أزمة الرهائن وتبعات الحرب.. نتانياهو تحت ضغط غير مسبوق
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
يجد، بنيامين نتانياهو، نفسه تحت ضغط متزايد في ظل التظاهرات التي تنظمها المعارضة وعائلات الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، بعد مرور حوالى ستة أشهر على بدء الحرب.
غير أن خبراء يرون أنه سيكون من الصعب الإطاحة برئيس الوزراء الإسرائيلي الذي عرف كيف ينجو من أزمات عديدة في السابق.
ويتعرض المسار الذي اتخذته الحرب ضد حركة حماس في غزة بعد الهجوم الذي شنته الأخيرة على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر، لانتقادات متزايدة بينما أثار مقتل سبعة من العاملين في مجال الإغاثة في قطاع غزة الإثنين جراء غارة إسرائيلية، موجة من السخط الدولي.
ومن المقرر تنظيم تظاهرة جديدة لمعارضي نتانياهو ولعائلات الرهائن مساء الأربعاء أمام الكنيست في القدس، لليلة الرابعة.
ويتهم نتانياهو، الذي يرأس الحكومة وحزب الليكود (يمين)، بالمسؤولية عن الإخفاقات الأمنية والعيوب الاستخبارية التي سهلت الهجوم غير المسبوق الذي وقع في السابع من أكتوبر وأسفر عن مقتل 1160 شخصا في إسرائيل، غالبيتهم من المدنيين، وفقا لتعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وخُطف خلال الهجوم نحو 250 شخصا ما زال 130 منهم رهائن في غزة، ويعتقد أن 34 منهم لقوا حتفهم، وفق تقديرات رسمية إسرائيلية.
وردا على ذلك، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء" على حماس، وتشن منذ ذلك الحين قصفا مكثفا، كما بدأت هجوما بريا في 27 أكتوبر، ما أدى الى مقتل حوالى 33 ألف شخص غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
تراجع شعبيتهفي الأسابيع الأخيرة، تضاعفت التظاهرات ضد نتانياهو، وشارك فيها عشرات الآلاف في نهاية الأسبوع، خصوصا في تل أبيب. ويرى المحتجون أن الانقسامات السياسية العميقة التي نتجت من الإصلاح القضائي الذي أجراه رئيس الحكومة العام الماضي قد أضعفت البلاد. وكان قد اتهمه منتقدوه، أثناء محاكمته في عدة قضايا فساد، بتضارب المصالح وبأنّه أراد القيام بهذا الإصلاح للهروب من مشاكله القانونية.
وبعد انخفاض شعبيته منذ السابع من أكتوبر، أصبح نتانياهو ضعيفا سياسيا وأيضا جسديا. فقد بدا شاحبا ومتعبا مساء الأحد، خلال مؤتمر صحفي عُقد قبل وقت قصير من خضوعه لعملية فتق، كما بدا أكثر شحوبا عندما غادر المستشفى الثلاثاء.
ولكن إيمانويل نافون استاذ العلوم السياسية في جامعة تل أبيب، يشير في حديث إلى وكالة فرانس برس، إلى أن نتانياهو "كان قد اعتُبر ميتا سياسيا في مناسبات عدة، غير أنه كان قادرا على العودة" خلال مسيرته السياسية التي امتدت لأكثر من ثلاثين عاما، منها 16 عاما رئيسا للوزراء.
وواجه نتانياهو العام الماضي إحدى أكبر حركات الاحتجاج الشعبية في تاريخ البلاد ضد الإصلاح القضائي، وكانت تلك التظاهرات أكبر من التي تنظّم في الفترة الحالية.
ولكن فضلا عن احتجاجات المعارضة، يتوجب على نتانياهو الآن مواجهة غضب عائلات الرهائن والجدل الدائر حول إعفاء اليهود المتشددين من التجنيد، الأمر الذي يتعرّض لانتقادات متزايدة في ظلّ استمرار الحرب في غزة.
وبينما كان من شأن هجوم مثل ذاك الذي وقع في السابع من أكتوبر أن ينهي الحياة السياسية لأي زعيم آخر، إلا أن نافون الذي كان عضوا في حزب الليكود يشير إلى أنّ نتانياهو "لا يمكن عزله من الداخل"، موضحا أنه "حول الليكود إلى شركة عائلية، حيث لا يوجد من يعارضه".
