تاق برس:
2025-03-01@09:13:49 GMT

فيما أرى.. عادل الباز .. ضرورة هندسة التحالفات !!

تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT

فيما أرى.. عادل الباز .. ضرورة هندسة التحالفات !!

فيما أرى.. عادل الباز .. ضرورة هندسة التحالفات !!

1

تضجّ الساحة السياسية بمتغيرات شتى وهي متغيرات تشيء بأننا مقبلون على مستقبل سياسي مختلف نوعاً ما لا يُشبه الأوضاع التي عشنّاها منذ تأسيس دولة 56 وطيلة تاريخنا السياسي. من شأن هذه المتغيرات إذا طوّرناها وأحسنّا إدارتها ترتيب تنافس القوى السياسية المختلفة، ليس من خلال أحزاب صغيرة وضعيفة ومتشرذمة ومنقسمة على نفسها، إنما من خلال كتل سياسية بينها مشتركات ويربطها برنامج محدد.


2
أول هذه المتغيرات نشوء تحالفات متعدّدة أهمها حتى الآن سبعة تحالفات هي الكتلة الديمقراطية / تنسيقية القوى الوطنية/ تخطي / التيار الإسلامي العريض /تحالف التيار الجذري/ تقدم / الحراك.
المتتبع لنشوء هذه التحالفات وتطوراتها وتصوراتها لما يجري في الساحة السياسية يلحظ أن هناك قواسم مشتركة كثيرة بينها، إذا استثنينا تحالف التيار الجذري وتقدم. أولها هذه التحالفات متنوعة بشكل كبير وتضم بداخلها أحزابا ومنظمات مجتمع مدني وشخصيات قومية وحركات مسلحة تضم كيانات شبابية.

الثاني أن لهذه التحالفات موقف موحد تجاه الصراع السياسي الجاري في الوطن فكلها تقريباً تدعم القوات المسلحة فهي موحدة الهدف ( دحر التمرد) ولأول مرة تتفق أكثر من 5 كيانات على هدف واحد في تاريخ السودان الحديث.
الملاحظة الثالثة أن هذه التحالفات بحكم حداثتها ليس بينها صراعات مثل أحزابنا التاريخية التي ظلت الصراعات المزمنة مستمرة بينها لعقود ولم تزل، هذه التحالفات الجديدة ليس بينها صراعات وعداوات كما ليس بينها اختلافات عميقة حول الأهداف وإن كان ينقصها جميعاً البرنامج الواضح المعالم.

3
هذه التحالفات ضرورتها تكمن في أنها يمكن أن توحد القوى السياسية المتنافسة في الساحة، فبدلاً من التشرذم والانقسامات المستمرة من الأفضل أن ينهض التنافس السياسي على كيانات كبيرة تتفق على الحد الأدنى من السياسات والبرامج وتتوافق على قيادات تقودها بالتراضي.
تمثل هذه التحالفات خطوة نحو المستقبل إذ يمكن أن نأمل في المستقبل القريب، وإذا تجاوزت قيادات تلك التحالفات وخاصة التي ليس بينها تناقضات جذرية وتجمعهم أهداف مشتركة، أن تنخرط في جسم واحد أكبر في مقابل تحالفات اليسار الأخرى (الجذري وتقدم) وبذا تكون الساحة السياسية قد اتضحت معالمها من خلال كتل معلومة وبرامج متوافق عليها بدلاً من هذه الأجسام الهلامية التي لا تُرى بالعين المجردة. إذا حصلنا على تحالف واحد أو إثنين معتبرين سنجد أننا جمعنا اليسار واليمين على صعيد برنامج وأهداف مشتركة سنكون قد جمعنا أيضاً تحالفات شبابية مع أحزاب أصحبت كأعجاز نخل خاوية وبذا سندفع في شرايينها دماء جديدة ونجدد لها شبابها وتصنع هي نفسها مستقبلا جديدا مع الأجيال القادمة.. بمعنى أن توطن نفسها في المستقبل.

