نتنياهو.. لماذا يُعلنها حربًا على قناة الجزيرة؟
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
ما إن استفاق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، من أثر "المخدِّر" المحقون به، بسبب خضوعه لجراحة، وعلمَ بمصادقة الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، أمس الأول (الإثنين)، على قانون يمنحه صلاحية حظر وسائل الإعلام الأجنبية، التي يراها تضُرّ بأمن الكيان، حتى استدار مُستهدفًا "قناة الجزيرة" برماحه، وسهامه الطائشة.
سارع، بكل صلافة وغطرسة، وحماقة.. ليصرّح على منصة "X"؛ بأن: "قناة الجزيرة لن تبثّ من إسرائيل بعد اليوم.. أنوي التحرُّك فورًا لوقف نشاطها". في هجومه هذا على الجزيرة يهرب "نتنياهو" من فشله، وهزائمه وانكساراته داخليًا وخارجيًا، محاولًا استعادة توازنه الذي اختلّ في رمال غزة، على مدار ستة أشهر من الحرب، دون تحقيق إنجاز عسكري، أو سياسي، يُذكر.
إسكات الجزيرةرئيس حكومة أو عصابة الاحتلال- لا فرق-، زعم كذبًا، وتضليلًا؛ أن الجزيرة، ألحقت الضرر بأمن إسرائيل، وشاركت فعليًا في "طوفان الأقصى"، وحرّضت على جنوده، وأنه حان الوقت لطردها.. فيما وصفت الجزيرة، هذه التصريحات بأنها: "كذبة خطيرة، ومثيرة للسخرية".
لا يختلف نتنياهو في استهداف "إسكات الجزيرة"، عن عتاة المجرمين، من القتلة واللصوص، وعصاباتهم؛ في سعيهم الدؤوب لتصفية وقتل شهود جرائمهم، إسكاتًا لهم إلى الأبد، حتى لا ينطقوا بما شاهدوه، وعايشوه، من فصول الجريمة، ومن ثم تموت الحقيقة. فـ "الجزيرة"، هي الشاهد الحي الذي ينقل جرائم الاحتلال موثّقة، ويُحقق الأخبار من مصادرها سواء في غزة أو إسرائيل.
لهْو فارغ"منع بثّ الجزيرة" من الأراضي المحتلة، هو قرار غبي، لا جدوى منه ولا فاعلية، فهو قرار مُستدعى من عصور سابقة، كان للمنع فيها مفعول. هو عبث ولهو فارغ غير ذي معنى، أو جدوى. فالبشرية تعيش عصر السماوات المفتوحة، وشيوع وسائل التواصل الاجتماعي "العابرة للحدود، والقارات"، المتجاوزة للحظر، والمنع، والحجب.. بما أتاح لكل فرد منصة خاصة، ينشر من خلالها، ما يشاء من أخبار وآراء وتعليقات، دون عوائق. فمن يُردْ مشاهدة الجزيرة، فسيشاهدها، حتمًا.. سواء في الأراضي المحتلة أو غيرها.. رغمًا عن نتنياهو، وحكومته، وجيشه الفاشل.
مدرسة الموضوعيةمنذ عشرينيات القرن الماضي، تنازعت الصحافةَ مدرستان في تغطية الحروب.. أولاهما، تناوُل الصحفيين وقائعَ الحرب بـ "موضوعية"، وتعني باختصار، أن تكون آراء الصحفي وأحكامه متحررة من الهوى والرغبة والغرض، فالموضوعية لصيقة بالأحكام والآراء. من المُحال- عمليًا- توفر الموضوعية بهذا المعنى، في شتّى مناحي الحياة، ومنها "العسكرية"، فهي تتأثر حتمًا بمواقف الفرد (أو الصحفي)، وأفكاره، والقيم التي يعتنقها.. لذا، فالطبيعي هو تناقض الآراء، والتقييمات حول ذات الوقائع. "الموضوعية"، إذن، تراها المدرسة الثانية، فكرة، تكاد تكون خيالية، فالصحفي (في المدرسة الأولى) يهتمّ بالأسئلة من نوعية: مَن هو المُنفذ لفعل ما، ومتى، ولماذا؟. بينما الصحفي في المدرسة الثانية، يهتمّ بالسؤال: لماذا حدث هذا الفعل؟.
التحيز الصادقالخبراء والباحثون انتهوا منذ زمن بعيد إلى أن المدرسة الأولى تهيمن عليها "نزاهة مزعومة". أما الثانية، فهي تتبنّى نهج "التحيّز الصادق"، وهذا لا يقلّل من شأن الموضوعية، ولا يُغني عنها. "قناة الجزيرة"، اختارت التحيّز الصادق، في تغطيتها للحرب على غزة.. كما في كل الحروب.. كونها لا تخون جمهورها، وواجبها التنويري، المُلقى على عاتقها. لذا، فلا يمكن لها أن تكون- كما يريد نتنياهو، وعصابته-، بوقًا للكيان، شأن الكثير من القنوات الأميركية والأوروبية التي سقطت مهنيًا في هذه الحرب؛ ترويجًا للدعاية والأكاذيب الإسرائيلية.
