أثارت تلك الخطوة السيادية المفاجئة حفيظة السواد الأعظم من الناشطين، والمثقفين، والمحللين الاقتصاديين، وقادة الرأي العام أفراداً وجماعات؛ فتنوعت الآراء ما بين مؤيدة، ومعارضة، ومحذرة وكأن اليمن مُقبلة على كارثة اقتصادية لا يُحمد عقباها.

يتفق معظم الخبراء الاقتصاديين على أن طباعة عملة بديلة لن يؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية لوحدة النقد المحلية، وارتفاع الأسعار؛ وذلك لكون القاعدة النقدية، والعرض النقدي ثابتين، كما أن معدل دوران النقود يتأثر بعوامل أخرى غير استبدال العملات بأنواعها: "المعدنية، الورقية، الالكترونية".

بالتالي فإن غاية ما يمكن أن تُحدثه عملية الاستبدال هو تسهيل التبادلات التجارية بين الأفراد، والحفاظ عليهم من الأوبئة المصاحبة للنقود الورقية التالفة.

دعوني من فضلكم وقبل الحديث عن الأسباب الجوهرية المتعلقة بالتحول الاستراتيجي إلى قاعدة الذهب أن أستعرض معكم التطور التاريخي الذي حدث للنقود خلال المائة سنة الماضية إذ يُعتبر هذا التناول مهماً لسببين: الأول:

من أجل التعرف على القواعد النقدية التي سادت اقتصاديات دول العالم، والعوامل التي أدت إلى تغييرها، والانعكاسات المباشرة التي أحدثها هذا التغيير على الاقتصاد الدولي، وكذا حقيقة المؤامرة التي حدثت بعد إنتصار دول الحلفاء في الحربين العالميتين الإولى، والثانية. الثاني: من أجل التوصل إلى القاعدة النقدية الأنسب للاقتصاد اليمني المقاوم.

فالاقتصاد اليمني بحاجة إلى قاعدة نقدية متينة تتناسب مع خصوصيته وواقعه الحالي خصوصاً في ظل النوايا المبيتة لدى النظام العالمي الحالي لتدميره، والقضاء عليه. حتى ما قبل ثلاثينات القرن الماضي كانت قاعدة الذهب هي القاعدة النقدية السائدة في اقتصاديات جميع دول العالم بلا استثناء. المبادلات التجارية، والتسويات المتعلقة بها سواء في ميزان المدفوعات أو بين الأفراد، والشركات المختلفة كانت تتم بواسطة المعدن النفيس (الذهب والفضة). نتيجة لذلك لم تظهر أية مشاكل اقتصادية إذ كانت كمية العمل المبذولة في التنقيب عن المعدن، وتنقيته، وصكه توازي كمية العمل المبذولة على إنتاج أية سلعة أخرى وبالتالي فان التوازنات الآلية في الاقتصاد كانت تتم مباشرة، وبدون الحاجة حتى إلى التدخلات من قبل الدولة لإحداث أي تغيير في متغيرات الاقتصاد الكلي.

أدى انتصار دول الحلفاء في الحرب العالمية الأولى إلى إحلال النقود النائبة (النقود الورقية المغطاة بالذهب) بديلاً عن المصكوكات المعدنية فقد هدفت الدول المنتصرة من وراء هذا الإحلال إلى التعجيل بنمو الاقتصاد الدولي وذلك لمعالجة مخلفاتها في الحرب خصوصاً المانيا الاتحادية التي اُجبرت على دفع فاتورة الحرب بقيمة تقدر بحوالي ( 269) مليار مارك .نتيجة لذلك اختلت التوازنات الاقتصادية، وظهرت لأول مرة أزمة الكساد (الركود) عام (1928). في محاولة لمعالجة أزمة الركود العالمي قدم الاقتصادي البريطاني/ جون كينز عام (1936) مجموعة من الأفكار التي نادت في مجملها بضرورة طباعة النقود الورقية بدون أي غطاء ذهبي مع الأسف.

على الرغم من أن الحلول التي قدمها (جون كينز) هدفت في الظاهر إلى تحفيز الطلب الكلي، وإنعاش الاقتصاد، إلا أن باطنها في الواقع لم يكن  سوى خدعة لسحب ذهب الشعوب، وإغراقها بعملات ورقية (عديمة القيمة).

