أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد إليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ما حكم الصلاة على النبي والذكر قبل إقامة صلاة العشاء وبين ركعات التراويح؟ فقد اعتاد الناس في بعض المساجد في شهر رمضان المُعظَّم قبل صلاة العشاء أن يُصَلوا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالصيغة الشافعية: اللهم صل أفضل صلاة على أسعد مخلوقاتك سيدنا محمد.

. إلى آخرها، ثم يقيموا صلاة العشاء، وبعد صلاة سنة العشاء يقوم أحدهم مناديًا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، صلاةَ القيام أثابكم الله، ثم يصلون ثماني ركعات، بين كل ركعتين يصلون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرة واحدة، فاعترض أحد المصلين على ذلك بحجة أنها بدعة يجب تركها. فما حكم الشرع في ذلك؟". 

لترد دار الإفتاء موضحة: أن أمر الله تعالى بالصلاة والسلام على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال سبحانه: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56]، ومن المقرر شرعًا أن أمر الذكر والدعاء على السعة؛ لأنَّ الأمر المطلق يستلزم عموم الأشخاص والأحوال والأزمنة والأمكنة؛ فإذا شرع الله تعالى أمرًا على جهة الإطلاق وكان يحتمل في فعله وكيفية أدائه أكثر من وجه، فإنه يؤخذ على إطلاقه وسعته ولا يصح تقييده بوجه دون وجه إلا بدليل، وإلا كان ذلك بابًا من الابتداع في الدين بتضييق ما وسَّعَه الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

دعاء ليلة القدر 25 رمضان .. كثفوا الدعاء لعلها تكون الليلة هل من مات في العشر الأواخر من رمضان دخل الجنة مهما كان عمله؟

فأيما جماعة رأت أن تسبق الإقامة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالصيغة المروية عن الإمام الشافعي أو غيرها فلا مانع في الشرع من ذلك، بل عموم الأدلة الشرعية يدل على ذلك.

وكذلك الحال في الذكر قبل صلاة التراويح وأثناءها وبعدها؛ فإنه مشروع بالأدلة الشرعية العامة، فقد ورد الأمر الرباني بالذكر عقب الصلاة مطلقًا في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾ [النساء: 103]، والمطلق يُؤخَذ على إطلاقه حتى يأتي ما يقيّده في الشرع، وقد ورد في السنة ما يدل على الجهر بالذكر عقب الصلاة؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: "كُنْتُ أَعْلَمُ إِذَا انْصَرَفُوا بِذَلِكَ إِذَا سَمِعْتُهُ" متفق عليه.

أعمال العشر الأواخر من رمضان.. اغتنمها فى الثلث الأخير من الليل سورة فرح النبي بنزولها فرحًا شديدًا وشيعتها الملائكة بالتسبيح.. الأزهر للفتوى يوضحها

هذا بالإضافة إلى أنَّ التسبيح بخصوصه مستحب شرعًا عقب الفراغ من الصلاة وعقب قيام الليل؛ فقد أمر الله تعالى به في قوله: ﴿وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ﴾ [طه: 130]، وفي قوله سبحانه: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ﴾ [الطور: 49]، وفي قوله عز وجل: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ﴾ [ق: 40]، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يفعله عقب الوتر ويرفع به صوته الشريف، فقد روى النسائي في "سننه" بإسناد صحيح من حديث أُبَيِّ بن كعب وعبد الرحمن بن أَبْزَى رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقرأ في الوتر بـ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ و﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ و﴿ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾، فإذا سلّم قال: «سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ ثلاثَ مرات»، زاد عبد الرحمن في حديثه: يرفع بها صوته، وفي رواية: يرفع صوته بالثالثة.

فمَن جهر بالتسبيح والدعاء فقد أصاب السُّنَّة، ومن أسَرَّ أيضًا فقد أصاب السُّنَّة؛ فالكل فَعَله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا ينبغي أن نتحجر واسعًا، بل الصواب ترك الناس على سجاياهم، فأيّما جماعة في مسجد رأت أن تجهر فلها ذلك، وأيما جماعة أخرى تعودت على الإسرار فلها ذلك، والعبرة في ذلك حيث يجدُ المسلم قلبه، وليس لأحد أن ينكر على أخيه في ذلك ما دام الأمر واسعًا.
ويجب على المسلمين أن لا يجعلوا ذلك مثار فرقة وخلاف بينهم، فإنه لا إنكار في مسائل الخلاف.

والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم تفتح للعبادة باب القبول، وفيها سعادة الدارين، وهي من أفضل الأعمال التي يتقرب بها المسلم إلى ربه سبحانه وتعالى، وقد نص العلماء على أنها مقبولة أبدًا؛ لأنها متعلقة بالجناب الأجل صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا تعود المصلون على الجهر بها بين كل ركعتين، كان ذلك أقرب إلى قبول العبادة وأكثر ثوابًا وقربًا من الله عز وجل، ولا يجوز إنكار ذلك ولا تبديعه، بل مَن زعم أن ذلك بدعة فهو المبتدع؛ لأنه تحجَّر واسعًا وخالف هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وضيَّق ما وسعه الشرع الشريف مِن أمر الذكر والدعاء، وجعل المعروف المشروع منكرًا؛ حيث أنكر ما حثَّ عليه الشرع من كثرة الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الذكر بين ركعات التراويح على النبی صلى الله علیه وآله وسلم الصلاة على النبی فی قوله

إقرأ أيضاً:

إيمان أبو قورة: سيدنا النبي كان حريصًا على تجنب ما قد يثير الشكوك في قلوب الناس

أكدت الدكتورة إيمان أبو قورة، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى، أن من جميل خصال الفطرة الإنسانية وأداب الشريعة الإسلامية اجتناب مواطن التهم واتقاء الشبهات، مستشهدة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "فمن اتقى الشبهات فقد استبرا لدينه وعرضه".

وأشارت عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى، خلال تصريح: إلى أن الإمام النووي رحمه الله فسر هذا الحديث بمعنى أن من يتجنب الشبهات يحصل على البراءة لدينه وصيانة لعرضه من كلام الناس.

وأضافت أن اجتناب الإنسان لمواطن التهمة والشك فيه يعد خلقًا أكّد عليه الإسلام، لأنه لا يحمي فقط الشخص من الاتهام والتقول عليه، بل أيضًا يصون الناس من الوقوع في سوء الظن أو الغيبة المذمومة التي نهى عنها الشرع. 

وأشار إلى حديث السيدة صفية رضي الله عنها التي جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أثناء اعتكافه في المسجد، وحدثت معه، ثم قررت العودة إلى منزلها، وعندما مرَّ رجلان من الأنصار، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمرافقتهما لتوضيح الموقف قائلاً لهما: "على رسلكما إنها صفيّة بنت حيي"، رغم أنه كان بإمكانه ألا يبرر ويكتفي بالثقة في نيته.

وأكدت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصًا على تجنب ما قد يثير الشكوك في قلوب الناس، رغم علمه ببراءته التامة، مستشهدة بقول الإمام الخطابي رحمه الله، الذي أكد على ضرورة الحذر من الظنون والأفكار التي قد تجرى في القلوب، وأنه من الأفضل للإنسان أن يبادر بإزالة الشبهة عن نفسه وابتعاد عن مواقف يمكن أن توضع فيها موضع التهمة.

وقالت: "من سلامة الفطرة الإنسانية وأوامر الشريعة الإسلامية أن يبادر الإنسان بدفع الشبهة عن نفسه، وأن يبتعد عن مواطن التهم ويحرص على طهارة قلبه من الفتنة"، موضحة أن كل فرد عليه أن يتجنب التصرفات أو الأقوال التي قد تثير التهمة عليه، حتى وإن كانت نابعة من حسن نية أو الثقة في مكانته.

مقالات مشابهة

  • دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة
  • ليلة الجمعة بدأت منذ ساعات.. الإفتاء: اغتنموا ما تبقى منها بهذا الذكر
  • هل يجوز أداء صلاة التراويح في المنزل؟.. شوقي علام يُجيب
  • خالد الجندي: الأحاديث النبوية كتبت في عهد سيدنا النبي
  • شوقي علام: أداء صلاة التراويح في المنزل جائز (فيديو)
  • صلاة التراويح.. وزير الأوقاف يُعلن إقامة الصلاة بـ20 ركعة بالمساجد الكبرى
  • دعاء الطواف بالكعبة .. يمحو السيئات ويُزيد الحسنات
  • إيمان أبو قورة: سيدنا النبي كان حريصًا على تجنب ما قد يثير الشكوك في قلوب الناس
  • عن عدد ركعات التراويح .. الأوقاف: نحرص على مراعاة أحوال جميع المصلين
  • حكم الذكر عند الطواف بالكعبة بالأذكار المأثورة وغير المأثورة