الشرعية الدولية والوظيفة الإعلاميةإسرائيل "دولة احتلال"، طبقًا للقانون الدولي.. ومن ثم، فمقولة: "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" التي يروّجها الاحتلال، هي أكذوبة وضلالة يشرعن بها الكيان جرائمه اليومية بحق الشعب الفلسطيني، إبادةً جماعيةً، وقتلًا، وتدميرًا، وتهجيرًا، واعتقالًا، وسرقةً لأراضيه.
وفقًا للقانون الدولي، مرة أخرى، فإن مقاومة الاحتلال حقّ مشروع، فما تمارسه المقاومة الفلسطينية من رد فعل على "الاحتلال"، وجرائمه، هو حق تكفله الشرائع الدولية والوطنية، والأديان. من هنا، فـ "الجزيرة"، تعاطت بأعلى درجات المهنية، وَفقًا للشرعية الدوليّة، واعتبارات المصداقية. وإن كان من تحيز، فهو "التحيّز الصادق"، الذي يفرضه عليها الواجب المهني والأخلاقي، والوظيفة الإعلامية.
الرأي والرأي الآخرهنا، لابدّ من التذكير، بالشعار الذي ترفعه، وتمارسه فعليًا، الجزيرة، بما أكسبها مصداقية فائقة.. مُتصدرًا شاشاتها طوال الوقت، وهو "الرأي، والرأي الآخر". آية ذلك أنها تبثّ ما يعلنه الإعلام العسكري للمقاومة، مقابل نقل المؤتمرات الصحفية للمتحدث باسم جيش الاحتلال.
كما أنها تذيع في نشراتها وتحليلاتها تصريحات قادة الاحتلال، والساسة الفلسطينيين، وحكومة غزة، وتُحقق الأخبار من مصادرها في طرفَي الحرب. مثلما، تستضيف عسكريين مُحنّكين، أمثال: اللواء فايز الدويري، والعميد إلياس حنا، وخبراء في السياسة من كافة الاتجاهات، بمن فيهم أميركيين داعمون للاحتلال.. رغم أن هذا يجعلها هدفًا للنقد من بعض الجمهور العربي المُحبّ لها.
كما تبثُّ "الجزيرة"، مباشرة من ميادين القتال، وتنقل المجازر التي يقترفها جيش الاحتلال، والدمار الذي يخلفه. "الجزيرة"، في هذه الحالة لا تخترع ولا تفبرك مقاطع الفيديو. وهذا هو الذي يقضّ مضاجع نتنياهو.. الذي اعتاد أن تلقى رواية دولته "تحيزًا كاذبًا"، من الإعلام الغربي كله- إلا نادرًا- ترويجًا لأكاذيب الاحتلال، الذي يقتل المدنيين، ثم يزعم أنّهم "مُخرّبون".
الحقيقة ورابح الحربختامًا؛ للسيناتور الأميركي هيرمان جونسون، مقولة أطلقها عقب الحرب العالمية الأولى (1914- 1918م): إن "الحقيقة هي أول ضحايا الحرب"؛ بمعنى اغتيال الحقيقة في النزاعات والحروب، تحت نيران القصف، وأصوات المدافع. كما أن أستاذ العلوم السياسية بجامعة هارفارد جوزيف ناي (78 سنة)، يرى أن "من يربح الحرب هو من تربح قصته في الإعلام".
استطاعت "الجزيرة"، تسجيل جانب كبير من الحقيقة في حرب غزة.. كما في حربَي العراق، وأفغانستان، وغيرهما. لم يربح الاحتلال الحرب (حتى الآن).. قصته خسرت إعلاميًا.. بينما كسبت "الرواية الفلسطينية"، التي لعبت "قناة الجزيرة" الدور الأكبر في نقلها، بالتوثيق، والتحليل، والخبر، والرأي الآخر. هذا، ما أصاب نتنياهو بالهذيان، ودفعه إلى حربه الشعواء التي يشنّها على "الجزيرة".. لكنها حرب خاسرة لنتنياهو، بالتأكيد، فالصحافة المهنية، الحرّة، تنتصر دائمًا.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات قناة الجزیرة
إقرأ أيضاً:
صانع خطة الجنرالات يضع 3 خيارات أمام حكومة نتنياهو
فنّد جنرال إسرائيلي مبررات الحكومة الإسرائيلية لاستئناف العدوان على قطاع غزة، من خلال طرح تساؤلات جوهرية عن جدوى العودة للقتال، ليخلص إلى تأكيد أهمية التمسك بإنجاز اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وفي مقال نشره في صحيفة يديعوت أحرونوت، قال غيورا آيلاند الذي يعرف بتسمية "صانع خطة الجنرالات" إن إسرائيل تقف عند مفترق طرق يتطلب اتخاذ قرار بين خيارات عدة، داعيا إلى حوار مفتوح بين القيادة السياسية والعسكرية قبل المضي قدما في أي خطوة.
