في تعريف ظاهرة التصهين (قاموس المقاومة) (20)
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
التصهين هنا، كما عرفه البعض؛ "هو أن يرى المتصهين حقا المعتدي المحتل الغاصب في أرض فلسطين وتبرير عدوانه على الشعب الفلسطيني، وينادي بالسلام معه وموادعته، في ذات الوقت يقذف الضحية، أي الشعب الفلسطيني بأقذع الافتراءات والأكاذيب لا سيما تلك الفرية الممجوجة بأن الفلسطيني قد باع أرضه وتنازل عن حقه تارة، وتارة أخرى بالهجوم على حركة حماس وشتمها بدعوى أنها فرع من الإخوان المسلمين، أو بذريعة أنها على علاقة مع إيران"، وقد وصل الحال بأن يحتفي الناطق باسم جيش الاحتلال الصهيوني "أفيخاي أدرعي" بتبني وصف الحركة من بعض العرب بـ(الإرهابية) وهو ذات الوصف المستخدم من أدرعي ودولته، مع كيل المدح الاستفزازي لتطبيع العلاقات مع الصهاينة بحجج تلبس ثوبا دينيا أو سياسيا أو غيرهما.
الذاكرة الحضارية والتاريخية للصهينة والتصهين التي ترتبط بمسيرة هذا الصراع الصهيوني ـ الغربي مع الأمة وحتى العدوان الصهيوني على غزة بعد طوفان الأقصى، يبدو أن الأنظمة العربية قفزت من مسألة التطبيع مع العدو الصهيوني، لتدخل في مرحلة ما بعده، وهي مرحلة التصهين، التي بدت معالمها، صراحة، في ظل هذا العدوان الكاشف الفاضح للشرخ العميق جداً في الهوية التي تتعلق بالأمة؛ وفجوات المرجعية والهوية والشرعية؛ وبات واضحاً أن مصطلح التصهين سيستقر في الأدبيات القادمة، بعد هذا العدوان، ليحل محل التطبيع، الذي سيظل أحد أدواته ورأس الحربة الموجهة لكيان الأمة الاجتماعي الحضاري، ولكن هذا التصهين لم ينشئه العدوان، بل كاشفا عنه فحسب، يعبر عن أحوال قديمة ومواقف كانت دفينة؛ وبتأمل مسارات هذا الصراع، الذي انتقل من حلقة إلى أخرى، ليستقر على ما هو عليه.
التصهين العربي الذي تصاعد، لا يعني سوى المشاركة صراحة، في تمكين المشروع الصهيوني من البقاء، ومنح دولته شرعية الوجود على الأرض العربية المحتلة، بالسلام المزعوم أو حتى بالحربنعم يمكن القول مع من يؤكد "إن التصهين العربي كان دفيناً مع مدعي القوامة على إدارة الصراع العربي الصهيوني، منذ بدايته، وليس الآن كما يعتقد بعضهم، فالتصهين العربي الذي تصاعد، لا يعني سوى المشاركة صراحة، في تمكين المشروع الصهيوني من البقاء، ومنح دولته شرعية الوجود على الأرض العربية المحتلة، بالسلام المزعوم أو حتى بالحرب!؛ إدارة الصراع العربي الصهيوني، منذ قيامه، تدل على وجود خميرة هذا التصهين، وإن كانت في طور التكوين، ولم تتضح معالمها بعد، فبعد تجاوز الصراع الوجودي المرتبط بالهوية العربية والإسلامية، التي غُبِنَت بإنهاء وجود فرق المتطوعين للدفاع عن فلسطين، والاكتفاء بالاعتماد على الجيوش النظامية فقط، فدخلت، أو أدخلت في حلقة الصراع السياسي الجغرافي بين أنظمة الدول العربية المتفرقة".
