بعد قصف القنصلية الإيرانية في سوريا.. هل باتت الحرب على الأبواب؟
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
مثل قصف الاحتلال لمبنى تابع للسفارة الإيرانية في دمشق خرقا لقواعد الاشتباك وتجاوزا للخطوط الحمراء في وقت يدخل فيه العدوان على غزة شهره السابع.
ولم تكن نوعية الهدف ولا وظيفته وحدها، التي تشير لكسر حرب الظل بين الطرفين، بل في المكان المستهدف، حيث القنصلية وبيت السفير في العاصمة السورية دمشق.
ويعتبر قصف الاثنين أكثر عمليات الاحتلال جرأة ضد المصالح الإيرانية في سوريا، إذ يشن الاحتلال عمليات قصف بين الحين والآخر تستهدف جماعات موالية لطهران في سوريا، وزادت وتيرة القصف بعد عملية طوفان الأقصى.
ويعد ضرب مقر بعثة دبلوماسية أو مبنى تابع لها، تصعيدا في الضربات المتبادلة بين الاحتلال وإيران، وإن كانت طهران تكرر مرارا بأنها لن تُجر لحرب لا تختار زمانها ومكانها.
ومساء الاثنين، أعلنت وكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية أن القسم القنصلي بسفارة طهران في حي المزة الدمشقي تعرض لهجوم صاروخي إسرائيلي.
وقال السفير الإيراني حسين أكبري إن مبنى القنصلية الذي يضم مقر إقامة السفير والواقع بجوار السفارة الإيرانية، جرى استهدافه بستة صواريخ من طائرات حربية للاحتلال من طراز إف-35.
وقال أكبري متحدثا أمام الكاميرا للصحفيين في العاصمة دمشق: "قتل ما بين خمسة وسبعة أشخاص في الهجوم، كنت في مكتبي بالسفارة في ذلك الوقت وشهدت الدمار بنفسي".
وأعقب حديث أكبري إعلان لوزارة الخارجية الإيرانية، عن اغتيال القائد في فيلق القدس الإيراني محمد رضا زاهدي في هجوم دمشق، وهو قائد كبير في الحرس الثوري، وشغل سابقا مناصب عدة منها قائد القوات البرية للحرس، وقائد القوات الجوية للحرس، ونائب قائد عمليات الحرس الثوري الإيراني.
ضربة قاسية
سريعا أعلن الحرس الثوري الإيراني، مساء الاثنين، أسماء سبعة من مسؤوليه الذين قتلوا في هجوم إسرائيلي استهدف قنصلية طهران في العاصمة السورية دمشق، بينهم القائدان الإيرانيان البارزان محمد رضا زاهدي ومحمد هادي حاجي رحيمي.
وذكر الحرس الثوري في بيان نشرته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا"، أن رحيمي هو القائد الثاني الذي قُتل في هجوم دمشق، وهو منسق فيلق القدس.
وأفاد البيان بأن خمسة مستشارين عسكريين وضباطا آخرين قتلوا في الهجوم، وهم حسين أمان إلهي، ومهدي جلالاتي، ومحسن صداقت، وعلي آغا بابائي، وعلي صالحي روزبهاني.
يقول الكاتب والباحث السياسي نظير الكندوري، "إن الضربة الإسرائيلية للقنصلية الإيرانية في دمشق، تأتي كتغيير نوعي في عمليات الطيران الإسرائيلي ضد أهداف إيرانية في سوريا".
وأضاف في حديث لـ "عربي21"، "بالرغم من أن الضربات الإسرائيلية لأهداف تتعلق بالتواجد الإيراني في سوريا، إلا أنها المرة الأولى التي تستهدف في ضرباتها، منشآت دبلوماسية تابعة لإيران، وتسببت في قتل قيادات على مستوى رفيع في الحرس الثوري الإيراني، وكذلك مقتل عدد من الدبلوماسيين الإيرانيين".
ويعزو الكندوري ذلك، إلى أسباب عدة، بعضها يتعلق بما يعانيه رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والذي وجد نفسه في أشد حالات العزلة عالميا ويعاني من الضغوط الدولية بسبب عدوانه غير المبرر والمبالغ فيه على غزة.
وتابع، "من هنا تبرز حاجة نتنياهو الملحة لتصعيد الصراع ليشمل ساحات أخرى، ويكسر جميع الخطوط الحمراء وقواعد الاشتباك التي كانت موجودة في طريقة تعامله مع إيران أو مع ميليشياتها المنتشرة في سوريا وغير سوريا".