بدليل أن تلك المعالجات لم تستمر طويلاً حتى ظهرت مشكلة إقتصادية أخرى لم تعرفها البشرية من قبل تمثلت بمشكلة (التضخم).

الدول التي استجابت لأفكار (كينز) وطبقتها عانت كثيراً من الارتفاع المفرط في الأسعار خلال الحرب العالمية الثانية، وذلك قبل أن تحاول الدول المنتصرة في الحرب وتحديداً (بريطانيا- امريكا -فرنسا) احتواء تلك المشكلة في مؤتمر بريتون وودز (1944) من خلال تأسيسها للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

أتاح مؤتمر بريتون وودز للدول التي تعاني من مشكلة التضخم الحفاظ على عملتها من خلال ربطها بالذهب فاتجهت عشرات الآلاف من أطنان الذهب، والفضة من دول العالم- عن حسن نية- الى البنك الدولي، وذلك بناء على وعد من الولايات المتحدة الامريكية بثبات سعر الصرف بين (الذهب/ الدولار) وسداد قيمة الدولار ذهباً عند الطلب.

لكن هذا الوعد لم يستمر طويلاً حيث أعلنت الولايات المتحدة الامريكية في عام (1971) على لسان رئيسها (ريتشارد نيكسون) فك ارتباط الدولار بالذهب لتدخل البشرية في دوامة جديدة، وتطفو على السطح مشكلة إخرى جمعت هذه المرة بين (التضخم، والركود) في سابقه لم تكن لتخطر على بال أحد من العالمين.

مذ ذلك (نكسة نكسون) وحتى اليوم تُفكر الدول ملياً بالعودة إلى قاعدة الذهب دون جدوى! الدول التي دخلت في دهاليز النظام العالمي وجدت نفسها حبيسة قرارات وتوجيهات البنك الدولي التي تحتفظ لديه بعشرات الترليونات من الدولارات على هيئة احتياطيات مالية متنوعة، وللحد الذي عجزت فيه عن التخلص من تلك الفكاك الشيطانية رغم رغبتها القوية في هذا الأمر.

من حسن حظ الدولة اليمنية الحديثة أن ليس لديها احتياطيات مالية ضخمة بالدولار الأمريكي لدى البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي لتخشى الابتزاز او المساومة إن رغبت بالتحول الى قاعدة الذهب. تمثل قاعدة الذهب الدرع الحصين لاقتصاد خالي من المشاكل الاقتصادية.

إضافة لذلك يمكن إيجاز أهم الأسباب الأخرى الدافعة باتجاه التحول الاستراتيجي إلى قاعدة الذهب في النقاط التالية:

1-أن الاقتصاد العالمي على مشارف أزمة غير مسبوقة إذ تؤكد التقارير الصادرة عن مراكز البحوث الاقتصادية العالمية بأن مديونية الدول وصلت الى أرقام مخيفة وفي ظل عدم وجود غطاء من الأصول الحقيقية المقابلة لهذه الديون فان سقف التوقعات بانهيار النظام الاقتصادي الحالي يرتفع بدرجة كبيرة...

في الحقيقة لم يتم معالجة أزمة الكساد العظيم من خلال النظر الى مسبباتها والتي يأتي على رأسها تغيير قاعدة الذهب بقاعد النقد الورقي بل من خلال أفكار شيطانية أدت في المجمل العام الى زيادة الطين بلة. وما يدعم هذا التوقع هو المتغيرات السياسية الراهنة التي أحدثتها حرب غزة وعمليات البحر الأحمر وبروز أقطاب دولية جديدة الى الساحة العالمية.

إذا كان عامل الثقة هو العامل الوحيد الباقي على الاقتصاد المالي العالمي حتى الآن فإن الخسائر التي تكبدها الاقتصاد البريطاني والامريكي خلال هذه الحرب ولايزال يتكبدها حتى اللحظة يُنذر بانهيار هذا العامل.

