تدمير الآبار وتعطيش السكان.. حرب مياه يخوضها الاحتلال ضد الفلسطينيين
تاريخ النشر: 28th, July 2023 GMT
الخليل- خلال دقائق قلب جيش الاحتلال الإسرائيلي حياة عائلات فلسطينية جنوبي الضفة رأسا على عقب بعد إغلاق بئرين تستخدمان في ري المزروعات التي تمثل مصدر الرزق الرئيسي لتلك العائلات.
وقعت الحادثة ظهر أمس الأربعاء عندما حضرت قوة إسرائيلية ودون سابق إنذار إلى قرية الهجرة جنوبي الخليل.
ويقول بسام دودين -وهو أحد المتضررين من إغلاق البئرين- إن 8 عائلات لا يقل تعداد أفرادها عن 50 شخصا تعتاش من البستنة في مساحة لا تقل عن 30 دونما (الدونم ألف متر مربع).
وفي حديثه للجزيرة نت أضاف دودين "منذ 12 عاما نشتغل في الزراعة المروية كمصدر للرزق، ونسد جزءا من حاجة السوق المحلي في بعض الأصناف، مثل البندورة والزهرة والكوسا والخيار وغيرها، ودون إشعار أو إنذار وصل الجيش وأغلق البئرين".
وتابع المزارع الفلسطيني أن الجيش ذهب إلى تخريب البيوت البلاستيكية ووضع الباطون على محابس ونقاط توزيع المياه "رفض إعطاءنا أي تفسير أو مبرر أو حتى منحنا الفرصة للتوجه إلى القضاء"، مضيفا أنه لن يتمكن من الاستمرار في الزراعة، وأن المزروعات الحالية محكوم عليه بالتلف نظرا لقلة المياه.
المزارع بسام دودين لن يتمكن من الاستمرار في الزراعة فضلا عن هلاك المزروعات الحالية نظرا لقلة المياه (الجزيرة) تجفيف وإضعاف مئات الآبارلا يمكن النظر إلى ما جرى بمعزل عما يتوفر من معطيات لدى هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية بشأن استهداف الاحتلال الآبار والينابيع.
ويقول مدير عام الإدارة العامة للتوثيق والنشر في الهيئة أمير داود إن عدد الينابيع والآبار التي تم تجفيفها وإضعافها أو الاستيلاء عليها منذ 1967 تجاوز 300 نبع طبيعي و500 بئر ارتوازي.
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح داود أن الجدار الفاصل عزل 50 بئرا ارتوازية تشكل أكثر من 15% من الآبار الجوفية العاملة الفلسطينية والمقدرة بحوالي 300 بئر لأغراض الشرب والزراعة.
وإذا ما اكتمل العمل في المقاطع المتبقية من الجدار توقع داود عزل أكثر من 150 بئرا "كوسيلة ضغط لإجبار المواطنين على التعامل مع سياسة الأمر الواقع من خلال شراء المياه من الشركة الإسرائيلية (ميكروت)".
وقال داود إن شركة ميكروت الإسرائيلية تضخ من 40 بئرا تقع داخل أراضي الضفة المحتلة نحو 50 مليون متر مكعب، وهي قريبة من الكمية التي يشتريها الفلسطينيون من الشركة سنويا.
وأشار إلى استنزاف مستمر للحوض الغربي من الضفة من خلال الآبار الإسرائيلية الموجودة داخل الأراضي المحتلة عام 48، والتي يزيد عددها على 500 بئر.
وفي قطاع غزة، قال داود إن الآبار الإسرائيلية المحيطة بالقطاع -خاصة المنطقتين الشمالية والشرقية- تنهب المياه قبل وصولها إلى داخل القطاع.
نضوب مفاجئ وتفسيرات مختلفةوبالتوازي مع إجراءات الاحتلال لاحظ عشرات المزارعين جنوبي الخليل مؤخرا تراجع كميات المياه في آبارهم أو اختفاءها تماما مع تباين في تفسير ذلك.
ويستطيع الفلسطينيون في الضفة الحفر لمسافات تتراوح بين عشرات ومئات الأمتار للحصول على مياه جيدة بتكلفة لا تقل عن 80 دولارا للمتر الواحد، لكن الملاحقات الإسرائيلية تتربص بهم.
المزارع الحاج عبد الرحمن عواودة (73 عاما) -وهو معلم متقاعد- دفع ما يعادل 70 ألف دولار بحثا عن الماء، وعندما وجدها وبكميات لا تقل عن 60 مترا مكعبا في اليوم لم تدم فرحته أكثر من عام، إذ اختفت بالكامل قبل أيام.
وفي حديثه للجزيرة نت، يقول عواودة إنه يضطر لشراء المياه رغم ارتفاع سعرها مقارنة بعائد المزروعات، للحفاظ على ما زرعه من خضار قبل نضوب الماء.
ويشير إلى تكرار اقتحامات الجيش الإسرائيلي للمنطقة وتصوير الآبار، غير مستبعد ضلوع الاحتلال في اختفائها بطرق غير معلومة للسكان.