وأردف الكندوري، "في حال نجحت استراتيجية نتنياهو الجديدة، فهو سيحصد منافع تتعلق بالشأن الداخلي للكيان، من خلال غلق الحديث عن الدعوة لانتخابات مبكرة يمكن أن تطيح به وبمستقبله السياسي، كذلك سيضمن تدخل الولايات المتحدة لصالح حكومة الاحتلال في حال ردت إيران بشكل عنيف ضد الكيان، ويتغير المزاج الأمريكي الحالي من مزاج ضد سياسات نتنياهو وحكومته، إلى مزاج داعم لها، حيث أنه في الفترة الأخيرة، بدأ التململ يسري في المجتمع الأمريكي من اندفاعات نتنياهو غير المفهومة في حربه ضد غزة، وعدم التزامه بالمحددات الأمريكية التي تنصح بها".
ومضى الكندوري بالقول، "عالميا، سيظهر نتنياهو بطريقة أو بأخرى، بأن كيانه يتعرض لهجوم متعدد المحاور، وأن الكيان مستهدف بوجوده المدعوم غربيًا، وأنه مع ذلك سيحقق انتصارا على ما يسمى بمحور المقاومة، ويتخلص من عقدة فشله في إحراز نصر ضد المقاومة الفلسطينية بعد مرور ما يزيد عن الخمسة شهور حتى الآن".
تهديد إيراني
بعد الهجوم خرج عدد من المسؤولين الإيرانيين متوعدين برد حازم وصارم وأن الغارة التي استهدفت القنصلية في دمشق لن تمر دون عقاب.
من أعلى هرم في السلطة صدرت التهديدات، حيث توعد المرشد الإيراني علي خامنئي بالانتقام قائلا، “سينال الكيان الصهيوني الخبيث عقابه على أيدي رجالنا البواسل وسنجعل الصهاينة يندمون على جريمة الاعتداء على القنصلية الإيرانية في دمشق ومثيلاتها”.
بعد المرشد، أكد الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي الثلاثاء، "أن جريمة الكيان الصهيوني لن تبقى من دون رد وعلى الصهاينة أن يدركوا أنهم لن ينالوا أهدافهم المشؤومة بهذه التصرفات اللاإنسانية".
وأضاف، "أن الاحتلال سيشهد في كل يوم تعاظم جبهة المقاومة، وازدياد كراهية الشعوب الحرة لطبيعته غير المشروعة".
كما أعلن مجلس الأمن القومي الإيراني أنه عقد، مساء الاثنين اجتماعا لمناقشة "جريمة الحرب" التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بقصف مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، ومقتل العميد محمد رضا زاهدي.
وأكد المجلس أنه "اتُخذت قرارات مناسبة في الاجتماع الذي حضره الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، بصفته رئيسا للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني".
من جانبها، طالبت الخارجية الإيرانية، في بيان الثلاثاء، مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بالتصدي لانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي وإبداء "ردة فعل سريعة ولازمة" واستنكار الهجوم.
وأكدت، "أن طهران ستجعل الكيان الصهيوني العاجز المعتدي يندم على ارتكاب هذه الجريمة".
كما حذرت المجتمع الدولي من "مغامرات" الاحتلال الإسرائيلي لتوسيع نطاق الحرب إقليميا خارج جغرافيا فلسطين المحتلة، مع تحميل الكيان مسؤولية عواقب وتداعيات استهداف القنصلية الإيرانية.
يقول الكندوري، "إن النظام الإيراني يجد نفسه في حالة حرج شديد، لا يعرف ما هو الخيار الأفضل للرد على الضربات الإسرائيلية لمقراته الدبلوماسية وقتل قياداته العسكرية والدبلوماسية، فإيران بعد الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات، انتهجت مسارا مختلفا عما سبق، وأدركت أن معاركها وصراعاتها الخارجية، يمكنها حسمها من خلال الميليشيات الموالية لها والمنتشرة في أكثر من بلد عربي دون التدخل بشكل مباشر بتلك الصراعات".
ويرى الكندوري، "أنها لن تغامر بالرد العسكري على إسرائيل بشكل مباشر وبالأصالة عن نفسها، إنما ستبحث عن مخرج آخر لهذا الإحراج الذي وقعت فيه، من خلال تحريك أذرعها في المنطقة للرد على تلك الضربة، مع الأخذ بالاعتبار، أن تكون الضربات الموجهة للكيان، ليست قوية للدرجة التي تفتح حربا مفتوحة، لأنها متأكدة من أن حربا مفتوحة مع الكيان الصهيوني ومن خلفه الولايات المتحدة، لا قبل لإيران ولا لميليشياتها بها، وستتضرر بشدة منها، وتخسر الكثير من المنجزات التي حققتها في السنوات الأخيرة".