بالتالي يُمثل العودة الى قاعدة الذهب طوق نجاة لكل دول العالم. إن من الأنسب بأن تبدأ اليمن فعلياً بالتحضير لهذا الطوق منذ الآن.

2-أنها رغبة ثورية. ولعل دعوات البنك المركزي اليمني المستمرة بضرورة التحول الى الاقتصاد الحقيقي تؤكد هذه الرغبة. تمثل قاعدة الذهب مدماك الاقتصاد الحقيقي حيث تكون قيمة النقود موجودة في العملة ذاتها وبالتالي بإمكان الأشخاص الاحتفاظ بهذه النقود كمخزن للقيمة أو كوسيط للمبادلات التجارية أو بيعها كسلعة في السوق المحلي أو الأجنبي.

3-بلا شك أن الاقتصاد اليمني سيعاني من العزل الدولي مستقبلا. ما يعني بأن الاقتصاد اليمني سيكون أقرب إلى الاقتصاديات (المغلقة). يُعد مثل هذا النوع ملائماً للتحول إلى قاعدة الذهب كقاعدة نقدية متينة بإمكانها بناء اقتصاد ذاتي (حقيقي) بعيداً عن هيمنة اقتصاديات الاستعمار.

4-تُظهر الدراسات الجيولوجية بأن اليمن تمتلك من الموارد ما يساعدها على تحقيق هذا التحول الهام إذ تتميز جبالها بتواجد جيد للمعادن.

لقد كان قرار إلزام الصناديق السيادية للدولة بالاستثمار في الشركات الاستخراجية خصوصاً العاملة في مجال استخراج المعادن كالذهب والفضة والنحاس... خطوة موفقة للغاية، وما نأمله هو أن تكون هذه الخطوة ماتزال فعّالة حتى الآن.

مستقبل واعد بالخير الوفير ينتظر اليمنيون بجميع فئاتهم، وتوجهاتهم، ومناطقهم دون استثناء...

يبقى فقط التحلي بالروح الثورية التواقة للكرامة، والحرية، والإكثار من الابتهال والدعاء لله العظيم في هذه الأيام الملكوتية المباركة، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

 

*محاسب قانوني، وباحث إقتصادي

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: دول العالم فی الحرب من خلال

إقرأ أيضاً:

“التخطيط” تُعلن جهود تعزيز التحول الأخضر وتنفيذ المنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّي»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شهد عام 2024 جهودًا مكثفة لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، لدفع رؤية الدولة على مستوى تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية للتغيرات المناخية 2050، وتعزيز جهود التحول إلى الاقتصاد الأخضر، سواء من خلال خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، أو الشراكات الدولية مع شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين، وكذلك تنفيذ المنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّي»،

برنامج «نُوَفِّي» - محور الطاقة

وأكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن الجهود التي تقوم بها الدولة لتشجيع الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، وزيادة قدراتها ضمن مزيج الطاقة لنحو 42% بحلول 2030، تنفيذًا للمساهمات المحددة وطنيًا، انعكست على جذب المزيد من التمويلات الميسرة للقطاع الخاص لتنفيذ برنامج «نُوَفِّي».
وأوضحت أن إجمالي التمويلات التنموية الميسرة التي حصل عليها القطاع الخاص من شركاء التنمية ارتفعت لتصل إلى 3.9 مليار دولار بنهاية عام 2024، منذ بداية تنفيذ البرنامج في نوفمبر2022، حيث سيتم توجيه هذه التمويلات لتنفيذ مشروعات طاقة متجددة بقدرة 4.2 جيجاوات، مشيرة إلى أن البرنامج يستهدف تنفيذ مشروعات بقدرة 10 جيجاوات بحلول عام 2028، في مقابل وقف 12 محطة طاقة تقليدية بقدرة 5 جيجاوات، وهو ما يعكس الخطوات التي تقوم بها الدولة للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة المتجددة.

