مجموعة بيئة تطوّر برنامج تنفيذي معزز بالذكاء الاصطناعي لمساعدة القياديين على اتخاذ قرارات قائمة على البيانات
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
الأداة الجديدة هي والتي ترتكز إلى نموذج لغوي مبني على تجارب ومعلومات سابقة ويوفر رؤية واضحة لكبار المسؤولين والموظفين لاتخاذ القرار الصائب في الوقت الصحيح
كشفت مجموعة بيئة، الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي والاستدامة على صعيد المنطقة، عن اعتمادها لبرنامج تنفيذي معزز بالذكاء الاصطناعي، يتبنى نموذجاً لغوياً خاصاً وقادر على تبسيط البيانات المعقدة والمعلومات السابقة، وتحويلها إلى رؤى مبتكرة تسهم في مد كبار الموظفين والمديرين التنفيذيين وفرقهم بالمعلومات الصحيحة، وتمكينهم من اتخاذ قرارات صائبة ضمن نطاق وظائفهم أو القطاعات التي يعملون بها.
إلى ذلك، يمتلك “البرنامج التنفيذي المعزز بالذكاء الاصطناعي” القدرة على فهم وتحليل المعلومات بناءً على الاستعلامات اللغوية البديهية، سواء المكتوبة أو المنطوقة، وسيعمل على تصميم الاستجابات لتطوير أفكار ذات صلة، بهدف تعزيز المرونة التنظيمية وتعزيز الكفاءة.
يُذكر أن مجموعة بيئة لطالما استخدمت الذكاء الاصطناعي لدفع عجلة الاستدامة ضمن مختلف القطاعات التي تعمل بها، ويعد المقر الرئيسي للمجموعة، وهو أحد المعالم البارزة التي صممتها المهندسة المعمارية العالمية زها حديد، أول مبنى متكامل معزز بالذكاء الاصطناعي في المنطقة، كما أنه يلبي معايير نظام الريادة في تصميمات الطاقة والبيئة البلاتينية (LEED). ويتمتع المبنى بخدمات “مايكروسوفت” و”آزور كلاود” و”جونسون كنترولز أوبن بلو”، ويستخدم الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا التوأم الرقمي لتحسين الأداء والطاقة والصيانة.
وتستخدم مجموعة بيئة الذكاء الاصطناعي أيضاً في مختلف عملياتها، ومنها إدارة النفايات، حيث يضم أسطولها المخصص لجمع النفايات وتنظيف المدن مركبات متطورة مزودة بكاميرات 360 درجة تعمل بالذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى اعتماد نظام “رؤية المدينة”، الذي يرصد حالات امتلاء الحاويات أو انتشار النفايات في الشوارع، في خطوة نوعية نحو الارتقاء بنظافة المدن والشوارع من خلال تحسين الخدمة وإطلاق الحملات التوعوية. وعلى نحو مشابه، تم تجهيز “مرفق معالجة النفايات التجارية والصناعية بالروبوتات المعززة بالذكاء الاصطناعي والتي تتعرف آلياً إلى النفايات، ومن ثم تفرزها وفقاً لأنواعها بما يتيح استعادة المواد القيمة وعالية الجودة، بشكل أسرع وأكثر دقة.
وفي هذا السياق قال خالد الحريمل، الرئيس التنفيذي ونائب رئيس مجلس إدارة مجموعة بيئة: ” مع نمو أعمالنا والقطاعات التي نخدمها بشكل مستمر، فإننا نعمل دائماً على البناء على ما تحقق من أنظمة وبيانات وملاحظات مأخوذة عن العمليات. وخلال العقد الماضي، حرصنا على استخدام التكنولوجيا المستقبلية كالذكاء الاصطناعي وتقنيات التوأم الرقمي، وهذا ما ساعدنا على التقدم في تحقيق الأهداف المتعلقة بالاستدامة والأعمال على حد سواء، وستشكل الأداة الجديدة والمعززة بالذكاء الاصطناعي مصدراً فريداً يسهم في توحيد وتعزيز جهودنا في مجال التحول الرقمي، واستخلاص البيانات، والتحقق من المصادر والأنظمة، بهدف تمكين القيادات العليا والموظفين من اتخاذ قرارات شاملة مستندة إلى البيانات، وتسريع الابتكار”.