وعن التهديدات الإيرانية أكد الكندوري، "التصريحات التي نسمعها على لسان أكثر من مسؤول إيراني، من أن إيران في صدد التحضير لردٍ قاس ضد الكيان، فلا يمكننا أخذها على محمل الجد، إنما تندرج حسب اعتقادنا، في إطار امتصاص غضب المناصرين لإيران في المنطقة، وحفظ ماء وجه إيران تجاه هذه الضربة المهينة".
تبرؤ أمريكي وتلميح "إسرائيلي"
وتجنب الاحتلال إعلان مسؤوليته عن الهجوم الذي دمر مبنى قنصليا مجاورا لمجمع السفارة الرئيسي في دمشق، إلا أن مسؤولا "إسرائيليا" رفيعا أكد لرويترز أن الاحتلال وراء الهجوم.
وقال المسؤول، "إن المستهدفين بالهجوم كانوا وراء الكثير من الهجمات على أصول إسرائيلية وأمريكية وكانوا يخططون لشن هجمات أخرى”، مشيرا إلى أن السفارة الإيرانية “لم تكن هدفا”.
في المقابل تبرأت الولايات المتحدة من الهجوم، وكشف موقع أكسيوس الأمريكي، أن واشنطن أبلغت طهران بعدم ضلوعها في الضربة التي استهدفت القنصلية في دمشق وبأنها لم يكن لديها معلومات متقدمة عنها.
الخطوة الأمريكية جاءت بعد ساعات من توجيه طهران رسالة إلى واشنطن مفادها بأنه ينبغي عليها "تحمل المسؤولية".
وأعلن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان أن وزارته استدعت، فجر الثلاثاء، القائم بأعمال السفارة السويسرية في طهران، باعتبارها راعية للمصالح الأمريكية في البلاد، وأنه "جرى إرسال رسالة مهمة إلى الإدارة الأمريكية بصفتها حامية للكيان الصهيوني بأن عليها تحمل المسؤولية".
في المقابل ألمح وزير حرب الاحتلال الإسرائيلي يوآف غالانت، إلى المسؤولية عن استهداف مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق قائلا، "نعمل في كل مكان وكل يوم، لمنع ازدياد قوة أعدائنا، ولكي نوضح لكل من يعمل ضدنا، في جميع أرجاء الشرق الأوسط، أن ثمن العمل ضد إسرائيل سيكون ثمناً باهظاً".
اجتماع "سري"
وعادة ما يقتل بقصف الاحتلال على سوريا ضابط أو اثنان لكن أن يودي الهجوم بحياة 7 ضباط دفعة واحدة، بينهم جنرالان، فإن هذا يعد مؤشرا على أن العملية كانت مبنية على معلومات دقيقة.
وتحدث عضوان في الحرس الثوري الإيراني لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، "عن الضربة التي استهدفت وفق قولها اجتماعا سريا كان يحضره مسؤولون من المخابرات الإيرانية وقادة فلسطينيون من حركة الجهاد الإسلامي لمناقشة الحرب على غزة".
من جانبه، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال، دانيال هاغاري، لشبكة "سي. أن. أن" الأمريكية، "إن هذه ليست قنصلية وليست سفارة، هذا مبنى عسكري لقوات القدس متنكر في زي مبنى مدني في دمشق".
تصعيد بعد أكتوبر
لم تكن عملية القنصلية أول استهداف للضباط الإيرانيين في سوريا، وإن كانت العملية الأكبر خصوصا أنها استهدفت مبنى تابعا للسفارة الإيرانية، فقد سبقتها عدة ضربات أودت بحياة العديد من القادة الإيرانيين.
مطلع آذار/مارس الماضي أعلن الحرس الثوري الإيراني مقتل العقيد رضا زارعي في هجوم على ميناء بانياس غربيّ سوريا.
كما أعلن الحرس الثوري، مصرع الضابط بهروز واحدي في قصف استهدف موقعا بمحافظة دير الزور شرقي سوريا ليلة الـ26 من آذار/مارس المنصرم.
وأواخر كانون الأول/ديسمبر الماضي شهد ضربة للاحتلال أودت بحياة العميد رضي موسوي مسؤول "إسناد جبهة المقاومة في سوريا"، والمقرب من قائد "فيلق القدس" السابق قاسم سليماني.
