فقد الأدب النوبى واحدا من أهم كتابه القاص والروائى «حسن نور» الذى أفنى عمره بالمعنى الحرفى للكلمة فى توثيق وتأريخ أهم مراحل النوبة المصرية قبل تهجير أهلها وبعد تهجيرهم لبناء السد العالي!
والنوبيون ظلوا أوفياء لأرضهم ومنبتهم الأول.. فالذين عاشوا قرب الأرض القديمة التى غرقت تحت النيل، وكذلك الذين هاجروا إلى الشمال نحو القاهرة والإسكندرية بحثًا عن لقمة العيش وعن أرض جديدة وسكن جديد.
ومن نبع هذه الحكايات عاش حسن نور حياته الأدبية كلها ينهل منها ويحكى ما عاشه وما سمعه، وكتب العديد من المجموعات القصصية والروايات وشارك فى الكثير من الندوات حول الأدب النوبى، ومن أبرز اعماله مجموعته القصصية الأولى «الهاموش» والتى حصل عليها جائزة نادى القصة عام ١٩٨٢، ثم مجموعته البديعة «أنا الموقع أدناه» ومن اعماله الروائية المهمة «بين النهر والجبل» و«دوامات الشمال» و«بحر الزين».
وكان حسن نور صاحب رأى ووجهة نظر يحمل بداخله هموم وأحلام الفقراء الذى ظل واحدا منهم ولم تغيره حياة المناصب الوظيفية ولا الحياة الرغدة بعد سنوات السفر فى الدول العربية، فقد ظل هو نفسه مدافعًا عن الفقراء والبسطاء وباقيًا على علاقات المودة وصل الرحم مع أهله وناسه من النوبيين وكان حريصًا على زياراتهم ومودتهم فى النوبة الجديدة بأسوان، حيث بقى دائمًا متمسكًا بأصوله النوبية ويتفاخر ويتباهى بها فى اعماله الروائية والقصصية!
ومثله مثل كل النوبيين سجل حسن نور الحياة النوبية فى معظم أعماله، خوفًا من الاندثار والنسيان، وهو هم نوبى أصيل يحمله كل نوبى ويعيش طول عمره ينقله للأجيال القادمة، فهم مؤمنون بأن النوبة وما تمثله من تراث غنى وعظيم بقيمه ومبادئه لا يجب أن يضيع كما ضاعت أرض النوبة، لأنها جزء أصيل من الواقع المصرى، والمحافظة عليه هى نوع من المحافظة على التراث المصرى.. ولذلك كتب حسن نور اعمالًا للأطفال رائعة تتسم بالبساطة فى اللغة والعمق فى المعانى ومنها «العمل قبل الدعاء» و«القرش صاحب الكرش»!
وأتذكر حوارًا صحفيًا أجريته مع الروائى والناقد إدوارد الخراط وهو من الكتاب الكبار فى حياتنا الأدبية، ونُشر فى جريدة «الوفد»، وقد سألته عن الأدب النوبى وما يعكسه من تجزئة للأدب المصرى فأجاب يومها أن الأدب المصرى يتميز بوحدة فى التنوع ولديه القدرة على استيعاب كل روافد الأدب!
ظل «حسن نور» نبيلًا فى أخلاقه ومتميزًا فى اعماله، ووفيًا لأهله وناسه من النوبيين وفقدانه خسارة كبيرة.. ولكنه قال كلمته وأدى دوره الروائى محافظًا على التراث النوبى المصرى.. رحمه الله.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حسن نور تحت النيل حسن نور
إقرأ أيضاً:
لأول مرة.. عرض تجربة الخبز المصري القديم بـ المتحف المصري بالتحرير
لأول مرة يقدم المتحف المصري بالتحرير تجربة فريدة من نوعها ،عبر عرض ڤاترينة بها نماذج حديثة لأنواع مختلفة من الخبز المصري القديم تم انتاجها باستخدام المصادر المختلفة المتاحة من نقوش جدران المعابد والمناظر الطقسية ومناظر الحياة اليومية للمصري القديم.
أوضحت إدارة المتحف المصرى بالتحرير ، أن المعرض مقام بقاعة 43 بالدور العلوي بالمتحف ولمدة ثلاثة أشهر، متاح للزيارة خلال مواعيد العمل الرسمية للمتحف دون أي رسوم إضافية.
يذكر أن وضع حجر أساس المتحف المصري بالتحرير في القرن الـ 19 والذى شهد افتتاحة حضور الخديوي عباس حلمي الثاني فى 15 نوفمبر 1902، ويصنف بانه أقدم متحف آثري في الشرق الأوسط ،ويقتني بداخل طرقته الممتدة على قطع آثرية فريدة تعود لعدة عصور.
وصمم المهندس المعماري الفرنسي مارسيل دورغون الشكل الهندسي لـ المتحف المصري بالتحرير والمتميز بشكل العمارة اليونانية الرومانية ، وذلك عقب مسابقة عالمية تمت عام 1895 ميلاديا ، ليكون أيقونة المتاحف حول العالم ومزارا سياحيا يقصد سائحي العالم.
ويضم المتحف المصري بالتحرير أشهر القطع الاثرية عبر تاريخة كان ابرزها قناع الملك توت عنخ آمون الذى انتقل الى المتحف المصري الكبير ، بالاضافة الي قطع آثرية للمجموعة الجنائزية ليويا وتويا ولوحة نارمر بالااضفة الي تماثيل خاصة بملوك وملكات مصر في العصر القديم.