باحث مصري يساهم في اكتشاف مادة أكثر كفاءة لإنتاج الهيدروجين الأخضر من أشعة الشمس
تاريخ النشر: 28th, July 2023 GMT
تقدم حلم تزويد عالمنا بوقود هيدروجيني مستدام ونظيف خطوة واعدة إلى الأمام بفضل التطور الأخير في علوم المواد، وكجزء من الجهود المستمرة لتطوير المواد التي يمكن أن تمكن مصادر الطاقة البديلة اكتشف فريق بحثي دولي من جامعة دريكسل في الولايات المتحدة بالمشاركة مع المعهد الوطني لفيزياء المواد في بوخارست برومانيا مادة نانوية أحادية الأبعاد من أكسيد التيتانيوم.
نشرت نتائج الاكتشاف في دورية "ماتر" في التاسع من يونيو/حزيران الماضي، وأعلن عنها في 13 يوليو/تموز الحالي على الموقع الرسمي لجامعة دريكسل.
حاورت الجزيرة الدكتور حسين بدر الباحث الأول في الدراسة والباحث في هندسة وعلوم النانو وأحد أعضاء مجموعة برسوم في جامعة دريكسل.
لماذا الهيدروجين؟يعد الهيدروجين وقودا خاليا من الانبعاثات الحرارية المسبب الرئيسي للتغيرات المناخية والاحترار العالمي، ولذلك فإن إنتاج الهيدروجين من الماء باستخدام ضوء الشمس مصدرا للطاقة المتجددة هو البديل الأكثر استدامة وصداقة للبيئة.
أظهر المحفز الضوئي للخيوط النانوية من أكسيد التيتانيوم نشاطًا أعلى بكثير من نظيره التجاري (جامعة دريكسل)لكن استخلاص الهيدروجين من الماء ظل مهمة صعبة، وتتضمن هذه العملية -التي تسمى "التحفيز الضوئي"- فصل الهيدروجين عن الماء باستخدام ضوء الشمس فقط.
ودُرس التحفيز الضوئي لسنوات عديدة، لكنه ظل خارج نطاق الاعتبار، لأن المواد المحفزة التي تمكن العملية لا يمكنها الصمود إلا لأيام معدودة، مما يحد من كفاءتها على المدى الطويل وبالتالي جدواها التجارية، وهنا يأتي دور تطوير عوامل التحفيز الضوئي.
ويقول الدكتور حسين بدر إن "المحفزات الضوئية مواد تساعد على إتمام التفاعل الضوئي عن طريق امتصاص الفوتونات الضوئية، فإذا ما نظرنا في تركيبها الفيزيائي فسنجد ما يسمى نطاق التكافؤ الذي يحتوي على إلكترونات ذات مستوى طاقة منخفض، بالإضافة إلى نطاق التوصيل الذي يحتوي على إلكترونات ذات مستوى طاقة أعلى، ويشار إلى فرق الطاقة بين هذين المستويين بفجوة نطاق الطاقة، وهو المقدار الذي يحدد فعالية المادة كعامل حفز ضوئي".
يعد الهيدروجين وقودا خاليا من الانبعاثات الحرارية والمسبب الرئيسي للتغيرات المناخية والاحترار العالمي (غيتي) افتح النافذة لضوء الشمسويضيف بدر "عندما يمتص العامل المحفز مقدارا كافيا من الطاقة اللازمة (تساوي أو تزيد على فجوة نطاق الطاقة) يقفز الإلكترون من مستوى نطاق التكافؤ (الأدنى) إلى مستوى التوصيل (الأعلى) تاركا فجوة موجبة الشحنة في نطاق التكافؤ.
ويشكل الإلكترون ذو الشحنة السالبة والفجوة ذات الشحنة الموجبة طرفي الدائرة الكهربائية على سطح المادة المحفزة، وهذا ما يحدث تماما أثناء عملية فصل الهيدروجين والأكسجين من الماء، إذ تلعب الإلكترونات دورا في اختزال الماء إلى غاز الهيدروجين، فيما تقوم الفجوات الموجبة بأكسدته إلى غاز الأكسجين.