وكان موسوي أعلى رتبة عسكرية إيرانية تُغتال في سوريا لا سيما أنه لعب دورا بارزا في تسليح "حزب الله" اللبناني وإدارة المعارك في البلاد لعدة سنوات.
واغتال الاحتلال عميدين في الحرس الثوري، "محمد علي عطايي شورجه وبناه تقي زادة"، إثر قصف للاحتلال في محيط دمشق، مطلع كانون الأول/ديسمبر الماضي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الاحتلال الإيرانية دمشق اغتيال القنصلية الإيرانية إيران اغتيال الاحتلال دمشق القنصلية الإيرانية المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحرس الثوری الإیرانی القنصلیة الإیرانیة فی الاحتلال الإسرائیلی الإیرانیة فی دمشق الکیان الصهیونی فی الحرس الثوری فی سوریا فی هجوم
إقرأ أيضاً:
تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم
نشر موقع "موندويس" الأمريكي، تقريرًا، سلّط فيه الضوء على مؤسسة "هند رجب" التي تأسّست عقب استشهاد الطفلة هند رجب في غزة، بقصف للاحتلال الإسرائيلي، مبرزا أنها تسعى لمحاكمة الجنود الإسرائيليين المتّهمين بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين، مستندة إلى أدلة تشمل منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأوضح التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أنّ: "الطريقة التي قُتلت بها الطفلة هند رجب مروعة؛ حيث وُجدت بالمقاعد الخلفية من سيارة محطمة، على بعد أمتار من دبابة ميركافا إسرائيلية"، مضيفا: "وُجدت عمتها وعمها مقتولين في المقعدين الأماميين، وأربعة من أبناء عمومتها ينزفون بجانبها".
وتابع: "كانت تتوسل لموظفة فلسطينية على الطرف الآخر من خط هاتف خلوي، وتبكي خوفا، ثم في لمح البصر، تمزقت لأشلاء بوابل طلقات الرشاشات الإسرائيلية"، مردفا: "استشهدت هند رجب قبل سنة، وكانت في السادسة من عمرها، والآن تسعى المؤسسة التي تحمل اسمها إلى تحقيق العدالة".
"ليس فقط من أجل هند، ولكن من أجل عدد لا يحصى من الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل في انتهاك للقانون الدولي" بحسب التقرير نفسه.
ملاحقة الجنود كأفراد
أضاف الموقع أن المؤسسة لا تلاحق دولة الاحتلال الإسرائيلي، بل تتبع نهجًا مختلفًا بملاحقة الجنود الإسرائيليين كأفراد. وحدّدت المؤسسة التي تتخذ من بروكسل مقرًا لها، في ملف قدمته إلى المحكمة الجنائية الدولية، في لاهاي، في 8 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، هويّة ألف جندي إسرائيلي تعتقد أنه يجب على المحكمة مقاضاتهم.
وأبرز التقرير: "استنادًا إلى 8000 دليل، بما في ذلك منشورات الجنود أنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي من غزة المدمرة"، مشيرا إلى أنه: "من الممارسات التي تباهى بها المجنّدون والضباط الإسرائيليون على فيسبوك وإنستغرام وسناب شات وتيك توك وتلغرام وغيرها: القصف العشوائي".
"القتل المتعمد للمدنيين، بمن فيهم العاملون بالمجال الطبي والصحفيون والمدنيون الذين يلوحون بالرايات البيضاء؛ والتدمير الوحشي للمنازل والمستشفيات والمدارس والأسواق والمساجد؛ والتجويع القسري والنهب" أبرز التقرير ما كان يتباهى به المجنّدون والضباط الإسرائيليون.
وأوضح محامي المؤسسة هارون رضا، أنّ: "مؤسسة هند رجب تراقب جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة منذ كانون الأول/ ديسمبر 2023، بمساعدة شبكة من النشطاء والمحامين حول العالم"، مضيفا أنّ: "المؤسسة لديها شبكة كبيرة جدًا من المحققين في الداخل والخارج".
وتركز المؤسسة، وفق المحامي نفسه، على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي للجنود الذين خدموا في غزة منذ بدء الحرب، قبل خمسة عشر شهرًا، ويقول هارون إنّ: "جميع هؤلاء الجنود لديهم حسابات على التواصل الاجتماعي، وكان العديد منهم يضعون صورًا جماعية ويُظهرون أماكنهم وممارساتهم خلال الحرب".
