سواليف:
2025-04-29@04:52:08 GMT

تأملات رمضانية

تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT

#تأملات_رمضانية

د. #هاشم_غرايبه

كثير من الناس يعتقدون ان العبادات هي مجرد تكاليف لابتلاء الإنسان أيصبر عليها أم لا.
في الحقيقة هذا فهم قاصر، فرغم أن الله تعالى لم يذكر لنا حكمته من أي تكليف من تكاليفه التي فرضها على عباده، إلا أنه حثنا على دوام التفكر في القرآن الكريم، والتوسع في فهم معاني ودلالات أحكامه، ومن لم يسعفه عقله فليسأل أهل الذكر الذين فتح الله عليهم من علمه.


الشريعة ليست مجرد أوامرٍ ونواهٍ فرضها الله علينا ليعلم من يطيعه ممن يعصيه، وإنما هي مصلحة كلها، فلم يُحرّم الله طيبا مفيدا، بل كل خبيث ضار، ولم يفرض علينا عبادات ليرهقنا بها، بل هي منفعة كلها، منها ما ندرك حكمته وأغلبها لم نؤتَ العلم بعدُ، الذي نفهم به الأبعاد العميقة والمنافع العظيمة التي ننالها بها.
للتقريب لنضرب مثلا – ولله المثل الأعلى – : التلميذ الذي يفرض عليه المعلم واجبات بيتية يراها ثقيلة عليه، هو يعتقد أنه يؤديها لإرضاء المعلم، لكنه لا يعلم إلا بعد أن يكبر ويتخرج، كم كانت تلك الواجبات ضرورية للتعلم، وكم نفعته بتحصيل درجات عالية أدت فيما بعد لقبوله في كلية لا يتحقق دخولها لغير المتفوقين، وتخرجه منها أدى الى تبوئه مكانة مرموقة في المجتمع، ومرتبة رفيعة على الدوام.
في كل عبادة أعطانا القرآن الكريم العنوان وترك لنا التبحر في التفاصيل، فالزكاة لتزكية المال مما قد يكون خالطه من حرام لم يعلم به صاحبه، وتطهيرالنفس من الشح وخوف الفقر “خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا” [التوبة:103].
فهي ليست ضريبة يقصد بها تحميل الغني كلف الدولة التي كفلت له أمنه وحماية ماله، وليست عقوبة على استحواذه على نصيب كبير من أموال البلد، بل هي أداة للتقويم والصيانة وتحقيق الأمن المجتمعي بإزالة الضغائن والتحاسد.
يتجلى ذلك في:-
1 – تفرض الزكاة على المال المكنوز، وليس على المال المدور المستعمل في الدورة الإقتصادية للمجتمع، والذي ينشئ مرافق الإنتاج ويشغل الناس ويجري السيولة النقدية، فلا تستحق الزكاة على المنشآت الزراعية والصناعية، ولكن على ذلك الجزء من الدخل الذي تدره ومر عليه حول كامل من غير تحريك ولا استعمال، إذا فهو فائض عن الحاجة.
2 – لا تستحق الزكاة على الممتلكات العقارية ولا أدوات الإنتاج بل على ما تنتجه، ولا على المنتجات غير القابلة للخزن من الزروع والثمار والمنتجات الحيوانية، لذا فهي تشجع على الإستثمار والذي يحرك الإقتصاد، وتحفز تسييل المال بما ينفع الناس بدل خزنه في البنوك، وذلك أفضل علاج للتضخم.
3 – الضرائب يحاول المرء التملص منها، بينما يخرج المؤمن ما يستحق عليه من زكاة عن طيب نفس وبقناعة أن ذلك حق لله عليه فهو المنعم والمتفضل، ويحرص على إيفاء الحق بلا إنقاص ولا تأخير، كما يتوخى الإبتعاد عن الكسب الحرام لأن الله لا يقبل إلا طيبا، وبذلك تتحقق الحكمة من الزكاة في تزكية النفس والمال معا، وأما نفع الفقير فهو قيمة مضافة، تساعد على تقليل الفوارق الإجتماعية، وأداة فعالة إزالة الحقد الطبقي، ومنع الصراع الطبقي المدمر للمجتمعات.
4 – زكاة الفطر هي صدقة إضافية، تعزز ما حققه الصيام من صلة وتواد بين قاطني المحلة الواحدة، وتشكل هدية للفقراء والمساكين تكمل فرحتهم في العيد.
هي قيمة رمزية ولا يشترط إخراجها بالعين ذاتها كما كانت في أيام المسلمين الأوائل، الذين كان تعاملهم الأساس بالعينة أكثر من النقد، وكان القمح والتمر والزبيب عماد قوتهم ، والشعير لخيلهم، فقد تغيرت الأولويات والإحتياجات هذا العصر، لذا فإخراجها نقداً أولى وأنفع، ونفع الناس مناط شرعي.
هكذا نرى أن الزكاة فوق أنها نظام اقتصادي يحقق العدالة وتقارب الطبقات، فهي العلاج الوحيد لمرض البشر العضال وهو الشح، وهذا المرض أهم أعراضه الطمع، والطمع يؤدي الى الظلم، والظلم مفسدة للمجتمعات ومجلبة لكل الشرور.

