الهندسة الجيولوجية الشمسية تشكل صرفا خطيرا للانتباه
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
ياكوب مولوجيتا ـ دين بيكوموزي ـ نيكلاس هالستروم -
خلال أحدث اجتماعات جمعية الأمم المتحدة للبيئة، التي انعقدت في نيروبي، اتخذت البلدان الإفريقية موقفًا قويًا إزاء التكنولوجيات الجديدة المحتملة، التي قد تفاقم حالة الفوضى ويتسم بها المناخ بالفعل.
وقد ساعد زعماء القارة، بدعم من بلدان نامية أخرى، في إسقاط القرار الذي يدعو إلى إجراء المزيد من البحوث فيما يتعلق بفوائد تعديل الإشعاع الشمسي ومخاطره.
وتُعرف عملية تعديل الإشعاع الشمسي أيضًا باسم الهندسة الجيولوجية الشمسية، وهي فكرة مثيرة للجدل مفادها أن التعديل المتعمد للغلاف الجوي لعكس بعض أشعة الشمس حتى تعود إلى الفضاء يمكن أن يساعد في خفض حرارة كوكب دافئ. ودعم صانعو السياسات الاتفاقية الدولية لعدم استخدام الهندسة الجيولوجية الشمسية، وشددوا على الحاجة إلى حلول مناخية فعّالة وعادلة. وتشمل الهندسة الجيولوجية مجموعة من التقنيات التخمينية، بما فيها تقنية تعديل الإشعاع الشمسي، التي تهدف إلى معالجة تأثيرات تغير المناخ وليس أسبابه الجذرية. وقد اقتُرحت العديد من تقنيات الهندسة الجيولوجية الشمسية، ولكن أكثرها تداولا هي حقن الهباء الجوي الستراتوسفيري، التي تتناول فرضية مفادها أن أساطيل من الطائرات ستحلق على ارتفاعات عالية، وستطلق على نحو مستمر كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكبريت في الستراتوسفير، لتحاكي تأثير التبريد المؤقت الذي تحدثه الانفجارات البركانية.
وفي الواقع، من المرجح أن تؤدي مثل هذه التدابير إلى زعزعة استقرار المناخ الذي يعاني أصلا من اضطرابات شديدة. ضع في اعتبارك أن الانفجارات البركانية قد أثارت في الماضي أحداثا مناخية متطرفة ومجاعات. وفضلا على ذلك، لطالما أشارت النماذج المناخية إلى أن حقن الهباء الجوي الستراتوسفيري يمكن أن يغير الرياح الموسمية الهندية، ويسبب المزيد من حالات الجفاف المتكررة والمستمرة في منطقة الساحل المضطربة.
ووفقًا لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فإن الهندسة الجيولوجية الشمسية قد «تؤثر سلبا على قدرة الملايين وربما المليارات من البشر على التمتع بحقوقهم». ويزعم بعض أنصار تعديل الإشعاع الشمسي أنه إذا لم يحقق رش الهباء الجوي في طبقة الستراتوسفير النتيجة المرجوة، فمن الممكن وقف هذه العملية. ولكن هذا يمكن أن يكون خطيرا: إذ سيختفي تأثير التخفيف الذي تُحدثه الجزيئات المحقونة، مما يسبب ارتفاعا سريعا في درجات الحرارة. وسيكون هذا السيناريو الذي يسمى بصدمة الإنهاء كابوسا. ويرى الأفارقة كيف تُستخدم قارتهم كأرضية اختبار لهذه التقنيات الخطيرة. ويُدَّعى أن أفريقيا هي القارة الأكثر عرضة لتغير المناخ، لذا فهي ستحصل على أقصى قدر من الاستفادة من الهندسة الجيولوجية. والواقع هو أن الأفارقة هم أكبر الخاسرين جراء تكنولوجيات الهندسة الجيولوجية الفاشلة.
وفضلا على ذلك، يمكن للخلافات بخصوص استخدام تعديل الإشعاع الشمسي أن تؤدي إلى تفاقم الصراعات الجيوسياسية، بل إلى إشعال فتيل الحروب. ونظرا لأن جزءا كبيرا من تكنولوجيات الهندسة الجيولوجية تروِّج لها مصالح ومؤسسات مقرها الولايات المتحدة، ويمولها مليارديرات التكنولوجيا، فإن الدول الأفريقية لديها سبب وجيه لتقلق من أنه لن يكون لها أي رأي يذكر في القرارات المتعلقة بنشرها.
