ذكر تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة آبل في بداية فبراير/شباط الماضي، أن الشركة ستعلن عن تطورات كبيرة تخص الذكاء الاصطناعي قريبا خلال هذا العام.

تزامنت تصريحاته مع إطلاق الشركة لأكبر منتجاتها الجديدة منذ سنوات وهي نظارة الواقع المعزز "آبل فيجن برو"، المزودة فعلا ببعض ميزات الذكاء الاصطناعي، مثل إنتاج شخصيات افتراضية للمستخدم عبر نماذج الذكاء الاصطناعي.

لكن الأقرب للواقع أن تلك التصريحات تؤكد ما ذكره مارك غورمان، صحفي بلومبيرغ المتخصص في تغطية شؤون آبل، الذي زعم أن نظام التشغيل القادم "آي أو إس 18″، الخاص بهواتف آيفون، سيكون "أحد أكبر تحديثات النظام في تاريخ الشركة"، وهو التحديث الجديد الذي ستعلن عنه آبل خلال مؤتمرها السنوي للمطورين (WWDC) في يونيو/حزيران القادم.

The latest on iOS 18 from the Q&A section of Power On: I’m told that the new operating system is seen within the company as one of the biggest iOS updates — if not the biggest — in the company’s history. Stay tuned for more. https://t.co/w2Lt7itezV

— Mark Gurman (@markgurman) January 28, 2024

هذا التصريح لم يكن من باب المبالغة، لأن المجتمع التقني ينتظر الإجابة عن سؤال مهم: متى ستبدأ آبل المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي أصبح مزدحما الآن، خاصة أنها تأخرت ولم تكن ضمن اللاعبين الكبار في هذا المضمار مثل مايكروسوفت وغوغل وميتا؟

مدخل لعالم الذكاء الاصطناعي

كانت قد أعلنت آبل عن موعد مؤتمرها السنوي للمطورين منذ عدّة أيام، وحددت بدايته في العاشر من يونيو/حزيران القادم، وهو الموعد السنوي المعتاد للكشف عن تحديثات أنظمة التشغيل الخاصة بأجهزة الشركة، وأهمها بالطبع نظام تشغيل هواتف الآيفون "آي أو إس 18″، ونظام تشغيل الأجهزة اللوحية "آيباد أو إس 18".

المختلف في تحديثات هذا العام أنها ستكون غالبا المدخل الرسمي للشركة لعالم الذكاء الاصطناعي التوليدي، بعد شهور من التوقعات والتسريبات والتقارير الصحفية. إستراتيجية الشركة المعتادة هي التأخر، أو التأني، في تبني أي تقنيات جديدة، إطلاق نظارة الواقع المختلط "فيجن برو" نفسه متأخر بنحو عقد من الزمن تقريبا منذ انتشار مثل هذه الأجهزة في الأسواق.

وهي الحال نفسها مع الميزات البرمجية التي تعلنها في أنظمة تشغيلها، فغالبا ما تعلن الشركة عن إضافة ميزات جديدة لأنظمة تشغيل هواتفها بعد سنوات من انتشار تلك الميزات في هواتف أندرويد المختلفة، لذا لا يبدو مستغربا دخولها المتأخر لمجال الذكاء الاصطناعي، وربما أكثر مدخل منطقي هو نظام تشغيلها الأشهر والأكثر انتشارا "آي أو إس".

الملاحظ أن آبل لن تلجأ لنموذج ذكاء اصطناعي توليدي خاص بها، لكنها دخلت في محادثات مع غوغل وأوبن إيه آي للبحث في إمكانية استخدام نماذجهم "جيمناي" و"شات جي بي تي" على هواتف آيفون في نظام التشغيل الجديد "آي أو إس 18″، كما أشار تقرير حديث من بلومبيرغ.