إلى ذلك، تقوم المؤسسة بتوثيق التواريخ والأوقات والمواقع في غزة، ثم تقارنها مع منشورات أخرى للجنود، سواء مقاطع الفيديو أو الصور.
توثيق الجرائم
ذكر الموقع أن القادة العسكريين الإسرائيليين أمروا الجنود بالتوقف عن التباهي بجرائمهم خوفًا من تعرضهم للاعتقال أو الملاحقة القضائية أثناء سفرهم إلى الخارج.
وقال هارون رضا إنّ: "قيادة الجيش لم تطلب من جنودها رسميًا التوقف عن ارتكاب جرائم الحرب، لكنهم طلبوا منهم التوقف عن نشر تلك الممارسات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا يعني أن القادة يعرفون ما يفعله الجنود ولا يشعرون بالخجل من ذلك، لكنهم لا يريدون أن يتورط الجنود في أي ملاحقات قضائية".
وأضاف رضا أنه: "من المثير للاهتمام أنهم بدأوا يحذفون كل المنشورات، لكنهم لا يعلمون أن الإنترنت له ذاكرة طويلة وأنه كان هناك ما يكفي من الوقت لتوثيق الجرائم"، مؤكدا أن "المؤسسة لديها قاعدة بيانات ضخمة من المعلومات التي تم التحقق منها أكثر من مرة، وتلك البيانات تشكل أدلة لرفع قضايا ضد الجنود المتورطين".
واسترسل: "من بين ألف جندي وردت أسماؤهم في ملف مؤسسة هند رجب للمحكمة الجنائية الدولية، مجموعة من الضباط والقادة، بما في ذلك ثلاثة وثلاثون جنديًا يحملون الجنسية الإسرائيلية وجنسية أخرى، ومنهم أكثر من عشرة جنود من فرنسا والولايات المتحدة، وأربعة من كندا، وثلاثة من المملكة المتحدة، واثنان من هولندا".
إثر ذلك، أرسلت المؤسسة، قائمة بأسماء الجنود الإسرائيليين إلى عشر دول مختلفة يعتبرها الجنود الإسرائيليون وطنهم الأم، أو يتّجهون إليها بعد انتهاء خدمتهم العسكرية، وهي دول تمارس الولاية القضائية العالمية على أخطر الجرائم الدولية.
وأوضح رضا أنّ: "المؤسسة تقوم بالتحقق من المناطق التي يسافر إليها الجنود المتورطون، ومن نمط الرحلات الجوية الأكثر شيوعًا، ثم رفع قضايا بحقهم"؛ موضحا أنه: "تم تقديم شكاوى في النمسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا والسويد وتايلاند والإكوادور".
واعتبر رضا أنه: "رغم فشل العديد من محاولات الاعتقال بعد أن تم إبلاغ الجنود بأنهم ملاحقون ونجحوا في الفرار، فإن نجاح عملية الاعتقال مسألة وقت فحسب".
وتستهدف المؤسسة أيضًا المتواطئين والمحرضين على جرائم حرب الاحتلال الإسرائيلي على كامل قطاع غزة، ومن بين هؤلاء جمهور فريق "مكابي تل أبيب" لكرة القدم، الذين قاموا بأعمال شغب بأمستردام في الخريف الماضي، وحاخام ينتمي للواء جفعاتي الإسرائيلي، تفاخر بتدمير أحياء كاملة في غزة، وأيّد قصف المدنيين الفلسطينيين.
شعور زائف بالأمان
أضاف رضا بأن "الجنود الإسرائيليين أصبحوا مثل مجرمي الحرب النازيين الذين هربوا إلى باراغواي أو كندا أو أوروبا وكان لديهم شعور زائف بالأمان"، مؤكدا أن "المؤسسة تتعقبهم وتستطيع مقاضاتهم في حال الذهاب إلى أي دولة ذات اختصاص قضائي عالمي أو أي دولة توافق على ملاحقتهم قضائيًا".
ويعتقد هارون أن "المسؤول عن قتل هند رجب سيمثل أمام العدالة، لأن جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم عندما تكون هناك ولاية قضائية عالمية، وهذا يعني أنه حتى لو تم اكتشاف المسؤولين عن الجريمة بعد عشرين سنة، سوف تتمكن المؤسسة من ملاحقتهم".
إلى ذلك، خلص التقرير بأنّ: "القائمون على المؤسسة بأنهم لن يرتاحوا حتى ينالوا من جميع مرتكبي جرائم الحرب في غزة، بمن فيهم المسؤولون عن مقتل هند رجب".