميلاد) والقائد البيزنطي، فقد وجد معاذ هذا الأخير مستلقياً على أريكةٍ فارهةٍ، فرفض الجلوس عليها لأنه لم يرغب في السير فوق السجاد والجلوس على النمارق -التي يقول عنها لمُضيفهِ "استأثرتم بها على ضعفائكُم وأهلِ مِلّتِكم"- ويُفضّل أن يجلس على الأرض متجاهلاً "زينة الدنيا وغرورها".

وتبيّن المؤلفة أنّ المبعوث المسلم يزيح جانباً مظاهر الترف البيزنطي ويتمسَّكُ بالمُثُل الإسلامية المتمثلة بالفَقر والمساواة والتواضع. ولعلّ اللقطة المُعبِّرة هنا أنّ الرسول البيزنطي المبعوث إلى أبي عبيدة لم يتمكن من تمييز الأمير المسلم حين وصل للقائه في المعسكر الإسلامي، فلم يكن ممكناً معرفة أبي عبيدة بسبب جلوسه على الأرض وعدم ارتدائه زي الأمراء.

إعلان

وتقول مؤلفة كتاب "الأزمة والاستمرارية في البلاط العباسي" (2013) إنه رغم تلك التقارير التي تعكسُ حيرتهم المبدئية حيال مراسيم الاحتفال الرسمية البيزنطية، سرعان ما استوعب المسلمون أهمية تلك المراسيم، فبدؤوا، مع تمدُّد إمبراطورتيهم، بتقليد العظمة والأُبَّهة التي شاهدوها في الأراضي البيزنطية.

ولقد توجَّب على المسلمين الأوائل أن يتكيّفوا مع بيئة الشرق الأدنى، والتي تمتعت بإرثٍ في الحكم بالغ القِدَم. ويرِد في الكتاب اتهام وجهه الخليفة عمر بن الخطاب (13-23 للهجرة/634-644 للميلاد) لمعاوية بن أبي سفيان بِأَنَّه يعيش "حياة تشبه عيشة خوسرويس (Chosroes)" حيث ردَّ معاوية بأنّه من الأهمية بمكانٍ أن يَظهر الحاكم العربي بصورة مشابهة قدرَ الإمكانِ لصورة أعدائه المسيحيين.

كتاب "الأزمة والاستمرارية في البلاط العباسي" يستكشف علاقات القوة الرسمية وغير الرسمية التي شكلت السياسة بالبلاط العثماني (الجزيرة) بَينَ القسطنطينية وبغداد.. القصور مسرح لاستعراض القوّة

تشير المؤلفة إلى أنَّ القصر العباسي تمتع بأهمية رمزية عبرت عنها جملة تجعل منه "تاج بغداد" وأحد أعظم إنجازات العباسيين، وقد أنذر سقوطه بانهيار السلالة الحاكمة.

وترى أنّ القصر العباسي بلغ درجة من الشهرة أقنعت الإمبراطور البيزنطي ثيوفيلوس (829-842م) ببناء قصر البيراس (Byras) في القُسطنطينيَّة تقليداً للقصر العباسي، الأمر الذي أشَّرَ بالتالي إلى حالة تبدُّل مُبكرة في اتجاه التأثير الثقافي ما بين القسطنطينية وبغداد.

وتصف صاحبة كتاب "السياسة الرسمية وغير الرسمية في خلافة المقتدر" قصور الخليفة المقتدر، حيث توسعت دار الخلافة لتصبح مجمعاً هائلاً من القصور وقاعات الاستقبالات العامة والولائم ومراكز الإقامة والحمامات والسرادق وملاعب الرياضة وحدائق الخضراوات والكروم، بحيث شابه مكان إقامة الخليفة المدينة الصغيرة التي احتضنته واحتضنت في قلبها قاعة عرشه، بحيث لم يعد ممكناً الوصول إلى القاعة إلا عبر سلسلة من الممرات والبوابات والساحات وحجرات الانتظار وقاعات الاستقبال.

إعلان

وتقول الكاتبة إنَّ أكثر ما ميّز تلك المرحلة هو تزايد القطيعة بين الحكام ورعاياهم، حيث عكست دار الخلافة بطبيعتها العمرانية ومراسيمها الاحتفالية صورة الخلافة الجديدة التي تبناها لاحقاً الفاطميون وكذلك الأمويون في إسبانيا. وفي ما يتعلَّق بتبني الأخيرين لها، يُشير الدكتور فير شايلد راغلز (D.Faerchild Ruqqles) إلى استعارة أفكار عمرانية وأخرى تتعلق بمراسيم البلاط الاحتفالية من كلٍّ من بغداد والقسطنطينية بدءا من القرن الثالث للهجرة/التاسع للميلاد، وإلى أنّ مدينة الزهراء خارج قرطبة كانت إحدى ثمار هذا التلاقح.