لكن يبدو أن المفاوضات بين آبل وغوغل اقتربت من نهايتها حول هذا الاتفاق، لتضمين نموذج "جيمناي" داخل التحديث الجديد، لأن الصفقة قد تعتمد على التاريخ المميز والعلاقة الجيدة بين الشركتين في مجال البحث على الإنترنت، إذ إن غوغل تدفع لآبل مليارات الدولارات سنويا لتحتفظ الأخيرة بمحرك بحث غوغل كمحرك افتراضي في متصفحات سفاري على أجهزة آيفون وأجهزتها الأخرى.

مجموعة الميزات الجديدة التي تجهزها آبل، كجزء من الإصدار الجديد "آي أو إس 18" على أساس نماذجها الخاصة للذكاء الاصطناعي، ستركز على الخصائص التي تعمل على أجهزة الشركة مباشرة ولا تحتاج إلى خدمات الحوسبة السحابية، لذا تسعى الشركة لإيجاد شريك يتولى القيام بالمهام الكبيرة للذكاء الاصطناعي التوليدي مثل إنشاء الصور وكتابة النصوص بناء على أوامر بسيطة من المستخدم.

فما الذي نتوقع أن نراه تحديدا، من ميزات جديدة بالذكاء الاصطناعي، في نظام "آي أو إس 18″؟

المختلف في تحديثات هذا العام أنها ستكون غالبا المدخل الرسمي لآبل لعالم الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز) نسخة مطورة من سيري!

غالبا ما تضيف تحديثات نظام التشغيل "آي أو إس" مجموعة ميزات جديدة إلى "سيري"، مما يسمح للمساعد الرقمي لهواتف آيفون بالإجابة عن أسئلة أكثر بالاعتماد على معلوماته دون اللجوء إلى الإجابة التقليدية المعتادة "هذا ما وجدته على الإنترنت". لكن تلك التحديثات كالعادة لم تكن كافية أو ملحوظة لتجعل من "سيري" مساعدا رقميا ذكيا فعلا يمكن للمستخدم الاعتماد عليه.

قد يتغير الأمر مع التحديث الجديد "آي أو إس 18″، الذي قد ينقل المساعد الرقمي للآيفون إلى مستوى متطور من التفاعل عبر الاستفادة من ميزات الذكاء الاصطناعي التوليدي. ما أشارت إليه التقارير أن هذا التحديث الجديد هو نسخة "سيري 2.0″، في البداية كانت الإشارة إلى أن المساعد الرقمي هو محاولة آبل لإطلاق روبوت المحادثة الجديد الخاص بها، ثم نفت التقارير اللاحقة هذا الأمر. وهذا ما أكدته محادثات آبل مع غوغل لاستخدام روبوت "جيمناي" ليدعم هواتف آيفون في المستقبل القريب كما ذكرنا.

الأمر المهم هنا أن النسخة المطورة من المساعد الرقمي "سيري" ستتمتع بقدرة أكبر على إجراء المحادثات مع المستخدم بجانب معالجة المهام المعقدة، وهذا ما أشارت إليه مجموعة من إعلانات الوظائف في مجال الذكاء الاصطناعي لدى الشركة، بجانب استثماراتها الضخمة حاليا في هذا المجال، وخاصة في إصدار الأوراق البحثية والمشاركة في إطلاق نماذج تجريبية للذكاء الاصطناعي.

مزيد من الذكاء الاصطناعي

بالطبع، لن يتوقف الأمر عند المساعد الرقمي "سيري"، لأن آبل تخطط لدمج المزيد من ميزات الذكاء الاصطناعي في أنظمة التشغيل وفي تطبيقاتها الافتراضية المختلفة، إذ أدى النمو السريع والتأثير الهائل لروبوت المحادثة "شات جي بي تي"، بالإضافة إلى جهود أكبر منافسيها في مجال الذكاء الاصطناعي، إلى ترك انطباع بأن آبل متأخرة في هذا السباق التقني فعلا، لذا تسعى الشركة إلى اللحاق بهؤلاء المنافسين والإعلان عن بعض التطورات في مؤتمر المطورين القادم.

