الأسواق.. مغزى ثقافي وبعد حضاري
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
في ساحات الزمن التاريخية، شكلت الأسواق نسيجاً للحياة الاقتصادية والثقافية في الجزيرة العربية، وقلباً نابضاً يضخ بالحياة في عروق المدن والمجتمعات، ومركزاً للمعرفة والخطابة والشعر والعناية بالمخطوطات والحرف اليدوية والعمارة والتصميم، فامتدت أهميتها في هذه الأرض الخصبة بالحضارة عبر العصور، وشكلت محاوراً تجارية حيوية تربط الشرق بالغرب، وموانئ برية وبحرية للقوافل التجارية والثقافية وقناة حيوية لازالت قائمة حتى اليوم للتبادل الثقافي الدولي، فبعد أن جلبت الثراء والتنوع الحضاري إلى عمق العروبة، ها هي تقف معالمها شاهدة لإثراء الثقافة الإنسانية بالتنوع الثقافي الذي تتميز به المملكة عبر التاريخ، والتي اشتهرت أراضيها بأشهر الأسواق التاريخية الممتدة منذ آلاف ومئات السنين.
ولكونها فضاء إنساني واستثنائي تتجلى به الكثير من المظاهر المجتمعية، ارتأت وزارة الثقافة أن تجعل من “السوق” وجهة جاذبة عبر موسم رمضان 1445هالذي أطلقته تحت شعار “نورت ليالينا” بهدف إحياء الموروث الثقافي التاريخي المتعلق بشهر رمضان المبارك.
ولأجل هذا تأنق “سوق الزل“ في مدينة الرياض، و“سوق جدة البلد“ في مدينة جدة، اللذان تضرب أطنابهما التاريخية في الأصالة. ولهما عراقة تجعلهما من شواهد الماضي ومفاخر الحاضر، بينما أدت دوراً في حماية التراث وإذاعته؛ إذ يتبضع فيها الزوار ماديات تجسّد ثقافتهم وإرثهم؛ كالمباخر والأزياء التقليدية والمشغولات اليدوية، التي جعلت السوقين من أبرز، وجهات السعوديين، والمقيمين،والسياح.
اقرأ أيضاًUncategorized“طبية” جامعة الملك سعود تحصد جائزتين “آسيويتين” في مجال الرعاية الصحية على مستوى آسيا
وقد كانت الزينة أول ما وهب المكانين في الشهر الفضيل طابعاً فرائحياً، إذ تجملت أروقة السوقين بهذه الزينة لتغدو مواطن بهجة، إلى جانب بعض المشاهد التفاعلية التي أثارت حيوية المكان وقيمته؛ والباعة المتزينين بأزياء تراثية، وكذلك الأطفال وهم يلعبون الألعاب الشعبية.
واستطاعت الأسواق رغم إطارها التجاري على استيعاب سلوكيات المجتمع وتوفير مستلزماته إلى أن أصبحت مقصداً يجوب فيها الفرد ذاكرة المدينة وهو ينصت إلى صوتها الرخيم ويرى هيئتها العتيقة، حيث تعد مسرحاً للموروثات الثقافية والمعايشات الشعبية لا سيما أثناء شهر رمضان المبارك الذي يستلهم فيه المجتمع ذاكرته ومشاعره ويعزز قيمه في هذه الملتقيات الكبرى.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية
إقرأ أيضاً:
اللواء سمير فرج لـ«كلم ربنا»: «أمي كلمة السر في حياتي.. وباعت ورثها عشان تعلمني»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال اللواء الدكتور سمير فرج، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن الخير الذي ينعم به يرجع لرضا الله ووالدته عليه، وقال: «أمي علمتني وربتني، قضت 25 سنة كمديرة مدرسة البنات الوحيدة في بورسعيد، واليوم هناك مدرسة تحمل اسمها. عندما توفيت، كانت جنازتها أكبر جنازة في تاريخ المحافظة، أنا عندي 12 سنة، طلعتني مؤتمر الكشافة في الجزائر، وفي تانية ثانوي ذهبت لمؤتمر الفلبين، والدتي باعت ميراث والدتها عشان تسفرني، بعدها، بـ10 سنين التحقت بالكلية الملكية فى انجلترا، وفي أول فصل دراسي طلبوا تلخيص كتاب، فاخترت كتاب (كيف تصنع السياسة الخارجية الأمريكية) لهنري كسينجر، وكنت من ضمن الخمسة الأوائل».