وأضاف "يحدد حجم فجوة نطاق الطاقة أيضا أي الأطوال الموجية للضوء قادرة على إثارة الإلكترونات لبدء هذه التفاعلات، وتتطلب المحفزات الضوئية ذات فجوات نطاق الطاقة الأصغر فوتونات طاقة أقل حتى تتمكن من امتصاص المزيد من طيف الضوء المرئي، وهذا هو مفتاح التحويل الفعال للطاقة الشمسية".
وقد حقق حسين بدر والفريق هذا الأمر عن طريق معالجة أكسيد التيتانيوم كيميائيا لتوسيع نطاق امتصاص الضوء، وأسفرت التجارب عن المحفز الضوئي القائم على أكسيد التيتانيوم والقادر على توليد الهيدروجين بكفاءة 10 أضعاف مقارنة بنظيره التجاري، وفقا لبدر، ولكن كيف بدأت انطلاقة الهيدروجين في معامل دريكسل؟
مادة خالية من الفلورينيعد ثاني أكسيد التيتانيوم "تي آي أو 2" إحدى أكثر المواد الواعدة للتحفيز الضوئي، وهو مادة اقتصادية ووفيرة تستخدم على نطاق واسع في الدهانات ومستحضرات التجميل والخلايا الشمسية.
يمتص ثاني أكسيد التيتانيوم الضوء فوق البنفسجي ويولد الإلكترونات والفجوات الموجبة التي تتفاعل مع الماء لإنتاج الهيدروجين والأكسجين، ومع ذلك فإن ثاني أكسيد التيتانيوم له عيب كبير، إذ إنه محدود الكفاءة.
يمتص أكسيد التيتانيوم الضوء ويولد الإلكترونات والفجوات الموجبة التي تتفاعل مع الماء لإنتاج الهيدروجين (غيتي)قبل عامين من هذه الدراسة اكتشف بدر تحت إشراف البروفيسور ميشيل برسوم أستاذ هندسة وعلوم المواد في جامعة دريكسل البنى النانوية المشتقة من الهيدروكسيدات "إتش دي إن إس" عائلة المواد النانوية لأكسيد التيتانيوم، والتي تنتمي إليها مادة التحفيز الضوئي، حيث كان الهدف تخليق مواد "ميكسين" جديدة، والتي يستكشفها باحثو دريكسل لعدد من التطبيقات.
وبدلا من استخدام حمض الهيدروفلوريك لعملية التقشير الكيميائي لطبقات الميكسين ثنائية الأبعاد استخدم الفريق محلولا مائيا قاعديا، وذلك بهدف إنتاج مادة خالية من الفلورين لا تحتاج إلى حرارة عالية أثناء عملية تخليقها.
ووفقا للتغطية الصحفية المنشورة على موقع جامعة دريكسل، قال العالم الأميركي البروفيسور ميشيل برسوم وقائد مجموعة برسوم البحثية "نحن متحمسون جدا لإمكانيات هذا الاكتشاف، يحتاج العالم إلى أنواع وقود نظيفة جديدة بمعدلات إنتاج ضخمة يمكنها أن تحل محل الوقود الأحفوري، نعتقد أن هذه المادة يمكنها إطلاق العنان لإمكانيات الهيدروجين الأخضر".
قنينة البلاستيكويقول الدكتور حسين بدر "كانت الخطة هي تحضير مادة من عائلة الميكسين بطريقة غير مكلفة اقتصاديا وصديقة للبيئة، حيث يتطلب تحضير مثل هذه المواد أفرانا تصل حرارتها إلى 1500 درجة مئوية تحت ظروف خاصة، وأحماضا قوية جدا تنتج عنها مخلفات ضارة بالبيئة من مشتقات الفلور".