مقالات ذات صلة #تأملات_رمضانية 2024/04/02

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تأملات رمضانية تأملات رمضانية

إقرأ أيضاً:

حسن عبد الله يشارك في الاجتماع الثاني لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين

شارك حسن عبدالله، محافظ البنك المركزي المصري، في الاجتماع الثاني لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين، والذي عُقد على مدار يومي 23 و24 أبريل الجاري، وذلك على هامش اجتماعات الربيع لمجلس محافظي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي المنعقدة بواشنطن في الفترة من 21 إلى 26 أبريل 2025.


 

وضم الوفد المصري المشارك في اجتماعات المسار المالي لمجموعة العشرين كلًا من: أحمد كجوك، وزير المالية، ورامي أبو النجا، نائب محافظ البنك المركزي المصري للاستقرار النقدي، وياسر صبحي، نائب وزير المالية للسياسات المالية.


 

وخلال الاجتماعات، ناقش محافظ البنك المركزي المصري عددًا من القضايا المهمة، أبرزها التحديات التي تواجه الأسواق الناشئة نتيجة الحروب التجارية وما تسببه من تعطيل سلاسل الإمداد، تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، تقلبات أسعار الصرف، وتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي. وقد دعا إلى ضرورة تنسيق الجهود بين صانعي السياسات العالمية للحد من الآثار السلبية لهذه المخاطر.


 

كما استعرض المحافظ معوقات التنمية التي تواجه القارة الإفريقية، لا سيما ضعف البنية التحتية، وتحديات الاقتصاد الكلي، وارتفاع تكلفة رأس المال، مشددًا على أهمية تعزيز اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية لمواجهة التفتت التجاري، وزيادة عدد المشروعات القابلة للتمويل لجذب الاستثمارات الخاصة.


 

وأشار أيضًا إلى أهمية تعزيز قدرات مؤسسات التنمية متعددة الأطراف على الإقراض عبر تبني مبادرات مبتكرة مثل استخدام رأس المال المختلط، وإعادة توجيه حقوق السحب الخاصة، مع التأكيد على أهمية تقديم الضمانات اللازمة لتقليل مخاطر الاستثمارات، ودعم الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتعبئة رأس المال الخاص على نطاق أوسع.


 

تجدر الإشارة إلى أن مصر تشارك في اجتماعات مجموعة العشرين كدولة مدعوة للمرة الخامسة منذ تأسيس المجموعة، وللعام الثالث على التوالي، حيث شاركت في اجتماعات عام 2023 برئاسة الهند، وفي عام 2024 برئاسة البرازيل، وتشارك حاليًا في الاجتماعات التي تترأسها جنوب إفريقيا خلال الدورة الممتدة من ديسمبر 2024 حتى نوفمبر 2025. 

مقالات مشابهة

  • فضل الصدقة على المسلم.. تبارك المال وتطهر القلب
  • الآية اليمانية
  • الإسلام.. يجرّد الدين من الكهنوت
  • أكلة تجلب لك الشؤم وتحرمك البركة وتضيق الرزق.. احذر كل أنواعها
  • دعاء زوال الفقر وقلة الرزق.. احفظه وداوم عليه يوميا
  • شهد الجميع بكفاءته.. أبو العينين ينعى النائب سعداوي راغب ضيف الله
  • الله محبة.. إلهام شاهين تعلق على انضمامها لسفينة السلام
  • حسن عبد الله يشارك في الاجتماع الثاني لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين
  • الجامع الأزهر: كتاب الله وسنة نبيه ليست مضماراً لأغراض دنيوية
  • من جامع زوجته بهذه الأيام.. علي جمعة: عليه كفارة 10 آلاف جنيه