كم مرة كان الرسول يختم القرآن في شهر رمضان؟.. علي جمعة يوضح
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
لعل ما يطرح السؤال عن كم مرة كان الرسول يختم القرآن في شهر رمضان ؟، هو أن رمضان يعد شهر القرآن ، ومن ثم فإن تلاوته من أفضل العبادات خاصة في هذه الأيام العشر الأواخر من رمضان المباركة، وقد نجد من لا يستطيع ختمه إلا مرة واحدة فيما هناك من يختمه ثلاث وأربع وأكثر، وحيث إن هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- هو ما أُمرنا أن يُتبع، ولنا فيه -صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة، من هنا ينبغي معرفة كم مرة كان الرسول يختم القرآن في شهر رمضان ؟، فدائمًا ما يرشدنا إلى ما فيه خير وفلاح ويخفف عنا، فقد أرسله الله تعالى رحمة للعالمين .
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يختم القرآن مرة في رمضان، إلا آخر رمضان قبل وفاته، كان قد ختم فيه القرآن مرتين.
وأوضح «جمعة» في إجابته عن سؤال: «كم مرة كان الرسول يختم القرآن في شهر رمضان؟»، أن القرآن الكريم كان منقوشًا في قلب وصدر النبي –صلى الله عليه وسلم-، كان يعرضه على جبريل مرة كل رمضان، ثم عرضه مرتين في آخر رمضان صامه -صلى الله عليه وسلم-، وانتقل إلى الرفيق الأعلى.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يطيل القراءة في قيام رمضان بالليل أكثر من غيره، وقد صلى معه حذيفة ليلة في رمضان قال: فقرأ بالبقرة ثم النساء ثم آل عمران لا يمر بآية تخويف إلا وقف وسأل، فما صلى الركعتين حتى جاءه بلال فآذنه بالصلاة".
وقد روي عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بهم ليلة ثلاث وعشرين إلى ثلث الليل، وليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل، فقالوا له: لو نفلتنا بقية ليلتنا؟ فقال: «إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له بقية ليلته»، وهذا يدل على أن قيام ثلث الليل ونصفه يكتب به قيام ليلة لكن مع الإمام، وكان الإمام أحمد يأخذ بهذا الحديث ويصلي مع الإمام حتى ينصرف، ولا ينصرف حتى ينصرف الإمام.
وقال بعض السلف: "من قام نصف الليل فقد قام الليل"، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين».
حال السلف مع القرآن في رمضانكان قتادة رضي الله عنه: يدرس القرآن في شهر رمضان، وكان الزهري إذا دخل رمضان قال: "فإنما هو تلاوة القرآن، وإطعام الطعام"، وقال ابن عبد الحكم: كان مالك إذا دخل رمضان يفرّ من قراءة الحديث، ومجالسة أهل العلم، وأقبل على تلاوة القرآن من المصحف.
وقال عبد الرزاق: كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن، وكانت عائشة رضي الله عنها تقرأ في المصحف أول النهار في شهر رمضان، فإذا طلعت الشمس نامت، وقال سفيان: "كان زبيد اليامي إذا حضر رمضان أحضر المصاحف وجمع إليه أصحابه".
و قال الإمام ابن رجب رحمه الله: "وكان السلف يتلون القرآن في شهر رمضان في الصلاة وغيرها"، كان الأسود بن يزيد: يقرأ في كل ليلتين في رمضان، وكان إبراهيم النخعي: يفعل ذلك في العشر الأواخر منه خاصة وفي بقية الشهر في ثلاث، وكان قتادة: يختم في كل سبع دائماً، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر كل ليلة، وكان للشافعي في رمضان ستون ختمة يقرؤها في غير الصلاة، وعن أبي حنيفة نحوه.
وقال الإمام ابن رجب رحمه الله بعد ذكر هذه الآثار: وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصاً الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر أوفي الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها، فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناما للزمان والمكان، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة، وعليه يدل عمل غيرهم كما سبق ذكره.
فضل ختم القرآن في شهر رمضانورد أن تلاوة القرآن الكريم لها مرتبة عظيمة وجليلة في سلّم الطاعات، وحِرص المسلم على تلاوته في مواسم الخير، واغتنام الأزمنة والأمكنة الفاضلة يُعَدّ من الأعمال المُستحَبّة، وبذلك يتّبع خطوات السلف في تعظيم القرآن وحرصهم على تلاوته في رمضان وفي غيره.
