“الرفاق حائرون.. يفكرون يتساءلون في جنون.. من تكون حبيبتي أنا”، هكذا جاء مطلع أغنية العندليب الأسمر من كلمات الأمير خالد بن سعود وألحان الأسطورة بليغ حمدي، والمدهش أن هذه الأغنية خرجت إلى النور على أسطوانة لشركة صوت الفن في 30 مارس 1981 أي بعد رحيله بأربعة أعوام، وكأنها تيمة قدرية، فالجميع ظل يبحث طويلًا عن حبيبة عميد الرومانسية في محياه وحتى بعد رحيله، بل وربما إلى الآن.
أصر البعض على تأكيد فكرة أن السندريلا سعاد حسني كانت زوجته سرًا، ومنهم أختها “جانجاه” وأخوها عز الدين حسني، بالإضافة لطبيبها الخاص دكتور عصام عبدالحميد، حتى الإعلامي مفيد فوزي أكد أن الزواج تم سرًا لمدة خمس سنوات، وظلت على ذمته حتى وفاته، بينما نفى محمد شبانة ابن شقيق عبدالحليم هذا الزواج نفيًا قطعيًا، وأكد أن الوثائق التي نشرت بهذا الشأن غير صحيحة.
كما نفى صديقه المقرب كمال الطويل، وقال: “إن حليم كان إنسانًا عنيدًا وصلبًا وكتومًا، وكان يملك كل صفات الزعامة، ولم أسمعه يومًا يذكر اسم امرأة تربطه بها علاقة، وكان حريصًا على إخفاء أسماء السيدات، وإخفاء تفاصيل علاقته بهنَّ، وكان همه الوحيد هو الفن”.
وظل مونديال الأقوال والاحتمالات قائمًا إلى الآن بعد 47 عامًا على رحيله، وكأنه رحل محتضنًا سره بين ضلوعه، فلا أحد يمكنه التأكيد بالنفي أو الإيجاب.. وهكذا كانت حياة الراعي الرسمي للمشاعر وأسطورة الحب قصيرة.. مثيرة.. غامضة!
كان العندليب شابًا حالمًا مريحًا للنظر، لا تشوبه شائبة خبث أو مكر، والأهم أن ملامحه كانت ملونة بالبهجة، وابتسامته لا تنطفئ رغم بحور الحزن العميق في أحداق عيناه، تركيبة مصرية تفوح منها رائحة طمي النيل وسمرته، وعلى الرغم من ظروفه الحياتية المعقدة والمؤلمة في كثير من الأحيان إلا أن خفة الظل المصري كانت تسري في شرايينه.
مثلما احترقت البنات بنار رومانسيته، كان أصدقاؤه شهود عيان على خفة ظله التلقائية، وغرامه بالمداعبات والإفيهات التي وقفت حائط صد أمام طوفان المآسي وموجات الحرمان التي عرفها عبر محطات حياته المختلفة، فقد كان فعلًا في ضحكته جبارًا.
ومن الأخبار المبهجة في ذكرى رحيله، أن أهله وخصوصًا ابن شقيقه محمد يقوم بفتح شقة حليم بالزمالك التي تم الاحتفاظ بكل محتوياتها من أثاث وأنتيكات وملابسه الشخصية وأدواته الموسيقية وكل متعلقاته، ويتم فتحها لزيارة جمهوره ومحبيه في ذكراه السنوية، على اعتبارها متحفًا خاصًا بالعندليب، ويقوم المعجبون بالكتابة على جزء محدد من حائط الشقة كلمات للذكرى، وكأن بيته هذا ظل شاهدًا على أيام وذكريات وبشر وكثير من الحكايات، ونجى من البيع والإهمال، كما فعلت أسر العديد من رموز الفن والثقافة؛ مثل أسرة كوكب الشرق الذين باعوا فيلتها بالزمالك، ولم يحتفظوا بمقتنياتها، وبالمناسبة أول من أطلق عليه لقب “العندليب الأسمر” الناقد الفني اللامع جليل البنداري، الذي طالما كان له السبق في إطلاق الألقاب على النجوم.
