مبيدات محظورة دولياً.. والرقابة غائبة
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
تعد الأسمدة والمبيدات من أهم المواد التى يعتمد عليها المزارعون لزيادة إنتاجية أراضيهم، ولذلك فهم يحرصون على شرائها سواء من الجمعيات الزراعية أو حتى من السوق السوداء بعيداً عن الرقابة، ولكن استخدام هذه الأسمدة والمبيدات غالباً ما يتم بشكل خاطئ خاصة فى الأراضى الصحراوية، مما يؤدى إلى إصابة المواطنين بالأمراض المختلفة والإضرار بالأرض الزراعية والبيئة بشكل عام.
هذا ما أكده المزارعون والخبراء على السواء، حيث أكد «إيهاب. م»، 41 عاماً، أنه كان يستخدم الكيماويات فى المزرعة الصحراوية التى عمل بها، قائلاً: «الفلاح منا يُجاهد ليل نهار للحصول على قوت يومه، فكيف الحال إذا كان هذا القوت فيه سُم قاتل!».
وأضاف أن صاحب المزرعة كان يُصدر تعليماته برش المحصول بالمبيدات السامة، لتنضج الثمار ويحصدها فى اليوم التالى، ليبيعها فى الأسواق ويحصد المكاسب، فمثلا «الخيار» كان يُرش بالمبيد فى الصباح وينضج فى اليوم التالى، فى حين أنه يحتاج فى الطبيعى ما لا يقل عن 14 يوماً لكى يُؤكل منه، وتعتبر تلك المدة هى أقل فترة حصاد.
وقال: «فى إحدى المرات أُصبت بالتسمم أثناء استخدام تلك المبيدات الضارة فى الزراعة، وظهرت علىّ أعراض مثل تلعثم فى الكلام وإسهال وغثيان وتقيؤ وتعرق، ورعشة بالعضلات، وتم إنقاذى بـ«سلفات أتروبين»، ومن وقتها تركت العمل فى المزرعة، بعد أن قررت أن أفلت بنفسى وعمرى من الموت المحقق بأراضيها».
فى السياق، قال «سامى. ش»: «أجبرتنى الظروف على العمل فى الجبل وأنا على مشارف الستّين، وهناك تأكدت أن الفلاح هو الحلقة الأضعف فى دائرة فساد المزروعات، وسط مافيا الأسمدة وأباطرة المبيدات، عملت باليومية فى مزرعة استنزفت صحتى ولم أهنأ فيها يوماً براحة البال، فمالكها لا يعنيه شىء سوى مضاعفة الإنتاج وتحقيق آلاف الجنيهات على حساب صحة المزارعين والمستهلكين».
وأضاف مرّت الأيام وأنا أتحمل فوق طاقتى رغم كبر سنّى ووهن جسدى، حتى جاء اليوم الفصل حين بدت عليّ علامات التسمم، شعرت بتهيج فى عينى وتشوش الرؤية، وحساسية شديدة فى الصدر، وأعراض أخرى ما زِلت - حتى اللحظة - أعانى من تبعاتها نتيجة الاستخدام المباشر للمبيدات السامة أثناء رش المحاصيل الزراعية.
وقال «سعيد. ا»، فلاح، إنه يزرع أرضاً يأكل منها هو وأسرته، ويمتنع فيها عن رش بعض الخضراوات والفاكهة بالمبيدات الضارة، حتى لا يكونوا عُرضة للإصابة بالأمراض، قائلاً: أتمنى أن تكون هناك رقابة على المزارع الصحراوية، وتحليل الخضراوات والفاكهة الواردة منها، فطبيعة عملى كمُزارع تجعلنى على دراية بما يحدث داخلها، ولكن المستهلك يُغريه فقط حجم الثمرة الكبيرة ولونها الزاهى غير مكترثٍ بما وراءها، ولكن خلف الكواليس الكثير يستحق أن يعرفه الجميع.