ظاهرة التصهين المتصاعدة هي أحد عناوين أزمة الدولة القومية في العالم العربي التي نشأت مشوهة ومشوشة؛ مشوشة في أهدافها؛ مشوهة في سياساتها ومواقفها؛ بدت هذه الدولة التي نشأت من رحم التجزئة والقابلية لها؛ وحالة التبعية للدول الكولونيالية الغربية؛ نشأت هذه الدول مستقلة اسما ومظهرا؛ ولم تكن كذلك جوهرا وحقيقة؛ وتقبلت على نحو أو آخر أن تنشئ جامعة عربية مهترئة؛ لا هي جامعة في أهدافها ومقاصدها ولا عربية في الهم والدور والمكانة؛ وارتضت هذه الدول أن تكون ضمن تعبير مصطنع وموهم ألا وهو "الشرق الأوسط"؛ والذي كان مسكونا بالتصهين مفيرسا بالتطبيع مع الكيان الصهيوني بعمليات من كل لون التي نشهدها اليوم في هرولة ممجوجة من أنظمة رسمية عربية تسمت بالدول القومية؛ إن إحلال هذا المفهوم الجغرافي محل المفهوم العروبي والإسلامي لم يكن إلا استبدالا؛ يسمح بالقبول بالكيان الصهيوني وزرعه الاستيطاني والسرطاني في الكيان العربي والإسلامي؛ من بني جلدتنا يتبنون خطابا صهيونيا؛ يتحدثون بمفرداته ومرجعيته؛ ويغفلون مرجعيتنا ومفرداتها؛ ويتخذون من المواقف الخربة والمهترئة؛ بالدخول في بيت الطاعة الصهيوني الأمريكي.
وحينما نؤكد أن التصهين صار بوادر ظاهرة في الأمة وليس مجرد عملا فرديا؛ يصدر من أهل الشهرة من صحافيين وإعلاميين وأكاديميين أو مشايخ، أو أي مواطن عادي يمكن أن ينشر تغريدات متصهينة؛ هؤلاء جميعا إذ يصدّرون هذا الخطاب إلا لمعرفة ـ على أقل تقدير ـ وثقة وقناعة أنه بهذا لن يغضب أجهزة دولته ولن تلومه ولو بشطر كلمة، بعكس اتخاذه مواقف سياسية أخرى، يكفي التلميح لها بزجّه في السجن، وبهذا تنتفي حجة تفسير السلوك المتصهين بالعمل الفردي!
ورغم أن تلك الظاهرة تملك الصوت العالي ضمن حركة ممنهجة وخطابا فاضحا زاعقا يبدو مع تصنيعه من أجهزة متعددة على الأقل إرهاصا لتكون ظاهرة مع توافر فرص التصاعد والتراكم؛ لم تصل حالة التصهين العربي الراهن بعد إلى أن تكون ظاهرة مُشاهدَة وطبيعية خاصة مع الرفض الشعبي الواسع حتى مع الدعم الخفي من نظم رسمية وأجهزة مخابراتية، وإنما هي حالة معزولة وصغيرة، رغم أنها مدفوعة الأجر، وأن وراءها ميزانيات كبيرة لأجهزة مخابرات وتشجيعا رسميا واضحا.
ولكن ما يُبقى هذه الحالة محاصرة في حدودها الدنيا هذا الوعي الشعبي الكبير، وهذه السردية التي لا يمكن اختراقها منذ 75 عاماً أن فلسطين أرض عربية محتلة، وتحريرها واجب كل عربي مسلم، بل وواجب كل أحرار العالم. هذه السردية العصية على التشويه والتجريف والتحريف هي التي كشفت كل هذا الزيف والبهتان، وحمت حالة الوعي العربي الشعبي بواجب المقاومة وضرورتها وأدوارها في مسيرة التحرير حتى النصر.
ظاهرة التصهين المتصاعدة هي أحد عناوين أزمة الدولة القومية في العالم العربي التي نشأت مشوهة ومشوشة؛ مشوشة في أهدافها؛ مشوهة في سياساتها ومواقفهايدرك المتهمون بـ "الصهينة" ما يعنيه "التصهين" من اتهام يتسم بالبشاعة، ليس في الثقافة العامة أو العربية أو الإقليمية فقط، بل وفي القاموس الاجتماعي الدولي، إذ ظلت الصهيونية دوماً رمزاً للعنصرية والانتهازية والوحشية والعدوان؛ للدمار وتخريب العمران؛ للاحتلال والغصب والاستيطان؛ من بعض أبناء هذه الأمة التي خانوها؛ يبررون العدوان الإسرائيلي الهمجي على أهل غزة ومستضعفيها بمبررات عقيمة، لكن بلبوس الغيرة على الدم المهدر في معركة حمقاء غير متكافئة؛ لم تراع موازين القوى؛ وأن ما كان أقرب الى التهور والمغامرة؛ لم ير هؤلاء أبدا أولئك الذين يحاربون الكيان الصهيوني إلا مجموعة من المغامرين لا المقاومين؛ وطفقوا يتهمون المقاومة بكل نقيصة؛ وأطلق هؤلاء سواء من أفعال مساندة لأنظمة رسمية لم تعد تعر اهتماما بالقضية الفلسطينية؛ بل هم أقرب الى من يعملون على تصفيتها يتخففون منها؛ أطلقوا حملات ممنهجة من مجموعات ذبابهم الالكتروني في موجات متتابعة؛ يرددون خطابا صهيونيا متصهينا يصب في مصلحة الكيان الذي ما فتئ يستغل كل ذلك في التويج لكل ذلك ضمن حملاته الإعلامية وحربه النفسية.
