لجريدة عمان:
2025-02-05@14:45:49 GMT

مؤتمر باريس حول السودان.. بارقة أمل

تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT

بعد مضي عام كامل من بداية الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع سيعقد في العاصمة الفرنسية باريس مؤتمر دولي حول السودان في منتصف هذا الشهر (أبريل).

ويأتي انعقاد هذا المؤتمر الذي سيتزامن مع موعد مبدئي لاستئناف المفاوضات بين طرفي الحرب في 18 من الشهر الجاري، في ظل سعي جاد من المجتمع الدولي للالتفات إلى حرب السودان المنسية، بعد أن بلغت أعداد النازحين واللاجئين جراء هذه الحرب مستويات غير مسبوقة بحسب تقارير الأمم المتحدة، حيث بلغ عدد النازحين واللاجئين أكثر من 8 ملايين سوداني في أقل من عام.

وفيما تبدو مؤشرات واضحة على أن ثمة توافقا بين اللاعبين الإقليميين والدوليين هذه المرة بضرورة إنهاء الحرب العبثية في السودان، بعد أن كشف المبعوث الأمريكي للسودان توم برييلو عن توافق لمسه من الأطراف الإقليمية والدولية إثر جولة له في المنطقة شملت دولاً عربية وإفريقية معنية بالشأن السوداني، فإن ثمة ارتباطا وثيقا بين موعد انطلاق مؤتمر باريس في 15 من شهر أبريل الجاري، وبين موعد أولي لاستئناف المفاوضات في 18 من الشهر ذاته.

وبحسب الصحافة الفرنسية فإن المؤتمر سيناقش ملفات مختلفة حول الحرب في السودان، سواءً أكان ذلك في الجانب الإنساني أم الجانب السياسي؛ نظرًا للارتباط الوثيق بين الملفين، كما ستشارك في المؤتمر أطراف دولية وإقليمية وازنة، تضم الولايات المتحدة، المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، إلى جانب الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي والإيقاد. ويبلغ عدد جميع المشاركين عشرين دولة ومنظمة دولية.

يهدف المؤتمر إلى «السماح للأسرة الدولية بأن تكون فعالة بصورة جماعية من أجل التوصل، في مرحلة أولى، لفتح مسارات للمساعدات الإنسانية وإيقاف إطلاق النار ثم استئناف عملية للسلام».

داخليًا، كان واضحًا أن الأزمة السياسية السودانية بعد أن تحولت إلى صراع مسلح أصبحت أكثر بعدًا عن قدرة الفرقاء السياسيين السودانيين على اجتراح حلول محلية يتوافقون عليها، فالمؤشرات التي كانت ينطوي عليها حراك المجتمع السياسي السوداني وطبقته الحزبية بعد الثورة وقبل الحرب كانت من الوضوح بمكان في الدلالة على انسدادات بنيوية في طبيعة الأزمة.

ذلك أن التجربة السياسية لنظام المتشددين الذي استمر 30 عامًا إثر انقلابهم على الحكومة الديمقراطية المنتخبة في عام 1989 كانت قد راكمت من الخطايا السياسية ما جعل من تعقيدات تدخل المجتمع الإقليمي والدولي في السودان أمرًا بالغ التركيب بحيث يمكننا القول إن تدخلات المجتمع الدولي إثر الخطايا السياسية طوال ثلاثين عامًا شهدت محطات فارقة؛ منها الحصار الاقتصادي للسودان الذي استمر لأكثر من 27 عامًا وأدخل السودان في أزمات كبيرة لعبت دورًا مؤثرًا في تعطيل التنمية والتحديث، كما أن إدراج السودان في لائحة الدول الراعية للإرهاب زاد من مشكلات السودان اللوجستية مع العالم، إلى جانب الحروب الأهلية التي اندلعت في دارفور وجبال النوبة وشرق السودان، وانتهاءً بانفصال جنوب السودان في عام2011 لهذا يمكن القول إن هذه الحرب الدائرة في الخرطوم منذ عام بين الجيش وقوات الدعم السريع هي ذروة المأزق السياسي الذي راكمته خطايا نظام الرئيس المعزول عمر البشير طوال ثلاثين عامًا.

لقد مر السودان بحروب أهلية طرفية اندلعت فيه حتى قبل استقلاله، واستمرت محطات الحرب الأهلية متنقلة تنطفئ هنا لتشتعل هناك، إلى أن اندلعت الحرب في المركز (الخرطوم) الذي كان يشعل الحروب في الأطراف.

