الانتخابات المحلية في تركيا لها روح مختلفة. فعندما يكون الناخبون غاضبين من الحكومة، عادة ما يعطونها رسالةَ تحذير في الانتخابات المحليّة. على هذا النحو، إما أن تتراجع نسبة التصويت، أو أن يعطوا أصواتهم إلى أحزاب أخرى. وهذا التقليد لم يتغير خلال السنوات الأربعة الماضية.
الإنذار الثالث من الناخبين لحزب العدالة والتنميةلا يوجد زعيم سياسي في تاريخ الجمهورية التركية، تمكّن من البقاء في السلطة بقدر الرئيس أردوغان، الذي يحظى بحب الكثير من الأتراك.
لقد سبق أن عبّر المواطنون الأتراك بالفعل عن عدم رضاهم عن حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية لعام 2019، حيث تصدّر أردوغان 10 محافظات، بما في ذلك المدن الكبرى، مثل إسطنبول وأنقرة، بينما تراجعت نسبة أصوات حزبه بعشر نقاط. وفي الواقع، مثّل ذلك انعكاسًا لرد فعل الناخبين على المسار العام للبلاد، وأداء الحكومة، وخاصة الاقتصاد وليس البلديات.
وفي مواجهة كل هذه التحذيرات، لم يفعل حزب العدالة والتنمية ما هو ضروري، وواجه موجة صادمة في الانتخابات الأخيرة، حيث خسر 15 بلدية أخرى، من أصل 39 بلدية كان يهيمن عليها، وتزايد تراجع أصواته بنسبة 9 بالمئة. وهذا أكبر تحذير وجّهه الناخبون لحزب العدالة والتنمية خلال 22 عامًا من الحكم.
مطالبة حزب العدالة والتنمية بالتغييرقال أردوغان: إنه يرى في نتائج الانتخابات "نقطة تحول وليس النهاية". وقد جمع القيادة العليا لحزبه؛ لمعرفة سبب ردود فعل المواطنين. والآن سيعرف لماذا تراجعت نسب التصويت للحزب بشكل عام، وفي كل مدينة، ولماذا خسر تلك المدن.
سيُعقد المؤتمر الكبير لحزب العدالة والتنمية هذا العام، ومن الضروري إجراء تغيير قوي هناك. لقد سافرت إلى عشر مدن في هذه الانتخابات، وأرى أن هناك إرهاقًا شديدًا وتآكلًا ومشاكل في تشكيلات حزب العدالة والتنمية. ويجب أن يفرز هذا المؤتمر تغييرًا في جميع المقاطعات تقريبًا.
وإن لم يكن هذا كافيًا، فمن المتوقع أيضًا أن تشهد القيادة العليا للحزب تغييرًا جذريًا. وأعتقد أن أكثر ما يحتاج إلى تغيير هو الطريقة التي يمارس بها قادة الحزب السياسة. يجب على قادة حزب العدالة والتنمية العودة إلى أسلوب متواضع يستمع إلى المواطنين أكثر. وبما أن أردوغان لم يجرِ هذه التغييرات في الانتخابات المحلية والرئاسية الأخيرة، فقد تلقَّى الكثير من ردود الفعل، وتراجعت أصواته.
توقع حلول للمشاكل العامةلا تقتصر طلبات التغيير على أسلوب إدارة حزب العدالة والتنمية وموظفيه فحسب. لم تستطع حكومة حزب العدالة والتنمية إيجاد حلول جادّة للمشاكل المزمنة للمواطنين، وأحدثها المشاكل الاقتصادية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث بلغت نسبة التضخم 65 بالمئة، وبات الناس يعانون من مستويات فقر خطيرة، بينما أصبح سعر صرف الدولار 33 ليرة تركيّة.
وهناك رد فعل كبير على الزيادات التي خُصصت لمعاشات المتقاعدين، لكن ميزانية تركيا ليست في وضع يسمح لها بالمزيد. وبينما يعاني جزء من المجتمع من مشاكل اقتصادية خطيرة، هناك آخرون يعيشون في رفاهية شديدة.
وهذا الظلم في توزيع الدخل يجعل الناس يثورون. وفي بعض البلديات والمؤسسات، هناك ادعاءات مستمرة بالفساد والرشوة والمحسوبية، ومن الطبيعي أن تتزايد ردود الفعل على ذلك. وهناك أيضًا مشاكل في القضاء، وفي نظام التعليم وفي التشغيل، وغيرها التي وعدت الحكومة بحلّها، ولكن لم تفعل ذلك بعد، والتي تراكمت وتسبَّبت في انفجار الناس في هذه الانتخابات.
أردوغان بحاجة إلى إجراء تغييرات جذريةرد الفعل هذا ومثل هذا الانخفاض في الأصوات وحقيقة عودة هيمنة المعارضة (حزب الشعب الجمهوري) بعد 47 عامًا، وضعٌ لم يتوقعه أحد في تركيا. وفي الوقت الحالي، يناقش جميعُ الخبراءِ السياسيين واستطلاعات الرأي، وكل السياسيين والمعلقين ليلًا ونهارًا سببَ هذا التغيير الملاحظ في الأصوات.