ولكن من الأخبار المزعجة أن أسرة الفنان الراحل رفعت قضية على أحد الإعلانات لأنهم استخدموا جزءًا من أغنية “قاضي البلاج” أو “دقوا الشماسي” على لسان فتاة بطريقة فجة يشوبها بعض الإسفاف لصالح أحد المنتجعات السياحية، وعلى أقل تقدير تم تشويه الأغنية الأصلية المبهجة، التي تركت أثرها في الوجدان بعد أن تم تقديمها في فيلم من أعظم أفلامه، بل ويعد من أجمل الأفلام الكلاسيكية في السينما المصرية “أبي فوق الشجرة” 1969، ويطالبون بوقفه؛ لأنهم لم يحصلوا على تصريح كتابي منهم لاستخدام كلمات الأغنية في إعلان تجاري، ولأن الطريقة التي قدمت بها الأغنية لا تليق بتاريخ عبدالحليم.
وبلا “أي دمعة حزن” و”على قد الشوق” لا نعرف لو حكينا عن حليم “نبتدي منين الحكاية” و”على حسب وداد قلبي” سيبقى دائمًا “موعود” بالمحبة “زي الهوى”.
د. هبة عبدالعزيز – بوابة الأهرام
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
هل تكون "ميونيغ" نهاية حقبة بين أمريكا وأوروبا؟
عندما قال نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، إن أوروبا نفسها، أكثر من روسيا أو الصين، تحولت إلى تهديد للقيم الديمقراطية، بدا وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس منزعجاً بشكل واضح، وسُمع يقول بين الحاضرين: "هذا أمر غير مقبول".
حكومة الولايات المتحدة انحازت خطابيًا وسياسيًا إلى المستبدين
كان الزعماء الأوروبيون والجنرالات ورؤساء الاستخبارات المجتمعون في مؤتمر ميونيخ الأمني السنوي ينتظرون بفارغ الصبر توضيحاً بشأن مسائل حيوية مثل كيفية إنهاء حرب روسيا على أوكرانيا، واحتواء الحرب الهجينة التي يشنها فلاديمير بوتن، وتعزيز التحالف عبر الأطلسي.
وبدلاً من ذلك، هاجمهم مبعوث دونالد ترامب لقمعهم المزعوم لحرية التعبير، والفشل في وقف الهجرة الجماعية، والظهور كأنهم دعاة الحقبة السوفيتية باستخدام مصطلحات مثل "التضليل الإعلامي".
بعد خطاب فانس، ركض بيستوريوس إلى غرفة مع مستشارين لإعادة كتابة الخطاب الذي كان من المقرر أن يلقيه بعد الظهر. وبعد أقل من ساعة، وقف الديمقراطي الاجتماعي ــ الذي ساعد حديثه المباشر في جعله السياسي الأكثر شعبية في ألمانيا ــ على المنصة، غاضباً بشكل واضح.
This is a genuinely psychopathic comment by Vance at the Munich Security Conference: pic.twitter.com/Q8IFjmk4PT
The U.S. has been by far the most instrumental force in Germany's growing deindustrialization, including by literally blowing up their most critical energy…
وقال بيستوريوس: "إنه يتحدث عن إبادة الديمقراطية، وإذا فهمته بشكل صحيح، فإنه يقارن الوضع في أجزاء معينة من أوروبا بالأنظمة الاستبدادية... هذا غير مقبول".
ترامب - بوتينكانت كلمات فانس الحادة مجرد جزء من أسبوع الحقيقة للأوروبيين، الذين اكتشفوا يوم الأربعاء أن ترامب اتصل بفلاديمير بوتن لبدء مفاوضات "فورية" بشأن صفقة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، دون التشاور معهم أو مع كييف مسبقاً.
وفي وقت سابق من اليوم، اكتشفوا أن وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث تخلى بالفعل عن عضوية كييف في حلف شمال الأطلسي وسلامة أراضي البلاد قبل أن تبدأ المفاوضات.
ولم تتسبب خطبة فانس في إحداث فوضى وقلق بالقدر الذي حصل من ألمانيا، الدولة المضيفة للمؤتمر، والتي ستعقد انتخابات في نهاية الأسبوع المقبل في ظل صعود اليمين المتطرف.
وعلى مدى العقود الثمانية الماضية، دعمت العلاقة عبر الأطلسي النهضة الديمقراطية في البلاد، والتعافي الاقتصادي والحماية العسكرية، حيث سعت برلين إلى التخلي عن ماضيها النازي.
هزت كلمات نائب الرئيس حتى أشد أتباع العلاقات عبر الأطلسي في ألمانيا. فقد اتهم فريدريش ميرز، زعيم الديمقراطيين المسيحيين البالغ من العمر 69 عامًا والمفضل ليصبح المستشار الألماني، إدارة ترامب "بالتدخل بشكل علني في الانتخابات".
