-في سورة القمر في قصتي عاد وثمود قال الله تعالى: «فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ» وفي قصة لوط قال تعالى: «فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ» فما مناسبة التعبيرين؟

في سورة القمر تكررت هاتان الآيتان لكن تكرار «فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ» أكثر من تكرار «فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ» وبإجمال فإن آية «فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ» بصيغة الاستفهام تدل على ما يدل عليه الاستفهام في هذا السياق وهو التعجيب من حال هذا العذاب الذي أصاب هؤلاء القوم المكذبين، فالمقصود هو التعجيب والتهويل والتعظيم للسامعين مما أصاب القوم الذين يذكرهم الله تبارك وتعالى ليكونوا عبرة لكفار مكة.

أما «فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ» فهذا الخطاب لمن وقع بهم العذاب فهو من التبكيت والتوبيخ والتعذيب لهم فمع ما أصابهم فإنهم خوطبوا بمزيد من التبكيت والتوبيخ نكاية لهم في العذاب، وكأنهم موجودون يسمعون ولذلك ذكر المفسرون كيف خوطبوا بهذا الخطاب.

هذه جملة مقول القول فكيف خوطبوا قيل: إن ذلك إنما يمكن أن يكون من الرائي لهم كما يمر ملك على من يعذب فيقول له: ذق هذا العذاب، يعني الرائي من الخارج، وقيل: إنهم سمعوا ذلك الصوت أو أنه قذف في قلوبهم سماع ذلك الصوت عند تعذيبهم فهذا هو الفارق.

أما تكرار الآيتين فالمقصود منه هو إشباع المعنى عند ذكر كل قصة من هذه القصص بل يتكرر في القصة الواحدة لإشباع هذا المعنى ولمناسبة السياق له بتهويل ما أصابهم والتذكير بما أصابهم مع التعريض بأهل مكة أن ذلك غير بعيد عنكم إن أنتم أعرضتم عن دعوة الحق وأنفتم من قبول ما جاءكم به الرسول صلى الله عليه وآله والله تعالى أعلم.

-هل جلسة التورك في التشهد الأخير ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وما هي الطريقة الصحيحة لوضع القدم اليمنى؟

نعم هذه من مسائل الفروع التي اختلفت فيها المذاهب الإسلامية بين من يرى بأن التورك وهو أن يجعل قدمه اليسرى ملامسة لفخذه وأن يجلس على مقعدته في التشهد الأخير، فمن العلماء من يروي في ذلك سنة، ويرى بأن الحديث ثابت صحيح وأخذ جواز هذا الفعل وأنه لا ينبغي أن يهجر لكن دون إيذاء للمصلين من حوله.

وأما الإباضية وأكثر الأحناف فإنهم لم يروا مشروعية التورك، وإنما عليه أن يجلس مفترشًا قدمه اليسرى ناصبًا قدمه اليمنى، متجهًا بأصولها إلى جهة القبلة، بأصولها أي بما يتيسر من أصابع الأقدام إلى جهة القبلة ووضع القدم اليمنى في الحالتين واحد بمعنى عند من رأى التورك ومن رأى الجلوس على القدم اليسرى ونصب اليمنى حالة القدم اليمنى واحدة، وإنما الخلاف في الجلوس على المقعدة، وجعل القدم في محل القدم اليسرى.

ولكن كما تقدم من رأى ثبوت السنة بذلك والظاهر أن الأحاديث في ذلك مقبولة محتج بها وهذه كما تقدم من المسائل الفرعية التي يسع فيها الخلاف لا ينبغي أن يضيق على من قلد قولًا من الأقوال التي تستند إلى أدلة صحيحة ولكن مع مراعاة أن يكون الإتيان بها في حدودها دون إيذاء للمصلين أو تضييق على من لم ير هذه السنة

فالمسألة فيها خلاف تتسع فيها الأنظار ولا حاجة إلى التشدد فيها وإن كان القول الراجح وهو أيضًا الذي يستند إلى أدلة يقر بها القائلون بجواز التورك لكن الأدلة كما قلت هي أدلة صحيحة في أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يفترش قدمه اليسرى و ينصب قدمه اليمنى.

بقيت ملاحظة وهي أن القائلين بالتورك يقولون بهذا في التشهد الأخير لا في التشهد الأول؛ لأن الروايات التي يستندون إليها وردت في التشهد الأخير لا في التشهد الأول والله تعالى أعلم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی التشهد الأخیر ع ذ اب ی و ن ذ ر

إقرأ أيضاً:

هل هناك علاقة وثيقة بين الصوم والزهد؟.. مفتي الجمهورية يجيب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الصيام يمثل مدرسة عظيمة للزهد، حيث يعلم الإنسان كيف يترفع عن شهوات الدنيا ويزهد فيما لا ينفعه، مشيرًا إلى أن هناك علاقة وثيقة بين الصوم والزهد، فكلاهما عبادة قلبية تقوم على الامتناع عن المحظورات والتقرب إلى الله. 
وخلال لقائه الرمضاني اليومي مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج "اسأل المفتي" على قناة "صدى البلد"، وأوضح المفتي أن الصيام إمساك عن أمور محددة، وكذلك الزهد الذي لا يقتصر على ترك المباحات، بل يشمل أيضًا الزهد في المحرمات، مشددًا على أن هذه العبادات القلبية تظهر آثارها في علاقة الإنسان بربه وبالناس من حوله، بل وبالكون كله. 
واستشهد المفتي بقول الله تعالى: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، موضحًا أن التقوى تمثل حاجزًا يمنع الإنسان من الوقوع في المعاصي، كما أنها في الوقت نفسه دافع للارتقاء الروحي والسعي لمرضاة الله، وهو ما يتحقق عبر التخلق بالزهد والابتعاد عن التعلق بالدنيا والانشغال بما في أيدي الناس. 

مقالات مشابهة

  • دعاء للأم بالصحة والعافية.. ردده بيقين فى هذا اليوم المبارك
  • هل هناك علاقة وثيقة بين الصوم والزهد؟.. مفتي الجمهورية يجيب
  • هل سحب المغاربة أموالهم من البنوك بعد “التسوية الضريبة”؟ المدير العام للضرائب يجيب
  • سكرتير عام مساعد بني سويف يتفقد مخرات السيول والأمطار
  • شخصيات إسلامية: ذات النطاقين.. أسماء بنت أبي بكر الصديق
  • بالفيديو.. لماذا نريد رضا الله؟.. الدكتور علي جمعة يجيب
  • حكم من يفطر متعمدا في نهار رمضان؟.. أمين الفتوى يجيب
  • هدى المفتي وعصام عمر ومالك في الصدارة.. هل تغيرت خريطة الدراما الرمضانية؟
  • هل القلب هو الفؤاد أم بينهما فرق؟.. الشيخ مختار جمعة يجيب