من ناحية أخرى أجمع الخبراء على خطورة استخدام هذه المبيدات والمواد الضارة، حيث أكد المهندس الزراعى حمادة محمود عبدالعاطى أن الفلاح يستخدم الأسمدة التى توفرها وزارة الزراعة عن طريق الجمعيات الزراعية المنتشرة فى القرى مثل اليوريا والنترات، واستخدامه لها يتم تحت إشراف الجمعية مما لا يسبب أى ضرر، ويخشى الفلاح استخدام ما يضر أرضه ومحاصيله، حفاظاً على سلامة أسرته، موضحاً أن المشكلة الأساسية تكمن فى الزراعة الصحراوية التى لا تخضع لأى رقابة، فكل مالك يطلق العنان لنفسه، ويستخدم الأسمدة بالطريقة التى تعود عليه بالربح السريع، ولمكافحة «النيماتودا» فى الأراضى الصحراوية هناك من يستخدم مواد محرمة دولياً مثل «بروميد الميثايل»، والتى تسبب سرطانات على المدى البعيد تجلبها عصابات التهريب من الخارج، لأنه غير مصرح بدخولها البلاد بالطرق الشرعية.
وأشار إلى أن هناك بعض المبيدات المحرم استخدامها ومنها مادة الجومايت والأنتيمايت التى تُسبب فشلاً كلوياً على المدى البعيد، ولكن هناك بعض المزارعين لا يهمهم سوى المكسب والربح السريع، لذلك يستخدمون هذه المواد المحرمة بغض النظر عن تأثيرها الضار على المواطنين.
وعلق على تسمية البعص لـ«هرمون الطماطم»، قائلاً إنها هرمونات طبيعية موجودة فى الثمرة نفسها، ولكنها تختلف من ثمرة لأخرى من حيث التركيز أو كبر الحجم، وبدلاً من أن ينتظر المزارع حتى تحصل الطماطم على لونها الطبيعى خلال أسبوع أو عشرة أيام من نضجها، يقوم بإضافة هرمونات لتلوينها سريعاً ليحصل على نتيجة سريعة، ويُعجّل من نُضج الثمرة وقطفها فى اليوم التالى، ولهذه الطريقة أضرار كبيرة على صحة الإنسان على المدى البعيد، فرغم أن تأثيرها ليس وقتياً إلا أنه خطير جداً.
وأشار المهندس الزراعى أحمد حسن توفيق، خبير زراعات الصوب، إلى أن الزراعة علم، وهذا جانب يغفله كثير من العاملين بهذا المجال، فالمستثمر والفلاح الذى لا يعى الأمور يضر نفسه وغيره.
وقال خبير الصوب الزراعية إن سبب وجود ظواهر مثل تعفن الثمار وقلة جودتها مع مظهر شبه جيد هو إغفال مبدأ التغذية العلاجية للمحاصيل والمنتجات الزراعية.
وأرجع سبب فساد بعض الخضراوات إلى استخدام سماد البودريت، وهو من أخطر الأسمدة، حيث يُصنع من مخلفات الصرف الآدمية وما تحتويه من العناصر الثقيلة والضارة بصحة الإنسان، ويستخدمه كثير من المزارعين كخدمة عضوية، فهو بمثابة كارثة تضر التربة، وتهدد صحة الإنسان والحيوان، وقد توصلت الأبحاث التى أُجريت عليه إلى أنه يُسبب أمراضاً خطيرة للإنسان، مثل الفشل الكلوى والالتهاب الكبدى الوبائى والسرطان، وكذلك أيضاً الأسمدة المغشوشة والمحتوية على عناصر ضارة بالتربة الزراعية والنبات مثل الكلور والصوديوم والأسمدة التى يتم خلطها بملح الطعام.