ووفقا لآيلاند، فإن الحكومة الإسرائيلية أمام 3 خيارات:
– الخيار الأول الذي يمكن لإسرائيل أن تتبنّاه هو إتمام صفقة كاملة للمحتجزين، وهو ما يعني إنهاء الحرب بشكل فوري، وسحب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة بالكامل، وإطلاق سراح جميع المختطفين.
ويرى آيلاند أن هذا الخيار قد يفتح الباب أمام إمكانية الإطاحة بحكم حماس في غزة من دون الاعتماد الكلي على الوسائل العسكرية، حيث ستواجه حماس صعوبات في السيطرة على القطاع من دون إعادة إعمار ودون تمويل خارجي على حد زعمه.
– الخيار الثاني فهو تجديد الحرب، لكن آيلاند شدد على ضرورة الإجابة عن 7 أسئلة حاسمة قبل اتخاذ مثل هذا القرار.
إعلان السؤال 1: يتعلق بما يمكن تحقيقه الآن ولم يتحقق خلال 15 شهرا من القتال، وما إذا كان هناك "سلاح سري" جديد يمكن استخدامه. السؤال 2: يبحث في المدة الزمنية التي سيستغرقها تحقيق أهداف الحرب المتجددة. السؤال 3: يتناول تأثير تجدد الحرب على مصير الأسرى الذين لا يزالون في حوزة المقاومة الفلسطينية. السؤال 4: يبحث في التكاليف المتوقعة للحرب، سواء من حيث الخسائر البشرية أو الضغط على نظام الاحتياط في الجيش الإسرائيلي الذي يعاني بالفعل من أعباء كبيرة. السؤال 5: بتأثير تحويل القوات إلى غزة على مناطق أخرى مثل الضفة الغربية، وكذلك التهديدات المحتملة من اليمن. السؤال 6: يبحث في تأثير استئناف الحرب على العلاقات مع الدول العربية التي تسعى لإيجاد حل طويل الأمد لغزة. السؤال 7: يتناول التأثير المحتمل على الاقتصاد الإسرائيلي، خاصة مع عودة شركات الطيران الأجنبية إلى إسرائيل، إذ قد يؤدي استئناف الحرب إلى تراجع هذه المكاسب.– الخيار الثالث: يتمثل في الموافقة على المرحلة الأولى من الاتفاقية وتمديدها لمدة شهرين، مع إطلاق سراح نحو 10 أسرى مقابل سجناء فلسطينيين، واستمرار وقف إطلاق النار وتجديد الإمدادات إلى غزة.
ويرى آيلاند أن هذا الخيار يتجنب الحاجة إلى اتخاذ قرار حاسم الآن، وهو ما يتناسب مع نهج رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المعروف بالمماطلة. ولكن هذا الخيار برأيه يترتب عليه ثمن كبير، وهو أن الأسرى الأحياء الذين لن يتم إدراجهم في هذه المرحلة قد يواجهون مصيرًا قاتمًا.
وفي تحليله، أكد آيلاند أن عملية صنع القرار يجب أن تكون مبنية على إجابات موضوعية لهذه الأسئلة، مع ضرورة عدم الفصل بين تحديد الأهداف من قبل المستوى السياسي، ووسائل تحقيقها من قبل المستوى العسكري.
الصفقة الكاملة أجدىويرى آيلاند أن إجابات هذه الأسئلة تعزز عدم صوابية سعي الحكومة الإسرائيلية لإعادة شن الحرب على غزة، ويحذر من أن "الفشل في تحقيق هذا التوافق بين الأهداف السياسية وكيفية تحقيقها عسكريا قد يؤدي إلى إخفاقات تاريخية"، كما يشير إلى أن "العديد من الإخفاقات الكبرى في التاريخ نتجت عن عدم التوافق بين تعريف الأهداف ووسائل تحقيقها والتكاليف المتوقعة".
إعلانوفي النهاية، أوصى آيلاند باختيار الخيار الأول، أي إتمام صفقة كاملة للرهائن، معتبرا أن ذلك قد يفتح آفاقا جديدة للإطاحة بحكم حماس في غزة دون الحاجة إلى حرب جديدة.
وبناء على ذلك، يقترح كاتب المقال أن ترد إسرائيل على الخطة المصرية العربية بشروط، تشمل نزع سلاح غزة كاملا، ونقل المسؤولية بالكامل إلى مصر والدول العربية، مع انفصال تام عن إسرائيل في إمدادات الكهرباء والمياه، وإغلاق المعابر بين غزة وإسرائيل.
ولم يحدد الجنرال الإسرائيلي الطريقة التي سيتم بها نزع سلاح حماس. واختتم مقاله مؤكدا أن الأولوية القصوى يجب أن تكون إعادة جميع الأسرى، معتبرا أن ذلك هو المفتاح لفتح آفاق جديدة في التعامل مع غزة وتقليص نفوذ حماس من دون الحاجة إلى حرب جديدة.