ننشر كلمة السفير الموريتاني بالدورة غير العادية للجامعة العربية
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
ننشر كلمة الحسين سيدي عبد الله الديه سفير الجمهورية الإسلامية الموريتانية في القاهرة والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية
وذلك في الدورة غير العادية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين.
وكانت نص الكلمة كما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
سعادة السفير، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية؛
أصحاب السعادة المندوبون؛
الحضور الكريم؛
نجتمع كما في المرات السابقة، في دورة استثنائية وفي ظروف استثنائية، تواصل فيها إسرائيل حربها البشعة الظالمة التي لم يسبق في التاريخ البشري أن عرف مثيلا لها، وما تهديدها الوشيك بإجتياح رفح، المنطقة المكتظة والتي تؤوي جل سكان قطاع غزة إلا فصلا من فصول مخطط الإبادة الجماعية وتشريد السكان.
شارفت الحرب اليوم على دخولها الشهر السابع، في الوقت الذي لا يزال العدوان الإسرائيلي مستمرا بنفس وتيرة القتل العشوائي للمدنيين العزل من الأطفال والنساء وكبار السن، والتجويع، وارتكاب المجازر التي يندى لها الجبين، فلم يسجل في فظائع الحروب القذرة أن تم استهداف المستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء وإعدام المدنيين العزل الذين يرفعون الرايات البيضاء، وقتل عمال الإغاثة، مثل ماهو حاصل اليوم في حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل.
أيها السيدات والسادة
لقد بلغت الأوضاع في غزة وفي كل أرض فلسطين حدا لايطاق من الاستهتار بكل القيم والمبادئ الإنسانية، دون إعتبار للقرارات الدولية بما فيها قرار مجلس الأمن الأخير بتاريخ 25 مارس 2024 والتدابير الصادرة عن محكة العدل الدولية في تحد سافر لإرادة الجتمع الدولي.
إننا مدعوون بحكم الواجب والمسؤولية، إلى مضاعفة الجهود وتوحيدها لوضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية، من أجل الوقف الفوري ودون تأخير للحرب في فلسطين المحتلة، وتوفير الغذاء والدواء وكل متطلبات الحياة الإنسانية للنازحين، وإعادة المهجرين إلى بيوتهم، والزام إسرائيل بالكف عن جرائمها تجاه الشعب الفلسطيني، وفتح المجال أمام حل سياسي مستديم يضمن للشعب الفلسطيني كافة حقوقه المشروعة، والاعتراف دون إبطاء بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وقبول فلسطين دولة كاملة العضوية بالأمم المتحدة وأجهزتها المختلفة.
أشكـــــــركم
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: مدنيين استثنائي السعادة كبار السن الأمين العام جامعة الدول مندوبين الرايات البيضاء الدول العربية رحمن مستشفى عمال اعتراف الاسلام جرائم
إقرأ أيضاً:
هل لا تزال فلسطين قضية العرب الأولى؟
منذ أكثر من مائة عام، وتحديدًا، بإعلان بريطانيا من خلال وزير خارجيتها أرثر جيمس بلفور فـي ٢ نوفمبر ١٩١٧م تأييد إنشاء وطن قومي لليهود فـي فلسطين، وما تلى ذلك من قيام بريطانيا والدول الغربية والحركة الصهيونية بترحيل مئات الآلاف من اليهود من أوروبا الشرقية وغيرها من الدول إلى فلسطين، لتغيير الطبيعة الديموغرافـية لفلسطين العربية، وصولًا إلى إعلان قيام الكيان الصهيوني أو ما يسمى دولة إسرائيل فـي ١٤ مايو ١٩٤٨م، بعد انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، والقضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمة العربية، والتي خاضت خلالها عدد من الدول العربية عدة حروب لإعادة الأرض لأصحابها، وهي مغروسة فـي وجدان كل