وفقا لتقرير مارك غورمان، في يناير/كانون الثاني الماضي، ستتضمن قائمة الميزات الجديدة من آبل إضافة أدوات التلخيص والإكمال التلقائي إلى تطبيقات آيفون الأساسية، مثل تطبيق "بيجز" (Pages) وتطبيق "كينوت" (Keynote).

كما ستتلقى تطبيقات مثل تطبيق الموسيقى مزايا الذكاء الاصطناعي، مثل إمكانية إنشاء قوائم تشغيل الأغاني تلقائيا. بجانب أن ميزة البحث "سبوتلايت" (Spotlight) يجري تدريبها على نماذج لغوية كبيرة، وهي نماذج الذكاء الاصطناعي التي تعتمد عليها روبوتات المحادثة التي نستخدمها مثل روبوت "شات جي بي تي".

ربما لا تتمثل إستراتيجية آبل للذكاء الاصطناعي بالضرورة في إضافة ميزات جديدة لتطبيقاتها الافتراضية فقط، بل قد تعلن عن متجر جديد لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في مؤتمر المطورين (WWDC) لأول مرة، وهي محاولة أخرى في إستراتيجية الشركة لجني الأرباح من دخولها لهذا السباق.

وهو ما أشار إليه بن ريتزيس، رئيس قسم الأبحاث التكنولوجية في شركة ميلوس ريسيرش (Melius Research)، في حديثه مع شبكة "سي إن بي سي" مؤخرا، إذ يرى أن آبل ستضع حجر الأساس لمتجر تطبيقات جديد للذكاء الاصطناعي في يونيو/حزيران القادم. سيتضمن ذلك فيما يبدو تفاصيل حول كيفية حصول المستخدم على تطبيقات الذكاء الاصطناعي من مختلف المطورين، وربما يكون هذا المتجر الجديد جزءا من متجر آبل الحالي للتطبيقات "آب ستور".

يعتقد ريتزيس أن هذا المتجر يشبه إستراتيجية متجر التطبيقات الخاص بالآيفون، إذ إن آبل تقدم تطبيقاتها الخاصة، لكنها تستفيد أكثر من تطبيقات المطورين والشركات الأخرى. وفي السياق ذاته، يرى أن الشركة قد تقدم ميزات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، لكنها لتكسب السباق ستحاول إنشاء هذا المتجر وإقناع المطورين الآخرين بالمشاركة.

وربما تكون هذه التوقعات منطقية، خاصة بعد المحادثات التي دارت بين آبل وغوغل مؤخرا حول استخدام نموذج "جميناي"، فربما دارت الأحاديث أيضا عن متجر جديد لهذا النوع من التطبيقات المتطورة. عموما علينا الانتظار للكلمة الافتتاحية للمؤتمر في العاشر من يونيو/حزيران القادم، لنتأكد من صحة هذه التوقعات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات الذکاء الاصطناعی التولیدی میزات الذکاء الاصطناعی مجال الذکاء الاصطناعی للذکاء الاصطناعی التحدیث الجدید الاصطناعی فی هواتف آیفون میزات جدیدة فی مجال أن آبل

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي يرسم ملامح جديدة لقطاعي الأمن والدفاع