وذكرت أنه وبالتوافق مع مُستهدفات الإستراتيجية الوطنية للتغيّر المناخي في مصر 2050، أطلقت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي برنامج "نُوَفـي" كبرنامج ذو طابع إستراتيجي وديناميكي وتشاركي وفقًا لمنهج متكامل مُتعدّد الأطراف مع شركاء التنمية، حيث يُمثّل البرنامج نموذجًا إقليمياً فاعلاً ومنهجاً للتمويل المُيسّر للتعامل مع قضايا التغيّر المناخي: التخفيف والتكيّف والمرونة مع التركيز على الانتقال العادل للاقتصاد الأخضر، ومن هذا المُنطَلَق، يوفر هذا البرنامج نهجًا فعَّالًا يركز على الإنسان من أجل معالجة تأثيرات تغيّر المناخ والعوامل المحرّكة له.

وحصل تحالف البحر الأحمر لطاقة الرياح (تحالف أوراسكوم للإنشاءات وإنجي الفرنسية وتويوتا اليابانية)، على تمويلات بقيمة 725 مليون دولار، من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وبنك اليابان للتعاون الدولي "جيبك"،  لتنفيذ مشروع مزرعة رياح جديدة بخليج السويس 2 بقدرة 650 ميجاوات، كما حصلت شركة إيميا باور التابعة لشركة النويس الإماراتية، على تمويل ميسر بقيمة 500 مليون دولار، من مؤسسة التمويل الدولية، والبنك الهولندي للتنمية، والوكالة اليابانية للتعاون الدولي، لتنفيذ محطة أبيدوس للطاقة الشمسية بمدينة كوم امبو بمحافظة أسوان، بقدرة 500 ميجاوات بالإضافة إلى 300 ميجاوات باستخدام بطاريات التخزين.

كما حصلت شركة إيميا باور التابعة للنويس الإماراتية، على تمويل بقيمة 600 مليون دولار، من مؤسسة التمويل الدولية (IFC)، وبنك اليابان للتعاون الدولي (JBIC)، وبنك ستاندرد تشارترد (وهو أحد أعضاء تحالف GFANZ)، ومؤسسة سوميتومو ميتسوي المصرفية (SMBC)، وبنك سوميتومو ميتسوي تراست، لتنفيذ محطة أمونت لطاقة الرياح بمنطقة رأس غارب بمحافظة البحر الأحمر بقدرة ٥٠٠ ميجاوات.

وفي سياق متصل، حصلت شركة أكوا باور على تمويل تنموي بقيمة 182 مليون دولار من البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية EBRD، وصندوق أوبك للتنمية الدوليةOPEC، والبنك الإفريقي للتنمية AFDB، و"صندوق الطاقة المستدامة لإفريقيا" التابع لـ"البنك الإفريقي للتنمية"، وصندوق المناخ الأخضرGCF، و"الشركة العربية للاستثمارات البترولية" (ابيكورب)، و"البنك العربي، وذلك لتنفيذ مشروع محطة "كوم أمبو"، بقدرة٢٠٠ ميجاوات شمسي، كما تم أيضًا توفير تمويل بقيمة مليار دولار، لتنفيذ محطة طاقة رياح بخليج السويسالذي تنفذه تنفيذ أكوا باور، بقدرة 1100 ميجاوات، وأتاح التمويل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية EBRD، وبنك التنمية الإفريقي AFDB، صندوق أوبك للتنمية الدولية OPEC، مؤسسة الاستثمار البريطانية BII، مؤسسة التنمية الألمانية DEG، الشركة العربية للاستثمارات البترولية APICORP، بنك ستاندرد تشارترد، البنك العربي.

وأتاح البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية تمويل ميسر بقيمة 215 مليون دولار، لتنفيذ مشروع مزرعة الرياح بمنطقة رأس غارب، من قبل شركة مصدر وشركة انفينيتي، بقدرة 200 ميجاوات.
كما حصلت شركة سكاتك النرويجية، على تمويل تنموي بقيمة 600 مليون دولار، من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية EBRD، بنك التنمية الأفريقي AFDB، مؤسسة الاستثمار البريطانية BII، شركة تمويل التنمية الدولية الأمريكية DFC، لتنفيذ مشروع الطاقة الشمسية باستخدام حلول تخزين الطاقة BESS، بقدرة 1000 ميجاوات طاقة شمسية + 200 ميجاوات باستخدام بطاريات التخزين.

