الخضراوات والفاكهة.. مستنقع للأمراض الفتاكة
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
تعانى الزراعة فى مصر من سوء استخدام الأسمدة الزراعية، فرغم أن هذه الأسمدة ضرورية لزيادة إنتاجية المحاصيل إلا أن فوضى الاستخدام أضرت بالأراضى الزراعية وبالبيئة المصرية وبالصادرات الزراعية التى كانت أمل مصر فى تحقيق توازن الميزان التجارى.
وكشف المهندس هشام السيد الكحال، استشارى زراعة الفراولة والخُضر، أن هناك بعض الظواهر التى طرأت على المحاصيل الزراعية بعد الحصاد فى الآونة الأخيرة، خاصة محاصيل الخضر الدرنية مثل البطاطس والبصل والثوم، وهى أن المظهر الخارجى للثمار جيد، أما من الداخل فنجد الدرنة تالفة بها عفن وغير صالحة للاستهلاك، وتلك الحالات لها أسباب؛ مثل الإسراف فى التسميد الأزوتى، والذى يجعل الثمار ذات أنسجة طرية معرضة للإصابة بالأمراض الفطرية، كما أن هناك وقتاً معيناً يحتاج فيه النبات إلى التسميد بعناصر معينة مثل البوتاسيوم والفسفور والكالسيوم، وفى حال عدم التزام المزارع بالتسميد فى هذا الوقت تتلف الدرنات.
وأضاف استشارى زراعة الفراولة والخُضر، أن هناك بعض المعاملات الكيماوية الخاصة بالاستخدام الأمثل للمبيدات للوقاية، لكن للأسف المزارع العادى يعتمد على نظرية «عند ظهور المرض أبدأ بالمكافحة»، وبالطبع تعد تلك النظرية خاطئة تماماً؛ وذلك لعدم درايته بنظام المكافحة المتكاملة، وهو ما يعكس قصور دور الإرشاد الزراعى، كما أنه توجد أمراض فطرية وحشرية تُصيب المحاصيل قبل وبعد الحصاد، وهناك طرق مكافحة وبرامج ستعود بالربح على المُزارع فى حال التزامه بها.
وعن دور وزارة الزراعة أشار «الكحال» إلى أنه من المفترض أن تقوم الوزارة بعمل ندوات زراعية قبل موعد زراعة كل محصول من خلال الجمعيات الزراعية، علاوةً على عمل حقول إرشادية تابعة لكل جمعية؛ ليتعرف المزارع على طرق ونظم الزراعة الحديثة، فعلى سبيل المثال نجحنا فى محصول الفراولة نجاحاً منقطع النظير فى تعريف المزارعين بأحدث الأساليب العلمية فى زراعة الفراولة فوصلنا بالمحصول لأعلى تكنولوجيا من حيث المشاتل والإنتاج، وأصبحت مصر الأولى عالمياً فى تصدير الفراولة لكل دول العالم.
والتقط أطراف الحديث الخبير الزراعى نهاد محمد أديب، مشيراً إلى أن تلف الخضراوات والفاكهة من الداخل يرجع إلى عدة أسباب؛ منها زيادة الهرمون الخاص بالنبات سواء كان بالرى أو الرش، فمن الممكن أن تكون النبتة مصابة بفطريات قبل أو بعد زراعتها، وكذلك زيادة أو نقص الرى، فلا بد من تعويد النبتة على وقت وكمية معينة من الماء، على سبيل المثال مرة أو مرتين فقط بالأسبوع بالصيف ومرة كل أسبوع بالشتاء، وكذلك أيضاً العوامل المناخية قد تكون سبباً فى التلف نتيجة الحر أو البرد الشديد، بالإضافة إلى كثرة السماد والمواد الكيماوية والمبيدات الحشرية المستخدمة لرش النبات، لذلك لا بد من استخدام كمية مناسبة عند التسميد أو الرش، موضحاً أن هذه الظاهرة طبيعية تصيب المزروعات وهى ليست خطيرة ولكن يجب علاجها، ويُنصح بالرجوع إلى خبير لتحديد كمية المبيدات والأسمدة التى يتم تسميد الأرض بها والتى تناسب كل محصول.
ونصح «أديب» بضرورة متابعة وإعطاء دورات ومحاضرات مجانيّة للمزارعين والعمال، مؤكداً أن الفلاح بعيد كل البُعد عن الأساليب الحديثة والمتطورة فى الزراعة وطرق تحسين جودة المحاصيل؛ لأن تكنولوجيا الزراعة صعبة على بعض العمال غير المثقفين، فالشخص منهم يكون حافظاً لما يفعله دون فهم، ولكن الزراعة بحر كبير يجب معرفته جيداً قبل الغوص فيه، ولا يمكن غض الطرف عن طرق تحسين جودة المحاصيل، والتى تتمثل فى المعرفة التامة بالزراعة، وأن يكون العمال مؤهلين ومختصين، وتوفر المعدات والأدوات الزراعية، وتأسيس وتنظيف وتعقيم مكان زراعة الشتلة مثل البيوت المحمية، وأيضاً جودة الشتلة ومصدرها، فلا بد من أن تكون سليمة صحياً.
من ناحية أخرى، تدهور الإرشاد الزراعى بصورة مؤسفة بعد أن كان يؤدى دوراً جوهرياً فى العقود الماضية، وأصبح الفلاح هو مرشد نفسه، مما أدى إلى انخفاض إنتاجية المحاصيل أو تلفها بسبب سوء التخزين.