وأضاف «فرج»، خلال حواره لـ برنامج «كلّم ربنا»، الذي يقدمه الكاتب الصحفي أحمد الخطيب على الراديو «9090»: «عندما كنت في وسط حرب أكتوبر، كُلفت بمهمة تمثيل القوات المسلحة في الخارج ولكن تم إلغاء المهمة لصالح ضابط آخر، شعرت بالحزن وذهبت لأدعو الله في الجامع، وبعد شهر جاءتني فرصة الالتحاق بكلية كامبرلي الملكية في إنجلترا، وهي أفضل كلية عسكرية عالميًا، حسيت وقتها ان ربني سمعنى واستجاب لى واداني حاجة أفضل».
وأشار إلى أن نجاحه في حياته يعود إلى رضا الله عنه، مشيرًا إلى أن «عملت خير كتير في حياتي، وفي مرة قاعد في الأوبرا فلقيت ست كبيرة جاتلي وقالتلي: (إنت اللي خلتني أحج)، لأني لما كنت في الشئون المعنوية للقوات المسلحة كنت مسئول عن الحج والعمرة لأسر الضباط، ومفيش ضابط ولا حد من أسر الشهداء طلب حج لوالدته إلا وسفرتهم. في الفترة دي حسيت إني قريب من ربنا وراضي عني، ومقفلتش بابي في وش حد أبدًا».
أنه «قضيت 7 سنوات في الشئون المعنوية، وفي كل احتفالات أكتوبر للضباط والعاشر من رمضان لأسر الشهداء، في مرة أحد الضباط كلمني وقال إن في ست ثرية جدًا عايزة تساعد أسر الجنود مش الضباط، وفعلًا حضرت معانا إفطار رمضان بوجود كل الأسر من مختلف المحافظات، على مدار اليوم، كنا بنجمع الطلبات من الأسر، وبدأت هذه السيدة تتحرك معانا بتطلع من فلوسها، استمر الحال ست سنين وهي تيجي كل أسبوع وتساعد أسر الجنود، وقدمت جهد لا يتخيله بشر، أولادها طبيبان في دبي وأمريكا وبنت في مصر، وبعد ما خرجت بـ10 سنين كلمتني، وعرفتها فورًا لأني كنت مسميها أم الشهداء، سألتها عن أحوالها فقالت لي: (أنا في دار مسنين).
واستطرد: «استغربت وسألتها عن فيلتها، فأخبرتني أن أولادها تركوها فذهبت إلى الدار. كلمت أولادها، وبعد فترة جبت صور أحفادها ليها عشان تشوفها وفرحت بيهم، بعدما انعزلت عن الدنيا ولم يزرها أحد من أولادها، إلى أن جاءني اتصال من الدار ليبلغوني بأنها توفيت، وكانوا سيدفنوها في مقابر الصدقة، كلمت ابنها في دبي وسألته عن مكان الدفن، ثم تابعت الجنازة وحدي، تلك السيدة خدمت مصر في 1000 شهيد وفي النهاية لم تجد من يقف بجوارها، الموقف هذا خلاني أشوف انعدام القيم في الحياة، فالأولاد حصلوا على ملايين الدولارات ولم يقدّروا أمهم، دعوت لها وزرتها مرتين، وأقرأ لها الفاتحة كلما مررت من طريق صلاح سالم».