رواندا.. 30 عاما على الإبادة الجماعية
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
تبدأ رواندا، الأحد المقبل، مراسم إحياء ذكرى مرور 30 عاما على الإبادة الجماعية التي شهدتها عام 1994 ونفذها متطرفون من عرقية الهوتو ضد أقلية التوتسي على مدى 100 يوم دامية، قُتل خلالها أكثر من 800 ألف رجل وامرأة وطفل، معظمهم من عرقية التوتسي.
وإلى جانب ضحايا التوتسي، قتل أيضا عدد من الهوتو المعتدلين في المجازر التي انقلب فيها أفراد العائلة الواحدة والأصدقاء على بعضهم، في إحدى فصول التاريخ الأكثر قتامة في أواخر القرن العشرين.
وبعد 3 عقود، أعادت الدولة الصغيرة بناء نفسها في ظل حكم الرئيس بول كاغامي الدكتاتوري، لكن ما زال صدى إرث الإبادة الصادم يتردد في أنحاء المنطقة.
وحفاظا على التقاليد، سيتم إحياء ذكرى 7 أبريل/نيسان ـيوم أطلق متطرفو الهوتو، ومليشيات حملة القتل المروّعة عام 1994ـ عبر إضاءة كاغامي شعلة إحياء الذكرى في "نصب كيغالي" التذكاري للإبادة الجماعية حيث يعتقد بأن أكثر من 250 ألف ضحية تم دفنهم.
وسيلقي كاغامي الذي ساعد جيشه المتمرد "جبهة رواندا الوطنية" في وقف المجازر، خطابا بهذه المناسبة، وسيضع أكاليل الزهور على المقابر الجماعية، فيما ستحضر بعض الشخصيات الأجنبية ما أطلق عليه "كويبوكا" وتعني إحياء الذكرى 30.
صورة لجنود زائيريون في 18يوليو/تموز 1994 يقفون على الحدود في بلدة غوما الشرقية أمام أكوام من الأسلحة المصادرة من قوات الحكومة الرواندية المخلوعة (الفرنسية) لن يتكررتؤذن المراسم المقررة يوم الأحد ببدء أسبوع الحداد الوطني إذ سيتوقف كل شيء في رواندا وستُنكّس الأعلام. وخلال تلك الأيام، لن يُسمح بعزف الموسيقى في الأماكن العامة، أو على الإذاعة، كما ستمنع التلفزيونات من بث المناسبات الرياضية والأفلام، ما لم تكن على صلة بمراسم إحياء الذكرى.
وستقام مراسم بهذه المناسبة أيضا في الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي وغيرهما. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في رسالة بمناسبة الذكرى "هذه السنة، نذكّر أنفسنا بجذور الإبادة المتعفنة: الكراهية"، مضيفا "ولأولئك الذين يسعون لتقسيمنا، علينا إيصال رسالة واضحة وقاطعة وعاجلة.. لن يتكرر الأمر".
يذكر أن المجتمع الدولي واجه انتقادات شديدة لفشله في حماية المدنيين، وخفضت الأمم المتحدة عديد قوتها لحفظ السلام بعد فترة قصيرة من اندلاع أعمال العنف.
جندي من الجبهة الوطنية يحمل صندوق ذخيرة على خط المواجهة في جيتيراما خلال أيام جرائم الإبادة الدامية (الفرنسية) إطلاق نار أو ضرب أو طعن حتى الموتأثار اغتيال الرئيس المنتمي إلى الهوتو جوفينال هابياريمانا ليل 6 أبريل/نيسان 1994عندما أُسقطت طائرته فوق كيغالي موجة غضب في أوساط متطرفي الهوتو ومليشيا "إنترهاموي"، حيث قتل ضحاياهم بإطلاق النار عليهم أو ضربهم، أو طعنهم حتى الموت، في عمليات قتل غذتها الحملة الدعائية المناهضة للتوتسي التي تم بثها على التلفزيون والإذاعة.
ووفق أرقام الأمم المتحدة، يقدر بأن ما بين 100 ألف إلى 250 ألف امرأة تعرضت للاغتصاب، وفر مئات آلاف الأشخاص، معظمهم من عرقية الهوتو الذين شعروا بالخوف من الهجمات الانتقامية في أعقاب الإبادة إلى بلدان مجاورة بينها جمهورية الكونغو الديمقراطية. وما زالت المقابر الجماعية تُكتشف في رواندا حتى اليوم.
وفي عام 2002، أقامت رواندا محاكم أهلية حيث يمكن للضحايا الاستماع إلى "اعترافات" أولئك الذين اضطهدوهم. وعلى مدى 10 سنوات تم الاستماع إلى 1.2 مليون قضية رغم أن المنظمات الحقوقية رأت أن النظام أدى أيضا إلى إجهاض العدالة إذ استخدمه بعض المشتكين لتصفية حسابات.
واليوم، لم تعد بطاقات الهوية الرواندية تذكر إن كان الشخص من الهوتو أو التوتسي. ويتعلم طلاب المدارس الثانوية عن الإبادة في إطار منهج دراسي خاضع لرقابة مشددة.
