تصعيد حوثي في الضالع ولحج ينسف جهود السلام
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
في الوقت الذي يواصل فيه المبعوث الأممي إلى اليمن السيد هانس غروندبرغ جولاته لتعزيز فرص إحلال السلام، صعدت مليشيا الحوثي، ذراع إيران في اليمن، من عملياتها العسكرية صوب المحافظات المحررة من سيطرتها في تأكيد واضح على نوايا هذه العناصر التي لا تفهم سوى لغة الحرب والسلاح.
اتجاه الميليشيات الحوثية إلى التصعيد في الجبهات داخلياً جاء عقب استثمار شماعة الحرب في قطاع غزة، فجرى الدفع بتعزيزات كبيرة ممن تم تجنيدهم ضمن عمليات التعبئة التي حملت مسمى الاستعداد لـ"المعركة المقدسة وتحرير الأقصى".
وعلى مدى اليومين الماضيين، شنت الميليشيات الحوثية عمليات عسكرية مكثفة صوب مواقع القوات الجنوبية في جبهات الضالع ولحج. وتكبدت الميليشيات خلال هجماتها الفاشلة خسائر كبيرة في عناصرها وعتادها.
وقال المتحدث الرسمي باسم القوات الجنوبية، المقدم محمد النقيب، إن القوات المرابطة في جبهة كرش تمكنت من إحباط محاولة تقدم نفذتها ميليشيا الحوثي صوب مواقع القوات الجنوبية.
وقال النقيب، في تغريدة نشرها عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، تصدت القوات الجنوبية في جبهة كرش بشجاعة وحزم لهجوم شنته المليشيات الحوثية، ونجحت في تنفيذ هذا التصعيد بنجاح. وأضاف، يأتي هذا الانتصار كتجديد لسلسلة الهزائم والخسائر التي تكبدتها مليشيات الحوثي في مواجهة القوات الجنوبية. ويعتبر هذا التصعيد من جانب مليشيات الحوثي تأكيدًا منها على أنها قد اتخذت قرار الانتحار مجددًا، حيث تواصل محاولاتها اليائسة للتوغل في جبهات الجنوب الحدودية.
بحسب مصادر ميدانية أسفرت المواجهات العنيفة التي اندلعت بين الجانبين عن استشهاد الملازم سمير الفقيه أبو عبود، قائد المقاومة الجنوبية كرش- رئيس اللجنة الأمنية بالمجلس الانتقالي بمديرية كرش، و3 جنود آخرين هم: حامد العزي، خلدون مهدي سريع، اثير غالب.
التصعيد في كرش لحج، جاء في ظل عودة المواجهات العنيفة إلى جبهات “مريس، والجب، وصبيرة، والفاخر، والثوخب” شمال وشمال غرب الضالع. وسجلت هذه الجبهات خسائر فادحة في صفوف الميليشيات الحوثية التي استقدمت تعزيزات كبيرة من معسكرات الحشد التي أسستها استغلالاً للحرب الدائرة في قطاع غزة.
خروق موثقة
بدورها دائرة حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني في مكتب رئاسة الجمهورية، وثقت (24,697) حالة انتهاك وخرق للهدنة الأممية ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال الفترة من 2 أبريل 2022 وحتى 31 ديسمبر 2023م.
وأشارت الدائرة في تقرير صادر عنها، إلى أن الميليشيات الحوثية ارتكبت (6557) حالة انتهاك لحقوق الإنسان، فيما تم التحقق من قتل (1245) مدنيا، بينهم (250) طفلاً و(68) امرأة و(37) مسنًا، و(890) رجلاً، وإصابة (2141) آخرين، نتيجة الاستهداف المباشر وعمليات القصف العشوائي بالأسلحة الثقيلة والطيران المسير.
وأشار إلى تسجيل (776) حالة اختطاف لمدنيين، بينهم (26) مسنًا و(61) طفلاً و(6) نساء، وتسجيل (126) حالة اختفاء قسري لمدنيين، بينهم (14) طفلاً و(5) نساء و(4) مسنين، كما وثق (170) حالة تعذيب جسدي ونفسي. وأكد بأنه تم التحقق من وفاة (28) معتقلاً جراء التعذيب و(22) آخرين نتيجة الإهمال الطبي في السجون والمعتقلات التابعة لجماعة الحوثي. كما وثق التقرير (18,171) خرقًا للهدنة الإنسانية التي أعلنها مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في اليمن والتي بدأت في 2 أبريل من جانب واحد.
