الزلّاقة في رمضان.. قراءةٌ في يوم من أيّام الله
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
رمضانُ وعاء الذّكريات التي ينبعي ألّا تكون محضَ حكاياتٍ للتّغني بالأمجاد السّالفة؛ بل هي شعاعٌ ساطعٌ من ذلك الماضي يسري إلى حاضرنا لينير لنا الدّروب إلى المستقبل الذي ننشد والذي يجب أن يكون.
في رمضان كانت ذكرى معركة الزلاقة، التي وقعت عند كثيرٍ من المؤرخين في التاسع من رمضان سنة 479 هـ ومنهم من قال: إن أحداثها كانت في الثاني عشر من شهر رجب من العام نفسه.
عندما تُفرَضُ الجزيةُ على حكّام المسلمين
دخل ملك الإسبان ألفونسو السّادس مدينة طليطلة، فنقض العهود التي كان قد أبرمها مسبقًا مع أهل المدينة وحوّل المساجد إلى كنائس على مرأى ومسمع ملوك الطوائف الذين كان يعيث الخور والهوان بقلوبهم.
فرض ألفونسو السّادس الجزية على ملوك الطوائف وعمد إلى تخريب محاصيلهم من خلال شنّ الغارات المتتالية على ممالكهم، وتحت وطأة هوانهم وتفرّقهم؛ استولى على قلاعهم الواحدة تلو الأخرى.
امتدت مرحلة ما يُعرف بـ "ملوك الطوائف" ما بين 400هـ و483هـ وفي هذه المرحلة تفتّت الأندلس إلى دويلات متقطّعة الأوصال والأوردة، متناحرة فيما بينها وقد بلغت أكثر من عشرين دويلة يتنافخُ حكّامها شرفًا بحكمهم الموهوم عليها، وحفاظًا على هذه الكراسي الصّغيرة اشتعلت الحروب الطّاحنة بينهم، فتسابقوا إلى كسب مودّة عدوهم الذي يريد الشرّ بهم جميعًا دونما استثناء فاستعانوا به على قتال بعضهم البعض، وقد بلغ الذل والهوان مبلغًا غير مسبوقًا فدفعوا الجزية صاغرين لأمراء قشتالة وأراغون وليون وغيرهم من قادة الصليبيين، وتنازلوا لهم طوعًا وخيانةً عن بعض مدنهم وحصونهم؛ فأيّ هوانٍ بعدَ هذا الهوان؟!
بين رعي الإبل ورعي الخنازير
في تلكم الحلقة القاسية أحسّ المعتمد بن عبّاد ملك إشبيلية بالخطر الدّاهم الذي بلغ حدًّا غير مسبوقٍ فجمع العلماء والفقهاء، كما دعا إلى قمّة تشاوريّة عاجلة مع ملوك الطوائف أبلغهم فيها عزمه الاستعانة بدولة المرابطين في المغرب وأميرها يوسف بن تاشفين لمواجهة ألفونسو السّادس.
تؤكد الزلّاقة أن عدوّنا لا يرقب فينا إلًّا ولا ذمّة ولا يفرّق بيننا في عدوانه وانتقامه؛ فإذا كان هذا حال أعدائنا معنا وهم يواجهوننا متّحدين فلماذا نواجههم متفرقين متصارعين على ملك موهوم ومناصب سرابيّة؟ وعندما عرض ابن عبّاد الفكرة على ملوك الطوائف أبدوا تخوّفهم وقلقهم لمعرفتهم بطموحات يوسف بن تاشفين ومعاينتهم ما هم عليه من الخور والضّعف فحذّروا المعتمد من أنّ خطوته هذه قد تؤدّي إلى سيطرة ابن تاشفين على بلاده لينفرد بالسّلطان دونه، فقالوا له: "المُلْك عقيم، والسّيفان لا يجتمعان في غِمْد واحد".