وأكد توفيق أن دور الإرشاد غائب تماماً عن ساحة الزراعة فى مصر، واستخدام المبيدات وطرق تداولها تعد كارثة بمعنى الكلمة، ولو أرادت الدولة مكافحة الأوبئة والأمراض المستعصية المتفشية فعليها أن تبدأ من محلات وأماكن بيع الأسمدة والمبيدات ومزارع الفلاحين ومصانع المواد الغذائية، وليس من الصيدليات ولا المستشفيات، فالوقاية خير من العلاج.
وشدد على أنه لا بد من اتباع إجراءات فى السوق المحلية شبيهة بتلك المرتبطة بالمنتجات الزراعية المعدة للتصدير، مثل تحليل نسب متبقيات المبيدات، وفترة التحريم بين رش الآفات وجمع المحاصيل، ولا بد من وجود منظومة متكاملة تشرف على المنظومة الزراعية برمتها من توفير الشتلات والتقاوى والبذور والأسمدة والمبيدات ذات الكفاءة العالية، وتوفير منظومة عادلة للعاملين فى الزراعة ووضع آليات سوق قائمة على التنافس للوصول لأفضل جودة وسعر للمستهلك وأفضل عائد مُجدٍ للمستثمر والفلاح فى ظل ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج.
وأشار خبير زراعات الصوب إلى دور المستهلك، مؤكداً أنه يجب عليه مراعاة التخزين الجيد للمنتجات الزراعية؛ لأن كثيراً منها تفقد جودتها وتتلف بسبب سوء التهوية وعدم الدراية بالتخزين الجيد فى أماكن ذات تهوية ورطوبة جيدة كالبصل والطماطم وكذلك الخضراوات الأخرى التى تُحفظ بالتبريد فى الثلاجات.
وحذر الخبير الزراعى من نقص الخبرة بأمراض المحصول المستهدف وكيفية الوقاية قبل الإصابة والتنبؤ بالأمراض، وعدم الدراية بالتغذية السليمة للنبات واحتياجات كل محصول للعناصر والأسمدة المختلفة.
وأكد أنه يجب توفير الخامات والأصول الثابتة بأسعار تنافسية معقولة وبدون احتكار والمساعدة فى تخفيف العبء على المزارعين والمستثمرين، بجانب توفير الخبرات الفنية سواء من القطاع الحكومى أو القطاع الخاص؛ لدعم المبتدئين فى هذا المجال وتنظيم سوق التصدير، وتوفير وسيلة إعلامية لإطلاع المزارعين على أسعار المنتجات المصدرة كى لا يقعوا تحت طائلة فساد بعض المصدرين واستغلالهم، إضافة إلى خلق بيئة عمل تراعى مصالح العاملين وأصحاب المشاريع؛ لأنها منظومة واحدة يكمل بعضها البعض.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأسمدة والمبيدات شرائها
إقرأ أيضاً:
"زراعة الشيوخ" توصي بحظر تخصيص الأراضي دون موافقة الري ودراسة التجميعات الزراعية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ناقشت لجنة الزراعة والرى بمجلس الشيوخ، خلال اجتماعها مساء اليوم، برئاسة المهندس عبد السلام الجبلى، رئيس لجنة الزراعة والري بمجلس الشيوخ، الاقتراح برغبة المقدم من النائب محمود سامى الإمام، بشأن تعزيز إدارة الموارد المائية وتطوير القطاع الزراعي الوطني والمساهمات في تحقيق التنمية المستدامة، وذلك بحضور المسئولين عن وزارتي الزراعة واستصلاح الأراضي، والموارد المائية والري.
الموارد المائية الجوفية وطريقة استغلالها وإدارتهاوشهد الاجتماع استعراض النائب محمود سامى الإمام، اقتراحه، مؤكدا أهمية إعداد دراسات دقيقة عن الموارد المائية الجوفية وطريقة استغلالها وإدارتها بشكل جيد، كن خلال التنسيق الكامل بين الوزارات والجهات المعنية، ودعا لاستخدام التقنيات الحديثة في الرى.
إعادة النظر في تكلفة الإيجار بالمشاريع القوميةكما حذر من مشكلة تفتيت الحيازة الزراعية، وطالب بإعادة النظر في تكلفة الإيجار بالمشاريع القومية.