4
المشكلة الوحيدة التي تواجهنا في هندسة تحالفات للمستقبل هو شُح الأنفس وتكالبها على السلطة، لقد درج قادة الأحزاب والتيارات المختلفة أن يؤسسوا صراعاتهم وفق أهوائهم ومصالحهم المرتبطة بالسلطة دائماً وليس عبر الأهداف والبرامج التي تعمل لمصلحة الوطن. ولذا فإن المهدد الوحيد لتأسيس تحالف أعرض وموحد أو حتى استمرار هذه التحالفات متماسكة لفترة طويلة هو سؤال القيادة والنفوذ بغض النظر عن مصالح الوطن أو التحالف نفسه، فمن لم يتنسم سدة القيادة في تحالف ما يتحول إلى معارض يعمل على انقسام التحالف لتستمر الدائرة الخبيثة.
الغريب أن مرض التشظي هذا والانقسامات المستمرة ضربت اليمين واليسار على حد سواء، ومنذ أمد بعيد ونتائجها أصابت الحركة السياسية عموماً في مقتل حتى أضحى داء بلا دواء .طبعاً العلاج معلوم لهذه الانقسامات هو إنشاء تحالفات فضفاضة تحتمل رؤى متنوعة ولكنها تتفق على برنامج الحد الأدنى لكي تستطيع هذه التحالفات خوض التنافس السياسي في الانتخابات بأجسام وازنه تمكنها من الوصول للسلطة.

5
نحتاج لعقلاء موجودون في هذه التحالفات يلتقون لتأسيس تحالف واحد كبير على رؤى وأهداف مشتركة، وهي أصلاً موجودة، ولقيادة موحدة قادرة على تنفيذ البرامج، يمكن أن يوفر مثل هذا التحالف دعماً مؤثراً لمجهودات الجيش في دحر التمرد ومن ناحية أخرى يرسل رسالة للعالم مفادها أن بالسودان مجتمع سياسي عريض وليس فقط شراذم تقدم، ويمكن أيضاً لمثل هذا التحالف أن يهب الفترة الانتقالية القادمة قدراً كبيراً من الاستقرار، وليس بالضرورة أن يعمل حاضنة للجيش، إنما ليهيئ نفسه لاستحقاقات المستقبل الذي يرونه بعيداً ونراه قريباً.

عادل الباز

المصدر: تاق برس

كلمات دلالية: عادل الباز هذه التحالفات لیس بینها

إقرأ أيضاً:

تداعيات انسحاب دول الساحل من إيكواس

أنشأ العساكر الصاعدون إلى سدة الحكم في كل من بوركينا فاسو ومالي والنيجر هيئة تعاون أمنية فيما بينهم في سبتمبر/أيلول 2023 أطلقوا عليها اسم "تحالف دول الساحل" وذلك ردا على التحرك العسكري الذي قادته المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" لمواجهة انقلاب النيجر في يوليو/تموز 2023.

وتوسع التحالف الأمني لاحقا إلى اتحاد أكثر تكاملا، يأخذ بعين الاعتبار المسائل الاقتصادية ويعمل على تحسين رفاهية السكان، وصولا إلى إعلان الانسحاب من إيكواس في 28 يناير/كانون الثاني 2024 وتشكيل كونفدرالية ثلاثية، ودخوله حيز التنفيذ في 28 يناير/كانون الثاني الماضي بعد مرور عام على المهلة التي أعلنتها إيكواس للعودة إلى المجموعة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2غزة وسوريا محور التقرير السنوي لمركز الجزيرة للدراساتlist 2 of 2أبعاد الصراع في السودانExternal Linkسيتم فتح هذه المقالة في علامة تبويب جديدةend of list

وحول التوترات بين إيكواس ودول التحالف الثلاثي، كتب الأستاذ المساعد في جامعة أفريقيا الفرنسية العربية في باماكو محمد بن مصطفى سنكري ورقة بحثية نشرها مركز الجزيرة للدراسات بعنوان "تداعيات انسحاب تحالف دول الساحل من الإيكواس" ناقش فيها تبعات الانسحاب على دول التحالف الثلاثي ودول إيكواس على حد سواء.