وقد ورد في وصف المؤمن الذي اعتاد على ختم القرآن والبدء به من جديد بعد كلّ ختمة بأنّه كالحالّ المُرتحل الذي يبدأ بأوّله مع انتهاء آخره، والحَريّ بالمؤمن أن يغتنم ختمه للقرآن الكريم، ويدعو الله -سبحانه-؛ إذ تُرجى استجابة الدعاء بعد الفراغ من ختم القرآن.
ويدرك المؤمن أنّه نال شفاعتَين بختمه للقرآن في شهر رمضان؛ شفاعة القرآن بالصلاة فيه، وشفاعة الصيام، وهما كاجتماع جهادَين؛ جهاده بالقيام وتلاوة القرآن وصبره على ذلك، وجهاده بالصيام.
وورد ذلك لحديث النبي -صلى الله عليه وسلّم-: (الصيامُ والقرآنُ يشفعانِ للعبدِ يومَ القيامَةِ، يقولُ الصيامُ: أي ربِّ إِنَّي منعْتُهُ الطعامَ والشهواتِ بالنهارِ فشفِّعْنِي فيه، يقولُ القرآنُ ربِّ منعتُهُ النومَ بالليلِ فشفعني فيه، فيَشْفَعانِ)؛ فالصيام يمنع العبد من اقتراف المعاصي كما يمنعه من الأكل والشرب وغيرها من الشهوات، أمّا القرآن فيمنع العبد من النوم ليلاً؛ لاجتهاده في قراءته، والقيام به.
آداب ختم القرآن في رمضانيُستحَبّ ختم القرآن في أوقات مُحدّدة؛ سواء في رمضان، أو في غيره؛ إذ يُستحَبّ أن يكون في الصلاة حال ختم القارئ وحده؛ بأن يكون في ركعتَي الفجر وسنّة الفجر، وفي سنّة المغرب.
وقِيل باستحباب أن تكون الختمة في أول النهار مرة، وفي أول الليل مرّة، وإن كانوا جماعة يختمون القرآن معاً، فإنّهم يختمون في غير الصلاة والجماعة، ويُستحَبّ أن تكون الختمة في أول النهار، أو في أول الليل.
و يرى بعض العلماء أنّ الختمة في أوّل النهار أفضل، وإن ختم أحدهم القرآن، أو خُتِم جماعة، فإنّه يُستحَبّ للمسلم أن يحرص على حضور الختمة؛ ليحضر الدعاء.
ويُستحَبّ للمسلم أن يصوم يوم ختمه للقرآن؛ إذ يرى السلف أنّ اجتماع الصيام مع ختم القرآن أقرب إلى استجابة الدعاء، والدعاء عقب ختمة القرآن مُستحَبّ استحباباً مُؤكّداً، فيدعو للمسلمين والمسلمات، ويدعو لنفسه بالصلاح، والتقوى، والعفة، وغيرها من أبواب الخير؛ فيبدأ دعاءه بالثناء على الله -سبحانه وتعالى-، ثمّ يدعو بالأدعية المُتعلّقة بفضل القرآن وأهله، ثمّ يختار من الأدعية الجامعة ما يناسب حاله، والأمر في ذلك واسع.
وينبغي على الداعي أن يبتعد عن التقيُّد بأدعية مُعيّنة لاعتقاده بأنّها أدعية شرعية راتبة، كأدعية الأذكار، وإن استطاع عند ختم القرآن أن يجمع أهله ويدعو وهم يُؤمّنون وراءه، ففي ذلك فضل استحبّه الفقهاء؛ إذ كان أنس بن مالك -رضي الله عنه- يجمع أهله ويدعو لهم كلّما فرغ من ختم القرآن.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: ختم القرآن في شهر رمضان ختم القرآن في رمضان فضل ختم القرآن في شهر رمضان فضل ختم القرآن في رمضان القرآن في رمضان صلى الله علیه وسلم العشر الأواخر تلاوة القرآن القرآن م فی رمضان من قام فی أول
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: كثير من الناس حينما يرون المتشددين يفسرون النصوص بعنفهم ينكرونها
قال الدكتور علي جمعة، مفتى الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف بشأن الرحمة التى وصف الله سبحانه وتعالى وصف بها نبيَّه، انها عجيبة.
واستشهد بقوله تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}، فالنبي صلى الله عليه وسلم انزل رحمة ليس للمسلمين فقط، ولا للسابقين دون اللاحقين، ولكن للعالَمين.