ويقول حسين عبدالرحيم أبوصدام، إن فساد الخضراوات أو الفاكهة من الداخل غالباً ما يكون نتيجة سوء التخزين؛ لأنها محاصيل سريعة التلف، ولكل فاكهة نمط تخزين معين مثل التبريد والتجميد، أو التخزين تحت أشعة الشمس، والتجفيف، كما أنها يمكن أن تفسد نتيجة معاملة زراعية معينة؛ سواء كان الإفراط فى الرى أو فى التسميد أو رش مبيدات غير مطابقه للمواصفات.
وحول التكنولوجيا الزراعية، أوضح نقيب الفلاحين أنها تحتاج إلى مبالغ طائلة، ودعم مادى من الدولة، أو إمداد بالآلات؛ وذلك نظرا لارتفاع أسعارها، معرباً عن أمله فى أن تنتشر التكنولوجيا فى مصر، بداية من المراحل الأولى للزراعة وحتى الحصاد.
وأكد «أبوصدام» أن الفلاح المصرى ضحية للظروف الاقتصادية، لأن هناك إمكانات كبيرة جداً فى هذا المجال، لكنه لا يستطيع الحصول عليها بنفسه خاصة التكنولوجيا الحديثة، لذلك لا بد من إرسال الفلاحين فى بعثات للخارج، وأن يكون هناك إرشاد زراعى حقيقى على الأرض، وأن تتوافر آلات زراعية حديثة ومتطورة بالتقسيط، بالإضافة إلى عمل دورات لتدريبهم على استخدامها، مطالباً بتتغير المناهج الزراعية، لكى يُصبح خرّيجو كليات الزراعة والحاصلون على دبلوم زراعى مُلمِّين بالواقع الموجود فعلياً.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الخضراوات الفاكهة لزراعة فى مصر إنتاجية المحاصيل إ ى تحقيق توازن بالصادرات الزراعية أن هناک
إقرأ أيضاً:
«الأفلاج».. شريان الاستدامة الزراعية
خولة علي (أبوظبي)
أخبار ذات صلةالأفلاج جزء مهم من الحياة الاجتماعية والاقتصادية للأهالي، حيث اعتمدوا عليها في زراعة النخيل والمحاصيل الأخرى، وساهمت في تعزيز التلاحم المجتمعي من خلال العمل الجماعي على صيانتها وإدارتها. الأفلاج نظام ري تقليدي قديم، استخدمه سكان الإمارات منذ قرون لتوزيع المياه وري المزروعات، وهي تتميز بقنوات محفورة تحت الأرض تمتد من عيون المياه الجوفية إلى القرى والمزارع، مما يسهم في استدامة الزراعة وتوفير المياه العذبة للري والاستخدامات اليومية، وقد تم إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، نظراً لأهميتها التاريخية والثقافية، ودورها في توفير الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للسكان قديماً.
منظومة اجتماعية
أشار الدكتور سيف البدواوي، الباحث في تاريخ الخليج، إلى أن الفلج هو نظام ري قديم يستخدم في الأراضي الزراعية، ويتكون من أقسام رئيسة تسهم في تنظيم الحياة الزراعية والمائية، وأم الفلج تعد الحفرة الكبيرة التي تتجمع فيها المياه، وتعتبر نقطة الانطلاق للمياه القادمة من الجبال، حيث يتم إنشاء فتحات تعرف بالثقاب على طول مسار الفلج لتسهل عملية الصيانة والتنظيف الدوري.
وأوضح البدواوي، أن الأفلاج ليست مجرد أنظمة ري، بل هي منظومة اجتماعية وثقافية متكاملة، حيث يجتمع السكان لتنظيفها وصيانتها، مما يعزز الروابط الاجتماعية، وأكد أن هذه الأنظمة تعكس التراث الثقافي العريق وأهمية المياه في استدامة الزراعة والمجتمعات.
مواعيد الري
وأشار البدواوي، إلى أن نظام الفلج يعتمد على دقة فائقة في توقيت الري، حيث يتم تحديد مواعيد السقي بناء على النجوم وظروف الطقس، كما ذكر أن هناك نوعين رئيسيين من الأفلاج، منها الفلج الداودي الذي يتميز بطوله وعمقه واستمراريته طوال العام، إذ يحصل على الماء من الجبال، وفلج الغيلي والذي يعتمد على حجز مياه الأودية في مواسم معينة لتوزيعها على الأراضي الزراعية.
مسميات الفلج
وللفلج مسميات متعددة تحدد وفقاً لنظام توزيع المياه فيه، حيث أوضح البدواوي أن أكبر تقسيم يسمى «البادة»، وهي الفترة الأطول التي تمتد من وقت المغرب وحتى منتصف الليل، يليها «الربيع»، الذي يمثل نصف البادة ويعتمد على حجم ملكية النخيل، فإذا كان لدى الشخص نخيل كثيرة، فإنه يمتلك ربيعاً، ومن المسميات الأخرى «النصيفة»، و«نصف ربيع»، و«نصف نصيفة»، وتأتي «القدم» كأصغر وحدة في هذا النظام.
بحيرة «بالحابوط»
وأشار البدواوي، إلى أن الفلج يعد جزءاً من التراث الإماراتي العريق، حيث تم استخدامه منذ مئات السنين لتنظيم حياة المجتمع الزراعي، وفق مواعيد الري اليومية والتي تحدد بدقة لضمان توزيع المياه بشكل عادل ومنظم بين المزارعين، كما أن المياه الزائدة يمكن بيعها بأسعار متفاوتة، بناء على حجم المزرعة وحاجة أصحابها. وفي حالة ضعف تدفق المياه، كان يتم إنشاء بحيرة تعرف «بالحابوط» لتجميع المياه، ويتم فتح الفلج بعد امتلائه، أما في العصر الحديث، فقد تولت الجهات المختصة مثل البلديات تطوير وإدارة هذه الأنظمة، من خلال إنشاء بحيرات كبيرة، للحفاظ على دور الفلج كمصدر تقليدي للري.