ومن جانبه أكد المهندس عبد السلام الجبلى، أهمية دراسة تلك الملفات الهامة، نظرا لأنها تؤثر بشكل مباشر علي حجم الإنتاج الزراعى ومدى الاستفادة من الموارد الزراعية.
وقال الجبلي، فيما يتعلق بملف المياه، فالأفضل والأصح هو أن تسبق خطة وإدارة المياة، عملية الزراعة، وذلك من خلال التنسيق بين الوزارات والجهات المعنية.
وأضاف، فيما يتعلق بملف تفتيت الملكية، فذلك يمثل خطرا علي الإنتاج الزراعي، داعيا لتجميع تلك المساحات الصغيرة، واستعرض تجربة في استخدام نظام الشركات المساهمة في توزيع الأراضي الزراعية لضمان حقوق الورثة مع الحفاظ علي مميزات المساحة الكبيرة في الإنتاج الزراعي، حيث توفر في التكاليف وتمكن من استخدام التقنيات الحديثة.
وأيده النائب عمرو أبو السعود، أمين سر اللجنة، مشيرا إلي أن روابط المياه التى تم تشريعها مؤخرا، لم يظهر بعد أثرها في ملف تفتيت الملكية.
ضوابط استخدام المياه الجوفية بالمناطق الصحراوية الجديدةوبدوره استعرض المهندس محمد إبراهيم، رئيس قطاع تطوير الرى، الخريطة المائية لمصر، وأن الوزارة توفر مياه لزراعة ١٢ مليون فدان، واستعدادات لتصل إلي ١٤ مليون فدان، متابعا، هناك ضوابط لاستخدام المياه الجوفية بالمناطق الصحراوية الجديدة، بالتنسيق مع الجهات المعنية.
واستعرض تجربة زراعة القصب بالتنقيط، وخطوات للتحول للرى الحديث، حيث يتم دراسة مشروع قومى تقوم به الدولة لتطوير الرى الحقلي.
وعقب المهندس عبد السلام الجبلي، بتوجيه سؤال حول مدى التنسيق المسبق لزراعة ال ١٢ مليون فدان واحتياجاتها من المياه، قائلا نريد أن يتم تحديد كمية المياه أولا، حتى لا نكرر مشكلات الماضي، بتخصص أراضي بدون مقننات مائية، حفاظا علي أموال الدولة.
واتفق معه النائب جمال أبو الفتوح وكيل اللجنة، قائلا،: الواقع حاليا أن الجهات والمحافظات مازالت تخصص مساحات من الأراضي دون التنسيق مع الرى.
وعرضت د منى الخشاب، عضو اللجنة، معاناة مزارعى مشروع المليون ونصف فدان بمنطقة المغرة، نظرا لارتفاع نسبة الملوحة، ما يشير إلي عدم التنسيق قبل تخصيص الأراضي.
وأشار النائب عبد الفتاح دنقل، أن هناك دول تصدر الحاصلات الزراعية وليس لديهم موارد مياه مثل مصر، مطالبا ببحث تلك التجارب والاستفادة منها.
فيما استعرض الدكتور علي عبد المحسن رئيس قطاع الشئون الاقتصادية بوزارة الزراعة، عدد من التوصيات التى يمكن من خلالها مواجهة تفتيت الحيازة، منها الانضمام للتجميعات الزراعية بشكل اختيارى، وتفعيل التعاونيات الزراعية وإنشاء فكرة بنك الأراضي، والتجمعات الزراعية الصناعية.
توصيات اللجنةوأوصت اللجنة في ختام المناقشات، بحظر تخصيص الأراضي الصحراوية دون موافقة الرى، وأن يكون التخصيص بالتنسيق بين جهات الولاية.
كما أوصت بدراسة فكرة التجميعات الزراعية وربطها بالحوافز الزراعية للمزارعين، لمواجهة التفتيت في الحيازات.