من جانب آخر، تواصل الوزارة جهودها للانتهاء من مرحلة الإعداد بشأن تنفيذ مشروعات محوري المياه والغذاء في إطار الإجراءات التي تنفذها الدولة للتكيف مع التغيرات المناخية، حيث يتم في قطاع المياه العمل على مشروع تحلية المياه باستخدام الطاقة المتجددة بالتعاون مع بنك التنمية الأفريقي، ومشروع توسيع نظم الري بالطاقة الشمسية، بالتعاون مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي.

كما يتم العمل على تنفيذ المشروع المُشترك بين قطاعي المياه والغذاء؛ وهو مشروع إدارة المياه الموائمة للتغيرات المناخية في وادي النيل (كراون)، بالتعاون مع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وكذلك مشروع برنامج الطبيعة والبشر والمناخ بالشراكة مع صناديق الاستثمار في المناخ CIF. وخلال 2024 شهدت الدكتورة رانيا المشاط، إطلاق مباحثات البعثة الفنية المُشتركة الخاصة بالخطة التنفيذية لمبادرة صناديق الاستثمار في المناخ (CIF) "الاستثمار في الطبيعة والبشر والمناخ (NPC)، بهدف الاستفادة من التمويل المرصود في المبادرة لتنفيذ المشروعات المتعلقة بتنفيذ مشروعات المنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّي».

وفي قطاع الغذاء يتم العمل على تنفيذ مشروعي؛ تحقيق المرونة بالمناطق النائية والأكثر احتياجًا بالتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية، ومشروع التكيف في منطقة شمال الدلتا المتأثرة بارتفاع مستوى سطح البحر، بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي وبنك الاستثمار الأوروبي.
وتأكيدًا على الصبغة الدولية لبرنامج «نُوَفِّي»، شهد عام 2024 إصدار 12 بنكًا تنمويًا متعدد الأطراف، بيانًا مُشتركًا تحت عنوان «المنصات الوطنية للعمل المناخي.. تفاهمات مُشتركة والطريق نحو المستقبل»، أكدوا فيه أن المنصات القطرية يُمكن أن تعمل كآلية قوية لدعم تطوير وتنفيذ استراتيجات الدول ومساهماتها المحددة وطنيًا، وخطط التكيف الوطنية وحشد التمويل للعمل المناخي، مشيدين ببرنامج «نُوَفِّي»، الذي يستهدف تعزيز استراتيجيات الاستثمار الأخضر، موضحين أن المنصة التي أطلقتها مصر تُركز على العلاقة بين المياه والغذاء والطاقة، التي حددتها البلاد كجزء من المجالات ذات الأولوية للمناخ والتنمية، وبالتالي تُسهم المنصة المصرية في التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه، ودعم القدرة على الصمود، والانتقال العادل في إطار أهداف بيئة أوسع عبر قطاعات الطاقة والنقل والمياه والزراعة.

تعزيز الاستدامة بخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية

في سياق متصل أوضحت، الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن الوزارة واصلت جهودها خلال عام 2024، لتضمين البُعد البيئي في منظومة التخطيط من خلال إطلاق "دليل معايير الاستدامة البيئية"، وبموجب تلك المعايير تُمثّل نسبة المشروعات الاستثمارية الخضراء المُدرجة ضمن مشروعات الخطة الاستثمارية للعام المالي عام 24/2025 حوالي 50% من إجمالي الاستثمارات العامة مقارنة بنسبة 15% في عام 20/2021، حيث تُشكِّل مشروعات النقل الأخضر حوالي ٥٠٪ من الاستثمارات العامة الخضراء، كما أنها تُعد من أهم مشروعات "التخفيف" من حِدة تأثير التغيّرات المناخية، خاصة في ضوء مواصلة تنفيذ الاستثمارات الخاصة بتوسعة شبكة مترو الأنفاق ووسائل الجر الكهربائي حيث بلغت الاستثمارات المنفذة في مجال التوجّه للنقل الأخضر  من خلال توسعة شبكة مترو الأنفاق والتحوّل للطاقة النظيفة حوالي 115 مليار جنيه عام 23/2024.