يوسف العربي (أبوظبي)
يرسم الذكاء الاصطناعي ملامح جديدة لقطاعي الأمن والدفاع حيث مكّن الأنظمة الأمنية والدفاعية من تحليل البيانات الضخمة، والتعلم المستمر من البيئات التشغيلية، مما أدى إلى تحسين دقة التنبؤ والكشف عن التهديدات، حسب خبراء ومتخصصين.
وقال هؤلاء لـ «الاتحاد» إنه بفضل خوارزميات التعلم الآلي والتحليل في الوقت الفعلي، باتت الأنظمة الأمنية قادرة على التمييز بين الأنشطة العادية والسلوكيات المشبوهة، ما يعزز سرعة الاستجابة ويحدّ من المخاطر الأمنية المحتملة. وأضافوا: يقوم الذكاء الاصطناعي بإعادة رسم قواعد الأمن العسكري من خلال تولّي دور المهاجم والمدافع في آنٍ واحد كما يراقب الذكاء الاصطناعي الدفاعي حركة البيانات داخل الشبكات، فيكتشف ما يبدو غريباً ويحوّله للتحقيق المعمّق دون تعطيل عمليات الشبكة المعتادة.   وأكدوا أنه مع تنامي التهديدات الأمنية وتعقيدها على المستوى العالمي، أصبح الاعتماد على الأنظمة الذكية القابلة للتكيف أمراً ضرورياً لمواكبة بيئات التشغيل الديناميكية والتحديات المتزايدة.
التعلم الآلي 
ومن جانبه قال وليد لحود، مدير المبيعات الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا «أترمس»: إن  قطاعي الأمن والدفاع يشهدان تحولاً جذرياً مدفوعين بالتطور المتسارع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتشغيل الآلي، وتكامل أجهزة الاستشعار، ما يعزز بشكل غير مسبوق قدرات المراقبة والكشف عن التهديدات بذكاء ودقة عالية، ومع تنامي التهديدات الأمنية وتعقيدها على المستوى العالمي، أصبح الاعتماد على الأنظمة الذكية القابلة للتكيف أمراً ضرورياً لمواكبة بيئات التشغيل الديناميكية والتحديات المتزايدة.
وأضاف أن الذكاء الاصطناعي أحدث طفرة في مجال الأمن والمراقبة، حيث مكّن الأنظمة الدفاعية من تحليل البيانات الضخمة والتعلم المستمر من البيئات التشغيلية، مما أدى إلى تحسين دقة التنبؤ والكشف عن التهديدات وتقليل الإنذارات الكاذبة، وبفضل خوارزميات التعلم الآلي والتحليل في الوقت الفعلي باتت الأنظمة الأمنية قادرة على التمييز بين الأنشطة العادية والسلوكيات المشبوهة، ما يعزز سرعة الاستجابة ويحدّ من المخاطر الأمنية المحتملة.
وأوضح أنه في هذا السياق، تعدّ حلول مثل « SURICATE » حلاً متكاملاً يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتوفير مستويات عالية من الحماية والاستجابة السريعة للمتغيرات الأمنية إذ تساهم هذه الحلول في المراقبة الذكية، والتحليل اللحظي بحيث تعتمد على تقنيات التعلّم الآلي وتحليل البيانات الضخمة للقيام بعمليات المراقبة المستمرة والآلية، ما يتيح كشف التهديدات بسرعة عالية، سواء كانت طائرات مسيّرة أو مركبات أو عناصر بشرية مشبوهة.
وأضاف أن نظام SURICATE  هو حلّ ذكيّ للمراقبة يعتمد على دمج الكاميرات النهارية والحرارية في وحدة واحدة، مما يتيح تغطية مستمرة في مختلف ظروف الإضاءة ويتميز النظام بقدرته على التحليل الفوري للمشاهد من خلال الذكاء الاصطناعي المتقدم، الذي يعمل مباشرة على الجهاز (Edge AI) دون الحاجة إلى معالجة خارجية، وبفضل هذه التقنية يمكن للنظام رصد وتتبع الأجسام المتحركة بفعالية، مع تصنيفها تلقائياً بناءً على خصائصها البصرية والحرارية. 