النفوذ الغربي على المحك

شعر القادة العسكريون في مالي وبوركينا فاسو والنيجر أن طموحات دولهم لم تعد تتماشى مع أهداف إيكواس، خاصة بعد العقوبات التي فرضتها المجموعة على الدول الثلاث وساهمت في تعميق الأزمة الاقتصادية وتراجع الأمن الغذائي، وهو ما مهد الطريق أمام القادة العسكريين لمهاجمة المنظمة والانسحاب منها لاحقا وسط دعم شعبي، بالإضافة إلى ما تراه دول التحالف تماهيا مع المصالح الفرنسية على حساب مصالح الشعوب الأفريقية.

إعلان

وقال الرئيس البوركينابي إبراهيم تراوري إن تشكل تحالف دول الساحل ناتج عن الحاجة إلى توحيد الموارد التي تعتبر حاسمة في المنطقة المغلقة من الساحل، وانتزاعها من الهيمنة الاستعمارية القديمة، وهو ما يفسر تراجع العلاقات الدبلوماسية مع فرنسا والولايات المتحدة وتعزيز اللغات المحلية في وسائل الإعلام.

وعمل التحالف على إبراز فشل العمليات العسكرية الغربية في مكافحة الجماعات المسلحة في منطقة "ليفتاكو غورما" والقضاء على العنف، في حين برزت روسيا التي أرسلت مقاتلين لتأمين المنطقة، كبديل لتغيير الميزان التاريخي للتأثيرات في المنطقة لصالح القوى الناشئة والساعية للتحرر من النفوذ الغربي.

 

رئيس النيجر يتوسط نظيريه البوركيني (يمين) والمالي بالقمة العادية لتحالف دول الساحل في يوليو/تموز الماضي (رويترز)

 

عواقب اقتصادية ومحاولات التفاف

يقول المحلل الاقتصادي إبراهيم أمادو لوشي إن العواقب الاقتصادية على دول الساحل كبيرة وقد تكون كارثية، نظرا إلى احتمال فرض إيكواس حصارا على حركة الأشخاص والبضائع وزيادة الرسوم الجمركية ورسوم النقل، مما قد يؤدي إلى نقص حاد في السلع والبضائع الأساسية وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق.

ويتوقع أن يساهم خروج دول التحالف في تراجع عدد سكان إيكواس بنحو 70 مليون نسمة، مما يعني تراجعا بنحو 7% في الناتج المحلي الإجمالي، كما أن القيود التي من المتوقع فرضها على دول الساحل قد تعود سلبا على دول إيكواس وحتى إلى الدول المجاورة.

وفي الآن ذاته قد تستفيد دول الاتحاد من عضويتها المستمرة في الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا (UEMOA) مما يتيح لها الاستمرار في الاستفادة من حرية الحركة والتجارة والالتفاف على عقوبات إيكواس، رغم وجود أنباء عن إمكانية اتخاذ قادة دول الساحل قرارا بالانسحاب منه أيضا.

وقد يؤدي انسحاب دول الساحل من إيكواس إلى إعاقة تحرك المواطنين الذين اعتادوا التنقل بين الدول الأعضاء بالبطاقة الوطنية للإقامة والعمل، كما قد يصبح من الصعب على الأفراد ممارسة تجارة السلع القادمة من البحر وتلك التي تنتجها دول معينة من أعضاء إيكواس.