أبرز الشراكات الدولية لدفع التحول الأخضر خلال عام 2024
 

وعلى مدار عام 2024، نفذت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، العديد من المبادرات ووقعت اتفاقيات لتعزيز التحول الأخضر في مصر، حيث شهد عام 2024 قيام البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بإطلاق خطة تحويل «مدينة 6 أكتوبر» إلى مدينة خضراء وذلك في إطار تنفيذ برنامج المدن الخضراء في مصر Green Cities،  تحت مظلة الشراكة بين الحكومة والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية EBRD، وتنفيذًا للاستراتيجية المشتركة مع البنك للفترة من 2022-2026.
كما قامت الوزارة وبرنامج الأغذية العالمي في مصر خلال عام 2024 بالإعلان عن برنامج ابتكاري لتعزيز الأمن الغذائي في ظل المناخ المتغير، حيث تمت دعوة الشركات الناشئة التي لديها حلول مُبتكرة للمناخ وتعمل في مصر، للتقدم بطلب للحصول على منحة لدعم الابتكارات ميسورة التكلفة والشاملة وعالية التأثير، التي تعزز التكيف مع المناخ والأمن الغذائي.
وفي مجال الهيدروجين الأخضر شهدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي التوقيع على اتفاق منحة بقيمة 30 مليون يورو لمشروع الهيدروجين الأخضر بمصر بين شركة سكاتك وآلية الهيدروجين PTXوذلك خلال مشاركتها بفعاليات مؤتمر هامبورج للاستدامة بألمانيا بما يُعزز استراتيجية الدولة للتوسع في إنتاج الهيدروجين الأخضر والتحول نحو مصادر الطاقة المتجددة لتحقيق التنمية الاقتصادية، حيث سيتم تمويل المشروع من المنحة المقدمة من آلية الهيدروجين الأخضر PTX، والذي سبق وأن تم إطلاقها من جانب الوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية بقيمة 270 مليون يورو لمصر وست دول شريكة أخرى، لتقديم منحًا للمشروعات الصناعية في مراحل مختلفة على طول سلسلة قيمة الهيدروجين الأخضر.
وشهدت الدكتورة رانيا المشاط، توقيع بروتوكول تعاون بين وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، ومنظمة الأغذية والزراعة "الفاو"، لتنمية الثروة الحيوانية والتصدي للتغيرات المناخية، بهدف دعم المنتجين للتكييف مع التغيرات المناخية فضلا عن تعزيز إجراءات الثروة الحيوانية بالإضافة إلى تدابير صحة الحيوان التي تهدف إلى التخفيف من ظهور الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية وتحسين إنتاجية القطاع الحيواني والزراعي فى مصر والذى ستقوم بتنفيذه منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة  بالتعاون مع الهيئة العامة للخدمات البيطرية والجهات المعنية الأخرى.
كما شاركت الدكتورة رانيا المشاط، في فعاليات إطلاق أول سوق لإصدار وتداول شهادات خفض الكربون في مصر، حيث ساهم البنك الدولي في تقديم الدعم الفني للجهات المعنية ممثلة في الهيئة العامة للرقابة المالية لإطلاق السوق، الذي يُعتـبر أحد خطوات الدولة المصرية في مسيرتها نحو تحقيق الاستدامة الاقتصادية والبيئية في مصر، وتبني سياسات مبتكرة تسهم في الحد من التغـيرات المناخية، كما يفتح المجال للتعاون جنوب جنوب مع قارة أفريقيا.
وخلال أسبوع القاهرة للمياه والذي انعقد تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ وقعت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، مع سفير الاتحاد الأوروبي مبادرة «المرفق الأوروبي الأخضر» بقيمة 7 ملايين يورو، لدعم الاستدامة في قطاع الموارد المائية والتحول الأخضر وذلك في إطار الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي تحت مظلة مبادرة «فريق أوروبا، كما أطلقت المشاط بالتعاون مع سفير الاتحاد الأوروبي «مبادرة فريق أوروبا» لدعم التحول الأخضر في قطاعات المياه والأمن الغذائي والتي تستهدف تحسين الأحوال البيئية وتعزيز التنمية الريفية من خلال معالجة التحديات الرئيسة التي تواجه قطاع الزراعة، وكذلك المياه، ودعم جهود التكيف مع التغيرات المناخية، وذلك من خلال دعم الحكومة المصرية في تنفيذ الخطة القومية للموارد المائية حتى عام 2037.
وشهدت الدكتورة رانيا المشاط، توقيع مذكرة تفاهم بين الهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ، والسفارة الهولندية بالقاهرة، لتعزيز الجهود المُشتركة في مجال إدارة المياه، والتكيف مع التغيرات المناخية، وذلك ضمن فعاليات أسبوع القاهرة السابع للمياه.
وشاركت الدكتورة رانيا المشاط، في الجلسة الختامية لتقييم منتصف المدة لمشروع إدارة تلوث الهواء وتغير المناخ في القاهرة الكبرى، الذي يتم تنفيذه بالتعاون مع البنك الدولي، حيث تمت الموافقة عليه في عام 2020، ويسهم في تحقيق أولويات الدولة المصرية، ودعم الجهود الوطنية نحو التحول إلى الاقتصاد الأخضر والمستدام والحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، من خلال عدد من المكونات التي تستهدف دعم اتخاذ القرار بهدف تحسين إدارة جودة الهواء ونظام الاستجابة، ودعم تفعيل الخطط الرئيسية لإدارة النفايات الصلبة في القاهرة الكبرى، والحد من انبعاثات المركبات.