وقال: "ليس من وظيفة الحكومة الأمريكية أن تشرح لنا هنا في ألمانيا كيفية حماية مؤسساتنا الديمقراطية".
The shock in Munich changes the world. Is there any point in defending Europe? Trump's vice president has doubts. The historic speech in Munich has put everything at stake
What Europe is waking up to this weekend is really another dose of undiplomatic Trumpism. Straight from the… pic.twitter.com/rzal1DDS2L
وبعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض، استعد المسؤولون الألمان لانتقادات الرئيس الأمريكي، الذي استخدم ولايته الأولى لاستهداف المستشارة السابقة أنغيلا ميركل. ولكن في ألمانيا، بدا واضحاً أنهم على استعداد لقبول هذا. فقد أدركوا أنهم سيضطرون إلى ضخ المزيد من الأموال في الدفاع بعد سنوات من الفشل في تلبية هدف حلف شمال الأطلسي بإنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي، وأن فائضهم التجاري الكبير مع الولايات المتحدة من المحتمل أن يؤدي إلى فرض تعريفات جمركية مؤلمة على واردات السيارات.
ولكنهم لم يكونوا مستعدين لمهاجمة ترامب ودائرته الداخلية لأسس نظامهم السياسي، والتأرجح خلف حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، الذي سعت الأحزاب الرئيسية منذ فترة طويلة إلى عزله بـ"جدار حماية" يجعل التعاون محرماً.
وفي خطابه يوم الجمعة، دعا فانس إلى إنهاء مثل هذه الجدران النارية. وبعد فترة وجيزة، اتخذ خطوة غير مسبوقة بلقاء زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا أليس فايدل، التي منعها منظمو المؤتمر من الحضور. وفي الوقت نفسه، تبين أن فانس رفض مقابلة المستشار الألماني أولاف شولتز، الذي من المتوقع أن يأتي حزبه غير الشعبي في المركز الثالث بالانتخابات التي ستقام في الثالث والعشرين من فبراير(شباط).
وقال شولتز في خطاب ألقاه يوم السبت: "لن تقبل ألمانيا بتدخل الغرباء لصالح هذا الحزب في ديمقراطيتنا، وفي انتخاباتنا. هذا غير مناسب، وخاصة بين الأصدقاء والحلفاء... سنقرر بأنفسنا ما سيحدث لديمقراطيتنا".
وأضافت انتقادات فانس النارية إلى الشعور بالاضطراب في ألمانيا، التي عانت من ثلاث هجمات فتاكة في غضون شهرين من قبل طالبي اللجوء. ووقعت الحادثة الأخيرة - عندما قاد مواطن أفغاني سيارته عبر حشد من أعضاء النقابة المحتجين - عشية المؤتمر، على بعد أقل من كيلومتر واحد من فندق بايريش هوف المزخرف حيث أقيم المؤتمر.
وأصبح حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي كان سامًا للغاية في السابق لدرجة أنه تم تجنبه من قبل أمثال مارين لوبان الفرنسية، في قبضة اليمين الشعبوي العالمي.
ووجد بعض المسؤولين الألمان الأمل في أن فانس وهيغسيث بدوا أكثر تصالحية في الاجتماعات الخاصة. وقالوا إن هيغسيث قال لمسؤول أوروبي: "نعلم أنكما الرجلان الطيبان".
واعتبر أحد كبار المسؤولين الأوروبيين أن أمريكا "لا تتراجع عن أوروبا" بل "تتحرك نحو سياسة خارجية عدوانية".
لكن آخرين كانوا أكثر انزعاجًا. وقال أنطون هوفريتر، عضو البرلمان الألماني عن حزب الخضر: "فانس سياسي متطرف يميني يدعمه كبار رجال الأعمال في مجال التكنولوجيا في الولايات المتحدة، وهدفه تدمير الاتحاد الأوروبي تدريجيًا".
ورأى روبرت هابيك، نائب المستشار الألماني عن حزب الخضر، أن الخطاب كان "نقطة تحول" في العلاقة بين أوروبا والولايات المتحدة.
وقال إن حكومة الولايات المتحدة "انحازت خطابيًا وسياسيًا إلى المستبدين". وعلى مدار عطلة نهاية الأسبوع في ميونيخ، "تم إنهاء مجتمع القيم الغربي هنا".