حتّى ولده قد دبّت في نفسه هذه المخاوف فقال مخاطبًا والده: "يا أبت أتُدخِل علينا في أندلسنا من يسلبنا ملكنا، ويبدّد شملنا"، فأجابه المعتمد: "أي بنيّ؛ والله لا يسمع عني أبدًا أني أعدت الأندلس دار كفر ولا تركتها للنّصارى فتقوم اللّعنة عليّ في الإسلام مثلما قامت على غيري".
ثم قال عبارته الشّهيرة التي سجلها التاريخ: "لأنْ أرعى الإبل عند ابن تاشفين خير من أن أرعى الخنازير عند ألفونسو".
يومٌ من أيّام الله
وصف ابن الأثير في "الكامل في التّاريخ" يوسف بن تاشفين بقوله: "وكان حسنَ السّيرة خيّرًا عادلًا، يميل إلى أهل الدّين والعلم ويكرمهم، ويصدر عن رأيهم".
فعندما تسلّح ابن تاشفين بالعدل وانحاز إلى الرعيّة وقرّب خيارهم من النّاصحين؛ أجرى الله تعالى التغيير على يديه رغم كلّ ما كان في الواقع من ظلمة تبعث على اليأس.
عبر ابن تاشفين مضيق جبل طارق وتمكّن من الوصول إلى قرطبة وإشبيلية ثمّ توجّه شمالاً نحو قشتالة حيث يحكم ويقيم ألفونسو السادس؛ فوصل "الزلّازقة"، وفي طريقه إليها كان ينضمّ إليه في كل موقع أعداد من المسلمين، فبلغ جيشُه نحو ثلاثين ألف مقاتل، بينما بلغ جيش ألفونسو ثلاثمئة ألف مقاتل ؛ أي عشرة أضعاف جيش ابن تاشفين.
وجاء في "المعجب في تلخيص أخبار المغرب": "وجمع يوسف أصحابه وندب لهم من يعظهم ويذكّرهم فظهر منهم من صدق النيّة والحرص على الجهاد واستسهال الشهادة ما سرّ به يوسف والمسلمون".
كما جاء في "الرّوض المعطار في خبر الأقطار": "ووعظ يوسف وابن عباد أصحابهما، وقام الفقهاء والعُبَّاد يعظون الناس ويحضُّونهم على الصبر، ويُحَذِّرُونهم الفرار".
التحم الجيشان وكانت المعركة في جولتها الأولى لصالح ألفونسو وجيشه، ثم كتب الله النّصر المبين لجيش المسلمين، ولم تتحقّق مخاوف ملوك الطوائف من ابن تاشفين الذي جمعهم بعد الانتصار الكبير وأمرهم بالاتفاق والاتحاد وعاد إلى بلاد المغرب، وعمره آنذاك تسع وسبعون سنة.
القدس؛ والحاجة لتجديد الذّكرى
يأتي رمضان هذا العام وتتجدّد ذكرى الزلاقة التي تؤكّد أنّ ملوك الطوائف اليوم الذين يخضعون للصهاينة وأسيادهم لن يجنوا إلّا العلقم ولن يحافظوا على كراسيهم بخضوعهم وهوانهم.
كما تؤكّد الزلّاقة أنّنا نستطيع أن نبعث النّور من قلب الظّلمة إن قرّرنا الانعتاق من ربقة الخضوع لأحفاد ألفونسو ممن يهيمنون على النظام العالميّ.
وتؤكد الزلّاقة أن عدوّنا لا يرقب فينا إلًّا ولا ذمّة ولا يفرّق بيننا في عدوانه وانتقامه؛ فإذا كان هذا حال أعدائنا معنا وهم يواجهوننا متّحدين فلماذا نواجههم متفرقين متصارعين على ملك موهوم ومناصب سرابيّة؟
وتؤكد الزلّاقة أنّ وحدة الصّف والتّجاوز عن حظوظ النّفوس والتّعالي على الخلافات أمام الخطر الأكبر الدّاهم هو سبيل تحقيق النّصر.