يدرك السودانيون مرارات الحرب الأهلية، نتيجة تاريخ طويل صحبوا فيه تلك الحرب المتنقلةً بين جنوب البلاد وغربها وشرقها، لهذا فإن هذه الحرب اليوم تبدو فيها التدخلات الاقليمية والدولية بادية للعيان، الأمر الذي يمكن القول معه؛ إنه متى ما أدركت تلك الأطراف أن ثمة حاجة لوقف هذه الحرب خشية وصولها إلى نقطة اللاعودة في منطقة جيوسياسية خطيرة كالسودان الذي تجاوره 5 دول شهدت حروبًا أهلية (ليبيا- تشاد- إفريقيا الوسطى- أثيوبيا- جنوب السودان) فإن هناك إمكانية لتوقف الحرب داخل السودان.

وبحسب تقرير التصنيف المرحلي لإحدى الهيئات العالمية فإنه «دون وقف فوري للأعمال القتالية ونشر كبير للمساعدات الإنسانية... فإن سكان ولايتي الخرطوم والجزيرة ودارفور الكبرى وكردفان الكبرى، مهددون بالوصول إلى أسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد وسوء التغذية خلال موسم الجفاف المقبل الذي يبدأ في أبريل- مايو 2024». لهذا يستبق المجتمع الدولي جهوده لوقف الحرب في السودان قبل حلول شهر مايو المقبل.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: السودان فی فی السودان هذه الحرب الحرب فی

إقرأ أيضاً:

معركة الفاشر هل تكون فاصلة ؟

ليس من المبالغة في شيء القول إن عملية الانتحار الذاتي السودانية التي بدأت في 15- 4 - 2023 والتي يقودها -من منطلقات مختلفة ومتعارضة إلى حد كبير- قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد الدعم السريع الذي كان نائبا للبشير ومن بعده البرهان، ولم يستطيعا التوافق فيما بينهما لخلافات شخصية ولأسباب لا يستطيع أحد أن يصدق أن من بينها مصلحة السودان الشقيق الذي يتم تخريبه وتدمير موارده منذ اندلعت الحرب اللعينة من أجل السلطة بغض النظر عن المبررات التي يعلنها هذا الطرف أو ذاك. والمؤسف انه إذا كانت جهود أو محاولات قد ظهرت وتكررت خلال الأشهر الماضية، سواء من جانب الاتحاد الإفريقي الذي ينتمي إليه السودان أو من جانب الأمم المتحدة أو من جانب أطراف أخرى إفريقية وعربية ودولية بدوافع مختلفة، كما عقدت مؤتمرات إفريقية ودولية للبحث في سبل إنهاء الحرب وإنقاذ المجتمع والشعب السوداني من مخاطر تزداد مع استمرار الحرب ومرور الوقت، إلا أن المؤسف يبدو أن لا أحد تقريبا يسعى بشكل جاد أو مؤثر من أجل حقن الدماء السودانية ومحاولة إنقاذ السودان وخدمة مصالحه ضد مخاطر جادة وحقيقية قد تصل إلى تمزيق السودان بالفعل وفصل بعض أقاليمه وخاصة دارفور لخدمة أطراف أخرى ليس من بينها السودان. وبعد نحو عامين من القتال والمواجهات المسلحة التي بدأت تستخدم أساليب قتال تحاكي أساليب داعش وإسرائيل في غزة، ومن المعروف أن إقليم دارفور وعاصمته «الفاشر» يشكلان نحو 20% من مساحة السودان و14% من تعداد السودان وهي تربط السودان مع كل من ليبيا وتشاد وإفريقيا الوسطى ويتطلع حميدتي قائد قوات الدعم السريع إلى السيطرة على دارفور من خلال السيطرة على مدينة «الفاشر» أكبر مدن دارفور والتي لم يستطع السيطرة علها حتى الآن، غير انه يقوم في هذه الفترة بحشد قوات موالية له في ليبيا وتشاد وإفريقيا الوسطى والدفع بها إلى «الفاشر» في محاولة للسيطرة عليها، مما قد يشهد معارك ضارية، خاصة وأن قوات الدعم السريع قد قامت في الأسابيع الأخيرة بالهجوم على المستشفى السعودي في «الفاشر» وراح ضحيته سبعين من المرضى حسبما أعلن الجيش السوداني، وقد أنكرت قوات الدعم السريع مسؤوليتها عن تخريب مستشفى الفاشر كما سبق أن أنكرت مسؤوليتها عن إحراق مصفاة النفط الوحيدة في دارفور وإلقاء التهمة على الجيش السوداني الذي أدان إحراق المصفاة التي كان يعتمد عليها الجيش السوداني. وتجدر الإشارة إلى أن مجلس الأمن قد أدان السبت الماضي هذه العمليات - ومنها تخريب المنشآت الصحية ومصفاة النفط التي تحاكي الأسلوب الإسرائيلي خاصة بعد تعرض قوات الدعم السريع لهزائم في الآونة الأخيرة اعترف بها حميدتي ذاته وتوعد البرهان بطرد الجيش من الخرطوم، ومن المعروف أن الجيش السوداني حقق انتصارات واضحة في الأسابيع الأخيرة من أبرزها استعادة القيادة العامة للجيش، وعدة مواقع مهمة في الخرطوم وخارجها أبرزها استعادة مدينة «سنجة» في يوليو الماضي ومدينة «أم روابة» يوم الخميس 30 يناير الماضي كما حقق تقدما على الأرض في أكثر من موقع خاصة في مدينة بحري، وهو ما رفع من معنويات قوات الجيش، حيث أكد عبد الفتاح البرهان أن الأوضاع مستقرة « في الولايات السودانية باستثناء ولاية الخرطوم وأن الدعم السريع موجود وسط المواطنين وفي مقار الشرطة ولا وجود لهم في مواقعهم العسكرية ويعني ذلك أن الدعم السريع تتبع أسلوب حرب العصابات الذي يرتكز على أسلوب «اضرب واهرب» وأسلوب الاحتماء وسط المواطنين، وهو ما يزيد العبء على قوات الجيش، وكان البرهان قد أكد قبل أيام بكلمات ذات مغزى: «إننا لسنا مرتزقة ولسنا ميليشيا» وذلك لتأكيد الفارق بين قوات الجيش السوداني وبين ميليشيات الدعم السريع التي تأثرت بهجمات الجيش ضدها مؤخرا» .