ونوه بأن ما يميز النظام هو آلية التعلّم العميق (Deep Learning) التي تمكّنه من التطوّر المستمر حيث يستفيد النظام من الإنذارات السابقة لتحسين أدائه وتعزيز قاعدة بياناته ومع مرور الوقت، يصبح النظام أكثر دقة في التعرف على التهديدات الحقيقية والتقليل من الإنذارات الخاطئة، مما يساعد الفرق الأمنية والدفاعية على الاستجابة بسرعة وفعالية للمواقف المختلفة. 
حلقة تفاعلية
ومن ناحيته قال جاريث برايثويت، المدير العام للأسواق الناشئة في «جيجامون»: إن  الذكاء الاصطناعي يعيد رسم قواعد الأمن العسكري من خلال تولّي دور المهاجم والمدافع في آنٍ واحد.
وأضاف أنه على مدار أربعة عقود في هذا المجال تطوّرت التهديدات من فيروسات بسيطة إلى برمجيات خبيثة بالغة التعقيد مدعومة بالذكاء الاصطناعي. 
وأوضح أن الأنظمة العدائية تدرس أخطاءها وتحسّن أساليبها مباشرةً، دافعةً بالحدود إلى الأمام باستمرار وفي الجهة الأخرى، يراقب الذكاء الاصطناعي الدفاعي حركة البيانات داخل الشبكات، فيكتشف ما يبدو غريباً ويحوّله للتحقيق المعمّق دون تعطيل عمليات الشبكة المعتادة. 
ولفت إلى أن هذه الحلقة التفاعلية تزيد من قدرة الذكاء الاصطناعي المهاجم على تطوير تكتيكاته، وتقابلها ضرورة توقع الذكاء الدفاعي للحركة التالية وتساعد تحديثات التواقيع والخوارزميات المتغيرة على توقّع التهديدات الناشئة وإحباطها فيما يشبه حرب كرّ وفرّ يتفوّق فيها الذكاء الأقوى، لكنها سباق لا يعرف نهاية.
ضرورة حتمية
وقال إيليا ليونوف، المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، «بوزيتف تكنولوجيز» إنه في عالم يتصاعد فيه خطر التهديدات السيبرانية بوتيرة متسارعة، لم يعد تبني الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لحماية منشآت النفط والغاز والشبكات العسكرية وأنظمة الدفاع خياراً ثانوياً، بل أصبح ضرورة حتمية حيث تُوظّف هذه التقنيات على نطاق واسع لأتمتة الكشف والاستجابة والتحقيق، ما يختصر بشكل لافت زمن الاستجابة (MTTR)، وهو عنصر جوهري في عمليات الدفاع السيبراني الحديثة.
ولفت إلى أن نهج «الأمن السيبراني القائم على النتائج» من «بوزيتف تكنولوجيز» يقدم نموذجاً بارزاً في هذا السياق، إذ يهدف إلى تقليص زمن الاستجابة ليكون أقصر من زمن الهجوم (MTTA) ويجمع هذا الإطار بين أفضل الممارسات وأحدث الأدوات المتطورة، ما ينتج عنه دفاع عالي الكفاءة وقد ثبتت جدواه مراراً في بيئات تشغيلية فعلية، خصوصاً في خضم تزايد الأنشطة المرتبطة بالحروب الإلكترونية.
وقال: غير أن مجرمي الإنترنت ليسوا غافلين عن هذه التقنيات، فهم أيضاً يوظفون الذكاء الاصطناعي في عمليات الاستطلاع وغيرها من مراحل الهجوم وفي خضم هذا السباق التكنولوجي، يصبح تبني استراتيجيات معززة بالذكاء الاصطناعي ضرورة للمحافظة على التفوق الدفاعي.
وأضاف أنه أمام التهديدات السيبرانية المعقدة بنحو متزايد، يظل تسريع وتيرة اعتماد الذكاء الاصطناعي لحماية البنى التحتية الحيوية من أهم السبل لترسيخ القدرة على الصمود وحماية الأمن في عصر تسوده الحروب الرقمية.