وبالإضافة إلى المخاوف بشأن الأمن والعدالة، تثير الهندسة الجيولوجية مسائل أخلاقية خطيرة. إن تعديل الإشعاع الشمسي وغيرها من التقنيات ذات الصلة تحظى بقبول أولئك الذين ينكرون الحاجة إلى التغيير المجتمعي السريع والتحويلي للحد من ظاهرة الانحباس الحراري العالمي.
إن مجرد التفكير في هذا الأمر قد يعدّ صرفا خطيرا للانتباه، لاسيما وأنه يكتسب زخما متزايدا باعتباره مناورة للمماطلة في صناعة الوقود الأحفوري. ولهذا السبب، عارضت الدول الأفريقية ـ بِمعية المكسيك، وكولومبيا، وفيجي، وفانواتو-بقوة قرار سويسرا بشأن الهندسة الجيولوجية الشمسية بجمعية الأمم المتحدة للبيئة، بحجة أن الأبحاث أثبتت بالفعل المخاطر الكارثية التي تنطوي عليها. ودعت هذه الدول جمعية الأمم المتحدة للبيئة إلى إعادة التأكيد على اتباع نهج احترازي في التعامل مع هذه التقنيات التخمينية، والاعتراف بدعوة المؤتمر الوزاري الأفريقي المعني بالبيئة إلى إبرام اتفاقية عدم الاستخدام- وهو قرار رائد اتُخذ في أغسطس 2023. ولكن الولايات المتحدة، ودول أخرى عارضت هذه الدعوة. ونظرًا لعدم وجود توافق في الآراء، اضطرت سويسرا إلى سحب قرارها. وقد سلطت المفاوضات الضوء على أهمية الدعوة إلى إبرام اتفاقية دولية لعدم استخدام الهندسة الجيولوجية الشمسية، وهي المبادرة التي أقرها أكثر من خمسمائة باحث، ودعمها ما يقرب من ألفي مجموعة من منظمات المجتمع المدني. ويخلص الاتفاق إلى أنه نظرا لأن الهندسة الجيولوجية الشمسية تشكل مخاطر غير مقبولة، وأنه بحكم طبيعتها يتعذر السيطرة عليها، فيتعين على البلدان أن ترفض كل ما يتعلق بهذه التكنولوجيا بما في ذلك، إجراء تجارب خارجية، منح براءات اختراع، توفير تمويل عام، وأن تحظر نشرها.
ويتعين على المجتمع الدولي أن يفرض حظرًا صارمًا على الهندسة الجيولوجية الشمسية، كما فعل مع الاستنساخ البشري والأسلحة الكيميائية، ويتعين عليه أن يفعل ذلك قبل أن يُسوَّق لهذه التكنولوجيا. والواقع أن الحكومات وافقت على الوقف الفعلي للهندسة الجيولوجية بموجب اتفاقية التنوع البيولوجي، قبل أكثر من عقد من الزمان. ومن شأن اتفاقية عدم الاستخدام أن تعزز هذا الحظر بقدر أكبر. ولكن لا يكفي مقاومة الانحرافات الخطيرة مثل تعديل الإشعاع الشمسي. وتتطلب معالجة أزمة المناخ التركيز الشديد على الحلول الحقيقية والتعاون بين بلدان الجنوب.