"من بعدي الطوفان"وفي السياق، يقول جدعون راهات أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس "لا أعتقد أنّه سيتمّ استبداله من داخل الليكود، على الأقل ليس الآن"، مضيفا أنه "من أجل إجراء انتخابات مبكرة، يجب أن تكون هناك حكومة بديلة ولا أعتقد أنّ ذلك سيحدث".
ويعرب راهات عن اعتقاده بأن استمرار الحرب في غزة هي مسألة بقاء سياسي بالنسبة إلى نتانياهو، مضيفا "طالما استمرت الحرب، يمكنه القول إنه ليس من الممكن تنظيم انتخابات. وهو يسعى دائما إلى تبرير بقائه رئيسا للوزراء".
ويقارن مارتن كرامر مؤرخ شؤون الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب، الوضع الحالي في إسرائيل بـ"حرب يوم الغفران"، أي الهجوم المفاجئ الذي شنته مصر وسوريا في أكتوبر 1973، والذي أدى إلى سقوط غولدا مائير التي كانت رئيسة وزراء في ذلك الحين.
ويشير كرامر عبر موقعه إلى أنه بالمقارنة مع الأحداث الحالية "لم يتم تحميل المسؤولية لأحد رسميا، ولم يستقِل أحد" بعد ستة أشهر على بدء الحرب في غزة. ويضيف أن نتانياهو "لا يرى ضرورة للمحاسبة"، ملخصا الأمر بالقول إن "لسان حاله يقول: وليكن من بعدي الطوفان".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: السابع من أکتوبر فی غزة
إقرأ أيضاً:
أزمة تجنيد الحريديم..
أزمة تجنيد الحريديم في إسرائيل لم تنتهِ بإقالة غالانت.. وكاتس يأمر بتجنيد 7 آلاف طالب.
الحرب على غزه ولبنان تسببت بنقص حاد بالقوى البشرية في أعقاب الخسائر التي تكبدها جيش الاحتلال الإسرائيلي بالجنود والضباط في المعارك البرية، وهو ما يستدعي تجنيدا فوريا لآلاف الجنود.
ولتفادي هذا النقص في العديد من الأفراد فقد سبق لوزير الدفاع المقال يوآف غالانت أن أعلن عن تجنيد 7 آلاف من اليهود الحريديم، وهو ما هدد بتفكيك ائتلاف حكومة بنيامين نتنياهو الذي سارع إلى إقالة غالانت والاستعاضة عنه بوزير الخارجية يسرائيل كاتس.
وعكس هذا الإجراء من قبل نتنياهو أزمة الخدمة العسكرية التي تتفاقم منذ عقود في المجتمع الإسرائيلي، وذلك بسبب إعفاء اليهود الحريديم من التجنيد، وهو ما ترك تداعيات في الجيش الإسرائيلي الذي يعاني من نقص شديد بالقوات في ظل احتدام المعارك البرية على جبهتي القتال.
وفي وقت تسعى فيه حكومة نتنياهو إلى الالتفاف على القانون الذي أجاز لعشرات الآلاف من اليهود الحريديم سنويا التهرب من الخدمة العسكرية لضمان بقاء الحكومة حتى أكتوبر/تشرين الأول 2026 كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الجيش الإسرائيلي بحاجة ماسة إلى 7 آلاف جندي.
يعود ملف تجنيد الحريديم من جديد وتعود معه أزمة تجنيد طلاب المدارس الدينية من اليهود لتواجه إدارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو معضلة الحرديم ، حيث أقر وزير الدفاع الإسرائيلي المعين حديثاً يسرائيل كاتس بتجنيد 7 آلاف من طلاب المدارس الدينية المتشددة في الجيش الإسرائيلي.
ونقلت صحف إسرائيلية عن وزير الدفاع كاتس تأكيده إصدار 7000 أمر لتجنيد اليهود المتدينيين بشكل تدريجي، وذلك بحلول يوم الأحد الموافق لـ 17 تشرين الثاني/نوفمبر، ويأتي القرار بعد عقد جلسة استماع ضمت ممثلين عن وزارة الدفاع ومكتب رئيس الوزراء والجيش الإسرائيلي مع النائب العام العسكري، تشديداً على أهمية تسهيل الامتثال لقرار محكمة العدل العليا، وتفادياً لأي «انتهاك للقانون»، بحسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية.