توسيع مظلة التعاون بين صناديق المناخ

وشهد عام 2024، توسيع مظلة التعاون مع صناديق الاستثمار في المناخ، فبجانب المبادرة التي يجري تنفيذها مع صندوق CIF ضمن برنامج «نُوَفِّي»، فقد أعلنت الوزارة موافقة مجلس إدارة صندوق المناخ الأخضر GCF، على 3 برامج تمويلية؛ أولها إقرار برنامج مرفق توسيع البنية التحتية للمياه المرنة، الذي يتم تنفيذه بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية (IFC)، والذي يتيح تمويلات بقيمة 1.26 مليار دولار، لمصر ودول أخرى، يسهم منها الصندوق بقيمة 258 مليون دولار، في شكل تمويلات ميسرة وضمانات ودعم فني، لدعم جهود القطاع الخاص المصري في تنفيذ المشروعات بقطاعات المياه، ومعالجة مياه الصرف الصحي، وتخفيض من فواقد المياه في الشبكات، فضلاً عن  تعزيز مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ مشروعات المياه من خلال تحسين الجدوى الاقتصادية للمشروعات وزيادة قابليتها للتمويل.
من جانب آخر، وافق صندوق الاستثمار في المناخ GCF، على برنامج التحول الأخضر في الأنظمة المالية، بالتعاون مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، والذي يتيح 1.3 مليار دولار تقريبًا يُسهم منها الصندوق بنحو 200 مليون دولار، في 14 دولة من بينهم مصر، لدعم قدرة الأنظمة والمؤسسات المالية في الدول المستفيدة على التوسع في التمويل الأخضر، من خلال الآليات المالية المبتكرة بمختلف القطاعات.
وفي ذات السياق، أعلنت الوزارة، موافقة صندوق المناخ الأخضر على برنامج صندوق استثمار الزراعة المرنة الذكية في مصر و9 دول بحزم تمويلية قيمتها 130 مليون دولار، لدعم أصحاب الحيازات الصغيرة، وتوفير الحلول المستدامة للتنمية الزراعية والريفية وتحسين الدخول، ودعم قدرة القطاع على مواجهة التغيرات المناخية.
 

