ياسر عرمان

(لولا ثورة ديسمبر والشهداء من الديسمبريات والديسمبريين لما سمع أحد بكباشي والعطا ولانتهي بهما المقام في إحدي قوائم المعاش التي يعدها الاسلاميين بتوصية من الجاز أو كرتي أو الفشاشوية أو الهيئة الخيرية لاسناد القوات المسلحة أو حتي السفيرة أم حمد. فالمجد لشهداء الثورة السودانية ولشهداء الحرب جميعا).



طلب مني أصدقاء اعزاء في مجموعة (مهتمون بالتحليل السياسي) وهي مجموعة من خيرين تُعني بالتحليل السياسي والمساهمة الجماعية في اجلاء الرؤية ووحدة الجبهة المعادية للحرب، أن ادلوا برأيي حول ما بدأ من خلافات بين كباشي والعطا. ما يهمني هنا الحوار بين قوى ثورة ديسمبر المجيدة حول الموقف من الجيش والحرب وهو حوار يجري علي قدم وساق، واحيانا دون قدم أو ساق! وفي احيانا أخرى يضر و يعمق الخلافات بين قوي الثورة بدلا من تمتين اواصر رفقة الطريق الموحش والشائك في وقف الحرب واكمال الثورة.
العوة بين كباشي والعطا عوة في ضلف، وفي أفضل الأحوال تعكس ضبابية الرؤية عند قادة الجيش في كيفية إنهاء الحرب والوصول إلى هدفهم الثابت والمشترك في العض على السلطة بالنواجز، وهو هدف الانقلاب والحرب.

الأخطر والاعمق إن الجيش أصبح مثل سوق عكاظ يتحدث بأكثر من لسان ولغة، مرة بالياباني واخرى بالطلياني وآخرين بالصيني، وهي من مآسي الاسلاميين على الجيش، فالجيش على مر الحقب عُرف بالتراتبية الصارمة وبفاعلية القيادة والسيطرة وإذا كان كباشي والعطا بالدف ضاربين فشيمة من تبقي الرقص، وقد رقص قبلهما العميد طارق كجاب وإبراهيم الحوري حتي أصبح الانصرافي يُكرم من قبل قادة الجيش!! وانتفت تقاليد الجيش فلا تراتبية أو تعليمات واوامر مستديمة فكل شىء مبذول في الفضاء العام، واضحى الجيش مؤتمر وطني آخر أمام مرائ من الحرب والشعب والنهب والقتل وكل صنوف الانتهاكات، والحال يغني عن السؤال.
مثلما لا يسألنا أحد في الإختيار بين تصريحات غندور وإبراهيم محمود فالذي يقابلهم في الجيش هما كباشي والعطا، فروق تكتيكية واختلافات ثانوية والهدف واحد. الجديد أن الجيش مؤسسة تراتبية وعسكرية، مع ذلك لنا تجربة طويلة مع العطا وكباشي طوال فترة ما بعد الثورة في الحديث بأكثر من لسان ولغة ويظل هدفهما الثابت القضاء على الثورة وشعاراتها، واحيانا في وراثة البرهان وامتلاك مصادر القوة داخل الجيش وفي التباري في كسب ود الاسلاميين او المجتمع الاقليمي والدولي أحيانا. في كل الأحوال اذا كان الخلاف حقيقي- وهو أمر مشكوك فيه- فإنه سيزيد اوار الحرب ويفرخ المزيد من امرائها، وفي الغالب فإنه مجرد توزيع أدوار كما في الماضي، والرأي الأخير سيكون عند قائد الجيش رغم العثرات الناجمة من عوة الجنرالين، وهي ليست جديدة، الجديد هي الحرب والجيش يجري على رأسه مثل الخيول، وبرهان هو المستفيد فعوة الجنرالين تتيح له ترجيح الكفة الأكثر شعبية في داخل الجيش، ومعلوم إن الجيش يريد أن يستعيد الخرطوم أولا فنتائج الحرب الحالية والانتصارات التكتيكية لا تشجع على التفاوض بل على مواصلة الحرب حتي يقبل الدعم السريع بأن يكون شريكا أصغر، وهو عرض انقلاب ٢٥ أكتوبر ولا يزال على الطاولة، والاسلاميين وكبار قادة الجيش يوحدهم الموقف ضد ثورة ديسمبر، وهم لا يزالون في محطات مكرهم القديمة ويهاجمون قوى الثورة والقوى الديمقراطية أكثر من مهاجمتهم للدعم السريع، ولذا ليس من واجبنا أن نختلف على (ضلف) الجنرالين أو نعلق آمال وقف الحرب والثورة على تصريحاتهما منذ "حدث ما حدث" فواجبنا اكبر من مكائد الجنرالين وحلفائهم واخوانهم في الرضاعة من الاسلاميين.