وبالرغم من إقالة نتنياهو لوزير دفاعه غالانت على خلفية تجنيد الحرديم ، جاء وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد ليصادق على تجنيد هذا العدد من الحريديم، بما يتماشى مع قرار سلفه يوآف غالانت ، وقامت وزارة الدفاع الإسرائيلية بتوقيع اتفاقية مع عشرة من طلاب المعاهد الدينية اليهودية مؤخرا يتعهدون بموجبها بالانضمام للجيش، على أن تتأجل خدمتهم لمدة عامين من الآن.
وقد خلق هذا القانون شرخاً كبيراً بين غالانت الذي دعا لإيقاف تمويل المدارس الدينية من قبل الحكومة، وبين نتنياهو الذي حاول بعد إقالة غالانت تأجيل التصويت في الكنيست الإسرائيلي على تعليق تمويل المتهربين من اليهود المتشددين من الالتحاق بالخدمة العسكرية.
وكنوع من المساومة، طالب نتنياهو البرلمان بالدفع بمشروع قانون يقدم إعانات التعليم في دور الحضانة لأبناء طلاب المعاهد الدينية غير المجندين، كبديل لمشروع قانون الإعفاء من التجنيد، الأمر الذي يتنافى مع ما أقره النائب العام الإسرائيلي بإنهاء قانون الإعفاء من التجنيد للحريديم.
وكان غالانت من أشد المدافعين عن قانون تجنيد طلاب المدارس الدينية اليهودية «الحريديم» دون تقديم أي تنازلات، الأمر الذي حذّر منه الكثير من القادة العسكريين الإسرائيليين على اعتبار أنه يضر بـ»الأمن القومي الإسرائيلي»، حسب هآرتس.
ومنذ إصدار قانون التجنيد ، تم إصدار أوامر استدعاء لأكثر من 3 آلاف شخص من الحريديم للخدمة في الجيش منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، إلا أن الاستجابة كانت ضئيلة لا تتجاوز 900 رجل متدين، بحسب الجيش الإسرائيلي، وفي آب/أغسطس الماضي صدر 900 أمر استدعاء للالتحاق بالجيش، لم يستجب له سوى 48 يهودياً متديناً.
وبحسب الجيش الإسرائيلي، فإنه بسبب النقص المتزايد في الجنود المقاتلين، فمن المتوقع استدعاء جنود الاحتياط لمدة 42 يوما على الأقل في الخدمة العسكرية سنويا، كما يستعد الجيش لتجنيد جنود الاحتياط لمدة تصل إلى 70 يوما العام المقبل.
بناءً على ما تقدم، توحي التسريبات والتحليلات العبرية بأنّ نتنياهو « ملزم» بالاختيار بين ساحتَي الحرب، فيما من المرجح، في حال حصول ذلك، أن يحاول التوصل إلى « تسوية» على الجبهة اللبنانية، مقابل استمرار الحرب في غزة. وهو يأمل أن تتوقف الحرب مع « حزب الله»، ليسحب ما أمكن من قوات نظامية ويسرّح جنود الاحتياط المشاركين في القتال مع لبنان، قبل أن يسحب جنود الاحتياط من غزة أيضاً، ويُبقي على القوى النظامية فقط في القطاع، اعتباراً منه أنّ تلك القوى ستكون قادرة على التكفل بالقتال المستمر منذ أكثر من عام في غزة.
ووفق هذا السيناريو سيتيح استمرار الحرب على غزه وترتيب سلام مع لبنان وإعلان النصر مع ما يستتبع تسريح العدد الأكبر من جنود الاحتياط ، وفي الوقت نفسه سنّ قانون إعفاء الحريديم من الخدمة، بالإضافة إلى إسكات الأصوات « الصهيونية الدينية» التي تهدد بإسقاط الحكومة، في حال وقف الحرب في غزه، وبناء على المعطيات لا تلوح في الأفق أي حلول قريبة، فيما تبقى أزمة التجنيد جزءاً من صورة أوسع، ومعطى من بين معطيات كثيرة، يجب أخذها في الحسبان لدى محاولة استشراف مستقبل الحرب.
الدستور الأردنية