مسرع قوي 
قال باتريس كين، الرئيس التنفيذي لمجموعة «تاليس» إنه في الوقت الذي تتطلع فيه قوات الدفاع إلى  تحقيق الابتكار في عام 2025 وما بعده، يشكل الذكاء الاصطناعي ركيزة أساسية في مسيرة التحول.
 وأضاف: في تاليس، كنا ندرك ونتوقع هذا التطور التكنولوجي، وحرصنا على  قيادة التغيير، حيث إننا ولأكثر من عقد من الزمان، قمنا بتضمين الذكاء الاصطناعي البسيط والقابل للتفسير والشفاف في حلولنا التي تخدم القوات المسلحة.
ولفت إلى أن تاليس تعتبر لاعباً رئيسياً في مجال الذكاء الاصطناعي في هذه البيئات المعقدة وتعد الشركة من كبار المتقدمين للحصول على براءات الاختراع - في أوروبا في هذا المجال، وتكرس الكثير من الجهد للبحث في مجال الذكاء الاصطناعي، سواء داخلياً أو من خلال الشراكات الأكاديمية والصناعية ولتحقيق المزيد من التقدم في هذه المهمة، وضعنا خبرتنا في مجال الذكاء الاصطناعي في CortAIx وهو مسرع قوي يضم أكثر من 600 مهندس وباحث متفرغين لتطوير الذكاء الاصطناعي الموجه للتطبيقات الحساسة.
ونوه بأنه على عكس الذكاء الاصطناعي المخصص للمستهلك، تم تصميم أنظمتنا للبيئات التي تكون فيها الأرواح والأمن القومي والبنية الأساسية بالغة الأهمية وهذا يعني إعادة التفكير في نماذج الذكاء الاصطناعي التقليدية، وضمان الامتثال للوائح الصارمة، وإعطاء الأولوية لإمكانية التضمين والاقتصاد في الإعدادات التشغيلية المعقدة.
وأوضح أن ما يميز الذكاء الاصطناعي الذي تطوره «تاليس» هو مقاربتنا الهجينة التي تتجاوز النماذج اللغوية الكبيرة التي تعتمد على كميات هائلة من البيانات والطاقة ويضمن الذكاء الاصطناعي في تاليس مستويات عالية من الشفافية والأمن السيبراني والممارسات الأخلاقية، ما يجعله مؤثراً ومستداماً ويعتمد  الذكاء الاصطناعي الذي تستخدمه تاليس، والذي يسمى الذكاء الاصطناعي الهجين، على البيانات، ما يتيح الفرصة  للاستفادة من قوة الأساليب الإحصائية المثبتة، ومن النماذج التي يمكن أن تكون هندسية أو رياضية أو رمزية وهذا مهم جداً لأن هذا الذكاء الاصطناعي شفاف، وليس صندوقاً أسود. وقال: إن هذه الطريقة تسمح لنا بشرح سبب ارتكاب الذكاء الاصطناعي لخطأ ما، على سبيل المثال، ومن الممكن تصحيحه وتحسينه، تماماً مثل الإنسان مضيفاً: نحن أيضاً رواد الذكاء الاصطناعي البسيط، الذي يستفيد من المعالجات عالية الكفاءة وتقنيات التشكيل العصبي المتطورة التي تحاكي الدماغ البشري، وتستهلك ما يصل إلى 1000 مرة طاقة أقل من الأنظمة التقليدية. وفي هذا المجال، نجحت تاليس في الحفاظ على مركزها الرائد  في مجال  التكنولوجيا.