ومن خلال التدريب الآلي، سيستخدم “البرنامج التنفيذي المعزز بالذكاء الاصطناعي” البيانات الضخمة من البنية التحتية الرقمية التي تمتلكها المجموعة، لاستخلاص المعلومات الهامة والتوجيهات السليمة. كما ستعمل “إدارة الوصول”، على تزويد المستخدم بنصائح وإرشادات شخصية مع ضمان الخصوصية والحفاظ على مستوى أمن المعلومات. وسيساهم النظام الجديد في البناء على ما تحقق من إنجازات والاستعداد للمستقبل، مع تقليل الحاجة إلى التحديثات والصيانة المتكررة، من خلال الاستفادة من الأنظمة الرقمية الحالية.
وأضاف الحريمل: “سيعمل “البرنامج التنفيذي المعزز بالذكاء الاصطناعي” كمستشار رقمي موثوق يجمع البيانات من أنظمتنا وأصولنا الرقمية ويحللها لحظياً، عبر النصوص المكتوبة والمسجلة صوتياً، لتوفر للقيادات العليا بالبيانات والرؤى التي يحتاجونها في الوقت المناسب، بما يعزز قراراتهم وتوافقهم بشكل فعّال في جميع الشركات التي تنضوي تحت مظلة المجموعة”.
الجدير بالذكر أن مجموعة بيئة شكلت فريقاً لتطوير “البرنامج التنفيذي المعزز بالذكاء الاصطناعي” ضمن المجموعة، بالتعاون مع كبار مزودي التكنولوجيا لضمان أن يكون الحل آمناً، وأن يتعلم بشكل فعال من بيانات المجموعة، ويقدم رؤى مخصصة بناء على تلك البيانات.
تأتي مبادرة مجموعة بيئة في إطار انسجامها مع الأجندة الوطنية للذكاء الاصطناعي والتنوع الاقتصادي التي أطلقتها دولة الإمارات العربية المتحدة قبل 10 سنوات تقريباً، وستشكل الأداة مصدراً شاملاً لجمع الرؤى من كافة أنظمة المجموعة ومنصاتها وتقنياتها، بهدف تعزيز الابتكار والكفاءة والنمو والقيمة للجهات المعنية في جميع المناطق والمدن التي تعمل فيها المجموعة. ووفقاً لشركة (PwC)، فإنه من المتوقع أن ينمو الذكاء الاصطناعي بمنطقة الشرق الأوسط من 20% إلى 34% وصولاً لقيمة سوقية تُقدر بـ320 مليار دولار بحلول 2030.
وختم خالد الحريمل قائلاً: ” تماشياً بالاستراتيجية الوطنية للاستعداد للذكاء الاصطناعي وتنويع الاقتصاد، واصلت مجموعة بيئة جهودها في مجال الذكاء الاصطناعي على مدى العقد الماضي. ويُعتبر “البرنامج التنفيذي المعزز بالذكاء الاصطناعي” أحدث ابتكار في مجال تقنية الذكاء الاصطناعي لدى المجموعة، حيث يعمل كمصدر موحد لجمع البيانات والتحليلات من جميع أنظمتنا ومنصاتنا وتقنياتنا من أجل دفع الابتكار والكفاءة والنمو وتحقيق قيمة أكبر للمعنيين والمدن التي نعمل بها”.
إلى جانب عملياتها المبتكرة، استثمرت “بيئة” في العديد من المشاريع التي تركز على التحول الرقمي والتكنولوجيا المستقبلية، حيث قامت شركة “إيفوتك”، ذراع التحول الرقمي التابع لمجموعة بيئة والمتخصصة بالتحول الرقمي ودعم الشركات والحكومات، بتطوير منصة “تطمين” والتي تعتمد على نظام “سمارت تراك” لصالح وزارة الصحة ووقاية المجتمع. وتتميز المنصة الذكية بأنها تعمل على تتبع سلسة توريد الأدوية والإمدادات الدوائية من المصدر حتى وصولها للمستفيدين لتجنب الأدوية التي انتهت صلاحيتها أو المزيفة.