وأوضح أن محافظة الحديدة، سجلت (6,503) خروق، ومحافظة تعز ب(3,458) خرقًا، ومحافظة حجة بـ(2,567) خرقًا، ومحافظة مأرب (2,218) خرقًا، ومحافظة الضالع (1,661) خرقًا، ومحافظة الجوف (1,642) خرقًا، ومحافظة صعدة (122) خرقا. ورصد التقرير مقتل (472) مدنيا، بينهم (139) طفلًا، و(32) امرأة، و(20) مسنًا جراء الألغام الحوثية التي تسببت أيضا بإصابة (580) آخرين، بينهم (190) طفلاً، و(49) امرأة، و(19) مسنًا، توزعت على (16) محافظة.
جهود نحو السلام
ومنذ منتصف مارس الماضي، يقوم المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، بجولة مكثفة إلى عدة دول شملت كلا من أميركا والسعودية وسلطنة عمان وروسيا. والتقى فيها المبعوث بكبار المسؤولين الدبلوماسيين في تلك الدول في ظل التحركات المكثفة التي يجريها المبعوث من أجل دعم جهود إيقاف التصعيد الداخلي في الجبهات والبحر الأحمر، والعودة إلى خارطة الطريق التي جرى الإعلان عنها في ديسمبر لإحلال السلام في اليمن.
المبعوث خلال اللقاءات المكثفة التي أجراها آخرها في موسكو، في 29 مارس الماضي، أكد أن الجهود الأخيرة المبذولة هدفها دعم الأطراف اليمنية إلى التوصل إلى اتفاق بشأن خارطة طريق ولتنفيذ التزاماتهم بوقف إطلاق النار، وتدابير لتحسين الظروف المعيشية في اليمن، واستئناف عملية سياسية جامعة برعاية الأمم المتحدة.
وأعرب المبعوث الأممي غروندبرغ عن تقديره لوحدة مجلس الأمن في دعم جهود السلام في اليمن، وشدد كذلك على أهمية استمرار الدعم المتضافر من المجتمع الدولي لتيسير التوصل إلى حل سلمي للأزمة اليمنية.
تحركات غروندبرغ، أعقبها تحركات مماثلة يقودها حالياً المبعوث الأميركي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، إلى المنطقة في جولة جديدة هدفها الضغط على الجماعة الحوثية لوقف هجماتها البحرية. واستهل المبعوث الأميركي جولته من السعودية يليها سلطنة عمان. وتتركز الجولة على مناقشة الشركاء حول الحاجة إلى وقف فوري لهجمات الحوثيين التي تقوّض التقدم في عملية السلام اليمنية وتقديم المساعدة الإنسانية إلى اليمن وغيرها من الدول المحتاجة.
وأكد البيان أن واشنطن لا تزال ملتزمة التزاماً راسخاً بدعم السلام الدائم في اليمن والتخفيف من الأزمات الإنسانية والاقتصادية المعقَّدة التي تضر الشعب اليمني. وأنها ستدعم العودة إلى جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة بمجرد أن يوقف الحوثيون هجماتهم العشوائية.
والتقى المبعوث الأميركي، في الرياض وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني، الدكتور شائع الزنداني، مؤكدًا تطلعه للعمل معًا نحو إحلال السلام في اليمن.
وجرى في اللقاء مناقشة مستجدات الأوضاع في بلادنا والمنطقة، واستعراض آفاق العملية السياسية للوصول إلى تسوية سلمية لانهاء الحرب في اليمن. وجدد وزير الخارجية وشؤون المغتربين التزام الحكومة بتحقيق تطلعات الشعب اليمني بتحقيق السلام واستعادة الأمن والاستقرار وإنهاء انقلاب مليشيا الحوثي.
وأكد ليندركينج دعم الإدارة الأمريكية لجهود تحقيق السلام الدائم في اليمن والتخفيف من الأزمتين الإنسانية والاقتصادية، ودعم جهود مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية في هذا الإطار.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: المیلیشیات الحوثیة القوات الجنوبیة إلى الیمن فی الیمن
إقرأ أيضاً:
الاستهداف الإسرائيلي للبنية التحتية في اليمن يخدم الحوثيين ... الإقتصاديون يكشفون الذرائع الحوثية
قال اقتصاديون يمنيون إن الضربات الإسرائيلية باتجاه المرافق الخدمية في اليمن، تخدم ميليشيا الحوثيين أكثر مما تضرهم، وتخلق لهم الذرائع للتنصل من التزاماتهم تجاه المواطنين القاطنين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، علاوةً عن كونها تُضاعف حجمَ معاناة الشعب الاقتصادية وتفاقم سوء معيشتهم.