حقيقة الدين الإسلاميواشار الى ان هذا الكلام يجعلنا نفهم حقيقة الدين، وأن حقيقة الدين ما دامت الرسالة قد بدأت بالرحمة، وأصرت عليها، وجعلتها البداية والنهاية، ووصفت مُبلِّغ هذه الرسالة بها، فهي إذن حقيقة الدين. يقول رسول الله ﷺ: «إنما أنا رحمةٌ مُهداةٌ»، أي: إن الله أهدى هذه الرحمة للبشرية.
إذن، لا بدّ أن نضع على أعيننا نظارةً مكوَّنةً من عدستين: الرحمن الرحيم. فما الذي نفعله بهذه النظارة؟ أول شيء، وقد افتقده كثير من الناس، هو قراءة النصوص. فعندما أقرأ النصوص، لا بد أن أقرؤها بنظارة "الرحمن الرحيم"، لا بنظارة "المنتقم الجبار"، ولا بنظارة "المتكبر الشديد".
ونوه انه يمكن لأي نص، وفي أي لغة، أن يُفهم بوجوهٍ مختلفة: في اللغة حقيقة ومجاز، في اللغة مشترك، في اللغة ترادف، وفي اللغة أساليب كالتقديم والتأخير، والحذف والإضافة، وهكذا. فإذا ما قرأنا، أمكن أن نؤوِّل النص؛ فهل نُؤوِّله في اتجاه الرحمة، أم نُؤوِّله في اتجاه مشرب التشدد والعنف؟
هذه مشكلة كبيرة نراها اليوم قد تغلغلت في مجتمعاتنا، بل في العالم كله، وأصبح هناك ما يحلو للبعض أن يسميهم المتطرفين، وكثير في الغرب يسمِّيهم اليمين المتطرف، لكنه في الحقيقة مشربٌ واحد، وهو أنه نزع نظارة الرحمة في قراءته لكل شيء، وأول هذا الشيء هو النص الذي يُقدِّسه ويُكرمه، ويريد أن يجعله مرجعًا له.
واستطرد قائلا: فنحن ندعو الناس أجمعين إلى أن يستعينوا بالرحمة في فهم النصوص؛ فالنصوص قابلة للفهم، وإذا ما سلكنا بها مسلك الرحمة، لا نجد بينها وبين نصوصٍ أخرى أيَّ تعارُض، ولا بينها وبين الواقع، ولا بينها وبين المصالح، ولا بينها وبين الفطرة. في حين أننا إذا سلكنا بها مسلك التشدد ومشرب العنف، فإننا نجدها سريعًا ما تصطدم بالواقع، وبالمصالح، بمصالحي الشخصية ومصالح الآخرين.
والنبي ﷺ يقول في هذا: «لا ضررَ ولا ضِرارَ»؛ أي: لا تضرَّ نفسك ولا تضرَّ غيرك. بل تصطدم هذه القراءة المتشددة بالمآل؛ فلكل شيء مستقبلٌ، وقد تصطدم معه. وتصطدم بسُنن الله؛ {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا}. وتصطدم مع فطرة الإنسان، واستقرار الناس.
وذكر انه من العجب العُجاب أن كثيرًا من الناس، حينما يرون المتشددين يفسرون النصوص بتشددهم وعنفهم، فإنهم يُنكِرون النصوص، وكأنها هي السبب في البلاء! والحقيقة أن النصوص بريئة؛ لأنه يمكن أن تُقرأ بالرحمة. وإذا لم تُقرأ بالرحمة، فإن المعيب هو القارئ، لا المقروء.
وحين يُصرّ البعض على أن المقروء هو الخطأ، فإنهم يُعطون مبررًا زائدًا للمتطرفين أن يتطرفوا، وللمتشددين أن يتشددوا. في حين أننا لو أحسنّا علاجهم بدعوتهم إلى ارتداء نظارة الرحمة التي يرونها بأعينهم ويتغافلون عنها في البداية، وفي النهاية، وفي الوسط، وفي الصفة، وفي كل شيء، فإننا قد نصل إلى قلوبهم.
ويكون تعاملنا معهم أيضًا بالرحمة، رغم أنهم أعلنوا عدم الرحمة. نحن نريد الرحمة حتى لأولئك الذين لم يريدوا لأنفسهم، ولا للناس، الرحمة.