عربي كقضية عادلة لشعب عربي شقيق تم احتلال أرضه وقتل وترحيل أبنائه عن أرضهم، من خلال مؤامرة دولية كبرى. وانضمّت لهذا الصراع، عن قناعة أو أقله من باب التعاطف، العديد من دول وشعوب العالم المناصرة للعدل والسلام والرافضة للظلم والطغيان. ولكن، مع مرور الوقت وبالرغم أن القضية الفلسطينية لا تزال القضية الأولى للشعوب العربية، التي ولدت وعاشت وهي ترى حجم القتل والتنكيل فـي أشقائها الفلسطينيين، إلا أن النظام العربي الرسمي الذي بدأ تأطيره، منذ إنشاء جامعة الدول العربية فـي ٢٢ مارس ١٩٤٥م، من خلال الدول السبع المؤسسة، والتي وصلت لاحقًا إلى ٢٢ دولة عربية، يعيش مأزقًا وجوديًا فـي الوقت الراهن بسبب غياب أولوية الأمن الجماعي العربي وتباين المواقف فـي التحديات والقضايا المشتركة بين دول النظام الرسمي العربي، من خلال هواجس أمنية متعارضة وأولويات مختلفة مع الدول الأخرى فـي هذا النظام الرسمي. ونتيجة لذلك، أصبحت القضية الفلسطينية التي توحد حولها النظام الرسمي العربي لعقود طوال خارج اهتمام بعض الدول العربية، من خلال قيام البعض منها بإبرام معاهدات سلام واتفاقيات تحالف أمني وعسكري مع الولايات المتحدة الأمريكية، الحليف الأول والداعم الأكبر للكيان الصهيوني، وكذا الأمر مع عدد من الدول الغربية. ومع تعمق الهيمنة الأمريكية والإقليمية والانقسامات الطائفـية وتسارع حركة التطبيع مع الكيان الصهيوني، ظهر التحول الأكثر خطورة فـي هذا الشأن وهو تحول العديد من الأنظمة السياسية العربية من كونها طرفًا رئيسيًا فـي الصراع مع الكيان الصهيوني إلى علاقة صداقة مع هذا الكيان وأقصى ما يمكنها القيام به هو لعب دور الوسيط. وبمرور ما يقارب ٤٠٠ يوم من المجازر اليومية التي يقوم بها الكيان الصهيوني المجرم فـي حق المواطنين المدنيين العزّل فـي غزة وتدمير البنية الأساسية وقصف المستشفـيات على رؤوس المرضى والأطباء والأطقم الطبية المساعدة وهيئات الإغاثة وكان آخرها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، وهي جميعها مشمولة بالحماية القانونية الدولية بموجب اتفاقيات جنيف الأربع لعام ١٩٤٩م وبروتوكولاتها الإضافـية لعام ١٩٧٧م، يستمر النظام الرسمي العربي التعاطي مع هذا المشهد الإجرامي بصمت وخذلان لم تمر به الأمة العربية من قبل. فبالرغم من حالة التعاطف العالمي -غير المسبوق- مع قضية الشعب الفلسطيني العادلة، وخروج معظم شعوب العالم فـي مظاهرات احتجاج وتنديد واسعة النطاق بجرائم الكيان الصهيوني، يعم معظم دول العالم العربي على المستوى الرسمي والشعبي منها، صمت القبور، تجاه حرب الإبادة هذه، فـي حالة من اللامبالاة لا يوجد لها تفسير، بالمخالفة لتعاليم الشريعة الإسلامية الغراء وثقافة وقيم وأخلاق الأمة العربية، التي تحرص على نصرة المظلوم ونجدة الملهوف أيا كان دينه أو مذهبه أو عرقه. الأمر الذي شجع الكيان الصهيوني على الاستمرار فـي ارتكاب هذه الجرائم والمجازر، علمًا بأن واقع المقاومة فـي غزة أثبت أن هذا الكيان الصهيوني أضعف مما كان يتصور البعض. ولولا دعم الولايات المتحدة والدول الغربية الفاعلة لكان للمقاومة الفلسطينية قول آخر. لقد أكدت أحداث غزة أن بعض الحكومات العربية لم تعد قضية فلسطين هي القضية المحورية أو المركزية بالنسبة لها، وهذا ما أكدته مواقفها وردود أفعالها تجاه ما يحدث. وأعتقد أن هذا الأمر سيكون له ما بعده، فـي علاقة هذه الأنظمة بشعوبها، التي تعد القضية الفلسطينية قضية وجدانية بالنسبة لها. وفـي ضوء هذا التخاذل المريب، يكون الأمن القومي العربي، قد خرج من التاريخ، ولا أعتقد أن عودته قريبة. |