أعادت معركة طوفان الأقصى والحرب على قطاع غزة وتداعياتها في كل المنطقة والعالم الاهتمام بالقضية الفلسطينية والعودة إلى خيار المقاومة بكافة أشكالها وخصوصا المقاومة المسلحة، والمعروف أنه خلال السنوات العشر الأخيرة تراجع الإهتمام بالقضية الفلسطينية حتى لدى بعض الحركات الإسلامية، وتقدم خيار التطبيع بين الكيان الصهيوني وبعض الدول العربية والإسلامية، مما أثار الكثير من علامات الاستفهام حول دور هذه الحركات وموقعها في مواجهة الاحتلال الصهيوني .



والجماعة الإسلامية في لبنان (وهي أحد فروع حركة الإخوان المسلمين)، كانت من أوائل الحركات الإسلامية التي واجهت الاحتلال الصهيوني للبنان في العام 1982 وأنشأت قوات الفجر وشارك اعضاؤها الفلسطينيون في تأسيس حركة حماس وخصوصا فرعها في لبنان، وكانت الجماعة الإسلامية تعتبر القضية الفلسطينية من أهم أولوياتها منذ نشأتها في خمسينيات القرن الماضي وانفصالها عن جماعة عباد الرحمن (وهي جماعة خيرية واجتماعية ودينية تأسست في أربعينيات القرن العشرين على يد الأستاذ محمد عمر الداعوق، ولكنها تركز على العمل الخيري والديني والتربوي)، وكان أحد أهم الأسباب لانفصال بعض قيادات الجماعة الإسلامية عن جماعة عباد الرحمن وفي مقدمهم المؤسس للجماعة الدكتور فتحي يكن رحمه، سعي هؤلاء المؤسسين لتأسيس تيار إسلامي سياسي له علاقة بجماعة الإخوان المسلمين وخصوصا فرعها في دمشق والذي كان يشرف عليه الأستاذ مصطفى السباعي، إضافة لتأثر هؤلاء المؤسسين بقيادات الإخوان المسلمين في مصر والذين قدم بعضهم إلى لبنان .

وطيلة عمل الجماعة الإسلامية منذ انطلاقتها وحتى بدايات القرن الواحد والعشرين كانت القضية الفلسطينية والمقاومة من ضمن أولوياتها وكانت تربطها بالمقاومة الإسلامية في لبنان وحزب الله علاقة قوية، كما كانت تعتبر حركة حماس هي امتداد طبيعي لدورها في لبنان وفلسطين، ولكن في السنوات التي تلت حرب تموز (يوليو) 2006 والتي شنها العدو الإسرائيلي على لبنان، وبسبب الصراعات في لبنان والمنطقة، تراجع اهتمام الجماعة الإسلامية بخيار المقاومة وذلك لأسباب سياسية وميدانية، دون أن يعني ذلك تخليها عن دعم القضية الفلسطينية، وانشغلت الجماعة بالهموم اللبنانية الداخلية وبما يجري في بعض الدول العربية والإسلامية بعد الربيع العربي .

لكن خلال السنتين الماضيتين ولا سيما بعد انتخاب الشيخ محمد طقوش أمينا عاما للجماعة الإسلامية أعادت الجماعة التركيز على العمل المقاوم، وكانت حركة حماس، ولا سيما القيادي الشهيد الحاج صالح العاروري، قد ساهمت في إعادة ترتيب العلاقات بين الجماعة وحزب الله في لبنان وذلك خلال عهد الأمين العام السابق للجماعة الأستاذ عزام الأيوبي .

لكن معركة طوفان الأقصى والحرب على قطاع غزة والاعتداءات الإسرائيلية على لبنان خلال الأشهر الست الماضية، كل ذلك دفع قيادة الجماعة لإعادة تفعيل عملها المقاوم من خلال قوات الفجر وسقط لها العديد من الشهداء في المواجهات مع العدو الصهيوني وخلال عملية اغتيال الحاج صالح العاروري .

وقد أدى الإعلان الصريح للجماعة الإسلامية المشاركة في العمل المقاوم وإظهار دورها المسلح خلال تشييع شهدائها إلى حملة قوية على الجماعة وقياداتها من مواقع إلكترونية لبنانية وعربية، كما شنت بعض القوى والشخصيات السياسية اللبنانية حملة إعلامية ضد الجماعة واتهامها بنشر الفوضى في لبنان أو بأنها أصبحت تابعة لحركة حماس أو أنها انضمت إلى محور المقاومة.

لقد أفرزت معركة طوفان الأقصى والحرب على قطاع غزة آفاقا جديدة للحركات الإسلامية وأعادت تصويب البوصلة نحو فلسطين والقدس وهذا هو الخيار الصحيح أمام كل القوى والحركات الإسلامية والقومية واليسارية، وهذا ما يجري في كل أنحاء العالم اليوم .وفي مقابل هذه الحملة أكد المسؤولون في الجماعة الإسلامية: أن خيار المقاومة هو خيار طبيعي في وجه العدوان الصهيوني وأن العلاقة مع حركة حماس هي علاقة أخوية وتنسيقية وأن الجماعة لم تنضم إلى أي محور ولكنها تدعم كل من يقاتل من أجل فلسطين وأن التزامها بالقضية الفلسطينية هو التزام مبدئي وفكري وإسلامي وإنساني .