وفي الآونة الأخيرة، حدد اثنان منا، بصفتنا عضوين في فريق الخبراء المستقل المعني بالتحول العادل والتنمية، كيف يمكن للبلدان الأفريقية أن تتبع أجندة فعّالة للمناخ والتنمية وكيف يمكن لجهود مثل مبادرة الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة في البلدان الأقل نموا أن تدعم هذه الجهود. وعلى نحو مماثل، بدأت معاهدة منع انتشار الوقود الأحفوري المقترحة، وهي خطة ملزمة للتخلص التدريجي من النفط والغاز والفحم بوتيرة سريعة وعلى نحو عادل، تكتسب زخمًا. ونحن نتوقع أن تنضم قائمة أخرى من البلدان إلى كولومبيا، وفيجي، وفانواتو في مناصرة الاتفاقية الدولية لعدم استخدام تعديل الإشعاع الشمسي، ومعاهدة منع انتشار الوقود الأحفوري في آن واحد. ونحن نرحب بهذه الخطوة. وقد عبرت سوزانا محمد، وزيرة البيئة الكولومبية، عن هذا الأمر بإيجاز في بيانها الختامي القوي في جمعية الأمم المتحدة للبيئة، حيث قالت: «إن التلوث ليس هو الحل للتلوث». وقد حذر الزعماء الأفارقة من أن العالم لا ينبغي له أن ينخدع ويجد نفسه على منحدر زلق في اتجاه الهندسة الجيولوجية الكارثية. لقد حان الوقت أن يستمع المجتمع الدولي لآرائنا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الأمم المتحدة للبیئة
إقرأ أيضاً:
مراد.. توجيهات الرئيس تبون تشكل خارطة طريق لتعزيز وتيرة التنمية المحلية
أكد وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، ابراهيم مراد، أن ما تضمنه خطاب رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، من توجيهات, في لقاء الحكومة مع الولاةـ اليوم، يشكل خارطة طريق لتعزيز وتيرة التنمية المحلية وتحقيق نجاعة أكبر في تنفيذ السياسات العمومية.
وفي مداخلة له خلال إفتتاح أشغال لقاء الحكومة مع الولاة بقصر الأمم بنادي الصنوبر بالعاصمة تحت شعار “الجماعات المحلية.. قاطرة التنمية الوطنية”، أوضح مراد أن هذا اللقاء الذي كرس رئيس الجمهورية انعقاده بصفة دورية .
كما يهدف هذا اللقاء الى “ضمان التنسيق المتواصل والعمل المنسجم بما يسمح بتحقيق نجاعة أكبر في تنفيذ السياسات العمومية وبما يستجيب لتطلعات المواطن”. يضيف مراد.
وبالمناسبة أكد مراد أن هذه التطلعات توجد “في صلب اهتمام رئيس الجمهورية”، وهو ما ترجمه خطابه اليوم، بما تضمنه من تعليمات وتوجيهات سديدة تصب في تعزيز وتيرة التنمية المحلية، باعتبارها رافدا للتنمية الوطنية، والتي سنلتزم بها كخارطة طريق يحرص كل واحد منا على مستوى مسؤولياته بتجسيد مضمونها دون أجل”.
وأضاف الوزير في مداخلته أن “تحقيق توازن تنموي بين مختلف مناطق الوطن شكل أحد أسس المقاربة التنموية التي أقرها رئيس الجمهورية، والتي مضت الجماعات المحلية في تنفيذها من خلال برنامج واسع للاستدراك التنموي بمناطق الظل رصد له ما يفوق 341 مليار دج”.
وتابع مراد في السياق ذاته سمح هذا البرنامج بتجسيد أزيد من 29 ألف مشروع, أي ما يعادل 7 .98%، كما مكنت الجهود المبذولة من تحقيق مؤشرات استثنائية لفائدة ما يقارب 2.6 مليون نسمة، على غرار ربط ما يفوق 580 ألف مسكن بشبكة المياه الصالحة للشرب وأزيد من 000 100 مسكن بشبكة الكهرباء، فضلا عن إعادة تأهيل وترميم 9000 كلم من الطرقات وفتح 5000 كلم من المسالك بهذه المناطق”.
وأشار مراد إلى أن “هذه المشاريع المحققة في ظرف قصير المدى أبانت عن حجم الفارق التنموي المعتبر الذي تم استدراكه”، الأمر الذي يستوجب “اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتفادي أي اختلالات مماثلة مستقبلا وضمان استفادة منصفة من مختلف البرامج التنموية المحلية، لاسيما من خلال الإصغاء المتواصل للمواطنين وترسيخ مبادئ الديمقراطية التشاركية”.
وذكر الوزير أنه “بعد مضي الولايات الجنوبية العشر في شق طريقها التنموي، سمح استحداث الولايات المنتدبة السبع بإطلاق ديناميكية تنموية جديدة تهدف إلى استدراك النقائص التي تشهدها وضمان تكفل أفضل بشؤون ساكنتها، لاسيما من خلال الأغلفة المرصودة ضمن قانون المالية لسنة 2025 لفائدتها”، معلنا عن “مباشرة نسق تنصيب المقاطعات الإدارية الأربع الجديدة التي وافق مجلس الوزراء على اقتراح ترقيتها بحر هذا الأسبوع، لتمضي هي الأخرى في رسم معالمها التنموية”.