وإذا كان من الخطر بالنسبة لحاضر ومستقبل السودان وتنميته والحفاظ على وحدته وأوضاعه الاجتماعية أن تتواصل أساليب الحرب الدخيلة على المجتمع السوداني المسالم بطبعه، فإن مواجهة أي تهديد للسودان ولتماسكه الوطني أيا كانت طبيعته يتطلب التصدي لإفرازات حرب الانتحار الذاتي التي يدفع السودان ثمنها غاليا.

وفي هذا الإطار، فإنه يمكن الإشارة إلى عدد من الجوانب من أهمها: أولا، أنه من المهم والضروري العمل على وضع حد للحرب والعمل لوقف المواجهات وأعمال العداء في كل ولايات السودان التي تحتاج في الواقع إلى كل مواردها لتلبية احتياجات الحاضر ومتطلبات المستقبل، وبالرغم من أن محادثات جدة التي بدأت بالتعاون بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة منذ أكثر من عام، إلا أن المحادثات لم تسفر عن خطوات عملية يمكن أن تساعد في التقريب بين وجهات نظر البرهان وحميدتي . واقتصر الأمر حتى الآن على تصريحات ذات طابع مقبول دون اتخاذ خطوات عملية يمكن الإمساك بها والسير نحو تطبيقها. وبالتالي لم تتحرك جهود الحل عمليا، وإذا كان ذلك يعود في جانب منه إلى افتقاد الرغبة من جانب كل طرف في الحل أو على الأقل تفضيل التأجيل من منطلق ثقة كل طرف في إمكانية تحقيق النصر على الطرف الآخر من ناحية، يضاف إلى ذلك أن مواقف الأطراف الإقليمية والدولية تتأثر بمصالحها حسب وجهة نظرها ومصالحها المنظورة وغير المنظورة، ويزيد من تعقيد الأمر أن طرفي الحرب لا يملكان الأموال التي تمكنهما من ممارسة ضغوط ما على أطراف قادرة على التأثير في سير الحرب أو توفير دعم بأسلحة قد تؤدي إلى قلب معادلات الحرب رأسا على عقب. صحيح حدث ذلك أحيانا خلال الفترة الماضية ولكن نفقات الحرب العالية تحول دون استمرار ذلك من جانب الدول الداعمة أو الراغبة في الدعم وفق الحسابات المحتملة. ومن هنا تتأثر مواقفها بشكل كبير بمواقف وحسابات المصالح وحسابات الحرب وسيرها ونتائجها التي انتقلت إلى يد أطراف إقليمية ودولية لها مصالحها الخاصة ولا تستطيع أطراف الحرب السيطرة عليه بشكل كبير أو التحكم فيها وهذا جزء من الثمن .