وحسب العديد من المصادر الدبلوماسية والإعلامية في بيروت: فإن هناك تخوفا لدى بعض الجهات العربية واللبنانية من الخيار الذي اعتمدته الجماعة الإسلامية في لبنان على صعيد العمل المقاوم وتوثيق علاقاتها مع قوى المقاومة في لبنان وفلسطين والمنطقة، وأن سبب الحملات الإعلامية والسياسية عليها لأنها نجحت في استقطاب آلاف الشباب اللبناني المسلم للعمل المقاوم وأنها قد تشكّل خطرا على القوى الأخرى وعلى من يتبنى خيار التطبيع مع العدو الصهيوني .

لكن المسؤولين في الجماعة الإسلامية يؤكدون أن هذا الخيار نهائي وأن هناك تواصلا معهم من العديد من القوى والحركات الإسلامية في العالم العربي والإسلامي لدعم هذا الخيار، لأنه لا بديل عن خيار المقاومة في مواجهة العدو الصهيوني، وأن على الجميع الانخراط بكافة أشكال الدعم والمقاومة .

ومن يراقب الحضور السياسي والإعلامي والشعبي للجماعة الإسلامية في لبنان خلال الأشهر الأخيرة يلحظ حجم الاهتمام الدبلوماسي والسياسي والإعلامي بدورها ومواقفها وازدياد حالة الالتفاف الشعبي حولها كونها اعتمدت الخيار الصحيح وهذا هو المطلوب من كافة الحركات الإسلامية والقومية واليسارية، لأنه طيلة السنوات الماضية كان الرهان على انتشار موجة التطبيع مع الكيان الصهيوني والانشغال بالقضايا القطرية والمحلية في كل بلد وازدياد الخلافات المذهبية والسياسية، وكل ذلك لخدمة المشروع الصهيوني .

فهل تشكّل الجماعة الإسلامية في لبنان نموذجا لكافة الحركات والتيارات الإسلامية التي انشغلت في الصراعات الداخلية وابتعدت عن الاهتمام بالقضية الفلسطينية وبدعم خيار المقاومة؟ وكيف ستكون صورة العالم العربي والإسلامي في المرحلة المقبلة في ظل عودة الشعوب العربية والإسلامية لمواجهة خيار التطبيع (كما يجري في البحرين والمغرب والأردن وتركيا) أو لتبني خيار المقاومة (كما يحصل في اليمن والعراق ولبنان وفلسطين اليوم)؟

لقد أفرزت معركة طوفان الأقصى والحرب على قطاع غزة آفاقا جديدة للحركات الإسلامية وأعادت تصويب البوصلة نحو فلسطين والقدس وهذا هو الخيار الصحيح أمام كل القوى والحركات الإسلامية والقومية واليسارية، وهذا ما يجري في كل أنحاء العالم اليوم .

@kassemkassir

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه خيار المقاومة لبنان لبنان مقاومة رأي اسلاميون خيار مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجماعة الإسلامیة فی لبنان بالقضیة الفلسطینیة الحرکات الإسلامیة القضیة الفلسطینیة خیار المقاومة حرکة حماس یجری فی

إقرأ أيضاً:

قتيلان أحدهما قيادي بالجماعة الإسلامية في غارتين اسرائيليتين جنوب لبنان

بيروت (لبنان) "أ ف ب": أعلنت الجماعة الاسلامية في لبنان الحليفة لحركة حماس الفلسطينية اليوم مقتل أحد قيادييها بغارة اسرائيلية استهدفت سيارة في بلدة تقع إلى جنوب بيروت، بينما أفادت وزارة الصحة بمقتل شخص آخر بغارة أخرى بعد ساعات في جنوب لبنان.

ورغم سريان وقف لإطلاق النار منذ 27 نوفمبر، تواصل إسرائيل شنّ ضربات دامية تؤكد أنها تستهدف عناصر في حزب الله أو "بنى تحتية" عائدة له لا سيما في جنوب لبنان.

ونعت الجماعة الاسلامية في بيان "القيادي الأكاديمي والأستاذ الجامعي الدكتور حسين عزات عطوي"، مضيفة أنه قتل بضربة من مسيّرة اسرائيلية "استهدفت سيارته أثناء انتقاله صباح اليوم ... من منزله في بلدة بعورتا إلى مكان عمله في بيروت".

وكان مصدر أمني لبناني أفاد وكالة فرانس برس في وقت سابق عن مقتل عطوي "بغارة اسرائيلية على سيارته" في البلدة القريبة من مدينة الدامور الساحلية التي تبعد نحو 20 كيلومترا عن بيروت.