على صعيد آخر، تستفيد شركة “ري. لايف” التابعة لمجموعة بيئة من المنظومة الرقمية للمجموعة لإنشاء منصات مبتكرة، حيث تسجل “ري. لايف ماركت”، وهي منصة لتداول المواد القابلة لإعادة التدوير، معاملات بمئات ملايين الدراهم سنوياً، وتسهم في تعزيز قيمة النفايات من خلال تبسيط إدخال آلاف المواد القابلة لإعادة التدوير في الاقتصاد الدائري، في حين تعمل منصة “ري. لايف كوليكت” على تسهيل حلول الخدمات اللوجستية والنقل، وتمكين الشركات من تسريع وصول الشحنات إلى المستهلكين على الصعيدين المحلي والعالمي، وفق جدول زمني محدد أو عند الطلب. على جانب آخر، تعاونت “بيئة” مع “خزنة داتا سنتر” في مشروع مشترك لتأسيس شركة “خزنة الشارقة”، بهدف تطوير أول مركز بيانات في المنطقة من الفئة الثالثة (Tier 3)، يتم تشغيله بالكامل من الطاقة التي تم تحويلها من النفايات، بما يُرسي معايير جديدة للاستدامة في هذا المجال.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
حكم بيع قائمة بأرقام الهواتف لمساعدة الآخرين في التواصل مع أصحابها.. دار الافتاء توضح
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"حكم بيع قائمة بأرقام الهواتف بمبالغ معينة لبعض الشركات أو الأفراد للمساعدة في التواصل مع أصحاب هذه الأرقام؟ فهناك بعض الأفراد الذين يعملون في بعض الجهات التي تقدم خدمات لجمهور المتعاملين معها، ويقوم هؤلاء الأفراد بجمع أرقام هواتف العملاء وبياناتهم وعمل قائمة بها دون علم أصحابها، ثم يبيعونها لشركاتٍ أخرى تقدم خدماتٍ للجمهور، مقابل مبلغ مالي. فما حكم الشرع في ذلك؟".
لترد دار الإفتاء موضحة: انه لا يجوز شرعًا قيام بعض الأفراد الذين يعملون في جهة ما بعمل قائمة بأرقام هواتف العملاء وبياناتهم وإعطائها لجهة أخرى مقابل مبلغ من المال دون إذن أصحاب تلك البيانات؛ فهذا فعلٌ محرم شرعًا وممنوعٌ قانونًا، لا سيما وأنَّ هذه الأرقام والبيانات من جملة الأسرار والأمانات التي يجب حفظها، وإفشاؤها يُعدُّ من خيانة الأمانة المحرمة شرعًا، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: 27]، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ حَدَّثَ حَدِيثًا لَا يُحِبُّ أَنْ يُفْشَى عَلَيْهِ فَهُوَ أَمَانَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَكْتِمْهُ صَاحِبُهُ»، كما أنها ليست ملكًا لهؤلاء الأفراد حتى يصحَّ بيعها.
بيان أنَّ الإسلام وضع القواعد العامة التي تنظم المعاملات بين الناس
وضع الشرع الشريف القواعد التي تنظم علاقة الأفراد بعضهم البعض؛ في البيع والشراء والأخذ والعطاء، وأرشد إلى طرق الكسب الحلال فيها، ونهى عمَّا يخالفها؛ رعايةً للحقوق، وتحقيقًا للمصالح، ودفعًا ورفعًا للظلم؛ فقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29].
حكم بيع قائمة بأرقام الهواتف بمبالغ معينة لبعض الشركات أو الأفراد للمساعدة في التواصل مع أصحاب هذه الأرقام
أرقام الهواتف وبياناتها تمثل اختصاصًا لأصحابها، ومن المقرر شرعًا أن كلَّ من اختص بشيء فهو له، ولا يجوز لغيره الاعتداء على ذلك الاختصاص والانتفاع به إلا بإذن صاحبه، وهو ما أَسَّسه حديث النبي صَلَّى الله عليه وآله وسَلَّم: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسِهِ» أخرجه الدَّارَقُطِني في "السُّنَن" مِن حديث أنسِ بن مالك رضي الله عنه، ووَرَد مِثْله مِن طريق حنيفة عَمِّ أبي حُرَّة الرَّقَاشي في مسند الإمام أحمد، والبَيْهَقِي في "الكُبْرَى" و"الشُّعَب".