أخبار ذات صلة تحت رعاية رئيس الدولة.. «آيدكس» و«نافدكس» ينطلقان اليوم «أترمس» الفرنسية تكشف عن تقنيات جديدة بأنظمة المراقبة آيدكس ونافدكس تابع التغطية كاملة

894 مليار درهم
قالت الدكتورة نعمت الجيار - مدير برنامج الدراسات العليا للذكاء الاصطناعي في كلية الرياضيات وعلوم الحاسوب في جامعة هيريوت وات – دبي، إن الذكاء الاصطناعي يلعب دوراً حيوياً في شتى المجالات ووفقاً لأحدث التقارير الصادرة عن «ستاتيستا» من المتوقع أن يصل حجم السوق في سوق الذكاء الاصطناعي إلى 243.70 مليار دولار في عام 2025 ما يعادل 894 مليار درهم ومن المتوقع أن يُظهر حجم السوق معدل نمو سنوي (CAGR 2025-2030) بنسبة 27.67%، مما يؤدي إلى حجم سوق يبلغ 826.70 مليار دولار بحلول عام 2030.
وقالت إنه تم دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في قطاعات عديدة حيث أصبح ضرورة وليس رفاهية، ففي قطاع الأمن والدفاع الحديث تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي في اكتشاف ورصد التهديدات واتخاذ القرارات المناسبة، وبالتالي رفع مستوى الكفاءة التشغيلية وتعتمد الحكومات والمؤسسات الخاصة على التقنيات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي بشكل كبير لحماية الأصول، ومكافحة التهديدات السيبرانية، وتعزيز الدفاع الوطني.
وأضافت أنه في مجال الأمن السيبراني والذي لا يقل أهمية عن الأمن المادي (وهو الإجراءات الأمنية التي يتم تبنيها لحماية مواقع البناء والمعدات وكل المعلومات والبرامج الموجودة فيها) وبسبب التطور التكنولوجي الذي نشهده زادت نسب الهجمات السيبرانية فوفقًا لأحدث التقارير بلغت الخسائر جراء الهجمات السيبرانية نحو 10 تريليونات دولار عام 2023، وفي عام 2024 قدرت الخسائر بنحو 9 تريليونات دولار.
ونوهت بأنه يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لاكتشاف الهجمات السيبرانية ومنعها في الوقت الفعلي و تقوم خوارزميات التعلم الآلي بتحليل كميات هائلة من البيانات لتحديد الأنماط المرتبطة بالبرامج المشبوهة ومحاولات الاحتيال، كما يمكن للأنظمة الأمنية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي التعرف ورصد الأنشطة الغير مألوفة والتنبؤ بالتهديدات المحتملة والاستجابة بشكل أسرع من المحللين البشريين، وهذا مهم بشكل خاص لتأمين المعلومات الحيوية وحماية البنية التحتية.
وفي مجال الأمن المادي، تستخدم أنظمة المراقبة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي للتعرف على الوجه، وتحليل السلوك، والكشف عن التحركات المريبة ومراقبة الأماكن العامة والمرافق الحيوية كما تساعد الكاميرات والطائرات بدون طيار (الدرونز) المعززة بالذكاء الاصطناعي في أمن الحدود، وفحص المطارات، ومراقبة الحشود.
ويعمل الذكاء الاصطناعي أيضًا على تعزيز الأمن في العمليات العسكرية وتستخدم الطائرات بدون طيار والأنظمة الآلية ذاتية التحكم في الاستطلاع والمراقبة والخدمات اللوجستية، مما يعزز الأمن ويقلل من المخاطر فيوفر للقادة العسكريين رؤى في الوقت الفعلي لتعزيز التخطيط الاستراتيجي.

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي يرسم ملامح جديدة لقطاعي الأمن والدفاع
  • ماذا خسر عصر الذكاء الاصطناعي من تراجع المسلمين؟
  • باستخدام الذكاء الاصطناعي.. ميتا تقترب من فك شفرة الأفكار البشرية
  • ول هاتف في العالم يدعم الذكاء الاصطناعي DeepSeek
  • الذكاء الاصطناعي
  • سام ألتمان يخطط لدمج جميع نماذج الذكاء الاصطناعي في نموذج جديد
  • ثورة في الذكاء الاصطناعي.. Gemini يتذكر كل شيء
  • ماذا قال الذكاء الاصطناعي عن بيسيرو مدرب الزمالك الجديد؟.. رأي صادم
  • GPT-5 سيتاح لمستخدمي الذكاء الاصطناعي مجانا
  • آبل تطور روبوتات شبيهة بالبشر.. بداية عصر جديد في الذكاء الاصطناعي