في الشارع الفلسطيني المنتفض والمقاوم؛ ومنذ معركة سيف القدس التي أعلنت عن وحدة الساحات في غزة والضفة في القدس والأقصى وعرب 48 على الأرض وفي كامل أراضي فلسطين من البحر الى النهر وجسدت ذلك في الميدان لتتوج انتفاضات سبقت تنوعت في أشكالها وأدواتها وحركتها؛ أدت لقلب المعادلة رأسا على عقب التي أعقبت حملة صهيونية وعربية متصهينة لشيطنة الفلسطيني وإدانته؛ ما حدث فاجأ الكيان الصهيوني الذي راهن على محاولات الأسرلة والتزييف، فأصبح أمام جيل متمسك بهويته وأرضه وقضيته، إن جوهر القضية الحقيقية تكمن في مصيرية هذا الصراع ومجابهة المشروع الاستيطاني الذي يستهدف أساسا وجودهم فوق الأرض بعد سلبهم تاريخهم وتراثهم ومحاولات طمس ذاكرتهم؛ قد لا تملك المقاومة الفلسطينية للعدوان الصهيوني على غزة القدرة على إلحاق هزيمة عسكرية كاملة بجيش الاحتلال، ولكنها أشرت على إمكان ذلك في معركة تحرير كبرى والنيل من جيش العدو الذي لا يقهر؛ قد يقول منتقدو المقاومة إن كلفتها عالية والتضحيات كبيرة، ولكن متى لم تكن الكلفة باهظة، سواءً في حالة التهدئة المزعومة أو مفاوضات سلام ملغومة أم في حالة "التصعيد"؛ ومن عجب أن يصف هؤلاء من المتصهينين العرب بالاستفزاز، في إشارة لمسؤولية ضحايا المشروع الاستيطاني على استفزاز محتليهم ومغتصب أراضيهم؛ وكذا الخلط المريب لتوظيف السردية الصهيونية وتبنيها وطمس السردية الفلسطينية وإدانتها؛ وما أرادوا من ذلك إلا تسويغا لهشاشة المواقف الرسمية العربية بأغطية واهنة وأقنعة زائفة.
يقول أحدهم صدقا وعدلا في تمام كلمة الحق والتمسك بها؛ "إن القدرات التي يتسلح بها أصحاب الأرض، من العزيمة العالية والثبات والإيمان بالحق، إلى القدرات المتواضعة عسكريا والتي تفتح مجددا باب التعري العربي والعجز المفضوح من التخاذل إلى التآمر، تقود لسؤال مفتوح عن قدرة المحتل ومشروعه الكولونيالي الاستيطاني بإلحاق هزيمة واقعية بالمنكوبين فوق أرضهم، والجواب المشع في سماء غزة وأزقة وشوارع مدن فلسطين يقول إن هشاشة القبة الحديدية لا يمكنها تأمين الغطرسة الصهيونية، وقبة التصهين التي حاول الصهاينة ارتداءها في عواصم عربية، سقطت في الشارع العربي مع ذرائع التطبيع والاستبداد، اللذين يريان في صورة الفلسطيني المقاوم نقيضا يكشف عن مخازٍ عربية في وجه الطاغية العربي المحمي بقبة إسرائيل الحديدية والمحمية بقبته المتصهينة التطبيعية"؛ والحديث موصول بحول الله وقوته.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطين الاحتلال غزة الحربة احتلال فلسطين غزة رأي حرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الکیان الصهیونی
إقرأ أيضاً:
والعالم يحتفل بيوم الطفل .. أطفال اليمن وغزة ولبنان نموذج لأبشع الجرائم الإنسانية التي ارتكبتها أمريكا والعدو الصهيوني في ظل صمت دولي (تفاصيل)
يمانيون /
في ظل احتفال العالم باليوم العالمي لحقوق الطفل الذي يصادف الـ 20 نوفمبر، ما يزال الأطفال في اليمن وغزة ولبنان يتعرضون لأبشع عدوان أمريكي، صهيوني، بريطاني، سعودي.