ومن ثمَّ فقيام بعض الموظفين في بعض الجهات التي تستقبل اتصالات متعددة من عملاء يتعاملون معها بجمع أرقام العملاء وبياناتهم وبيعها لجهات أخرى دون علم أصحابها -فعلٌ محرم شرعًا، ويؤكد ذلك ما يلي:
أولًا: أنَّ هذه البيانات من قبيل الأسرار لدى الجهة المستقبلة لها، فبيعها أو تسريبها للآخرين دون علم أصحابها يعدُّ إفشاء لهذه الأسرار، ومن المقرر شرعًا حرمة إفشاء الأسرار، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» أخرجه الإمام الترمذي وابن ماجه في "السنن".
قال الشيخ إبراهيم بن يوسف الوَهْراني المشهور بابن قُرقُول المتوفى (569 هـ) في كتابه "مطالع الأنوار على صحاح الآثار" (5/ 9، ط. وزارة الأوقاف القطرية): [«مَا لَا يَعْنِيهِ» أي: ما لا يَخُصُّه ويلزمه] اهـ.
فحثَّ الشرع الشريف على ترك المرء ما لا يَخصُّه، فشأن هذه المعلومات والبيانات خاصٌّ بأصحابها، وإنما أُخذت منهم لغرض محدَّد، فينبغي أن يُقتصر عليه؛ لأصالة اختصاصها بأصحابها دون الجهات التي حصلت عليها منهم، ومن ثمَّ الأفراد العاملون بها من باب أولى.
ولا يشترط في عَدِّ هذه البيانات من الأسرار أن يطلب العميل كتمانها عن الآخرين، إذ الأصل حفظ وصيانة كل ما يخص الغير وعدم إفشائه إلا إذا صرح بجواز تداوله؛ وذلك لما أخرجه الإمام الطَّبَرَاني في "المعجم الكبير" بسنده، قال: كان عبد الله بن سَلَام رضي الله عنه جالسًا فتكلَّم بكلمة فسمعه رجل، لم يحب أن يَسمعه، فالتفت إلى أبي الدَّرْداء رضي الله عنه فقال: أنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ حَدَّثَ حَدِيثًا لَا يُحِبُّ أَنْ يُفْشَى عَلَيْهِ فَهُوَ أَمَانَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَكْتِمْهُ صَاحِبُهُ».
والسر أمانةٌ من الأمانات التي يجب حفظها، فقد روى الإمام البخاري في "صحيحه" عن أنسِ رضي الله عنه قال: «أسرَّ إلي النبي صلى الله عليه وآله وسلم سرًّا، فما أخبرت به أحدًا بعده، ولقد سألتني أم سليم فما أخبرتها به».
قال الإمام ابن بَطَّال في "شرح صحيح البخاري" (9/ 63، ط. مكتبة الرشد): [السر أمانة وحفظه واجب، وذلك من أخلاق المؤمنين] اهـ.
ثانيًا: أن قيام هؤلاء الأفراد بجمع هذه البيانات والعمل على بيعها خيانة لأمانة الجهات التي يعملون بها قبل أن تكون خيانة للعملاء؛ فالعمل وما يتعلق به من الأمانات، والأمانة: هي الشّيء الموجود عند الشخص الذي اتُّخِذَ أمينًا؛ سواءٌ أجُعِلَ أمانةً بعقد الاستحفاظِ كالوديعة، أم كان أمانةً ضِمنَ عقدٍ كالمأجور والمستعار. كما في "مجلة الأحكام العدلية" (المادة 762).
وحفظ الأمانة أمرٌ واجبٌ شرعًا، فقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: 27]، وأكدت ذلك السنة؛ فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ» رواه أبو داود، وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ» قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِذَا أُسْنِدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ» رواه البخاري، والإشارة في النصوص عامة في جميع الأمانات الواجبة على الإنسان، سواء منها ما كان من حقوق الله تعالى كالصلاة والصيام وغيرهما، أو ما كان من حقوق العباد كالودائع وغيرها.