وتقول لكم القدس ويقول لكم مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلّم في ذكرى الزلّاقة وفي هذه الأيّام الحاسمة من شهر رمضان المبارك: لأنْ ترعوا الإبل عند بعضكم بعضًا خير من أن ترعوا الخنازير عند نتنياهو وبايدن؛ أفلا تعقلون؟!
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه احتلال فلسطين غزة رأي حرب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
رمضان.. شهر البركة
رمضان شهر مبارك، تفيض فيه الخيرات وتنهمر البركات، وعلى المسلم أن يغتنم فضائل الشهر الكريم، ويلتمس البركة في جميع أوقاته، خاصة وقت السحَر، لأنه من الأوقات المباركة التي ينبغي استغلالها بالطاعات.
وقال الله عز وجل: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ)، «سورة الدخان: الآية 3»، وفي شهر رمضان يبارك الله تعالى في أرزاق الناس كما في حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه: «شهر يزداد فيه رزق المؤمن»، (صحيح ابن خزيمة، 1887). وعن أنس بن مالك، رضي الله عنه، قال: قال النبي ﷺ: «تسحّروا فإن في السحور بركة»، (متفق عليه). والبركة هي «ثبوت الخير الإلهي في الشيء، والمبارك هو ما فيه ذلك الخير»، ورمضان هو شهر البركة لثبوت البركة فيه كثبوت الماء في البِركة، ففيه أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم، وبارك في تلك الليلة فجعلها ليلة القدر، فقال جل جلاله: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ)، «سورة القدر: الآيات 1 - 5».
فجعل الله تعالى بركة تلك الليلة أفضل من ألف شهر، وهو شهر يبارك الله تبارك وتعالى به في ثواب الأعمال، ففي الحديث: «من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه»، (صحيح ابن خزيمة 1887). وهذه الزيادة نوع من البركة التي يتحسسها المسلم، ويلمسها في طعامه وشرابه ونفسه وماله، وأخبرنا النبي ﷺ أن أكلة السحَر أكلة مباركة، كما أن وقت السحر وقت مبارك، ففي الحديث القدسي: عن النبي ﷺ قال: «ينزل الله عز وجل في كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ حتى يطلع الفجر»، (متفق عليه)، فكل تلك الأمور تتحقق ببركة رمضان.
الكلمة الطيبة صدقة
أثر الكلمة الطيبة ثابت في الأرض، وثوابها مكتوب في السماء، وهي القول الذي يرضي الله عز وجل، ويُدخل السرور على القلوب، وقد اهتم ديننا الحنيف بما يصدر عن جوارح الإنسان وأكثرها تأثيراً اللسان، فدعا إلى الكلمة الطيبة ورتب عليها الأجر والثواب، قال النَّبِيِّ: «الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ».
الكلمة الطيبة هي التي ينطقها صاحبها فيما يقربه من ربه تعالى، وتفتح أبواباً للخير، وتغلق أبواباً للشر، وتضمد الجراح، وتذهب الغيظ، وتنشر الخير والمحبة في قلوب الناس، وتُحدث أثراً طيباً في نفوسهم.. وهي من الأعمال الفاضلة التي تراعى في كل الأوقات، وبالأخص في شهر رمضان، لقوله: «الصيامُ جُنَّةٌ، فإذا كان أحدُكم صائماً فلا يَرفُثْ ولا يَجهلْ، فإنِ امْرُؤٌ شاتَمَه أو قاتَلَهُ فَليَقُلْ إنِّي صائمٌ».
وأمر الله عباده بأن يقولوا أفضل الكلام وأحسنه، فقال: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، ومن عظيم قدر الكلمة الطيبة، أنها تصعد إلى السماء فتفتح لها الأبواب، قال تعالى: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ)، فمن وُفق للطيب من القول، دلّ على فضل الله عليه وهدايته له، قال تعالى: (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ). وأفضل الكلم الطيب وأعلاه: شهادة أن لا إله إلا الله، قال سبحانه: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ)، قال ابن عباس في قوله تعالى (كَلِمَةً طَيِّبَةً): هي شهادة أن لا إله إلا الله.