مظلومية اليمنيين والفلسطينيين واللبنانيين، تشابّهت في الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها قوى الهيمنة والطغيان العالمي، وإن اختلفت مسمياتها وعناوينها ومبرراتها، مع فارق الزمن بمرور أكثر من سبعة عقود على القضية الفلسطينية التي ستظل قضية الشعب اليمني واللبناني المركزية والأولى.
أطفال اليمن وفلسطين ولبنان، أنموذج لمأساة إنسانية صنعتها دول الاستكبار بقيادة أمريكا والدول الغربية وأدواتها في المنطقة، بممارسة القتل والاستهداف المباشر ظلماً وعدواناً إلى جانب استخدام سياسة التجويع كوسيلة حرب لإهلاك المدنيين، بما فيهم الأطفال والنساء في جرائم حرب مكتملة الأركان وفقاً لمبادئ القانون الدولي الإنساني والمواثيق الدولية الخاصة بحالة الحرب التي تحظر قتل المدنيين وتعمد استهداف الأعيان المدنية وتجرّم الحصار.
جرائم الكيان الصهيوني في غزة ولبنان، والتحالف الأمريكي السعودي الإماراتي في اليمن، ستظل شواهد حيّة تتذكرها الأجيال عبر التاريخ على فظاعة ما تم ارتكابه من مجازر وحرب إبادة جماعية يندى لها جبين الإنسانية.
منظمة انتصاف لحقوق المرأة والطفل أصدرت تقريراً حقوقياً بعنوان “أطفال بين جبروت العدوان وصمت العالم” يوّثق آثار وتداعيات الحصار والعدوان على الأطفال في اليمن وغزة ولبنان وآليات الدعم النفسي، بالتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الطفل الذي يصادف الـ20 من نوفمبر من كل عام.
تناول التقرير الأوضاع الكارثية والمأساوية التي يعيشها الأطفال في اليمن منذ ما يقارب عشر سنوات جراء العدوان والحصار، وكذلك الوضع الكارثي الذي يعيشه أطفال فلسطين ولبنان جراء العدوان الصهيوني الأمريكي على قطاع غزة.
وأشار إلى أن تحالف العدوان على اليمن والعدوان الصهيوني على غزة ولبنان ارتكبا أبشع المجازر والانتهاكات الست الجسيمة بحق الطفولة والقوانين والمواثيق الدولية، حيث استهدف المنازل والمدارس والمساجد والأعيان المدنية وفرض حصاراً مطبقاً على المدنيين مما أدى إلى تفاقم الأوضاع وتدهورها.
وأفاد التقرير بأنه منذ بدء العدوان على اليمن في 26 مارس 2015م وحتى 19 نوفمبر 2024م بلغ عدد القتلى الأطفال 4 آلاف و136 شهيدا، والجرحى 5 آلاف و110 أطفال، بينما بلغ عدد الأطفال ضحايا الاحتلال الصهيوني في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023م أكثر من 17 ألفاً و492 طفلاً، كما ارتفع عدد جرحى غارات الاحتلال الصهيوني إلى 104 آلاف وثمانية جرحى غالبيتهم نساء وأطفال، بينما تجاوز عدد المفقودين أكثر من 11 ألف شخص بينهم عدد كبير من الأطفال ما زالوا تحت الأنقاض.
وفي لبنان بلغ عدد الضحايا من المدنيين جراء الاستهداف الصهيوني 3 آلاف و544 شهيدا و15 ألفا و35 جريحا غالبيتهم نساء وأطفال منذ 8 أكتوبر 2023، حيث أن هناك مزيداً من الأطفال مدفونين تحت أنقاض المباني المدمرة في جميع أنحاء البلاد.
وذكر التقرير أن طائرات العدوان على اليمن شنت ألفين و932 غارة بقنابل عنقودية خلال التسع السنوات الماضية، وبلغ إجمالي عدد الضحايا المدنيين جراء استخدام تلك القنابل قرابة تسعة آلاف ضحية معظمهم من النساء والأطفال.