ومن المؤكد أنه ستكون هناك تغييرات جديّة في كل من المعارضة والأحزاب الحاكمة في تركيا، التي خسرت الأصوات.
لكن ما ينتظره الجميع بفارغ الصبر، هو ما سيفعله الرئيس أردوغان في الفترة المقبلة. أنا شخصيًا أتوقع تغييرًا كبيرًا في مجلس حزب العدالة والتنمية، لكنني لا أعتقد حدوث تغيير في مجلس الوزراء، ربما على مستوى وزارة أو اثنتَين فقط.
يحتاج أردوغان إلى إجراء تجديد وتغييرات جادة في البيروقراطية، وفي مجال الاتصالات، وفي فهم الإدارة وفي نفقات الدولة. فالشعب مستاء للغاية؛ لدرجة أنه إذا لم يحدث تحسّن بحلول عام 2028، فقد يمنح الرئاسة لشخص آخر.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات لحزب العدالة والتنمیة حزب العدالة والتنمیة فی الانتخابات تغییر ا
إقرأ أيضاً:
مستشار الرئيس الفلسطيني: الاحتلال يعرقل العملية الديمقراطية ويحد من التغيير
تحدث الدكتور محمود الهباش مستشار الرئيس الفلسطيني وقاضي قضاة فلسطين، عن الإصلاحات داخل السلطة الفلسطينية، مؤكداً أن هذه العملية مستمرة ولا تقتصر على فترات زمنية محددة، بل هي جزء من عملية دائمة تهدف إلى تحسين الأداء المؤسسي والدستوري.
وأوضح الهباش في مداخلة هاتفية مع الإعلامي محمد عبيد عبر قناة “القاهرة الإخبارية” أن الإصلاحات داخل السلطة الفلسطينية ليست موسمية أو مرتبطة بفترة زمنية معينة، بل هي عملية مستمرة تشمل تطويراً مستمراً في جميع جوانب العمل المؤسسي، بما في ذلك القوانين والإجراءات التي تحكم عمل مؤسسات الدولة الفلسطينية. وأكد أن أي عمل بشري أو مؤسسي يتطلب تطويراً مستمراً لمعالجة القصور والنقائص التي قد تظهر على مر الزمن.
ورشة مفتوحة للإصلاح: إجراءات قانونية ودستوريةكما أشار الهباش إلى أن الورشات المفتوحة التي تُعقد داخل المؤسسات الفلسطينية تشمل إجراءات قانونية ودستورية وإدارية ومالية. الهدف من هذه الورشات هو ضمان استمرارية الإصلاح وتطوير الأداء في مختلف مؤسسات الدولة، وذلك من خلال تبني حلول شاملة تساهم في تعزيز قدرة السلطة الفلسطينية على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
التطوير المستمر لمنظومة القوانين والإجراءاتوتابع الهباش حديثه حول الجهود المستمرة لتطوير القوانين والإجراءات في فلسطين، حيث أشار إلى وجود لجان خاصة تعمل على صياغة دستور مؤقت منذ عام 2009. كما أضاف أن هذه اللجان استمرت في أعمالها لتطوير المسودات السابقة ووضع إضافات وتعديلات تهدف إلى ضمان استمرارية العمل الدستوري والقانوني بما يتماشى مع التطورات السياسية والإدارية.
تمكين الدولة الفلسطينية: أسس لتغييرات مستقبليةأوضح الهباش أن الإجراءات الحالية تهدف إلى تمكين الدولة الفلسطينية من بناء قاعدة صلبة تتيح إجراء تغييرات مستقبلية في المناصب والوجوه السياسية داخل السلطة الفلسطينية. وأكد أن هذه الإجراءات تركز على إعداد الدولة الفلسطينية لتكون قادرة على التكيف مع التحديات المختلفة في المستقبل وتحقيق التغيير المطلوب في وقت مناسب.
الاحتلال الإسرائيلي وعرقلة العملية الديمقراطيةأما بشأن الانتقادات التي تتعلق بثبات الوجوه السياسية وعدم توحيد الفصائل الفلسطينية، فقد أكد الهباش أن هذه الانتقادات غير دقيقة بالنظر إلى الواقع الفلسطيني الاستثنائي. وأضاف أن الاحتلال الإسرائيلي يشكل عائقاً كبيراً أمام إجراء الانتخابات الديمقراطية في فلسطين، حيث يمنع الاحتلال إجراء الانتخابات في الأراضي الفلسطينية ويعرقل ممارسة العمليات الديمقراطية بحرية.
وأشار الهباش إلى أن الاحتلال الإسرائيلي لا يقتصر على تعطيل الانتخابات فقط، بل يحد أيضاً من النشاط الشعبي والجماهيري في فلسطين، مما يؤثر بشكل مباشر على قدرة الفلسطينيين على إجراء تغييرات حقيقية في مؤسسات الدولة وممارسة الديمقراطية بشكل فعّال.