القضية الكبرى المطروحة في هذه العوة أن الجيش الحالي وبتصرفات كبار الضباط لن يقبل بالحلول المستدامة في القضايا الاستراتيجية الاستقرار ، الديمقراطية، التنمية، و المواطنة بلا تمييز، وحديثه بأكثر من لسان ولغة هو صدى لتسيس الاسلاميين للمؤسسة العسكرية.

لماذا اتت تصريحات كباشي في هذا الوقت وما الغرض منها سيما وإن لكباشي لسان في المنامة وفي بحر ابيض وآخر في القضارف، ودرج على إطلاق التصريحات المتناقضة وهو متماهي مع سيطرة الاسلاميين على القوات المسلحة وينحو نحو المناورة والتمويه، والثابت عنده سيطرة الجيش.

كباشي والعطا هم الثنائي الذي وقف بصلابة ضد الإتفاق الإطاري ودفع في إتجاه الحرب، وهما يدركان أوضاع الجيش واتساع رقعة الحرب واهمية اعمال القوة الشاملة، الخشنة والناعمة والتي هي ابعد من فوهة البندقية لكسب الحرب. لماذا اتي تصريح كباشي في هذا التوقيت؟ فهو تصريح يأتي بتنسيق مع قائد الجيش لتحقيق عدة أهداف:

١. من مصلحة الجيش أن يحكم قبضته على قوات الحركات المسلحة والتيارات الاكثر تطرفا من الاسلاميين وحرمان اي جهة من الاستفادة من نتائج الحرب اثنيا وجغرافيا واستخدامهم كوقود.

٢. كباشي مسؤول عن الملف السياسي وناوي على المنامة أو جدة للمناورة مع المجتمع الاقليمي والدولي خصوصا وأن المبعوث الاميركي قد أعلن عن جولة قادمة من التفاوض في ١٨ ابريل الجاري، ولن يسعي لاتفاق لمصلحة الحركة الجماهيرية، وهدفه الرئيسي بأن يأتي بالدعم السريع كشريك أصغر وهذا لا يتناقض مع أهداف العطا، فالعطا يمسك العصا من طرفها وكباشي يمسك العصا من منتصفها على الطريقة الصينية للقتال، والهدف واحد، فلكل جنرال طريقة ولكل شهية في السلطة والثروة.

٣. نبش القبور وقطع الرؤوس اضر بسمعة الجيش ولا بأس من بعض التصريحات لتحسينها وقانون لضبط الامور حتي لا تنقلب ضد قادة الجيش أنفسهم.

٤. كبار قادة الجيش والاسلاميين ادخلوا حسن الترابي بطول قامته إلى السجن، والاسلاميين المستندين على القطاع الامني والعسكري والذين امتطوا ظهر الجيش الذي يوفر لهم السلطة والموارد وفي المقابل يوفرون الدعم السياسي والاعلامي والتآمر على الحركة الجماهيرية فهذه معادلة وشراكة تتطور مع الحرب ولا تنتهي، وقد شوهت الجيش وجعلت من الاسلاميين أداة للقمع.

*اخيرا:* فإن توزيع الادوار مكيدة من مكائد الاسلاميين لتغبيش وعى الناس، ولنا في الرسالة الصوتية لعبد الماجد عبد الحميد اسوة سيئة فقد بدأ أكثر عقلانية- على غير عادته- لنشتري بضاعته بينما اختار ضياء بلال طريقا آخر، وعلينا أن نذهب خلف الحركة الجماهيرية لا خلف تحليلات الاسلاميين التي لن نجني منها غير تغبيش الرؤية، وأن نشرح مكائدهم بصبر لشعبنا اولا وللمجتمعين الاقليمي والدولي فلا العطا هو خالد إبن الوليد ولا كباشي هو عمرو بن العاص. إنها عوة في ضلف فكيف اصدق حديثك عن الحكم المدني الديمقراطي وهذا اثر فاسك في ساحة الاعتصام والانقلاب والحرب. فقوى الثورة يجب أن لا تفرقها التقديرات السياسية التي تقبل التباين، فاهدافنا واضحة ومهامنا بينة.