وحسب التقرير، دمّر العدوان على اليمن 572 مستشفى ومرفقاً ومنشأة صحية واستهدف 100 سيارة إسعاف مع طواقمها ومنع دخول المستلزمات الطبية الخاصة بالأمراض المزمنة، وتوقف أكثر من 60 بالمائة من القطاع الصحي، بينما يعاني أربعة ملايين و521 ألفاً و727 طفلاً وامرأة من سوء التغذية الحاد والعام والوخيم، بما في ذلك 313 ألفاً و790 طفلا دون الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم.
معاناة الأطفال والنساء كانت حاضرة في التقرير الذي رصد بالأرقام والإحصائيات الأعداد التي أُصيبت بمرض سوء التغذية من الأطفال والنساء “الحوامل، والمرضعات”.
ووفقًا للتقرير، يعاني مليون و777 ألفاً و423 طفلاً من سوء التغذية العام، ومليون و463 ألفاً و633 طفلاً من سوء التغذية الحاد الوخيم، وتصارع 966 ألفاً و881 امرأة حامل ومرضع سوء التغذية لأجل البقاء على قيد الحياة في ظل كارثة إنسانية سببها العدوان.
وبين أن أكثر من 8.5 ملايين طفل يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية ويواجهون التهديد اليومي المتمثل في نقص الغذاء والنزوح، واستمرار تقليص المساعدات، وإيقاف برامج وتدخلات الوقاية من سوء التغذية، كما يحتاج ما يقرب من 80 في المائة من السكان – أي أكثر من 24 مليون شخص – إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية المختلفة.
ووفق الإحصائيات الواردة في التقرير فإن أكثر من 80 مولوداً من حديثي الولادة يتوفون يوميًّا بسبب تداعيات استخدام الأسلحة المحرمة دوليًّا، ويقدر الاحتياج الفعلي للقطاع الصحي قرابة ألفي حضانة بينما يمتلك 600 حضانة فقط ونتيجة لذلك يتوفى 50 بالمائة من الأطفال الخدج، كما ارتفعت نسبة الإصابة بأمراض السرطان إلى 35 ألف شخص، بينهم أكثر من ألف طفل.
ولفت إلى ارتفاع عدد الأشخاص ذوي الإعاقة من ثلاثة ملايين قبل العدوان على اليمن إلى 4.5 ملايين شخص حالياً، بينما أصيب أكثر من ستة آلاف مدني بإعاقة نتيجة الأعمال العدائية المسلحة منذ بدء العدوان، منهم أكثر من خمسة آلاف و559 طفلاً، كما أن 16 ألف حالة من النساء والأطفال يحتاجون إلى تأهيل حركي.
وتطرق التقرير إلى أوضاع التعليم حيث استهدف تحالف العدوان المنشآت التعليمية ما أدى إلى تدمير وتضرر نحو 28 ألف منشأة تعليمية وتربوية وأكثر من 45 جامعة وكلية حكومية وأهلية و74 معهداً فنياً وتقنياً.
وأوضح أن غارات تحالف العدوان استهدفت المدارس وتضررت نتيجة لذلك ثلاثة آلاف و676 مدرسة منها 419 دمرت كلياً وألف و506 مدارس تضررت جزئياً، وأُغلقت 756 مدرسة، كما استخدمت 995 مدرسة لإيواء النازحين، وتسرب ما يزيد عن مليون طالب وطالبة من التعليم، فيما 8.1 ملايين طفل بحاجة إلى مساعدات تعليمية طارئة في جميع أنحاء البلاد، ومليونين و400 ألف طفل خارج المدارس من أصل عشرة ملايين و600 ألف طفل في سن الدراسة.
ونوه التقرير إلى أن 1.6 مليون طفل يعملون في اليمن محرومون من أبسط حقوقهم، وبلغ عدد الأطفال العاملين 7.7 ملايين أي حوالى 34.3 بالمائة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 5 و17 عاماً، مبيناً أن العدوان والحصار هما السبب في زيادة نسبة العمالة بين الأطفال في اليمن.
وارتفع عدد النازحين إلى خمسة ملايين و159 ألفاً و560 نازحاً في 15 محافظة يمنية واقعة تحت سيطرة حكومة الإنقاذ، منهم مليون و168 الفاً و664 فرداً لا يحصلون على مساعدات حتى اليوم.