زائرة تنظر إلى صورة أحد الضحايا في النصب التذكاري للإبادة الجماعية في كيغالي (الفرنسية ـ أرشيف) ندوب الماضيوُلد حوالى ثلثي سكان رواندا بعد الإبادة. ويسعى كثر للمساعدة على إعادة صياغة تاريخ بلادهم المؤلم ووضع رواية جديدة. وقالت مديرة المشاريع روكسان مودينج (27 عاما) "منذ كنت طفلة وقصة رواندا هي قصة إعادة بناء، وندوب الماضي ما زالت قائمة، لكنّ هناك طاقة مختلفة الآن، شعورا بالإمكانية".
وتفيد السلطات الرواندية بأن مئات المشتبه بهم في الإبادة ما زالوا فارين، بما في ذلك في جمهورية الكونغو الديمقراطية وأوغندا المجاورتين. وحتى الآن، تم تسليم 28 فقط إلى رواندا على مستوى العالم.
وحاكمت فرنسا -إحدى أبرز الوجهات للروانديين الفارين من العدالة في بلدهم- وأدانت نحو 5 أشخاص على خلفية تورطهم في عمليات القتل، وكانت فرنسا حينذاك من أهم الدول الداعمة لهابياريمانا، ما أدى إلى عقود من التوتر بين البلدين.
وفي عام 2021، أقر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بدور بلاده في الإبادة، ورفضها الاستجابة إلى التحذيرات من مجازر مقبلة، ما دفع كاغامي للإشادة بالرئيس الفرنسي لقيامه بـ"خطوة كبيرة".
ورغم أن ماكرون لم يذهب إلى حد تقديم الاعتذار ونفى أي تواطؤ لفرنسا في عمليات القتل، قال كاغامي إن من شأن التقارب أن يمهّد لعلاقة "أفضل" بين البلدين.
في المقابل، ترتبط كيغالي بعلاقة عداوة مع كينشاسا إذ اتُّهمت "جبهة رواندا الوطنية" بقتل عشرات آلاف المدنيين أثناء ملاحقتها مرتكبي الإبادة في الكونغو.
واتُّهمت حكومة كاغامي بتسليح متمرّدي "إم23" بقيادة التوتسي في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، ونفت كيغالي الاتهامات لكنها تفيد بأن التوتسي في جارتها الأكبر هم ضحايا الاضطهاد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات
إقرأ أيضاً:
هيام عباس: السينما أداة قوية للتعبير عن الهوية والتراث والفن يُحافظ على الذاكرة الجماعية
(عمان): مسيرة فنية استثنائية تجسدها الممثلة والمخرجة الفلسطينية هيّام عباس، التي انطلقت من قرية دير حنا في الجليل لتصل إلى أرقى المنصات الفنية العالمية في هوليوود. وخلال مشاركتها في فعاليات مهرجان أجيال السينمائي 2024، استعرضت عباس تجربتها الفنية الممتدة على مدار أربعين عاماً، مؤكدة أهمية السرد القصصي الجماعي في نقل الهوية والتراث.
وفي حديثها عن دور السينما في التعبير عن الهوية، شددت "عباس" على أهمية استخدام الفن كمنصة للتعبير عن الذات والوجود بشكل أصيل، بعيداً عن الصور النمطية التي يفرضها الآخرون. وأكدت على العلاقة الوثيقة بين التجارب الشخصية والذاكرة الجماعية، داعية إلى أهمية الحفاظ على الهوية الجماعية وتعزيزها.
وكشفت الفنانة المخضرمة عن مشاريعها المستقبلية، حيث تستعد للتعاون مع المخرج دانييل عربيد، كما ستشارك في فيلم للمخرجة آن ماري جاسر يتناول قصة نضالية فلسطينية تمتد عبر أجيال متعددة. وتفتخر عباس بمسيرتها المهنية الثرية التي جمعتها مع نخبة من أهم المخرجين في العالم، من بينهم المخرج العالمي ستيفن سبيلبرغ، وجيم جارموش، ودينيس فيلنوف، وتيرينس ماليك، وريدلي سكوت، إضافة إلى مخرجين عرب بارزين مثل يسري نصر الله وهاني أبو أسعد.
وتصف هيام عباس تجربتها في عالم التمثيل بأنها رحلة معرفية عميقة ساعدتها في اكتشاف ذاتها وفهم الطبيعة البشرية بشكل أعمق. وقد توج هذا المسار المهني مؤخراً بمشاركتها في الفيلم الوثائقي "باي باي طبريا" الذي أخرجته ابنتها لينا سويلم، وحظي بدعم مؤسسة الدوحة للأفلام. وعلى الرغم من ترددها الأولي في كشف جوانب شخصية من حياتها، إلا أن النتيجة النهائية للفيلم أثبتت نجاح هذه التجربة الفنية المميزة.
وفي سياق حديثها عن السينما الفلسطينية، أشارت إلى تجاربها المتنوعة في السينما العربية، خاصة في دول شمال إفريقيا، مؤكدة على العلاقة الخاصة التي تربطها بالسينما النسائية في هذه المنطقة. كما نوهت إلى التحديات التي تواجه صناعة السينما الفلسطينية، وأبرزها نقص التمويل الذي يعيق تطور هذه الصناعة رغم وفرة الأفكار والمواهب.
وأثبتت الممثلة والمخرجة الفلسطينية هيّام عباس تنوع موهبتها من خلال تجربتها في الإخراج، حيث قامت بإخراج حلقة من المسلسل الشهير "رامي"، كما أخرجت الفيلم القصير "لي دوني ديلا فوتشيرا" ضمن سلسلة روايات برادا المخصصة للنساء، مما يؤكد قدرتها على التنقل بين مختلف المجالات الفنية بنجاح.