وتركزت الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مناطق نفوذ ميليشيا الحوثي، على بُنى تحتية ومنشآت مدنية حيوية ومرافق خدمية، في كلٍّ من صنعاء شمالًا والحديدة غربًا، فيما تظل المعاقل العسكرية للميليشيا في مأمن ومنأى عن صواريخ وقاذفات المقاتلات الإسرائيلية.
ومع تصاعد هجمات ميليشيا الحوثيين مؤخرًا باتجاه إسرائيل، ارتفعت نبرة التهديدات الإسرائيلية بقصف البنى التحتية اليمنية في المناطق الخاضعة لهم.
الهجمات تضاعف الوضع الإنساني
رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي في اليمن مصطفى نصر، يقول إن: "استهداف المنشآت المدنية والخدمية والبنية التحتية، في الحقيقة لا يؤثر في جماعة الحوثي، وإنما يؤثر بصورة مباشرة في مواطِني اليمن، ويفاقم الوضع الإنساني والمعيشي الذي يعانيه معظم سكان اليمن".
وذكر نصر، في حديثه أن: "استهداف المنشآت المدنية والخدمية وتدمير البنية التحتية، هي جرائم ترتكب بحق الشعب اليمني، تُضاف إلى جرائم التدمير الممنهجة التي مارستها ميليشيا الحوثي بحق اليمن خلال سنوات الحرب".
وأوضح: "أي استهداف لِمنشآت مدنية وخدمية، لا يؤثر في جماعة الحوثي، بل يساعدها على مزيد من الحشد في أوساط القبائل، ويعطيها الشرعية بأنها تواجه حربًا مباشرة مع إسرائيل وأمريكا".
الهجمات تخلق المبررات للحوثيين
ولفت نصر، إلى أن "ميليشيا الحوثي، تواجه ضغوطًا متزايدة للالتزام بواجباتها باعتبارها سلطة أمر واقع في مناطق نفوذها، من أجل توفير الخدمات وتسليم المرتبات والكشف عن الإيرادات التي يتم جبايتها دون أن تنفق على المواطنين، إلا أن استهداف المنشآت المدنية والخدمية، يجعلها تجد المبرر لعدم الالتزام بذلك".
في غضون ذلك، كشفت مصادر يمنية مُطلعة، لـ"إرم نيوز"، عن أن خسائر اقتصادية جسيمة تتجرعها الدولة اليمنية إزاء الضربات الإسرائيلية، إذ بلغت كُلفة الخسائر نحو 3 مليارات دولار أمريكي، نجمت فقط عن الضربتين الإسرائيليتين على محافظة الحديدة شمالي غرب البلاد في الـ20 من يوليو/تموز، والـ29 من سبتمبر/أيلول.
فيما أعلنت ميليشيا الحوثي، عبر مؤسسة موانئ البحر الأحمر التي تُشرف على تشغيل ميناء الحديدة، في مؤتمر صحفي عقدته السبت الماضي، عن الخسائر المادية التي تعرض لها الميناء الرئيس في المحافظة، جراء الغارات الإسرائيلية الثلاث على الحديدة، بإجمالي خسائر قُدّرت بنحو 313 مليون دولار أمريكي.
تدمير الأصول الاقتصادية
بدوره، يقول الباحث والمحلل الاقتصادي وحيد الفودعي إن "اليمن يشهد انعكاسات اقتصادية ومعيشية متفاقمة، جراء الغارات الجوية التي استهدفت المنشآت المدنية والمؤسسات الخدمية والبنى التحتية".
ولفت الفودعي، إلى أن "استهداف المنشآت المدنية والبنية التحتية، يؤدي إلى تدمير الأصول الاقتصادية الحيوية، مثل: الطرق، والموانئ، وشبكات الطاقة، والمؤسسات الإنتاجية"، مُبيّنًا، أن: "هذه الأضرار تؤدي إلى تعطيل الأنشطة الاقتصادية بشكل كبير؛ ما ينعكس على انكماش الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع تكاليف إعادة الإعمار، إلى جانب تفاقم معدلات البطالة والفقر".
وأضاف، لـ"إرم نيوز": "أن تدمير البنية التحتية يؤدي إلى تعطيل الخدمات الأساسية مثل الكهرباء، والمياه، والرعاية الصحية؛ ما يجعل حياة المواطنين أكثر صعوبة"، متابعًا: أنه "بالإضافة إلى ذلك، يؤدي الانقطاع في الإمدادات والنقل إلى ارتفاع حاد في أسعار السلع الأساسية؛ ما يفاقم الأوضاع المعيشية للسكان الذين يعانون أصلاً أزمةً إنسانيةً خانقةً".