ثانيا، أنه في الوقت الذي يحسب فيه للاتحاد الإفريقي أخذه بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء وفرض عقوبات على من لا يلتزم بذلك، فإن السودان التزم ورفض بالفعل التدخل في شؤونه الداخلية وهناك في الواقع خيط رفيع ودقيق يميز بين أنماط وصور العلاقات بين الدول في حالات الحرب والسلم وتتداخل الأشكال والأبعاد إلى درجة تثير ارتباكات كثيرة أو تقاطعا كبيرا في أحيان كثيرة ونموذج الحرب في أوكرانيا يحمل الكثير من الدلالات في هذا المجال وهو ما أكدته جامعة الدول العربية بما في ذلك احترام سيادة السودان ووحدة أراضيه.

ثالثا، أن من أكثر نتائج الحرب إضرارا بحاضر ومستقبل السودان أن الحرب واستمرارها إلى ما يزيد على العام وعشرة أشهر وهو ما سيتجاوز ذلك بالتأكيد، أدت إلى تآكل التقيد بقواعد ومبادئ الحرب وهو ما يقل بشكل متزايد خاصة وأن الميليشيات والجماعات المسلحة تتكاثر كالفطر في السودان من ناحية، كما أن الخارجية السودانية تضع شروطا للحل السياسي، وبالتالي زاد عدد الميليشيات في دارفور على سبيل المثال من 3 حركات مسلحة في عام 2003 لتصل إلى ما يزيد على 87 حركة بعد الحرب وفي عام 2020 وقعت الحركات الدارفورية اتفاق جوبا للدفاع عن المدنيين السودانيين ولكن انحازت 3 حركات فقط إلى الجيش وعملت الحركات الأخرى منفردة ثم تخلت فيما بينها عن حيادها واتخذت مواقف سياسية وعسكرية انحازت في إطارها لهذا الجانب تارة وذاك تارة أخرى حسب مصالحها وهو ما زاد من الخلافات والتشرذم والانقسام فيما بينها.

رابعا، أنه في حين يقوم حميدتي بحشد قواته استعدادا لمعركة «الفاشر» التي ستكون حاسمة في ضوء حجم التحشيد لها وما يمكن تحقيقه عمليا قد تحمل معها نهاية للحرب خاصة في ضوء ما يمكن جمعه من أسلحة لصالح كل طرف ناحية وفي ضوء مدى محافظة الجيش على زخم تقدمه على حساب الدعم السريع وزيادة ضغوطه عليها وهو ما لن يكون سهلا في ضوء علاقات القوة الراهنة.

ومن جانب آخر، لن يكون ذلك سهلا على الأرجح في ضوء علاقات القوة لكل طرف مع القوى الإقليمية والدولية التي سترفض هزيمتها خدمة لمصالحها الذاتية.

وفي النهاية ومع اقتراب شهر رمضان المبارك واحتمال تجدد الحديث عن هدنة في السودان والضغط الإقليمي والدولي من أجل الحل وفق مبادرة جدة كما حدث في العام الماضي، فإن ذلك سيتوقف إلى حد كبير على نتائج معركة «الفاشر» القادمة ومدى النجاح في حشد الأطراف الراغبة في وقف القتال عربيا وإفريقيا ودوليا. أما الفشل في ذلك فإنه سيعني وصول المأساة في السودان إلى غايتها بكل ما قد يترتب عليها من نتائج مفجعة فهل ننقذ السودان أم نتركه للتفكك والخطر الداهم؟

د. عبدالحميد الموافي كاتب وصحفي مصري

مقالات مشابهة

  • للسياسيين فى (قراند بورتسودان).. السودان لم يعد كما كان
  • حرب السودان.. صراع على السلطة أم مؤامرة ضد الدولة؟
  • قناة السويس تشارك في فعاليات مؤتمر ومعرض Seatrade Maritime Qatar
  • الحرب ليست قدرًا.. أوقفوا نزيف الوطن!
  • سودان أبو القدح
  • منظمة الصحة العالمية تحذر من آثار الحرب في السودان
  • معركة الفاشر هل تكون فاصلة ؟
  • سفير فرنسا بالقاهرة: مؤتمر وزاري حول سوريا في باريس 13 فبراير الجاري
  • ما الذي ورط الجمهوريون أنفسهم فيه؟!
  • درع السودان، الذي انخرط تحت قيادة عسكرية بدا أكثر انضباطاً وحيوية