قريبا من مزرعة الحاج عبد الرحمن اضطر قريبه جمال عواودة إلى زراعة البامية لحاجتها إلى القليل من الماء، بسبب تراجع كمية المياه المستخرجة من بئر حفرها قبل سنوات بنحو 90%.
أما المزارع إبراهيم عطا الله فتوقف عن ري حقل من الملفوف بعد اختفاء المياه من بئره، واضطر لشراء الماء لري حقول البندورة في البيوت البلاستيكية.
المزارع عبد الرحمن عواودة يضطر لشراء المياه رغم ارتفاع سعرها مقارنة بعائد المزروعات بسبب نضوب الماء (الجزيرة) مياه وفيرة وعوامل سلبيةما جرى مع المزارعين قادنا إلى خبير المياه والأكاديمي السابق في جامعة الخليل يوسف عمرو الذي سبق أن عمل أيضا في المجال نفسه بالعراق.
يقول عمرو للجزيرة نت إن ظاهرة حفر الآبار في الضفة انتشرت بشكل واسع منذ منتصف التسعينيات نظرا لعدة عوامل، بينها توفر الخبرات والإمكانيات والمعدات.
وذكر أن الضفة الغربية تتمتع بـ3 خزانات من المياه فيها ما لا يقل عن 670 مليون متر مكعب تعاد تغذيتها سنويا في موسم الشتاء، وهي: الشمالي ومركزه جنين، والشرقي ويمتد في السفوح والسهول الشرقية للضفة من نابلس حتى جنوب الخليل، والغربي ويمتد في السفوح الغربية من نابلس حتى جنوبي الضفة.
وأضاف أنه حدد أو أشرف بنفسه على استخراج المياه من قرابة 3 آلاف في الضفة الغربية، مشيرا إلى عدة عوامل وراء اختفاء المياه من بعض الآبار، بينها التغير المناخي الذي أدى إلى تراجع كميات الأمطار أو توزعها بشكل لا يسمح بتجميعها، والخلل في مكان وموقع استخراج المياه، وعوامل تتعلق بسلوك القائمين على الحفر وأصحاب الآبار.
ولا يستبعد عمرو تأثير التفجيرات في الكسارات المقامة على أراضي الفلسطينيين في الضفة في نضوب المياه واختفائها، وحدوث انزلاقات في الصخور تؤثر على الكميات المستخرجة.
خبير المياه الدكتور يوسف عمرو لا يستبعد تأثير التفجيرات في الكسارات على أراضي الفلسطينيين في نضوب المياه (الجزيرة) الاحتلال يقلص الكمياتوبالتزامن مع تراجع إنتاج الآبار من المياه قامت شركة "ميكروت" الإسرائيلية للمياه بتقليص كميات المياه لفلسطينيي جنوب الضفة الغربية، في إجراء وصفه الفلسطينيون بـ"العنصري"، ففي 17 يوليو/تموز الجاري حذر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية من خطورة قيام الشركة بتخفيض حصص المياه المخصصة لمحافظتي الخليل وبيت لحم جنوبي الضفة الغربية.
بدورها، قالت سلطة المياه الفلسطينية إن التقليص يأتي "في إطار سياسة التمييز العنصرية التي تمارسها سلطات الاحتلال بوجه عام وشركة ميكروت بوجه خاص تجاه الفلسطينيين، والمتمثلة في تمييز سكان المستوطنات غير الشرعية بمنحهم كميات إضافية كبيرة من المياه على حساب حقوق الفلسطينيين".
ويعاني عشرات آلاف الفلسطينيين غربي الخليل من هيمنة المستوطنين على نقطة توزيع المياه في مستوطنة "أدوار"، حيث تعطى الأولوية لملء خزان المستوطنة على حساب التجمعات الفلسطينية، وفق ما ذكره للجزيرة نت رئيس مجلس محلي قرية الكوم أمين عبد القادر.
وتفيد معطيات نشرها الجهاز المركزي للإحصاء وسلطة المياه الفلسطينية بمناسبة يوم المياه العالمي (22 مارس/آذار) بأن كمية المياه المشتراة من شركة ميكروت للاستخدام المنزلي قدرت بنحو 96.1 مليون متر مكعب عام 2021، أي 22% من كمية المياه المتاحة (ينابيع، مياه جوفية، مياه محلاة).
ووفق تلك المعطيات، بلغ معدل استهلاك الفرد الفلسطيني اليومي 86.3 لترا من المياه، وهذا أقل من المعدل الموصى به عالميا والمقدر بنحو 100 لتر في اليوم، في حين تجاوزت حصة الفرد الإسرائيلي 300 لتر في اليوم، وتجاوزت حصة المستوطن بـ7 أضعاف حصة الفرد الفلسطيني.
وتشير المعطيات إلى أن الإجراءات الإسرائيلية أدت إلى الحد من قدرة الفلسطينيين على استغلال مواردهم الطبيعية -خصوصا المياه- وإجبارهم على تعويض النقص بشراء المياه من شركة ميكروت.