وقال التقرير إن تسعة من كل عشرة أطفال في مخيمات النازحين باليمن لا تتوفر لهم فرص كافية للحصول على أهم احتياجاتهم الأساسية مثل التعليم والغذاء والمياه الصالحة للشرب، ولا يزال حوالي 1.71 مليون طفل نازح في البلاد محرومين من الخدمات الأساسية ونصف مليون منهم لا يحصلون على التعليم الرسمي.
وفيما يتعلق بقطاع غزة في فلسطين، دمّر الاحتلال الصهيوني 815 مسجدًا تدميراً كلياً، و151 مسجدًا تدميراً جزئيًا، إضافة إلى استهداف ثلاث كنائس، كما خرجت عن الخدمة 477 مدرسة و276 مؤسسة صحية ومستشفى و مركزاً صحياً.
وبخصوص لبنان، استهدف الاحتلال الصهيوني 88 مركزا طبيا وإسعافيا، و40 مستشفى، و244 من الآليات التابعة للقطاع الصحي، ونفذ اعتداءات على 65 مستشفى، و218 جمعية إسعافية
ووفق التقرير يعيش أطفال غزة أوضاعاً متردية بسبب نفاد الوقود والغذاء وانقطاع المياه والكهرباء، ويمنع الاحتلال الصهيوني دخول المساعدات عبر معبر رفح، وإن سمح بإدخالها فلا يدخل سوى الجزء اليسير منها والذي لا يكفي لتغطية احتياجات سكان القطاع.
وأفاد بأن عدد النازحين في غزة بلغ مليوني شخص بينهم عدد كبير من الأطفال، وفي لبنان اضطر حوالي مليون و400 ألف شخص إلى مغادرة المناطق المستهدفة بقصف الاحتلال الصهيوني.
وعرج التقرير على القوانين والمعاهدات الدولية التي دعت إلى حماية الأطفال أثناء الحروب والنزاعات ومدى تطبيقها من قبل الأمم المتحدة ومنظماتها خلال العدوان على اليمن وغزة، مشدداً على أن تلك المنظمات كانت متواطئة مع كل ما يحدث بحق الشعب اليمني والفلسطيني واللبناني ووقفت موقفاً مخزياً أمام كل الجرائم المرتكبة في اليمن وغزة ولبنان.
واستعرض الآثار النفسية والاجتماعية للعدوان على الأطفال وسبل الدعم النفسي لهم في الأزمات، مطالباً بإيقاف العدوان والحصار على اليمن وفلسطين ولبنان وتشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة للتحقيق في جميع الجرائم والمجازر المُرتكبة هناك.
وأوضحت رئيسة منظمة انتصاف سمية الطائفي لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن إطلاق التقرير يأتي بالتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الطفل الذي يصادف الـ 20 من نوفمبر وتذكير العالم بمجازر أمريكا وإسرائيل والدول الغربية وأدواتها في المنطقة باليمن وفلسطين ولبنان.
وأشارت إلى أن التقرير وثّق جرائم العدوان بحق الطفولة في اليمن وفلسطين ولبنان، إلى جانب المعاناة الإنسانية التي أوجدها تحالف العدوان على اليمن جراء ممارساته الإجرامية، فضلاً عن المأساة الإنسانية لأطفال لبنان وفلسطين وتحديداً في قطاع غزة.
ودعت الطائفي المجتمع الدولي والأمم المتحدة والهيئات والمنظمات الدولية والإنسانية إلى الاضطلاع بالمسؤولية في إيقاف جرائم العدوان الأمريكي الصهيوني على غزة ولبنان ورفع الحصار والسماح بدخول الغذاء والدواء والوقود لتخفيف معاناة أبناء الشعب اليمني والفلسطيني واللبناني.
ورغم المأساة والمعاناة الإنسانية منذ ما يقارب عشر سنوات في اليمن، تمكن اليمنيون من تجاوز تحديات العدوان والحصار، ونهضوا من بين الركام واستطاعوا تحقيق النجاحات على مختلف المسارات، وصنعوا بطولات لم تكن في الحسبان، فيما تمضي المقاومة الفلسطينية واللبنانية اليوم قدماً بمواجهة العدو الصهيوني وتمريغ أنفه والتنكيل به في قطاع غزة والأراضي المحتلة منذ 410 أيام.