مؤتمر المناخ cop29
 

واتصالًا شاركت الدكتورة رانيا المشاط، في فعاليات مؤتمر المناخ COP29، المنعقد بأذربيجان، حيث شاركت بالاجتماع الوزاري حول مبادرات الطاقة، والذي شهد إطلاق مبادرة الطاقة لرئاسة مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين COP29، ضمن فعاليات «يوم الطاقة والسلام والإغاثة والتعافي»، كما شاركت في الجلسة النقاشية التي نظمتها الوكالة الألمانية للتعاون الدولي، بالتعاون مع شراكة المساهمات المحددة وطنيًا NDC Partnership، ومعهد الموارد العالمية WRI، بهدف إطلاق مبادرة عالمية هي الأولى من نوعها حول إعداد القوى العاملة للتحول الأخضر والعادل وتسريع المهارات الخضراء، من خلال دفع الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص لمناقشة كيفية زيادة الاستثمارات في الوظائف والمهارات، بالإضافة إلى المُشاركة في الجلسة النقاشية التي نظمها البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، ووزارة البيئة والموارد الطبيعية بأذربيجان، لبحث التعاون بين الحكومات وبنوك التنمية متعددة الأطراف والقطاع الخاص لحشد التمويل من أجل العمل المناخي لتنفيذ اتفاق باريس.
وشهدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، إطلاق مبادرة "باكو" لتمويل المناخ والاستثمار والتجارة BICFIT، التي أطلقتها أذربيجان خلال رئاستها لمؤتمر المناخ COP29، لتوسيع آفاق التمويل المناخي من خلال تركيزها على العديد من الآليات الأخرى مثل الاستثمارات الأجنبية المباشرة والابتكار والمناطق الحرة الخضراء والمشروعات الصغيرة والمتوسطة وغيرها.


المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية

خلال عام 2024، شهدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي أعمال اللجنة الوطنية للتحكيم بالمبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية لاختيار المشروعات الفائزة على مستوى الجمهورية في دورتها الثالثة.
كما قامت المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية بالعديد من الأنشطة والفعاليات خلال العام المنتهي 2024، حيث شهد العام بداية دورة جديدة للمبادرة وعقد العديد من البرامج التدريبية والورش التوعوية بأهمية المبادرة والمشاركة فيها على مستوى محافظات الجمهورية.
ونظمت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، جلسة خاصة حول المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية؛ وذلك خلال المنتدى الحضري العالمي، حيث تناولت الجلسة التي انعقدت تحت عنوان "من المحلية إلى العالمية: برنامج المنح الصغيرة والمتوسطة في مصر نموذج فريد في توطين العمل المناخي وتعزيز التحضر المستدام"، دور المبادرة في دعم جهود توطين أهداف التنمية المستدامة بالمحافظات وتعزيز العمل المناخي.
وأعلنت الوزارة حصول المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية على جائزة المدن المستدامة والمستوطنات البشرية الجديدة New Sustainable Cities And Human Settlements Awards (New SCAHSA)، وذلك خلال فعاليات المنتدى العالمي التاسع عشر للمستوطنات البشرية (GFHS 2024) الذي تم عقده بمقر الأمم المتحدة في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية.
وحول أبرز احصائيات المبادرة خلال العام، فقد بلغ إجمالي عدد المشروعات المشاركة في الدورة الثالثة للمبادرة من كل المحافظات 5731 مشروع، أكبر 5 محافظات قدمت في الدورة الثالثة للمبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية، تضمنت محافظات القاهرة الإسكندرية الجيزة البحيرة أسوان بإجمالي عدد مشروعات 2471 مشروع.

مقالات مشابهة

  • وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تُعلن جهود تعزيز التحول الأخضر وتنفيذ المنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّي»
  • “التخطيط” تُعلن جهود تعزيز التحول الأخضر وتنفيذ المنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّي»
  • نجاح 266 مشروعًا لتحسين كفاءة الطاقة في قطاع البترول والثروة المعدنية
  • «التحالف الدولي» ينشئ قاعدة جديدة في سوريا
  • فيديو.. التحالف الدولي ينشئ قاعدة عسكرية في ريف حلب
  • النيابة العامة تعلن نتائج التحقيقات في وفاة أحمد رفعت وأسباب ذلك
  • أستاذ اقتصاد يكشف توقعاته لـأسعار الذهب في 2025
  • اضطراب ألعاب الإنترنت.. تعريفه وأسباب انتشاره
  • مغادرة الطائرة الإغاثية السعودية الثانية التي يسيّرها مركز الملك سلمان للإغاثة إلى مطار دمشق الدولي
  • عبد المنعم السيد: تحسن الاقتصاد المصري في 2024 رغم التحديات المحلية والعالمية