وتقول المؤلفة: من هنا شكلت القصور الملكية، وخاصّة سامُرّاء، عناصر ضرورية في مسار مأسسَة مراسيم احتفال البلاط الرسمية وتنظيمها. وبهذا الصدد تصف باولا ساندرز (Paula Sanders) هذا الأمر بالقول "لقد وضعَت بروتوكولات البَلاط ورموز السلطة الخليفة على قمَّة هَرمٍ تراتبيٍّ".

العالَم الإسلامي شَهِد خلال القرن الـ14 سلسلةً من الكوارث كان منها الاجتياح المغولي (مواقع التواصل)

وبدورها رأت سينثيا روبنسون (Cynthia Robinson) أنَّ فضاءَ مراسيم الاحتفالات الرسمية خدم كموقع "يُمكنُ فيه عرضُ قُدرات قوَّة السلالة الحاكمة وشرعيتها بشكلٍ ملموس". أَمَّا مالكوم فايل (Malcom Vale) فيُشير إلى أنّ مظهر القوة الخارجي "يُمكنهُ أن يكون قوة فعّالة في خلق الأيديولوجية الأميرية وفي منحها الديمومة".

ويقدِّم الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" تفاصيل عن الديكورات والتصاميم الداخلية المدهشة في قصور الخليفة، فيقول: كان عدد ما عُلِّقَ في قصور أمير المؤمنين المقتدر بالله من السُّتُور الديباج المُذهبة بالطُرُز المُذهبة الجليلة.. 38 ألف سِترٍ.. وعدد البُسُطِ والنخاخُ الجَهرَميَّة.. في الممرّات والصحون التي وطِئ عليها القُّواد ورُسُلُ صاحب الرومِ، من حدِّ باب العامّة الجديد إلى حضرة المُقتَدر بالله.. 22 ألف قطعة.

إعلان

وعلى المِنوال نفسه، يُخبرنا قُسطنطين بورفيروغينتوس (Constantine phyroqenitus) في كتاب المراسيم الاحتفالية (Ceremonies the Book of) أَنَّ المراسيم الإمبراطورية البيزنطية جرت أيضاً في القصر الكبير. وهو في مقدمة كتابه يقول إنّ مجموعة شروحاته عن المراسيم الإمبراطورية "ستُسلِّط الضوء على فخامة المؤسسة الإمبراطورية وكأنها مرآةٌ وُضِعَت في قلب القصر".

ويخبرنا الفيلسوف والمؤرخ وعالِم الاجتماع عبد الرحمن بن خلدون (1332-1406م) أنَّ العالَم الإسلامي شَهِدَ خلال القرن الـ14 سلسلةً من الكوارث شملَت الاجتياح المغولي من الشرق، وضعف سلطة الحكم الإسلامي في الأندلس (711-1492م) ووهنَ السلالات الحاكمة، والطاعون، وانتشار الأوهام والخرافات، إضافةً إلى حالةٍ من العطالة والجمود الفكري.

ولقد شهدت تلك المرحلة العديد من التطورات التاريخية الرئيسة التي أثرت على الإمبراطورية البيزنطية والعلاقات البيزنطية الإسلامية على حدٍ سواء. فبدأت تلك المتغيّرات بهزيمة البيزنطيين في موقعة مانزيكرت (Manzikert) عام 1071م، وامتدَّت إلى ظهور التُرك والصليبيين في الشرق الأدنى، وصولاً بعد ذلك إلى الغزو المغولي للمنطقة 1258م.

يُذكر الباحثة ناديا الشيخ حصلت على بكالوريوس التاريخ وعلوم الآثار عام 1985م، لتنتقل بعدها إلى الولايات المتحدة حيث حصلت على الدكتوراه في التاريخ والعلوم الشرق أوسطية من جامعة هارفارد عام 1992م، وشَغلَت منصبَ عميد كلية الآداب والعلوم بالجامعة الأميركية في بيروت. وعام 2022 تم تعيينها نائباً لعميد جامعة نيويورك أبو ظبي للشؤون الثقافية والبحثية. وقد أصدرت عدداً من الكتبِ المتعلقة بتاريخ البيزنطيين والعباسيين.

مقالات مشابهة

  • «تريندز»: تحولات جذرية في المشهد العالمي لعام 2025
  • ترامب: بايدن أسوأ رئيس في التاريخ الأمريكي
  • عباسيون وبيزنطيون رجال ونساء.. تحولات الحكم في قصور الخلفاء والأباطرة
  • سعر الدولار الأمريكي الآن بالبنوك اليوم الخميس 2-1-2025
  • سعر الدولار الأمريكي بالبنوك اليوم الخميس 2 يناير 2025
  • كاتب أمريكي: الولايات المتحدة شريكة في إبادة الفلسطينيين.. ويجب إصدار أمر باعتقال بايدن
  • العقاب: عام 2025 سيشهد تحولات كبرى وأحداث استثنائية
  • خبيرة أبراج: تحولات عاطفية في حياة ياسمين عبد العزيز وضغوط في حياة العوضي
  • الشرق الأوسط في عام 2024| تحولات غير مسبوقة تؤسس لمرحلة جديدة.. تفاصيل
  • مذكرة من الكونغرس الأمريكي لإدارة بايدن بشأن السودان