قال الإمام ابن كثير في "تفسيره" (2/ 338، ط. دار طيبة): [يخبر تعالى أنه يأمر بأداء الأمانات إلى أهلها، وفي حديث الحسن، عن سَمُرَة، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ». رواه الإمام أحمد وأهل السنن، وهذا يعم جميع الأمانات الواجبة على الإنسان من حقوق الله عز وجل على عباده من الصلوات، والزكوات، والكفارات، والنذور، والصيام، وغير ذلك، مما هو مؤتمن عليه لا يطلع عليه العباد، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض كالودائع وغير ذلك مما يأتمنون به بعضهم على بعض من غير اطلاع بينة على ذلك. فأمر الله عز وجل بأدائها، فمن لم يفعل ذلك في الدنيا أخذ منه ذلك يوم القيامة، كما ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا حَتَّى يُقْتَصَّ لِلشَّاةِ الْجَمَّاءِ مِنَ الْقَرْنَاءِ»] اهـ. وعلى ذلك فتشمل الأمانات ما يؤديه الموظف في عمله وما يتعلق به من الأسرار.
ثالثًا: أنَّ بيانات العملاء ليست ملكًا للموظفين في الشركة المستقبلة لها، وإنما هي ملك للعميل، والموظفون أمناء على هذه البيانات، فبيعهم لها لا يصحُّ؛ لأنَّ المبيع غير مملوك للبائع، ومن المقرر شرعًا أنه يشترط لصحة البيع: أن يكون المبيع مملوكًا للبائع وقت البيع؛ وذلك لما رواه أصحاب "السنن" عن حكيم بن حزام رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله، يَأْتِينِي الرَّجُلُ فَيُرِيدُ مِنِّي الْبَيْعَ لَيْسَ عِنْدِي، أَفَأَبْتَاعُهُ لَهُ مِنَ السُّوقِ؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ».
ووجه دلالة هذا الحديث في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ»، والمراد به "أن يبيعه شيئًا قبل أن يملكه"؛ كما في "المنتقى" للإمام أبي الوليد الباجي (5/ 77، ط. السعادة).
قال الإمام ابن قُدَامَة في "المغني" (4/ 155، ط. مكتبة القاهرة): [ولا يجوز أن يبيع عينًا لا يملكها، ليمضي ويشتريها، ويسلمها، رواية واحدة، وهو قول الشافعي ولا نعلم فيه مخالفًا] اهـ.
بيان موقف القانون المصري من هذا الأمر
نظم المشرع المصري إجراءات التعامل مع البيانات الشخصيَّة لدى الجهات والهيئات، فنص في المادة (36) من القانون 151 لسنة 2020م على أنَّه: [يُعاقب بغرامة لا تقلُّ عن مائة ألف جنيه ولا تُجاوز مليون جنيه كلُّ حائز أو متحكم أو معالجٍ جمَعَ أو عالَجَ أو أفشَى أو أتاح أو تداوَلَ بيانات شخصية معالَجَة إلكترونيًّا بأي وسيلة من الوسائل في غير الأحوال المصرَّح بها قانونًا أو بدون موافقة الشخص المَعنيِّ بالبيانات.
وتكون العقوبة الحبس مدةً لا تقلُّ عن ستة شهور وبغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تجاوز مليوني جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا ارتكب ذلك مقابل الحصول على منفعة مادية أو أدبية، أو بقصد تعريض الشخص المعني بالبيانات للخطر أو الضرر] اهـ.
كما نصَّ في الفقرة الثانية من المادة (150) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 على أنَّه: [يحظر على الموظف مخالفة القوانين، واللوائح، والقرارات، والنظم المعمول بها، ويحظر عليه على الأخص ما يأتي:
1- مباشرة الأعمال التي تتنافى مع الحيدة والتجرد والالتزام الوظيفي أثناء ساعات العمل الرسمية.
2- إفشاء أية معلومات يطلع عليها بحكم وظيفته إذا كانت سرية بطبيعتها أو بموجب تعليمات تقضي بذلك دون إذن كتابي من الرئيس المختص، ويظل هذا الالتزام قائما بعد ترك الخدمة] اهـ.
الخلاصة
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن قيام بعض الأفراد الذين يعملون في جهة ما بعمل قائمة بأرقام هواتف العملاء وبياناتهم وإعطائها لجهة أخرى مقابل مبلغ من المال دون إذن أصحاب تلك البيانات -فعلٌ محرم شرعًا وممنوع قانونًا، فهذه الأرقام والبيانات من جملة الأسرار والأمانات التي يجب حفظها، كما أنها ليست ملكًا لهؤلاء الأفراد حتى يصحَّ بيعها.