وأعلن الجيش الاسرائيلي لاحقا أنه "قضى" على عطوي الذي قال إنه شارك في "تخطيط وتنفيذ أنشطة إرهابية من لبنان باتجاه الأراضي الاسرائيلية"، و"نفّذ هجمات صاروخية خلال السنوات الماضية .. وساهم في محاولات التسلل إلى داخل الأراضي الإسرائيلية".

وبحسب المصدر الأمني اللبناني، فإن عطوي رجل دين وقيادي في قوات الفجر، الجناح العسكري في الجماعة الاسلامية، التنظيم الحليف لحركة حماس وحزب الله. وكان يُعرف بنشاطه العسكري ضد اسرائيل منذ سنوات، وسبق أن استهدفته اسرائيل خلال مواجهتها الأخيرة مع حزب الله.

وشاهد مصور لفرانس برس في موقع الاستهداف هيكل السيارة المستهدفة المحترقة تماما، وقد طوّقت وحدات الجيش اللبناني المكان، بينما حضرت فرق الأدلة الجنائية لتفقده.

وبعد ساعات من الغارة التي قتل فيها عطوي، أسفرت غارة اسرائيلية جديدة في جنوب لبنان عن مقتل شخص. وأوردت وزارة الصحة في بيان أن "الغارة التي شنها العدو الإسرائيلي على بلدة الحنية قضاء صور أدت إلى سقوط شهيد". وقالت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية إن الغارة استهدفت شاحنة صغيرة ودراجة نارية.

وخلال الأشهر الأولى من المواجهة بين حزب الله واسرائيل التي بدأت في أكتوبر 2023، تبنّت الجماعة الاسلامية مرارا عمليات إطلاق صواريخ باتجاه شمال الدولة العبرية. وشكلت الجماعة مع جناحها العسكري كذلك هدفا لضربات إسرائيلية عدة خلال تلك الفترة.

وقتل شخصان الأحد في ضربات جوية اسرائيلية بحسب وزارة الصحة اللبنانية. وأعلن الجيش الاسرائيلي أنه هاجم بنية تحتية عسكرية لحزب الله، وقال إنه "قضى" على عنصرين من الحزب المدعوم من إيران.

ومنذ سريان وقف إطلاق النار، يعمل الجيش اللبناني على تفكيك بنى عسكرية تابعة لحزب الله تقع جنوب نهر الليطاني، وهي المنطقة التي نص اتفاق وقف إطلاق النار على انسحاب الحزب منها مقابل تعزيز انتشار الجيش وقوة الأمم المتحدة الموقتة (يونيفيل) فيها.

وأوقعت الضربات الاسرائيلية منذ سريان وقف إطلاق النار 190 قتيلا على الأقل في لبنان، وفق السلطات. وقالت الأمم المتحدة الاسبوع الماضي إن 71 مدنيا على الاقل في عداد القتلى.

وكان الجيش اللبناني أعلن الأربعاء توقيف ضالعين في عمليتي إطلاق صواريخ في مارس. ولم تتبنَّ أي جهة العمليتين، ونفى حزب الله أي علاقة له.

وفي حين لم يحدد الجيش انتماء الموقوفين، أفاد مصدر أمني الأربعاء بتوقيف ثلاثة منتمين الى حركة حماس التي سبق أن أعلنت مسؤوليتها عن إطلاق صواريخ من لبنان خلال الحرب.

كذلك، أعلن الجيش اللبناني الأحد توقيف أشخاص كانوا يعدّون "لعملية جديدة لإطلاق صواريخ" نحو إسرائيل.

وأضاف في بيان أن قواته دهمت "شقة في منطقة صيدا-الزهراني وضبطت عددا من الصواريخ بالإضافة إلى منصات الإطلاق المخصصة لها، وأوقفت أشخاصا عدّة متورطين في العملية".

مقالات مشابهة

  • لجان المقاومة الفلسطينية تؤكد أن المجازر الصهيوني في غزة ترتكب بقرار وسلاح أميركي
  • قتيلان من الجماعة الإسلامية وحزب الله بغارتين اسرائيليتين على لبنان
  • قتيل من الجماعة الإسلامية وآخر من حزب الله في غارتين اسرائيليتين في لبنان  
  • قتيلان أحدهما قيادي بالجماعة الإسلامية في غارتين اسرائيليتين جنوب لبنان
  • الجماعة الإسلامية في لبنان تنعى القائد الشهيد حسين عطوي
  • لبنان: غارة إسرائيلية جنوب بيروت تودي بحياة قيادي في "الجماعة الإسلامية"
  • إسرائيل تغتال حسين عطوي القيادي بالجماعة الإسلامية في غارة بجبل لبنان
  • اغتيال قيادي في الجماعة الإسلامية بغارة إسرائيلية على جبل لبنان
  • بعد استهدافه.. الجماعة الإسلامية نعت عطوي
  • أحمد موسى: البابا فرنسيس كان محبًا لمصر.. ودائم الدفاع عن القضية الفلسطينية