الاحتلال يردم ينابيع المياه بالإسمنت في منطقة الهجرة جنوب الخليل. pic.twitter.com/yMMx1nThwM
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) July 26, 2023
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الضفة الغربیة للجزیرة نت من المیاه المیاه من فی الضفة
إقرأ أيضاً:
علماء المسلمين: الصمت الدولي على حرب الإباة ضد الفلسطينيين لم يعد مقبولا
دعا الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين المجتمع الدولي إلى التحرك بشكل عاجل لوضع حد لحرب الإبادة التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني منذ السابع من أكتوبر / تشرين الأول من العام الماضي.
وأوضح الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي محمد الصلابي في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، أن "المجازر التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني لا يمكنها احتمالها بالنظر إلى وحشيتها وبشاعتها".
وقال: "لقد قارب عدد الشهداء نحو الخمسين ألف شهيد وفاق عدد الجرحى والمصابين المائة ألف، ولم يعد في غزة أي مكان آمن يمكن للفلسطينيين اللجوء إليه، وهو أمر لا يمكن تصديقه في عالم تدعو قواه الرئيسية إلى السلام والاستقرار واحترام حقوق الشعوب في تقرير مصيرها".
وأضاف: "ما لا يمكن تصديقه فعلا أن الشعب الفلسطيني الأعزل المحاصر في قطاع غزة منذ نحو عقدين من الزمن، وهو يواجه حرب إبادة للشهر الخامس عشر على التوالي، هو الآن يواجه جوعا قاتلا بسبب نقص الغذاء، وبردا قاتلا بسبب نقص الغطاء، وهذه جرائم أخرى لا يرتكبها الاحتلال وحلفاؤه ممن يمدونه بالمال والسلاح ويقدمون له الغطاء السياسي والقانوني للاستمرار في هذه الحرب فحسب، وإنما أيضا ترتكبها كل الدول العربية والإسلامية التي تقف عاجزة عن إطعام الفلسطينيين ونجدتهم في هذه الأوقات العصيبة".
وحذّر الصلابي من "أن الاستمرار في هذه الحرب العبثية التي لم تحقق غير الخراب والإبادة ورسخت مظالم أقر بها المجتمع الدولي بحق الفلسطينيين، لا يمكن إلا أن يؤدي إلى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة والعالم".
وقال: "لقد تابع العالم كيف انهار نظام بشار الأسد في ساعات قليلة، وأمسى أثرا بعد عين، بينما لا يزال الشعب الفلسطيني على أرضه يقاوم في مظاهر أقرب إلى الكرامات منها إلى العقل، بالنظر إلى الفارق الكبير بين إمكانيات الاحتلال وأعوانه وبين شعب محاصر لا يملك من أدوات المقاومة غير الإرادة والتمسك بالحق في تقرير المصير.. وانهيار نظام الأسد في سوريا هو مثال لانهيار أنظمة إقليمية أخرى إذا لم تبادر من أجل إنهاء الإبادة بحق الشعب الفلسطيني، وفق سنن الله سبحانه وتعالى في الانتقام ممن له القدرة على حماية الضعفاء ولكنه يتركهم فريسة سهلة للظالمين ".
وأضاف: "لقد كرم الله ابن آدم، وجعل من هدم الكعبة المشرفة أقل شأنا من قتل النفس البشرية، فكيف بنا ونحن نتابع هذا القتل الهمجي لآلاف الأطفال والنساء والرجال الفلسطينيين على مرأى ومسمع العالم كله، حتى لغدا الموت الفلسطيني بالنسبة لنا جزءا من حياتنا اليومية، وهذا أمر خطير للغاية ويناقض كل الشرائع السماوية والقوانين الإنسانية".
وناشد الصلابي قادة العالمين العربي والإسلامي وأحرار العالم إلى تكثيف جهودهم من أجل وضع حد لحرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني، والضغط على العالم من أجل إنصاف الفلسطينيين وتمكينهم من حقهم في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وفق تعبيره.
وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم الخميس، ارتفاع حصيلة حرب الإبادة الإسرائيلية إلى 45 ألفا و399 قتيلا و107 آلاف و940 مصابا، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وقالت الوزارة، في بيانها الإحصائي اليومي، إن الجيش الإسرائيلي "ارتكب 3 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة، وصل منها للمستشفيات 38 شهيدا و137 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية".
وأفادت بـ"ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 45399 شهيدا و107940 مصابا منذ السابع من أكتوبر للعام 2023".
وأشارت الوزارة إلى وجود عدد من الضحايا تحت ركام المنازل المدمرة وفي الطرقات، لافتة إلى عجز طواقم الدفاع المدني والإسعاف عن الوصول إليهم بسبب الاستهداف الإسرائيلي المتكرر لهم.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، إبادة جماعية في غزة خلّفت إضافة إلى الشهداء والجرحى، ما يزيد عن 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة مذكرتي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.
إقرأ أيضا: كاتس من محور صلاح الدين: سنسيطر على غزة أمنيا وعسكريا.. ما مصير الصفقة؟