وأضاف "حاولنا تحضير المادة الجديدة من هذه العائلة من عناصر موجودة بوفرة وظروف تفاعل غير مكلفة اقتصاديا وصديقة للبيئة، وكانت المفاجأة خيوطا أحادية الأبعاد من أكسيد التيتانيوم، والتي يتم تحضيرها في قنينة بلاستيكية بعشرات الغرامات، فبدأنا بدراسة خواصها وتطبيقاتها الضوئية، أول ما فعلناه آنذاك هو وضع المادة في محلول مائي تحت ضوء صناعي يحاكي ضوء الشمس، وجدنا أنها تمتلك القدرة على تسهيل التفاعل الكيميائي الذي يفصل الهيدروجين من جزيئات الماء عند تعرضه لأشعة الشمس".
وأضاف بدر "أظهر المحفز الضوئي للخيوط النانوية أحادية الأبعاد من أكسيد التيتانيوم نشاطا أعلى بكثير من نظيره التجاري، لكن المذهل حقا هو أن المحفز الجديد ظل مستقرا في الماء لمدة 6 أشهر، مما يعني جيلا جديدا من المحفزات الضوئية التي يمكنها أخيرا تحقيق الانتقال الذي طال انتظاره من المختبر إلى السوق".
يعمل الدكتور حسين بدر مع مكتب دريكسل للابتكار وبرنامج الابتكار للتحرك نحو تسويق المادة كمنتج تجاري (الجزيرة) عائلة أكسيد التيتانيوم والمزيد من التطبيقات الواعدةاختبرت المجموعة 5 مواد محفزة من عائلة أكسيد التيتانيوم مشتقة من مواد أولية منخفضة التكلفة ومتاحة بسهولة، وقورنت المواد بنظيرها التجاري من شركة "إيفونيك إيروكسيد"، ووجد الفريق أن المحفزات الضوئية الخمسة القائمة على أكسيد التيتانيوم تعمل بكفاءة 10 مرات أكثر من النظير التجاري في تمكين الفوتونات لفصل الهيدروجين من الماء.
ووفقا لبدر، فإن الاكتشاف الأكثر أهمية هو أن المواد ظلت نشطة في إنتاج الهيدروجين لمدة تصل إلى 300 ساعة تحت ضوء الشمس، وهذا ما يبشر بالكثير من التطبيقات الواعدة، وأكدنا بما لا يدع مجالا للشك على أن موادنا مستقرة وقادرة على التحفيز الضوئي في خلائط الميثانول المائي لفترات طويلة.
من التخليق إلى التسويقيمكن استخدام هذه الألياف النانوية أحادية الأبعاد من أكسيد التيتانيوم في تنقية المياه وخلايا البيروفسكايت الشمسية وبطاريات الليثيوم أيون من بين العديد من التطبيقات الأخرى، إن قدرتها على الإنتاج بسهولة وأمان بكميات كبيرة تجعلها في مركز متقدم على المواد النانوية الأخرى في مضمار سباق المحفزات الضوئية.
وبفضل النتائج الواعدة تقدم الفريق بفكرة طرح المادة كمنتج تجاري لبرنامج "إن إس إف للابتكار"، وتم اختيار المشروع للمشاركة في البرنامج، وكاستثمار للاكتشاف يعمل الدكتور حسين بدر مع مكتب دريكسل للابتكار وبرنامج الابتكار التابع لمؤسسة العلوم الوطنية للتحرك نحو تسويق المادة كمنتج تجاري.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: إنتاج الهیدروجین الهیدروجین من من التطبیقات ضوء الشمس من الماء
إقرأ أيضاً:
كيف يساهم صلاح في تألق ليفربول وتحقيق الصدارة هذا الموسم؟
تحدث لاعب ليفربول كودي غاكبو عن دور النجم المصري محمد صلاح في تحقيق نتائج مميزة مع الفريق في الموسم الحالي، وكشف عن تأثيره الإيجابي على أداء زملائه داخل الملعب، سواء على مستوى صناعة الفرص أو تحويلها إلى أهداف.