وأكد الفودعي، أن "استهداف البنية التحتية والمنشآت المدنية في أي نزاع، لا يؤدي سوى إلى تعميق الأزمات الإنسانية والاقتصادية، ويزيد معاناة المواطنين، خاصة في بلد مثل اليمن الذي يواجه بالفعل إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم".
وتكشف الكثير من التقارير عن اعتماد ميليشيا الحوثيين على مصادر أخرى أكثر أهمية بالنسبة لها للحصول على العائدات المالية لرفد مخزونها الاقتصادي وتمويل مجهودها الحربي، التي لن تتأثر كثيرًا باستهداف البُنى التحتية، كما يُعلن الإسرائيليون.
الاعتماد على اقتصاد الحرب
إزاء ذلك، قال المحلل الاقتصادي وحيد الفودعي: "بينما قد يكون الهدف المعلن من الاستهداف هو الضغط على ميليشيا الحوثيين، إلا أن الضرر الأكبر يقع على المدنيين والبنية الاقتصادية الوطنية"، موضحًا: "أن ميليشيا الحوثيين تعتمد على مصادر تمويل غير رسمية، مثل: الجمارك والضرائب المحلية، التي قد تستمر بغض النظر عن الأضرار التي تلحق بالبنية التحتية المدنية، وبالتالي، فإن هذا النوع من الاستهدافات، قد يعمّق معاناة المدنيين دون أن يُضعف بالضرورة النفوذ الحوثي".
من جهته، يُشير الصحفي والمحلل الاقتصادي ماجد الداعري، إلى أن الاستهدافات الإسرائيلية لها تأثيرات اقتصادية محدودة جدًّا على ميليشيا الحوثيين لأسباب عديدة، منها أن الميليشيات تعتمد على اقتصاد الحرب في تمويلها ماليًّا؛ أي مصادر تمويل سرية غير مشروعة، كالأسواق السوداء والمضاربة بالعملة والتجارة الممنوعة وتهريب وغسل الأموال وتجارة المخدرات والممنوعات إلى دول الجوار".
وفي سرده لمحدوية تأثير الضربات على ميليشيا الحوثيين، يشير الداعري في حديثه لـ"إرم نيوز"، "إلى الجبايات المختلفة والجمارك والضرائب المضاعفة واحتكار استيراد وتجارة المشتقات النفطية والغاز، وغيرها من أنشطة الحرب لتحقيق الملايين يوميًّا من الأموال، وفوارق بالمليارات أسبوعيًّا من تلك الأنشطة التجارية التي تنشط فيها الميليشيات بشكل رئيس، لتمويل صرفيات ومرتبات مقاتليها ودعم أنشطتها العسكرية وتمويل حروبها وتطوير قدراتها التسليحية المختلفة".
استثمار الغارات
وبيّن الداعري، أنه "وباعتبار أن الغارات الإسرائيلية تستهدف محطات وقود كهرباء متوقفة أو تحولت إلى مشاريع تجارية مخصصة لصالح مستثمرين، وخزانات وقود تجارية بميناء الحديدة ورأس عيسى، وليست مباشرة للميليشيات"، لافتًا إلى أن: "هذا الأمر يجعلها تستغل شحّ الوقود بالسوق، لإخراج كمياتها المخزنة وبيعها في السوق السوداء بضعف سعره وتعويض خسارتها مع المكاسب".
وقال الصحفي الاقتصادي: "إن الميليشيا الحوثية تسارع لاستثمار تلك الغارات، بفتح باب التبرعات من التجار والمواطنين لدعم قواتها الصاروخية تارة والمسيرات تارة أخرى، ولفتح مخازنها لتعويض النقص عبر البيع في السوق السوداء بأسعار مضاعفة".
وكشف تقرير الخبراء الأمميين التابع لمجلس الأمن الدولي، الصادر منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عن "تمكن ميليشيا الحوثيين من جني نحو 180 مليون دولار أمريكي شهريًّا، عبر فرض جبايات غير قانونية، على وكالات الشحن البحري لقاء السماح لسفنها بالإبحار عبر البحر الأحمر وخليج عدن دون أن يتم التعرّض لها".
وفي السياق ذاته، ذكر موقع "Loadstar" المتخصص في الشحن البحري، أنه "مع استمرار الهجمات طيلة 12 شهرًا، نجحت الميليشيات اليمنية المدعومة من إيران، في تحويل مضيق باب المندب إلى إقطاعية خاصة بها".