والمجد للشهداء من كل البلاد
والمجد للشهداء في كل السودان
والمجد للسودان حرا طويل الباع
٢ ابريل ٢٠٢٤

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قادة الجیش

إقرأ أيضاً:

كثيرون توقعوا أن الجيش سيفاوض بعد تحرير الخرطوم لأنه أصبح في وضع أقوى

باستعادة الخرطوم استعدنا مركز ثقل الدولة بكل ما يعنيه ذلك.
إستعادة المركز تعني استعادة التوازن والتفكير بمنطق الدولة.
الأوضاع تغيرت؛ لم يعد البرهان محاصرا داخل القيادة العامة ولا القيادة العامة نفسها محاصرة. لقد عادت العاصمة وعادت الدولة.

وعليه، لم يعد هناك ما نخشاه، وأصبحت أمامنا خيارات عديدة لم تكن متوفرة في بداية الحرب.
كثيرون توقعوا أن الجيش سيفاوض بعد تحرير الخرطوم لأنه أصبح في وضع أقوى، ولكن الجيش لم يتوقف ولا ينوي أن يتوقف عند الخرطوم ويبدو أنه سيواصل الزحف إلى دارفور. وما دام قادرا على دحر المليشيا بقوة السلاح فلن يتوقف ليمنحها اتفاق مجاني. هذا بديهي. سيستمر الجيش في التقدم ويستنفد كل وسعه، ومع كل تقدم تصبح المليشيا في وضع أضعف. الموقف المطروح الآن للتفاوض هو استسلام المليشيا وتجميع قواتها في معسكرات وتسليم الأسلحة الثقيلة، وهو موقف يدعمه وضع الجيش وتقدمه على الأرض.

ولكن مع استمرار الحرب، ومع كل ما ذكر عن استعادة ثقل الدولة، فلم يعد هناك ما يمنع أو يضير من استخدام الدولة للأدوات السياسية لإجبار المليشيا على الإلتزام بقواعد الحرب وحماية المدنيين. هذه مسئولية الدولة ويجب عليها القيام بذلك، ويمكنها العمل مع الوسطاء وإبداء المرونة اللازمة من أجل تحقيق الحماية للمدنيين وأيضا للمرافق والمنشآت المدنية. هنا توجد مساحة يجب استغلالها.

والأوضاع الآن تسمعح بهذا. ولم تعد هناك خشية من استفادة المليشيا بشكل كبير من التنسيق في الأمور الإنسانية لتحقيق مكسب سياسي أو عسكري كما في السابق.
على الحكومة أن تسعى في هذا الاتجاه.


حليم عباس

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الجيش الإسرائيلي يُباشر إجراءات تأديبية ضد أطباء احتياط دعوا إلى إنهاء الحرب على غزة
  • بعد عامين من الحرب .. تفاصيل سيطرة الجيش السوداني على الخرطوم؟
  • كثيرون توقعوا أن الجيش سيفاوض بعد تحرير الخرطوم لأنه أصبح في وضع أقوى
  • عبد العزيز الحلو في لقائه مع قناة “الحدث”: خطاب بين الثورة والمأزق
  • توتر داخل جيش الاحتلال.. قادة وجنود احتياط يطالبون بوقف الحرب وعودة الأسرى
  • ماذا وراء الحديث عن نزع سلاح المقاومة كشرط لوقف الحرب في غزة؟
  • تمرد في الجيش الإسرائيلي.. مئات الجنود يوقعون عرائض ضد استمرار الحرب في غزة
  • إتحدوا .. فالقادم أصعب !! .
  • تصاعد الاحتجاج ضد حرب غزة يربك الجيش الإسرائيلي ويضغط على حكومة نتنياهو
  • حرب لم تُبقِ ولم تذر.. كيف يبدو مستقبل السودان؟