العساكر الصاعدون لسدة الحكم في كل من بوركينا فاسو ومالي والنيجر أنشؤوا "تحالف دول الساحل" (الفرنسية)

وفي المقابل، أقرت دول الساحل السماح لمواطني إيكواس بالدخول إلى أراضيها والإقامة فيها دون الحاجة إلى تأشيرة، والسماح بدخول المركبات الخاصة والتجارية ومركبات النقل وفقا للقوانين الوطنية المعمول بها في كل من الدول الثلاث، مع استثناء ما أسمته دول التحالف "المهاجر غير المقبول".

إعلان

كما سمحت دول التحالف باستعمال جوازات سفر إيكواس إلى حين انتهاء صلاحيتها واستبدالها بجواز سفر "تحالف دول الساحل" في وقت اجتمع فيه قادة التحالف في فبراير/شباط 2025 لوضع سياسة تأشيرة موحدة للدول الأعضاء تحت اسم "تأشيرة ليبتاكو" وهو ما يعد خطوة نحو تعزيز التكامل الإقليمي.

المستفيد الأكبر

رحبت موسكو بقرار إنشاء كونفدرالية دول الساحل وأعلنت نيتها التعاون العسكري والاقتصادي معها، وهو ما يزيد مخاوف منظمة إيكواس من ظهور انقسامات جديدة داخلها بين الدول المعادية للغرب وتلك المنسجمة مع سياساته، وذلك بسب البديل الذي قد تقدمه موسكو للدول التي تبحث عن موازنة النفوذ الغربي.

وتقدم روسيا خدماتها الأمنية كعربون صداقة لدول الساحل وسط الاضطرابات المستمرة، فقد وقعت اتفاقيات مع قادة الاتحاد لتدريب الجيوش ونشر قوات شبه عسكرية في المنطقة بالإضافة إلى مشاريع في مجال الطاقة والمبادرات الفضائية، وذلك دون شروط سياسية قاسية بالمقابل.

وقد آتت تلك الاتفاقيات ثمارها مبكرا، فقد حصلت دول الساحل على أسلحة لم يكن بإمكانها الحصول عليها مع المحور الفرنسي، وحصلت مالي على سبيل المثال على طائرات حربية ومدرعات وعربات ودبابات ورادارات ومسيرات ورشاشات متطورة وغيرها، وهو ما يجعل التعاون مع روسيا يعلوه شيء من المصداقية والواقعية.

وفي المحصلة، يعد انسحاب دول الساحل من مجموعة إيكواس واقعا يعكس تطورا ضروريا في التملص مع النفوذ الغربي الذي يقوده المستعمر الفرنسي السابق على جميع الأصعدة، وهو يعيد رسم التحالفات الإقليمية والدولية في المنطقة.

[يمكنكم قراءة الورقة التحليلية كاملة من هذا الرابط]

مقالات مشابهة

  • طالبة أمريكية تحل مشكلة رياضية عمرها 100 عام
  • ترامب: نحقق تقدما فيما يخص اتفاق السلام بين روسيا وأوكرانيا
  • فون دير لاين تقود وفدا أوروبيا إلى الهند.. شراكة اقتصادية أم إعادة ترتيب التحالفات؟
  • تحالف الأحزاب المصرية يستضيف اتحاد المرأة الفلسطينية.. ويؤكد رفضه للتهجير ودعم القيادة السياسية
  • تداعيات انسحاب دول الساحل من إيكواس
  • اتفاق غزة بين تحالفات ترامب ونتنياهو وخلافاتهما
  • الكاظمي في بغداد.. بين تبرئة الساحة والطموح السياسي.. 3 أسباب للعودة المريبة
  • الكاظمي في بغداد.. بين تبرئة الساحة والطموح السياسي.. 3 أسباب للعودة المريبة - عاجل
  • سياسي أردني: تهجير الفلسطينيين مقدمة لإعادة هندسة الشرق الأوسط
  • حبشي وصالح يكرمان طلاب المشروعات الفائزة في احتفالية يوم هندسة بورسعيد