والكلمة الطيبة لها ثمارها في الدنيا والآخرة، أما في الآخرة فتقي صاحبها من النار، قال: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ»، وترفعه في الجنة درجات، قال: «إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ».
وأما في الدنيا فهي تحفظ مودة الأهل والأصدقاء، وتستديم محبتهم، وتقطع كيد الشيطان، وتضعف مكره ومكائده، قال تعالى: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)، فكم من كلمة طيبة كانت سبباً في اجتماع زوجين، وتصالح خصمين، واستقرار أسرة! وأنَّ الكلمة الطيبة هي القول الذي يرضي الله عز وجل، ويدخل السرور على القلوب.
عبادة التفكر
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي ﷺ: «لقد نزلت عليّ الليلة آية ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ...)، «سورة آل عمران: الآيات 190 - 191»، (صحيح ابن حبان، 620).
إذ إن التفكر في آيات الله سبحانه عبادة، وهي: إعمال للعقل، وتنمية للفكر، وهداية للنفس.. ولقد أودع الله تعالى في الكون وفي أصناف المخلوقات البراهين الدالة عليه، والمرشدة للعقل إلى الإيمان واليقين، من عَرَفَ الكون وعظمته، أيقن بعظمة الخالق سبحانه، فعاش آمناً مطمئناً.
والتفكر في آيات الله التي بثها في الكون عبادة عظيمة، وهو طريقٌ موصل إلى الخير، وقد سئلتْ أم الدرداء عن أفضل عبادة أبي الدرداء فقالت: «التفكر والاعتبار»، (الزهد لوكيع، ص 474).
وقد أمرنا الله تعالى أنْ نتفكر في المخلوقات، وبين الله تعالى أنه قد أودع في تلك المخلوقات البراهين الدالة عليه، والمرشدة للعقل إلى الإيمان واليقين، وأخبرنا جلا جلاله بأن في السموات آيات للمؤمنين، وذلك أنه رفعها بغير عمد، وخلق فيها الشمس والقمر والنجوم، لا يعلم عدد تلك الأفلاك السابحة، وما بينها من التباعد إلا الله سبحانه، يجري كل منها في مداره، بنظام محكم، ذلك تقدير العزيز العليم، (لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)، «سورة يس: الآية 40».
نعمة عظيمة
جعل الله جلا جلاله اختلاف الليل والنهار نعمة عظيمة، ولو دام أحدهما دون الآخر لحصلت المفاسد، وهلك الناس، قال الله سبحانه وتعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاءٍ ۖ أَفَلَا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، «سورة القصص: الآيات 71 - 73».
وأنزل الله من السماء مطراً فأحيا به الأرض بعد موتها، وبث فيها من كل دابة، وصرفَ الرياح بأنواعها الحارة والباردة، اللينة والعاصفة، فتارة تكون شماليةً، وتارة تكون جنوبيةً، وتارة تكون مقبلة، وتارة تكون مدبرة، ومن محض منة الله تعالى على عباده، أن يرسل لهم الرياح مبشرات ليذيقهم من رحمته، قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، «سورة الروم: الآية 46».
حديث
عن أبي قتادة الحارث بن ربعي رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ «الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ، والحُلُمُ مِنَ الشَّيْطانِ، فإذا حَلَمَ أحَدُكُمْ حُلُمًا يَخافُهُ فَلْيَبْصُقْ عن يَسارِهِ، ولْيَتَعَوَّذْ باللَّهِ مِن شَرِّها، فإنَّها لا تَضُرُّهُ».
فتوى
علمت أن ثواب القيام في رمضان مضاعف، فما هو فضل قيام ليالي رمضان؟
قال مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي: إن قيام رمضان فيه فضلٌ كبير، وأجرٌ عظيم، وهو سببٌ لمغفرة الذنوب، لقول النبي ﷺ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، (متفق عليه). ويحصل قيامُ رمضان بصلاة التراويح، وينبغي الحرصُ على صلاة التراويح مع الإمام إن تيسر ذلك، لحديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول ﷺ: «إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ...»، (رواه الترمذي وغيره).