وأشار غاكبو إلى أن التعاون بين اللاعبين أصبح عاملاً رئيسيًا في نجاح الفريق في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، حيث يظهر بشكل واضح في الشراكات الهجومية التي تصنع تهديدًا دائمًا للمنافسين.
وقال غاكبو، الذي انضم إلى ليفربول في كانون الثاني/ يناير 2023، في تصريحات نشرها الموقع الرسمي لنادي ليفربول: إن صلاح يعتبر "محركًا رئيسيًا" للفريق بفضل تأثيره الكبير في المباريات.
وأوضح: "ما نشهده جميعًا هو أمر خاص للغاية، سواء من خلال الأهداف العديدة التي يسجلها صلاح، أو التمريرات الحاسمة التي يقدمها. هو ليس مجرد هداف، بل هو لاعب أساسي في صناعة الفرص لزملائه".
وأضاف غاكبو: "صلاح يمتلك القدرة على وضعنا في أماكن مثالية للتسجيل، سواء كنت مهاجمًا أو لاعب وسط هجومي، فهو دائمًا ما يخلق الفرص التي تجعلنا في وضع يسمح لنا بتشكيل تهديد حقيقي على مرمى المنافس". وهذه الكلمات تبرز قدرة صلاح الفائقة في التأثير على سير المباراة لصالح ليفربول، مما يعزز من مكانة الفريق في صدارة الدوري الإنجليزي.
على الرغم من أن صلاح يُعد من أفضل لاعبي ليفربول عبر تاريخه، إلا أن غاكبو أكد أن تأثيره لا يقتصر على الأداء الفردي فقط، بل يمتد إلى تحفيز الجميع داخل الفريق على تقديم أفضل ما لديهم. وقال غاكبو: "نحن محظوظون بوجود صلاح، ونعمل جميعًا من أجل جعله أفضل، وهو في المقابل يسعى لتحفيزنا ورفع مستوانا". وهذا التفاعل الجماعي يعكس الروح التي تميز ليفربول هذا الموسم، حيث يظهر التلاحم بين اللاعبين بشكل يجعل الفريق أكثر تنافسية في كافة المسابقات.
ويظهر تأثير صلاح وزملائه بشكل واضح في صدارة ليفربول حاليًا للدوري الإنجليزي الممتاز، حيث يتصدر الفريق بـ39 نقطة من 16 مباراة، بينما أقرب منافسه تشيلسي يمتلك 35 نقطة من 17 مباراة.
ويشار إلى أن غاكبو، الذي سجل 9 أهداف وصنع 3 في 25 مباراة هذا الموسم، استفاد بشكل كبير من تواجد صلاح في الفريق، حيث أصبح ثنائيًا هجوميًا قويًا معه، مما يعزز قوة هجوم "الريدز".
ويواصل صلاح تقديم أداء متميز في الموسم الحالي، حيث سجل 18 هدفًا وصنع 15 تمريرة حاسمة في 24 مباراة بجميع البطولات. هذه الأرقام تشير إلى استمراريته في التفوق على أعلى المستويات، مما يعكس قدراته الاستثنائية وأهميته في منظومة ليفربول.
ويعد الموسم الجاري علامة فارقة في مسيرة صلاح مع ليفربول، حيث يواصل التألق بشكل لافت. وتُعد شراكته مع غاكبو في الهجوم عنصرًا جديدًا من الحيوية على خط هجوم ليفربول، حيث يتبادل اللاعبان الأدوار الهجومية، ويصنع كل منهما الفرص للآخر. ففي حين يتسم غاكبو بقدرته على التحرك الذكي داخل منطقة الجزاء، يواصل صلاح خلق الفرص التي تجعل من زملائه في الهجوم تهديدًا مستمرًا للمنافسين.